Atwasat

جريدة «الوسط»: البرلمان يعزز سيناريو «الحكومتين»

القاهرة - بوابة الوسط الجمعة 28 يناير 2022, 10:15 صباحا
WTV_Frequency

عزز الانقسام داخل البرلمان في جلساته الأخيرة الاتجاه نحو الإطاحة بحكومة عبدالحميد الدبيبة، مستبعداً المجلس الأعلى للدولة من مشاورات تشكيل سلطة بديلة، ليظهر وكأنه أعلن «الطلاق» بين المجلسين، ما سيضع البلاد مجدداً أمام سيناريو الحكومتين، بينما تراجع الحديث عن الانتخابات.

وليس البرلمان وحده من يعمل على إنهاء صلاحية حكومة الدبيبة؛ بل أيضاً مستنقع الفساد الذي يسقط فيه طاقمه الوزاري الواحد تلو الآخر، مقدماً ذريعة أخرى لخصومه، في وقت تُدرج ليبيا في المرتبة 172 من بين 180 بلداً ضمن قائمة الدول التسع الأكثر معاناة من الفساد، بحسب تقرير منظمة الشفافية الدولية الصادر الثلاثاء الماضي، ففي ظرف أسابيع قليلة أمرت النيابة العامة بحبس وزير الصحة علي الزناتي، ونائبه سمير كوكو احتياطياً على خلفية تورطهما في قضايا فساد مالي وإداري، ولاحقت تهم مماثلة وزيري التربية والتعليم موسى المقريف، والثقافة والتنمية المعرفية، مبروكة عثمان توغي اللذين طالهما من قبل قرار النيابة.

شروط الترشح لرئاسة الحكومة الجديدة
وشكلت قرارات البرلمان برئاسة، عقيلة صالح مؤشراً جديداً على انهيار مخرجات برلين وتونس وجنيف، وأقر مجلس النواب خلال جلسته يوم الثلاثاء، 13 شرطاً للترشح لمنصب رئيس الحكومة المقبلة، منها أن يقدم تعهداً مكتوباً بعدم الترشح للانتخابات المقبلة، والاستقالة من أي منصب في الدولة، وما زاد من تعقيد الأمر، هو توجه البرلمان إلى تشكيل حكومة منفرداً، من دون مشاركة المجلس الأعلى للدولة، في قرار لم يحظ بالتوافق داخل قاعة المجلس، بعدما صوت 30 عضواً بالرفض و20 بالموافقة، مع أن رئاسة مجلس النواب أعلنت عن انعقاد الجلسة بنصاب 120 نائباً.

- للاطلاع على العدد 323 من جريدة «الوسط».. اضغط هنا

وخلفت الجلسة الختامية غموضاً بشأن مواعيد التقدم لترشيحات السلطة التنفيذية فتركت معلّقة في وقت لم تحدد لجنة خارطة الطريق شكل المرحلة المقبلة، لا سيما مصير الانتخابات وأساسها الدستوري، بينما ظهرت أجواء مشحونة خلال طرح موضوع إنهاء عهدة الحكومة قبل 21 يونيو 2022، ما دفع إلى قطع البث المرئي للجلسة ومنع كلمات بعض النواب المعارضين، عندما لوحت النائبة عائشة شلابي، باتهام يتعلق برشاوى وصفقات سياسية جرت داخل مجلس النواب، بشأن جلسات سحب الثقة من الحكومة.

ورغم تحذير مراقبين من صعوبة تمكن أي «حكومة موازية» في حال تشكيلها من نيل ثقة الداخل الليبي بسبب إشكالات حصولها على التمويل، كون حكومة الوحدة حالياً تسيطر على أركان الاقتصاد الليبي سواء إيرادات النفط أو مصرف ليبيا المركزي؛ فإن عقيلة صالح يقول أن «الأهم الآن مصير السلطة التنفيذية لأن المواطن جائع ولا يهمه الدستور أو القانون وما إلى ذلك» وفق تعبيره.

خلاف بين البرلمان ومجلس الدولة
كل هذا عزز الاعتقاد بأن موعد الانتخابات المنتظر لن يكون قريباً، وفي جو المناكفات السياسية، خرج المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب، عبدالله بليحق، موضحاً أن شرط الترشح لرئاسة الحكومة لا يستهدف عبدالحميد الدبيبة شخصياً، مشيراً إلى أن أي شخص يتولى رئاسة الحكومة يجب أن يتعهد بعدم المشاركة في الانتخابات الرئاسية، نافياً، في تصريحات تلفزيونية الأربعاء، انقطاع التشاور بين مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة، ومؤكداً أنه مستمر وفقاً للاتفاق السياسي، من أجل تحقيق توافق سياسي في خارطة الطريق بمساراتها المختلفة، الدستوري والسياسي والأمني والتنفيذي، وملف المناصب السيادية وغيرها.

- «النواب» يعزل «الدولة» وينفرد بشروط اختيار الحكومة الجديدة
- انقر هنا لمشاهدة تسجيل لمداولات جلسة مجلس النواب ليوم الثلاثاء، 25 يناير
- مجلس النواب يحدد 13 شرطا للترشح لمنصب رئيس الحكومة المقبلة

ومن جهته، حدد رئيس المجلس الأعلى للدولة، خالد المشري، خلال لقائه المبعوث الخاص لوزير الخارجية الإيطالي إلى ليبيا نيكولا أورلاندو، والسفير الإيطالي جوزيبي بوتشينو موقفه قبيل جلسة البرلمان الأخيرة بإعلان دعمه لاستمرار الحكومة الحالية في أداء مهامها، ورفضه مساعي تغيير السلطة التنفيذية، وكرر تمسكه بـ«أهمية تفعيل المسار الدستوري وتمكين الشعب الليبي من الاستفتاء على مشروع الدستور تمهيداً لإجراء انتخابات حرة ونزيهة».

دولياً، توقعت ممثلة الاتحاد الأوروبي لمنطقة الساحل الأفريقي إيمانويلا ديل ري، في تصريحات صحفية، واحداً من سيناريوهين في ليبيا خلال الأسبوعين المقبلين؛ إما التوجه نحو تشكيل حكومة جديدة يترأسها فتحي باشاغا أو غيره أو بقاء الحكومة الحالية برئاسة عبدالحميد الدبيبة. وقالت المسؤولة الأوروبية، إنه إذا تقرر تشكيل حكومة انتقالية جديدة، فقد يعني تأجيل الانتخابات إلى ما بعد يونيو المقبل، ما يستدعي معالجة قضيتين أساسيتين، وهما الدستور وقانون الانتخابات.

الدبيبة يدعو إلى الاستفتاء أولا
وفي السياق، جدد الدبيبة، دعوته أطراف الأزمة السياسية إلى الاستفتاء أولاً على مشروع الدستور المنجز من الهيئة التأسيسية، كأساس للعملية الانتخابية، واحتج 43 عضواً من الهيئة التأسيسية على تصريحات رئيس مجلس النواب بشأن اقتراح تعيين لجنة جديدة لصياغة مشروع الدستور الدائم للبلاد، معتبرين ذلك مخالفة صارخة للإعلان الدستوري الموقت، ودعوا في بيان لهم «كافة الجهات الوطنية والدولية إلى عدم التعاطي مع مقترحات رئيس مجلس النواب أو الاعتراف بها».

في هذه الأثناء اختار رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، سياسة مسك العصا من المنتصف، وفق ما جاء في كلمة له خلال افتتاحه، الأربعاء، ملتقى بلديات الساحل الغربي، قال فيه «إن الدستور أولاً أو آخراً ليس المهم ولكن المهم هو التوافق بين الليبيين» مضيفاً: «تركنا الأمور بين الأجسام التشريعية حتى لا نكون منحازين لأي طرف، ولدينا لجنة مخصصة للدستور ومجلس تشريعي ومجلس استشاري وهم من يختارون مع الليبيين كيف يبدأ الشيء الأساسي».

وانتهزت المستشارة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة لشؤون ليبيا، ستيفاني وليامز، فرصة تواجدها في الجنوب وفي جامعة سبها تحديداً، لمخاطبة مجلس النواب والدولة والرئاسي وحكومة الوحدة معاً، للاضطلاع بمسؤولياتهم التاريخية واحترام إرادة الناخبين والتوصل إلى صيغة مناسبة، وتحديد إطار زمني وخط سياسي واضح نحو الانتخابات، قائلة: «إن الشعب لم يعد يحتمل المزيد من المماطلة والانتقال من مرحلة انتقالية إلى أخرى»، وعلى الخط نفسه، قالت السفارة الأميركية في ليبيا إن الملايين من الليبيين مستعدون للتصويت وتقرير مستقبلهم، وإن الوقت قد حان لاحترام إرادتهم، مضيفة أنه يجب على أولئك الذين يتنافسون على قيادة ليبيا أن يضعوا في عين الاعتبار أن الشعب الليبي لن يقبل إلا القيادة التي تُمكِّنها الانتخابات.

- للاطلاع على العدد 323 من جريدة «الوسط».. اضغط هنا

الملف الليبي في أروقة المناقشات الأوروبية
يأتي ذلك في وقت عاد الملف الليبي إلى أروقة المناقشات في الاتحاد الأوروبي ومجلس الأمن الدولي بعد فشل إنجاز الاستحقاق الانتخابي في موعده، وكشفت مصادر دبلوماسية غياب اتفاق على تعيين مبعوث جديد للأمم المتحدة وعلى هيكلية البعثة الأممية، بينما ستستمر ستيفاني وليامز، الدبلوماسية الأميركية، في منصبها بصفتها مستشارة إلى منتصف العام على الأقل لمواصلة جهودها في ليبيا بسبب الرفض الروسي لتعيينها رسمياً بعد استقالة المبعوث يان كوبيش.

أما الأهم فهو غياب مصير الانتخابات في ضباب الأزمة السياسية السائرة في اتجاه التعقيد، جراء سياسة العناد والشخصنة، والمغالبة التي يتسم بها أداء الأجسام الممثلة في السلطتين التنفيذية والتشريعية.

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
«وسط الخبر» يستكشف مستقبل الأزمة بعد استقالة باتيلي
«وسط الخبر» يستكشف مستقبل الأزمة بعد استقالة باتيلي
نورلاند يثمن جهود باتيلي ويؤكد ضرورة الانتخابات في ليبيا
نورلاند يثمن جهود باتيلي ويؤكد ضرورة الانتخابات في ليبيا
داخل العدد 439: الحالة الليبية «تستنسخ نفسها».. وأزمة سيولة خانقة
داخل العدد 439: الحالة الليبية «تستنسخ نفسها».. وأزمة سيولة خانقة
«حكومات وولايات وتداعيات».. قناة «الوسط» تبث الحلقة الـ19 من «مئوية ليبيا» الجمعة
«حكومات وولايات وتداعيات».. قناة «الوسط» تبث الحلقة الـ19 من ...
السني: فلسطين استوفت شروط العضوية الكاملة في الأمم المتحدة.. وليبيا لا تسمح بإدانة المقاومة
السني: فلسطين استوفت شروط العضوية الكاملة في الأمم المتحدة.. ...
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم