Atwasat

تقرير أممي يرصد: هكذا تُهرب المخدرات من ليبيا إلى أوروبا

القاهرة - بوابة الوسط الجمعة 25 فبراير 2022, 10:55 صباحا
WTV_Frequency

لا تزال ليبيا هدفاً لمروجي المخدرات، الذين يسعون لتحويلها إلى دولة مقر أو عبور سواء نحو دول الجنوب أو أوروبا عبر البحر المتوسط، فيما لا يمكن تحجيم التحركات غير الشرعية هذه إلا باستقرار مؤسساتي، خصوصاً على مستوى المؤسستين الأمنية أو العسكرية. 

وكشف تقرير أممي حديث أن ليبيا وسواحلها لم تعد منطلقاً لقوافل الهجرة إلى الضفة الأخرى من المتوسط فحسب، وإنما صارت منفذاً رئيسياً لتهريب المخدرات بأنواعها ومن بينها «الكوكايين» انطلاقاً من المغرب أو منطقة الساحل، وهي القضية التي باتت تشكل تحدياً أمام جميع دول غرب وشمال القارة السمراء. ويتتبع مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، في التقرير الصادر قبل أيام، طرق وصول مخدر الحشيش من المغرب إلى أوروبا باستخدام دول المنطقة، معتبراً أنه بين الأرباح المتحققة وانهيار دول الساحل تزدهر طرق المخدرات هناك أكثر فأكثر بشكل لم يسبق له مثيل، رغم صعوبة تحديد المستوى الحقيقي للاتجار ومبالغ الأرباح المحققة بدقة.

ويرى المدير الإقليمي لمنطقة غرب ووسط أفريقيا في مكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة، أمادو فيليب دي أندريسمن، أن أفريقيا تعزز نفسها كأول طريق لتهريب الكوكايين إلى أوروبا، فخلال الأسبوع الأول من يناير عثر على أكثر من 200 كيلوغرام من «الكوكايين» في سيارة عمدة فاتشي شمال النيجر.

رواج التهريب
الانهيار الأمني منذ العام 2011، هو أحد أسباب زيادة التهريب، فقد سهلت الأوضاع الأمنية الطريق أمام مروجي المخدرات باتجاه أوروبا. وحسب الأمم المتحدة، فقد جرى ضبط 42 طناً من الكوكايين بين العامين 2019 و2021.

وقال «عميل غربي» في مهمة في منطقة الساحل إن ضبط «الكوكايين» الأخير في النيجر وتغطيته الإعلامية من قبل المكتب المركزي لقمع الاتجار غير المشروع بالمخدرات يعد «أمراً مضللاً للجمهور لإخفاء الديناميكية وواقع المرور»، وأضاف: «من الواضح أن هذه الخطوة هي مرحلة لإرضاء الجهات المانحة، وفي مقدمتها الاتحاد الأوروبي»، وفق ما نقلت جريدة «لاكروا» الفرنسية عن المصدر نفسه.

كما يتم إنتاج وتصدير «الكوكايين» من أميركا اللاتينية عن طريق البحر وأيضاً عن طريق الجو، ليدخل القارة الأفريقية بعدها عبر غينيا بيساو، حسب ما كشفه مدير المكتب دي أندريس، مضيفاً أن «عملية التهريب تمر أيضاً عبر ليبيا وشمال النيجر وتنقل عبر مالي، وهي تعتمد على شبكة كاملة من مسؤولي الجمارك، إضافة إلى سياسيين وعسكريين».

وقال مسؤول أممي، لم يكشف هويته أنه، «لا يوجد شيء أصعب من السيطرة على الـ 88 جزيرة التي تشكل أرخبيل بيجاغوس، مقابل بيساو مباشرة». أما ما يتعلق بالحشيش المهرب إلى أوروبا، فينتج بشكل أساسي في جنوب المغرب، ويرسل إلى أوروبا عن طريق موريتانيا، أو عبر قوافل الشاحنات المليئة بالمخدرات التي تغادر شمال مالي إلى السوق الأوروبية.

ويلفت المسؤول الأممي إلى إحدى المفارقات في مالي، إذ «لا تلمس الجماعات الإرهابية المتواجدة هناك المخدرات باعتبارها حراماً، ولكن يصدرونها»، على حد قوله.

السياسة المؤثرة
وشهد العام الماضي ارتفاعاً في وتيرة هجمات المتطرفين بمنطقة الساحل في القارة الأفريقية، ما أدى إلى عدم الاستقرار السياسي في بلدانها، فقد شهدت مالي «انقلاباً عسكرياً»، بينما فشلت «محاولة انقلاب» في النيجر، وتزامن ذلك مع دعوات إلى استقالة رئيس بوركينا فاسو التي شهدت أسوأ الهجمات الإرهابية منذ بدء الصراع.

وارتفعت في جميع أنحاء بوركينا فاسو ومالي والنيجر وتيرة الوفيات الناجمة عن الاشتباكات بين جيوش تلك الدول والجماعات المسلحة المرتبطة بتنظيمي «داعش» و«القاعدة» والعصابات الإجرامية بنسبة 18 %، حسب بيانات من موقع النزاع المسلح ومشروع بيانات الأحداث. وقد أدى عدم الاستقرار جراء الهجمات الإرهابية والعمليات العسكرية إلى نزوح ما يقرب من 3.4 مليون شخص الآن نتيجة للصراع.

دور المافيا
ويكشف التقرير أن إيطاليا ليست فقط بوابة المهاجرين الذين يغادرون الساحل الليبي، ولكن أيضاً لجميع عمليات التهريب الأخرى، وفق ما يشير إليه أحد المراقبين في الاتحاد الأوروبي، الذي عبر عن ذهوله لهذا الأمر، إذ يحدث ذلك كله تحت سيطرة المافيا الإيطالية، لا سيما «كالابريا».

وغير بعيد عن التقرير الأممي فإن الظروف الأمنية والسياسية الهشة في ليبيا جعلت منها أرضاً خصبة لتهريب المخدرات منذ 2011 فأصبحت مرتعاً للعصابات وتحالفاتها مع التيارات المتطرفة التي تستخدم تهريب المواد في تمويل نشاطاتها التخريبية. وفي التاسع من فبراير الجاري، أعلن جهاز مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية، ضبط أكثر من 300 رزمة من «الحشيش» في شمال شرق البلاد، وقد أُلصقت على كل منها صورة للرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، مشيراً إلى أن هذه المخدرات عثر عليها في بلدة المرج، وقد تناقلت حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي صوراً لرزم من المخدر وقد رصت فوق بعضها البعض، وعلى كل منها صورة للرئيس الروسي مرتدياً بزة رسمية سوداء.

وقبلها بأيام أيضاً كشفت مديريتا أمن المرج والساحل عثورهما على كمية كبيرة من «الحشيش» قذفتها الأمواج إلى سواحل المنطقة بعد غرق قارب يرجح أنه قادم من لبنان، في حين حملت بعض الصور بينها صورة تاجر المخدرات الكولومبي، بابلو إسكوبار.

وبعد تزايد الهجمات من قبل عصابات المخدرات في الآونة الأخيرة، وهو ما شهدته الشواطئ والحدود الجنوبية للبلاد عقد، الجمعة الماضي، اجتماع، ضم مسؤولين بجهاز مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية في كل من ليبيا والنيجر ونيجيريا؛ لبحث التعاون بين دول الجوار في التصدي لهجمات عصابات المخدرات المحلية والدولية.

من المغرب إلى ليبيا
وفي أغسطس الماضي، كشف تحقيق لمجلة «جيو» الفرنسية المتخصصة في قضايا البيئة والمناخ طرق وصول مخدر الحشيش الذي ينتج في المغرب إلى ليبيا، موضحة أن طريق المخدرات تتخذ مساراً طويلاً عبر دول الجنوب والدول الصحراوية (موريتانيا، مالي، النيجر، تشاد وغيرها)، حيث تكون المراقبة أقل بكثير. وينتهي به الأمر في ليبيا قبل أن يواصل طريقه نحو البحر الأبيض المتوسط وأوروبا أو الشرق باتجاه مصر. 

ويعبر الحشيش المنتج في الريف، الحدود بين المغرب والجزائر. ومن هناك، يمكن أن تأخذ المخدرات وجهات عديدة: السوق المحلية أو إلى إسبانيا وفرنسا عبر موانئ الجزائر العاصمة ووهران، أو تونس، ثم تغادر بالقوارب إلى أوروبا أو تستمر إلى ليبيا.

ورصد التقرير مسار تهريب الحشيس بحراً بين ليبيا والمغرب، إذ ظل رائجاً لسنوات عديدة، حيث يتم نقل المخدرات إلى موانئ مصراتة وطبرق، ثم يتم تحميلها على سفن من جميع الأحجام. واستغل المهربون وتجار المخدرات الفوضى الأمنية في ليبيا، إذ يتم تخزينه في مستودعات على الساحل. أما جزء من المخدرات القادمة من المغرب وأيضاً من الشرق الأوسط فيتم تصديرها عن طريق السفن إلى أوروبا عبر مالطا، ثم يتم نقلها إلى جنوب إيطاليا أو غرب البلقان.

كما سلطت المجلة الضوء على ما تسميه المسار التاريخي الذي كان يقطعه التجار خلال ستينات القرن الماضي لنقل الحشيش، حيث دخل إسبانيا عبر مضيق جبل طارق. وكانت العملية تتم عبر إخفائه وسط البضائع في العبارات وقوارب النزهة، ولكن على مدار العشرين عاماً الماضية، أصبح هذا الطريق أكثر خطورة مع تكثيف المراقبة الأمنية. وجاء التركيز على إنتاج الحشيش في أعقاب موافقة مجلس الحكومة المغربية، في مارس من العام الماضي، على مشروع القانون الذي يرخص استعمال القنب الهندي لأغراض علاجية، بينما يأمل الليبيون في الاستقرار على حكومة دائمة تستطيع وضع سياسات خاصة بتحجيم ترويج وتهريب المخدرات وضبط المهربين، الأمر الذي يبعد اسم البلاد عن القوائم السلبية للأمم المتحدة.

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
توصية من «داخلية الدبيبة» لرفع عقوبات دولية عن «الشرطة»
توصية من «داخلية الدبيبة» لرفع عقوبات دولية عن «الشرطة»
«هذا المساء» يناقش: هل تأتي حلول الاقتصاد الليبي من واشنطن؟
«هذا المساء» يناقش: هل تأتي حلول الاقتصاد الليبي من واشنطن؟
أول لقاء «معلن» بين ستيفاني خوري ومسؤول ليبي
أول لقاء «معلن» بين ستيفاني خوري ومسؤول ليبي
غانيون تبحث مع الباعور التوزيع الشفاف والعادل للموارد
غانيون تبحث مع الباعور التوزيع الشفاف والعادل للموارد
ليبيا تطالب الصندوق العربي للإنماء بإلغاء فوائد «قروض الكهرباء»
ليبيا تطالب الصندوق العربي للإنماء بإلغاء فوائد «قروض الكهرباء»
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم