Atwasat

اجتماع دول جوار ليبيا في الجزائر.. سباق دبلوماسي وسط توتر إقليمي

القاهرة - بوابة الوسط: كامل عبدالله الإثنين 30 أغسطس 2021, 10:15 صباحا
WTV_Frequency

تستضيف الجزائر اليوم الإثنين - وعلى مدى يومين - اجتماعا جديدا لوزراء خارجية دول جوار ليبيا، بهدف المساعدة على تجاوز تعثُّر مسار التسوية، وإيجاد حل سياسي سلمي للأزمة التي أكملت العقد الأول دون حلول ناجحة تعيد الاستقرار إلى البلاد، وذلك قبل أيام من اجتماعات رفيعة المستوى في القاهرة والرباط ونيويورك، في مؤشر على عودة السباق الدبلوماسي مصحوب بتوتر إقليمي من شأنه أن يلقي بظلاله على جهود تسوية الأزمة الليبية.

ويأتي الاجتماع التشاوري الذي سيجمع قادة الدبلوماسية في مصر والجزائر وتونس والسودان وتشاد والنيجر المعنيين مباشرة بالأزمة الليبية، وسط مخاوف من انهيار العملية السياسية بعد تعثر ملتقى الحوار السياسي وتأخره في إنجاز القاعدة الدستورية التي يتعين التوافق بشأنها لتمكين البلاد من تنظيم الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقررة يوم 24 ديسمبر المقبل، وكذلك إعلان أطراف محلية عدم رضاها على الترتيبات السياسية التي أقرها الملتقى برعاية الأمم المتحدة، إضافة إلى التوتر الإقليمي الحاصل على خلفية قطع العلاقات الدبلوماسية بين الجزائر والمغرب والأزمة السياسية في تونس، رغم التقارب الدبلوماسي المسجل مؤخرا خاصة بين القاهرة والجزائر.

تنشيط الدور الدبلوماسي الجزائري
كما يأتي الاجتماع في إطار تنشيط الدور الدبلوماسي للجزائر، وذلك قبل أيام من اجتماع لوزراء دفاع دول جوار ليبيا سينعقد في المغرب، واجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية في القاهرة، واجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، التي ستشهد مناقشات مكثفة رفيعة المستوى حول الأزمة الليبية من قبل قادة الدبلوماسية الإقليميين والغربيين في الدول المعنية بالأزمة التي تتنافس على مركز متقدم في إدارتها، حيث سبق أن أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرن في سبتمبر 2020 رغبة بلاده في قيادة مبادرة دول جوار ليبيا.

وستتصدر ملفات الأمن والحدود والمصالحة، إضافة إلى مستقبل العملية السياسية وتوحيد الجهود الدبلوماسية بين دول الجوار لتشجيع الأطراف الليبية على استكمال تنفيذ خارطة الطريق للمرحلة الحالية، أجندة الاجتماع الذي سينتظم على مدى يومين برئاسة وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة، وبحضور الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد ابو الغيط، ومفوض الاتحاد الافريقي للشؤون السياسية والسلم والأمن، بانكولي أديوي، والمبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا، يان كوبيش، بحسب البيانات الدبلوماسية.

تحركات لعمامرة
وتحضيرا للاجتماع المرتقب والأول لهذه الآلية خلال العام الجاري، أجرى وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة، على مدى الأيام الماضية، سلسلة من الزيارات الخارجية شملت كل من مصر والسودان وتونس، إضافة إلى اتصالات رفيعة المستوى مع نظرائه في كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وقطر والإمارات وتركيا والسعودية والأردن، تركزت على مناقشة تطورات الأوضاع في ليبيا والإقليم.

الموقف الجزائري أعاد تأكيد نفسه، من خلال تصريحات لعمامرة الأربعاء، بأن تسوية الأزمة الليبية يجب أن تتم من قبل الليبيين، مشددًا على ضرورة وضع حد للتدخلات الخارجية وتدفق الأسلحة وخروج المقاتلين الأجانب والمرتزقة، مشيرا كذلك إلى استمرار التهديدات الأمنية على دول الجوار المباشر من قبل جماعات إرهابية تنشط في ليبيا.

وترى الولايات المتحدة أن الدور الجزائري يأتي «كجزء من الجهود الدولية لتحقيق الاستقرار في ليبيا والمنطقة، وتأمين انسحاب القوات الأجنبية بما في ذلك المقاتلون والمرتزقة الأجانب»، بحسب ما جاء على لسان مبعوثها الخاص إلى ليبيا ريتشارد نورلاند عقب اجتماعه مع وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة في تونس، يوم الإثنين، بعدما أطلعه الأخير «على خطط الجزائر لاستضافة وزراء خارجية دول الجوار دعمًا لانتخابات ليبيا والجهود المبذولة لوقف انتشار العنف المنطلق من الجنوب الليبي»، وفق ما أعلنته السفارة الأميركية في ليبيا.

لكن الاجتماع الذي ينعقد ضمن آلية التشاور بين وزراء خارجية دول الجوار منذ خمس سنوات، بدأ من القاهرة في العام 2014 ثم تونس والخرطوم وتشاد والجزائر بشكل نشط لكنه تقلص في عدد مرات الاجتماع بواقع مرة أو اثنين كل عام، كما أن مساره لم يجمع دول الجوار مكتملة في أغلب محطاته التي سجلت حضورا دائما لمصر والجزائر وتونس الأكثر انخراطا في الجهود الدبلوماسية.

وجعل عدم الأداء الدبلوماسي الثابت آلية دول الجوار محل انتقاد ومنافسة خاصة من قبل منظمات دولية وإقليمية مثل الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والأفريقي، فضلا عن المبادرات الدبلوماسية المنفردة للقوى الغربية التي تحاول الهيمنة على مسار تسوية الأزمة الليبية، لا سيما من جانب فرنسا التي تحاول الهيمنة على هذه الآلية بطريقة دبلوماسية مستفيدة من التقارب الدبلوماسي الملحوظ بين القاهرة والجزائر، وهو ما يمكن فهمه من تصريحات الرئيس إيمانويل ماكرون عن رغبة بلاده في قيادة هذه المبادرة.

وقال الباحث المشارك في شبكة المبادرة العالمية لمكافحة الجريمة العابرة للحدود، ومقرها جنيف جلال حرشاوي لـ«بوابة الوسط» إن باريس أرادت دعوة العديد من الدول الأفريقية لمناقشة الأزمة الليبية، لكنها لم تستطع «لأن الفرنسيين أرادوا أن يكون لديهم المغرب والجزائر في نفس الوقت. وهذا مستحيل هذا العام»، لا سيما بعد التصعيد الخطير والقطيعة الدبلوماسية بين البلدين التي أعلنت من جانب الجزائر الأسبوع الماضي.

تنافس مغربي - جزائري
وتتنافس المغرب والجزائر من جانبهما على دور متقدم في عملية التسوية حيث سبق للبلدين استضافة عديد اللقاءات والاجتماعات بين الفرقاء الليبيين، سواء عبر اللقاءات الانفرادية أو التقابلية عبر وساطة الأمم المتحدة والدولة المضيفة. لكن التصعيد الأخير من شأنه أن يلقي بظلاله على الجهود الدبلوماسية للبلدين ما قد يتسبب في تعطيل مسار التسوية.

ويضف حرشاوي أن وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة الداعي للاجتماع الأخير بعد عودته إلى رئاسة الدبلوماسية في بلاده «تربطه علاقة جيدة بالرئيس المصري عبدالفتاح السيسي والرئيس التونسي قيس سعيد، ويريد إنجازا دبلوماسيا، دون إشراك المغرب. علاوة على ذلك، فإن الأمريكيين يحبون لعمامرة»، مرجحا أن يمهد هذا الاجتماع لعقد قمة بين دول جوار ليبيا سبق الإعلان عنها دون أن تنعقد.

والأهم من ذلك - حسب حرشاوي، أن «الجزائر حريصة على مساعدة المفاوضات بين الأطراف الليبية. وهي غير مصممة على الضغط من أجل انتخابات رئاسية في ليبيا»، وذلك لأن «الجزائريين يعلمون أن الإصرار على الانتخابات الرئاسية في ديسمبر 2021 لن يكون كافياً لإحراز تقدم دبلوماسي أو سياسي بشأن القضية الليبية».

تنافس إقليمي وآلية دون جدوى
لكن محللين يشيرون إلى الانعكاسات السلبية المحتملة لتباينات مواقف دول الجوار؛ إذ يرى الباحث والكاتب السياسي الليبي محمد الجارح، أن «أي آلية عمل لدول الجوار ستكون ضعيفة وغير مجدية» لعدة عوامل أهمها «التباين الواضح بين مواقف بعض الدول خصوصا مصر والجزائر». وأيضا «التدخل الخارجي لقوى إقليمية ودولية في الملف الليبي»، معتبرا أن «دول الجوار في الغالب ستكون أدوات لهذه القوى من خلال تحالفات تحمي أمنها المستقبلي».

ويعتبر الجارح في حديثه إلى «بوابة الوسط» أن آلية دول الجوار «ليست بالجديدة، فهي موجودة منذ فترة ولكن دون جدوى تذكر فيما يتعلق بتقديم حلول للأزمة الليبية»، ويلاحظ أن «المبادرات الفردية في العادة أكثر فاعلية - مثلا مبادرات مصر أو المغرب الأحادية فيما يخص الملف الليبي كانت أكثر فاعلية حتى وإن لم ينتج عنها حلول جذرية للمشاركة التي تحاول هذه المبادارات معالجتها».

ونبه الجارح أيضا إلى أن تعدد المبادرات بشان الأزمة الليبية «أيا كان مصدرها هو دليل على إخفاق البعثة الأممية في الحفاظ على مسار العملية السياسية الحالية»، معتبرا أن «تعدد المبادرات يعني فشل ما هو موجود على الطاولة ومن المفترض تنفيذه». وقال: «هذا بالضبط ما نراه الآن من تعدد للمبادرات للالتفاف على خارطة الطريق التي تم الاتفاق عليها من عدة دول بما فيها الولايات المتحدة» التي تنص على إجراء الانتخابات نهاية العام الجاري.

كلمات مفتاحية

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
ضبط تشكيل عصابي يسرق أسلاك الكهرباء في قصر بن غشير
ضبط تشكيل عصابي يسرق أسلاك الكهرباء في قصر بن غشير
باتيلي يقدم إحاطة دورية لمجلس الأمن الدولي الثلاثاء
باتيلي يقدم إحاطة دورية لمجلس الأمن الدولي الثلاثاء
البنك الدولي يتوقع نمو الاقتصاد الليبي بـ4.8% العام الجاري
البنك الدولي يتوقع نمو الاقتصاد الليبي بـ4.8% العام الجاري
وافد يصيب مواطنا بطلق ناري في بنغازي
وافد يصيب مواطنا بطلق ناري في بنغازي
العثور على جثة متحللة في درنة
العثور على جثة متحللة في درنة
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم