Atwasat

خطة من 4 خطوات لإصلاح قطاع الأمن الليبي

الجزائر - بوابة الوسط: عبدالرحمن أميني الجمعة 04 مارس 2022, 09:55 صباحا
WTV_Frequency

عدد المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية أخطاء داخلية وخارجية حالت دون إصلاح قطاع الأمن في ليبيا، فبينما تركز السلطات المتعاقبة على اختيار شخصيات محددة دون الأنظمة، يتعامل الأوروبيون بـ«سياسات رد الفعل»، مقدمأً خطة من أربع خطوات لإصلاح القطاع. وفي دراسة للمجلس الأوروبي نشرت هذا الأسبوع، سلطت الضوء على بناء الأمن ودور الأوروبيين في إصلاحه، أشار إلى حالة الفوضى التي يعيشها القطاع، حيث الهياكل الأمنية منقسمة، وتشكل تهديدأً واضحأً للتقدم السياسي ومبادرات استقرار البلاد. الدراسة رأت أنه رغم الجهود المختلفة لإصلاح قطاع الأمن في السنوات الأخيرة، إلا أن أياً منها لم يقطع شوطأً طويلاً، فقد استخدم صانعو السياسة الليبيون والأوروبيون القوات شبه الرسمية لخدمة مصالحهم قصيرة المدى، متجاهلين إضفاء الطابع المهني على الأجهزة الأمنية في البلاد بطريقة من شأنها أن تسهم في الاستقرار على الصعيد الوطني.

فكرة ثانوية
وأوضحت الدراسة أن عملية بناء الجهاز الأمني ترافقت مع جهود بناء السلام بقيادة دولية في ليبيا منذ العام 2014، عندما أطلقت الأمم المتحدة عملية الحوار، ومع ذلك، فقد تعامل صانعو السياسات في كثير من الأحيان مع إصلاح القطاع الأمني ونزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج على أنها فكرة ثانوية وليست خطوات حاسمة نحو السلام.
وضرب المجلس الأوروبي مثالأً بحالة اللجنة العسكرية المشتركة «5+5»، التي قدمت نفسها كوسيلة لتأمين السلام، وتوحيد الميليشيات الليبية، والتصدي لتحديات إصلاح القطاع الأمني في البلاد، غير أنه منذ مساهمتها الأولية في إبرام اتفاق وقف إطلاق النار في أكتوبر 2020، تعرضت للإهمال على نطاق واسع من قبل جميع أصحاب المصلحة الرئيسيين، وذلك باعتبارها تجسيدأً لسياسة المساعدة الأمنية الدولية في ليبيا.

للاطلاع على العدد 328 من جريدة «الوسط».. اضغط هنا

والأسوأ من ذلك، أن القادة الليبيين والأوروبيين يستغلون المشهد الأمني الفوضوي في البلاد لتحقيق مكاسب قصيرة المدى. وهم الراعي السابق للميليشيات المختلفة لتحقيق مكاسب مالية وسياسية، حيث تقوم الأخيرة بذلك لمتابعة أهداف سياسة الهجرة ومكافحة الإرهاب الضيقة ضمن منطقة رمادية من الأعراف والقوانين الدولية. وحسب الدراسة فإن هذه الهواجس أعمتهم عن الآثار المتوسطة والطويلة المدى للطبيعة الهجينة لقطاع الأمن الليبي: الجماعات المسلحة التي لا يمكن السيطرة عليها، والجمود السياسي، وإساءة استخدام السلطة، واندلاع العنف المتكرر، وعدم الاستقرار المزمن في البلدان المجاورة، وربما، جنوب أوروبا.

الليبيون سئموا نهج النخب الحالية
وفي إشارة إلى التوافق بين جناح وزير الداخلية السابق فتحي باشاغا والمشير خليفة حفتر، الذي كلل بتشكيل حكومة جديدة، أوضح المجلس أن معظم الليبيين سئموا من مناهج التعامل التي تتبعها النخب في إدارة شؤون الحكم، إذ أنها تبحث عن طرق جديدة للمضي قدمأً، كما يتضح من الاجتماعات الأخيرة وزيادة التعاون بين القوى التي كانت ذات يوم في عداء. وبالنسبة للدول الأوروبية التي أُضعف نفوذها في ليبيا بسبب انقساماتها وكذلك التدخلات الأكثر قوة من تركيا وروسيا ومصر والإمارات العربية المتحدة، فإن التركيز على إصلاح القطاع الأمني يخلق أيضأً فرصة لإصلاح الشراكات وبناء المرونة المحلية ضد تأثير خصومهم في ليبيا. علاوة على ذلك، يعد التقدم في إصلاح القطاع الأمني شرطأً أساسيأً لنجاح أي مسار سياسي جديد في إجراء انتخابات، أو حكومة قادرة على الحكم، أو الإجماع الحقيقي المطلوب لخروج ليبيا من الفترة الانتقالية.

للاطلاع على العدد 328 من جريدة «الوسط».. اضغط هنا

وينصح المجلس، الأوروبيين بمساعدة القيادة الليبية على تنظيم قطاع الأمن بشكل متماسك ودعم المبادرات الأمنية الواضحة من القاعدة إلى القمة (مثل تلك التي يقودها المجتمع المدني)، وبذلك سوف يساعدون في استقرار البلاد واستعادة بعض نفوذهم. علمأً بأنه لطالما شعرت القيادة الليبية بالإحباط بسبب وجود القوات الأجنبية وفشلها في دفع سياسة شاملة لإصلاح القطاع الأمني. كما أنه عند التخطيط لإصلاح القطاع الأمني في ليبيا يجب على الدول الأوروبية التركيز على المبادرات التي تشمل القيادة والشعب الليبي. ودعا المجلس، الذي يعد مؤسسة فكرية لصانعي القرار في أوروبا، إلى اتباع نهج أكثر استراتيجية وطويل الأمد لا يعالج فقط أولويات سياستهم الخاصة، ولكن أيضأً الاحتياجات الأمنية للشعب الليبي (على عكس السلطات الموجودة حاليأً).

المعايير المتبعة لإصلاح الأجهزة الأمنية
في المقابل، قدمت الدراسة المعايير المهنية الممكن أن يدعمها الأوروبيون لإصلاح قطاع الأمن، ومساعدة المؤسسات الليبية على التطور بطريقة تجعلها فعالة على المدى الطويل، إذ يجب عليهم دعم المجموعات المحلية التي تشارك بالفعل في وظائف أمنية مهمة مثل الدوريات المشتركة حول خط وقف إطلاق النار، وحماية الأصول الاقتصادية الرئيسية، وأنشطة الشرطة. إضافة إلى ذلك يمكن أن يساعدهم الدعم الأوروبي في إجراء تحسينات مستدامة على المدى الطويل ومرتبطة بجوانب أخرى من عملية الانتقال في ليبيا، مثل العملية السياسية والمصالحة الوطنية.

وبهدف منع سلسلة المفسدين الليبيين والدوليين الذين يسعون إلى تعطيل هذا النهج، يتعين عليهم اشتراط الدعم السياسي والاقتصادي للجهات الفاعلة الليبية (بما في ذلك الحكومة الحالية) بدعم إصلاح القطاع الأمني الشامل. وفي الوقت نفسه، يجب على الأوروبيين محاولة جلب الحلفاء الأساسيين في هذا الجهد، بهدف عزل قوى مثل روسيا، التي ستعارض دائمأً الإصلاح. ويرى المجلس أنه من المفترض أن يصبح هذا أسهل بعد الانفراج الأخير في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، الذي قرب بالفعل الإمارات العربية المتحدة وتركيا ومصر من بعضها البعض، حيث يمكن للدول الثلاث أن تقبل القيادة الأوروبية بشأن إصلاح القطاع الأمني طالما أنها لا تخشى أن يتم تهميشها في هذه العملية.

وعاد المجلس إلى مساعدة شركاء ليبيا الأجانب مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وإيطاليا وتركيا في نهج دمج الميليشيات في الأجهزة الأمنية بدلاً عن الحياة المدنية، وقد أُعيقت جهود هذه البلدان نتيجة التأهيل غير المناسب وإعطاء الأولوية للمنفعة على الفعالية. فقد كانت أشهر هذه المشاريع المبكرة هي محاولة المملكة المتحدة تدريب ألفي جندي ليبي في كامبريدج وهي مبادرة انهارت بعد أن اجتاح طلاب ليبيون غير مؤهلين مدربيهم البريطانيين، وارتكبوا عديد الجرائم، بما في ذلك الاغتصاب. كما فشلت هذه الأنواع من الجهود الدولية غير المنسقة لإصلاح القطاع الأمني عمومأً في تزويد المجندين الليبيين بالتدريب الذي يحتاجون إليه لأداء وظائفهم بشكل فعال بعد الاندماج.
وأرجع المجلس جذور الإشكالية إلى تشكيل حكومتين متنافستين في العام 2014، ما أدى إلى تفاقم الأمور، حيث لم يتم اعتبار أي سلطة مدنية شرعية بما يكفي لقيادة الجماعات المسلحة، معتبراً أنه بعد موجات متتالية من الاندماج الجماعي المسيس، يُقدر الآن أن قطاع الأمن الليبي يضم 400 ألف شخص، أو نحو 6 % من السكان. وهذا يجعل عملية إصلاح القطاع الأمني ونزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج أكثر صعوبة، مشيرأً في الوقت نفسه إلى محاولات إيطاليا للتنافس مع فرنسا في ليبيا، ما دفع روما إلى دعم علني لمجموعات في غرب البلاد، وأدى إلى تبنيها نهجأً «مدمرأً» للشراكات الأمنية، كما يتضح من إنفاقها 32.6 مليون يورو منذ العام 2017 على خفر السواحل الليبي.

للاطلاع على العدد 328 من جريدة «الوسط».. اضغط هنا

4 خطوات
وأخيرأً قدم المجلس الأوروبي خطة تتكون من أربع خطوات لإصلاح قطاع الأمن، حيث سيحتاج الأوروبيون إلى استراتيجية مشتركة ونهج متماسك رفيع المستوى ومبادئ تشغيلية مشتركة. وبالنظر إلى مجالهم المحدود للمناورة في ليبيا، ينبغي عليهم وضع خطة متوسطة إلى طويلة الأجل لمساعدة قطاع الأمن. ويجب أن يبدؤوا بإنشاء هيئة إصلاح قطاع أمني مملوكة لليبيين، ومنحها بعض النفوذ السياسي، ودعم محاولاتها لإعادة تنظيم قطاع الأمن الليبي. وفي خطوة ثانية عليهم الشروع في بناء لجنة أمنية مشتركة ليبية كمرحلة ثانية منبثقة عن اللجنة العسكرية «5+5» التي تركز على إصلاح القطاع الأمني.

أما الخطوة التالية، فهي ردع المفسدين المحليين والدوليين، وسيتطلب هذا في البداية من أوروبا بناء قاعدة عريضة من الدعم الدولي لاستراتيجيتها الخاصة بإصلاح القطاع الأمني، خاصة أن كلأً من مصر وتركيا والإمارات العربية المتحدة تتمتع بنفوذ كبير بين مختلف الفئات المستهدفة في ليبيا، وبعد سنوات من المنافسة، تعمل الآن على استكشاف طرق للتعاون مع بعضها البعض.

ورجح المجلس أن تظل روسيا المفسد الأول لليبيا، حيث تستخدم مجموعة «فاغنر»، وهي شركة عسكرية روسية خاصة، وشركاءها الليبيين لتعطيل العملية السياسية، بينما الخطوة الرابعة دعم مبادرات إصلاح القطاع الأمني المحلية.

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
البعثات الأوروبية تعليقا على استقالة باتيلي: يجب تمهيد الطريق لحكومة موحدة وانتخابات
البعثات الأوروبية تعليقا على استقالة باتيلي: يجب تمهيد الطريق ...
«أجوكو» و«إس إل بي» تبحثان تطوير الإنتاج النفطي في ليبيا
«أجوكو» و«إس إل بي» تبحثان تطوير الإنتاج النفطي في ليبيا
مصادر «المركزي» لـ«بوابة الوسط»: سحب ورقة الخمسين دينارا من التداول
مصادر «المركزي» لـ«بوابة الوسط»: سحب ورقة الخمسين دينارا من ...
تنفيذ «ويبلد» الإيطالية لطريق امساعد -المرج يتحدد مايو المقبل
تنفيذ «ويبلد» الإيطالية لطريق امساعد -المرج يتحدد مايو المقبل
مصادرة لحوم فاسدة من محال تجارية في الزنتان
مصادرة لحوم فاسدة من محال تجارية في الزنتان
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم