Atwasat

أجواء ملغمة تسبق «مؤتمر باريس» حول ليبيا

الجزائر - بوابة الوسط: عبدالرحمن أميني السبت 06 نوفمبر 2021, 10:36 صباحا
WTV_Frequency

تتجه أنظار متابعي الوضع في ليبيا صوب المؤتمر الدولي، الذي تنظمه باريس في 12 نوفمبر الجاري؛ لمناقشة الوضع الليبي، وسط شكوك حول أهداف فرنسا من المؤتمر، واختلافات بشأن طبيعة الوفود المشاركة «غير المرغوبة» في الحدث. وشرعت الدبلوماسية الفرنسية منذ الثلاثاء الماضي، في مناقشة مسودة الإعلان النهائي للمؤتمر الذي تشارك فيه عدة دول مدعوة عبر تقنية الاتصال المرئي، وسط استفهام إقليمي ودولي حول قدرة فرنسا على تبديد الخلافات المعقدة بين أطراف الصراع. وما يثير الشكوك حول فرنسا أكثر هو اعتراف رئيسها إيمانويل ماكرون قبل أسابيع أمام القمة الفرنسية–الأفريقية بأن التدخل العسكري الفرنسي في ليبيا العام 2011 كان «خطأ».

هل يلعب المؤتمر دوراً في إتمام الانتخابات؟
وفي الداخل الليبي، تسود تساؤلات من قبيل: هل يمكن أن يمر موعد 24 ديسمبر المقرر لإجراء انتخابات الرئاسية والبرلمانية دون تهديد وطعن في نتائج الانتخابات، مع أن هناك خطراً آخر أكبر يتمثل في أن الاستحقاق سيجرى لكن على أساس هش، فيما يبقى التهديد بتأجيل إجرائها لأشهر أخرى أكثر خطورة على وحدة البلاد، مع مخاوف من احتمال اندلاع أعمال عنف. وكشف مصدر دبلوماسي فرنسي تكليف مستشار الرئيس الفرنسي، لشؤون شمال أفريقيا والشرق الأوسط، باتريك دوريل، الإعداد للمؤتمر بعد القيام بزيارة سرية إلى ليبيا ضمن مساعٍ تتطلب إقناع مسؤولي طرابلس بقدرة باريس على إخراج ليبيا من النفق.

وعلقت جريدة «موند أفريك» بأن الرئيس الفرنسي متمسك بالعودة إلى اللعبة الليبية بعدما فشل في ربيع 2018 عندما عقد مؤتمراً في باريس للتحضير للانتخابات التي كان من المقرر إجراؤها وفقاً للدبلوماسية الفرنسية، قبل نهاية ذلك العام؛ لكن محاولات ماكرون في فرض الانتخابات منيت بفشل ذريع.

خلاف داخل «الخارجية» الفرنسية حول ليبيا
في المقابل، فإن الخلافات بشأن إدارة المسألة الليبية زحفت إلى الدبلوماسية الفرنسية، حيث أُقيل رئيس قسم الشرق وشمال أفريقيا في الخارجية الفرنسية كريستوف فارنو، من منصبه هذا الأسبوع، بسبب خلاف بينه وبين بول سولير، عضو الخلية الدبلوماسية في قصر الإليزيه حول الملف الليبي. من جانبها، قالت وزارة الخارجية إن الإقالة جاءت بسبب «أخطاء منهجية في إدارة العمل اليومي».

للاطلاع على العدد 311 من جريدة «الوسط» اضغط هنا 

وكان سولير، الملقب بـ«السيد ليبيا»، مبعوثاً خاصاً للرئيس ماكرون إلى ليبيا بين 2018 و2020، فيما عينت آن محسن غيغين، نائبة مدير وزارة الخارجية مكانه.
وفي خضم هذه التحركات، وصف مراقبون فرنسيون تصويت مجلس النواب لصالح تأجيل الانتخابات البرلمانية بأنه «إشارة سيئة»، رغم أن الاشتباكات بين الليبيين قد هدأت جزئياً، على الأقل في أكثر أشكالها عنفاً، مرجعة الفضل للهدوء الحقيقي إلى الاتفاقات التي أبرمتها تركيا وروسيا اللتان فرضتا وصايتهما المشتركة لاستبعاد الغرب من القضية الليبية. وهذا ما يفسر إلحاح الفرنسيين على العودة إلى الملف الليبي عبر المحور الأميركي، ويأتي ذلك في سياق التزام واشنطن بدعم إجراء انتخابات ديسمبر.

الاهتمام الأميركي بالملف الليبي
وبعد الهجوم على القنصلية الأمركية في بنغازي العام 2012، الذي أدى إلى مقتل عدة أشخاص، بينهم السفير الأميركي، نأى الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما بنفسه عن الصراع و لم يكن خلفه دونالد ترامب مهتماً كثيراً بحلحلة الأزمة حتى أنه ترك منصب المبعوث الخاص للولايات المتحدة شاغراً خلال فترة ولايته.

لكن الوضع بات مختلفاً تماماً مع إدارة جو بايدن، ويتضح الأمر من خلال مشروع قانون أقره مجلس النواب الأميركي بخصوص الوضع الليبي في نهاية سبتمبر الماضي.
وعلى أرض الواقع، لم ينتظر الأميركيون حتى يصل «قانون الاستقرار في ليبيا» إلى نهاية مساره التشريعي. وذلك في أعقاب لقاءات مسؤولين عسكريين ودبلوماسيين كبار مع رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي ورئيس حكومته عبد الحميد الدبيبة وأعضاء لجنة «5+5» العسكرية في طرابلس.

ولا تدع باريس مناسبة سواء في قمة العشرين الأخيرة في روما أو في قمة تغير المناخ العالمية في غلاسكو باسكتلندا، وقبلها بمؤتمر استقرار ليبيا في طرابلس، إلا ودافعت عن رؤيتها إزاء ملف ليبيا.فقد جاء على لسان وزير خارجيتها جان إيف لودريان أن الهدف من المؤتمر هو اعتماد الخطة الليبية الرامية إلى سحب القوات الأجنبية والمرتزقة الأجانب من الأراضي الليبية ومواكبة تنفيذها، بغية إنهاء التدخلات الأجنبية، كما سيراعي المؤتمر البعد الإقليمي للأزمة الليبية مراعاةً كاملةً وتداعياتها على جوار ليبيا.

مع ومن أجل ليبيا
ولدى تسليم لودريان الدبيبة، دعوة لحضور القمة، ذكرت السفارة الفرنسية أنها ترفع شعار «من أجل ومع ليبيا»، وأن فرنسا تدعم حكومة الوحدة في مسارها نحو بلد مستقر وذي سيادة، ونحو إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية في 24 ديسمبر المقبل. ولم تشفع مبررات الإليزيه في انكشاف حقائق أخرى يدور محورها حول إقحام «إسرائيل» في المؤتمر، مع العلم أن ليبيا لا تقيم مع كيان الاحتلال أي علاقات دبلوماسية أو اقتصادية على المستوى الرسمي.

وتدور تسريبات بأن رئيس حكومة الوحدة الوطنية الموقتة عبدالحميد الدبيبة، أبلغ ماكرون في اسكتلندا، الثلاثاء الماضي، رفضه تلبية الدعوة في وجود ممثل عن تل أبيب. وفضح الرئيس التركي رجب طيب إردوغان القضية حين عبر عن موقفه من مؤتمر باريس، قائلاً إنه أبلغ نظيره الفرنسي رفض بلاده المشاركة في الحدث، وذلك لدعوة كل من إسرائيل واليونان. وأوضح إردوغان أن الملف الليبي كان من أبرز المواضيع خلال اللقاء مع ماكرون، مشيراً إلى أن الأخير يريد عقد مؤتمر في باريس مشابه للذي جرى في برلين بخصوص ليبيا.

واعتبر أن «الجنود الأتراك موجودون في ليبيا من أجل التدريب، ووفق اتفاق مع الحكومة السابقة في طرابلس».

دعوات لدول الجوار
ويسعى ماكرون إلى ضمان حضور دول الجوار الليبي، حيث وجه دعوات إلى كل من تشاد والنيجر والسودان؛ فيما تبقى جهود طرد المرتزقة أحد أهداف مؤتمر باريس، فقد أعلنت الجنة العسكرية الليبية المشتركة «5+5» أن دول النيجر وتشاد والسودان، أبدت استعدادها للتعاون في إخراج المقاتلين المنتمين لها من الأراضي الليبية.

إلا أن مصادر أخرى على صلة بالملف أكدت أن الحكومات المعنية أوضحت أن الأمر يحتاج إلى اتفاقات دولية توقع مع قادة المجموعات المسلحة والمتمردة الذين ينتمون إلى فصائل معارضة داخل بلدانهم.

بدورها، سارعت دول الجوار في شمال أفريقيا إلى توحيد مواقفها ليكون لها رأي متطابق إزاء المؤتمر؛ فقد عقد وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة مع وزيرة الخارجية نجلاء المنقوش ونظيره التونسي عثمان الجرندي اجتماعاً لمناقشة تطورات الأزمة الليبية وآفاق مؤتمر باريس المقرر عقده الشهر الجاري.

بيان ثلاثي
وأفاد بيان مشترك بأن الاجتماع الثلاثي ناقش مستجدات الأوضاع في ليبيا وآخر التطورات المتعلقة بالتحضير للاستحقاقات المقبلة على الساحة الوطنية الليبية، والجهود الرامية للدفع بالمسار الأمني – العسكري؛ لتشجيع بوادر انفراج الأزمة وتعزيز التحسن الذي تشهده الأوضاع.

وعبر الوزراء الثلاثة عن استعدادهم لمواصلة دعم مبادرة استقرار ليبيا وحشد الدعم الدولي اللازم لها بغية تحقيق الأهداف المرجوة منها بما ينهي صفحة الخلافات ويحفظ أمن واستقرار ليبيا وجميع دول الجوار.

وأكد البيان أن اجتماع الجزائر فرصة لتجديد الحاجة إلى «التعاون الوثيق مع جميع دول الجوار الليبي لتمكين االليبيين من تجسيد أولويات هذه المرحلة المهمة عبر ضمان تحضير ونجاح الانتخابات وتوحيد المؤسسات وسحب المرتزقة والمقاتلين والقوات الأجنبية، والدفع بجهود المصالحة الوطنية، وفقاً لمخرجات مؤتمري برلين وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة».

واتفق كل من المنقوش ولعمامرة والجرندي على توحيد المواقف خلال الاجتماعات المرتقبة مستقبلاً حول ليبيا، خاصة مؤتمر باريس.
 

كلمات مفتاحية

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
الاقتصاد الخفي في ليبيا.. «بوابة الوسط» تستكشف ظاهرة «حرق الدولار»
الاقتصاد الخفي في ليبيا.. «بوابة الوسط» تستكشف ظاهرة «حرق ...
الكبير ونظيره التركي يبحثان تعزيز التعاون المصرفي بين البلدين
الكبير ونظيره التركي يبحثان تعزيز التعاون المصرفي بين البلدين
لنقي: باتيلي كغيره من المبعوثين السابقين يديرون الأزمة ولا يحلونها
لنقي: باتيلي كغيره من المبعوثين السابقين يديرون الأزمة ولا ...
السفارة الأميركية تثمن جهود الشركاء المحليين في حفظ التراث الليبي
السفارة الأميركية تثمن جهود الشركاء المحليين في حفظ التراث الليبي
الكبير يبحث 3 ملفات مع محافظ المصرف المركزي التونسي
الكبير يبحث 3 ملفات مع محافظ المصرف المركزي التونسي
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم