أظهر تحليل شركة «ديلويت» للميزانية العمومية لمصرف ليبيا المركزي في طرابلس عدم وجود ديون خارجية حتى ديسمير 2019، مع ارتفاع أرصدة الذمم المدينة على القروض إلى نحو 70.8 مليار دينار في يونيو 2020، وهو ما يفوق ثلاثة أضعاف ما سجلته في ديسمبر 2014؛ إذ تم توظيف القروض والتسهيلات المقدمة للخزانة العامة في تمويل ميزانية الدولة لسد الفجوة في الإيرادات العامة الناتجة عن تراجع مبيعات المواد النفطية.

قروض بلا فوائد ودون شروط سداد
وجاء في الملخص التنفيذي لنتائج المراجعة المالية لشركة «ديلويت» أن هذه المبالغ المحولة إلى الخزانة العامة كانت «دون فوائد»، وجرى «تقديمها دون شروط محددة» للسداد، رغم أن قانون المصارف ينص على فترة سداد لمدة سنة مالية واحدة.

ومع ذلك، قالت «ديلويت» إن «المركزي» في طرابلس تسلم ما يقارب 30 مليار دينار مقابل هذه السلف (حوالي 15 مليار دينار من محفظة المجنب عام 2016، و15.8 مليار دينار من إيرادات رسوم تحويل العملة عام 2019)، غير أنها أشارت إلى بعض القلق إزاء إمكانية استرداد الباقي؛ لأن ذلك يعتمد بشكل مباشر على الإيرادات النفطية المستقبلية.

تقرير «ديلويت» عن «المركزي»: ضعف الشفافية والمساءلة وحديث عن فساد وقروض متعثرة

وعن تركيبة أصول العملة الأجنبية بميزانية «المركزي» في طرابلس، أوضح الملخص التنفيذي لتقرير المراجعة المالية أن سندات الخزانة الأجنبية والودائع الزمنية بعملات أجنبية تشكل ما يقارب 90% من إجمالي تلك الأصول البالغة 103 مليارات و284 مليون دينار بنهاية يونيو 2020، التي قال إنها قد ترتفع إذا ما سجل احتياطي الذهب بالقيمة السوقية.

ولفت التقرير إلى أن المصرف يملك احتياطي ذهب بقيمة 47 مليون دينار، وهي عبارة عن قيمة تاريخية لم يجر تعديلها وتقييمها بالقيمة السوقية، الأمر الذي إذا حدث سوف يخفف العبء عن احتياطيات العملة الأجنبية.

احتياطي الذهب يحتاج لتعداد مستقل
وأوصت «ديلويت» أن يقوم المركزي في طرابلس بإجراء تعداد فعلي مستقل لاحتياطيات الذهب؛ لأن ذلك لم يكن مشمولا ضمن نطاق المراجعة المالية. وأشارت البيانات إلى أن أصول العملة الأجنبية بالمركزي في طرابلس لا تشمل المساهمات والاستثمارات الخارجية لمصرف ليبيا المركزي والتي تعتبر استثمارات غير سائلة، وتوزعت تلك الأصول إلى الودائع الأجنيبة بقيمة 49.5 مليار دينار، وسندات خزانة أجنبية بقيمة 42.7 مليار دينار، وحقوق السحب الخاصة بواقع مليارين و401 مليون دينار، وحسابات جارية مع المصارف بنحو 3.69 مليار دينار.

كما تشمل الأصول محفظة المجنب بقيمة 2.4 مليار دنيار، وهي محفظة تحت إدارة المركزي نيابة عن الخزانة العامة تستخدم في الحالات الخاصة أو الطارئة، بالإضافة إلى احتياطي ذهب جرى تحديده بقيمة تاريخية لا تعبر عن قيمته السوقية، وأصول أخرى غير مصنغة تقارب 1.73 مليار دينار.

وتحتاج ميزانية المصرف المركزي في طرابلس إلى نحو 26 تعديلا كي تعكس جوهر المعاملات، حسب توصية «ديلويت»، التي طالبت بأن يكيف المصرف إطار عمل تقاريره المالية كي يتلاءم مع المعايير الدولية، بما يحسن من الشفافية والمساءلة بين فرعي المصرف، إلى جانب الأطراف المعنية الخارجية.

المصرف المركزي في البيضاء
وفيما يتعلق بالميزانية العمومية للمصرف المركزي في البيضاء، أظهرت المراجعة المالية لشركة «ديلويت» لقوائم المصرف المالية ، أن الميزانية لم تسجل احتياطيات عملة أجنبية ذات أهمية، (لا تتعدى 40 مليون دينار)، موضحة أنه بخلاف «المركزي» في طرابلس، لا يدير فرع البيضاء إي إيرادات عملة أجنبية مثل إيرادات المواد النفطية نيابة عن الحكومة.

وجاء في الملخص التنفيذي لتقرير المراجعة أن ميزانية «المركزي» في الييضاء لم تتضمن أي ديون خارجية، لكن التقرير أشار إلى استخدامه ودائع المصارف التجارية وطباعة العملة لتمويل العجز لدى «الحكومة الموقتة (برئاسة عبد الله الثني)». ولاحظت أن المبالغ التي يضخها لسد عجز لدى الحكومة تقارب 97% من إجمالي أصول المركزي في البيضاء حتى يونيو 2020.

وقالت الشركة إن ميزانية «المركزي» في البيضاء شهدت نموا منذ سبتمبر 2014 حتى وصلت إلى 62.8 مليار دينار في يونيو 2020، وأضافت إن المصرف قدم سلفا على هيئة ترتيبات مالية لعدة مؤسسات وأجهزة ضمن الحكومة الانتقالية (حكومة الثني) ، ومن بين استخدامات هذه السلف رواتب القوات المسلحة، ورواتب موظفي الحكومة والوزارات ومجلس النواب.

سلف وسندات خزانة وترتيبات مالية
وذكر الملخص التنفيذي لتقرير «ديلويت» الذي حصلت « بوابة الوسط» على نسخة منه، أن هذه السلف جرى تحويلها لاحقا إلى سندات خزانة، غير أن « وزارة المالية والتخطيط لم تسدد المبلغ المقترض عند حلول أجل تلك السندات، بل جرى تسييلها مع فوائدها المستحقة وإحالتها إلى الترتيبات المالية».

وأوضح أنه كان لدى المصرف في البيضاء 39 سند خزانة ما بين سبتمبر 2014 إلى يونيو 2020 بقيمة اسمية تصل إلى نحو 48.2 مليار دينار نتج عنها فوائد بقيمة 2.2 مليار دينار تقريبا، ومن أصل تلك السندات، هناك 26 سندا كما في يونيو 2020، بقيمة اسمية كلية تساوي 36.7 مليار دينار، وفوائد مستحقة بحوالي 1.7 مليار دينار. أما باقي سندات الخزانة وفوائدها فقد جرى تسييلها إلى الترتيبات المالية مجددا.

ملاحظات «ديلويت» حول إصدار العملة
وحول تقييم إمكانية الاسترداد، قالت شركة ديلويت إنه لا يوجد بحوزة المصرف في البيضاء أي ضمانات مقابل الذمم المالية من الحكومة الانتقالية (برئاسة الثني)، موضحة أنها لم تستلم أصل أو فوائد أي من المبالغ المتسحقة من وزارة المالية والتخطيط منذ السنة المالية 2015.
الودائع المصرفية وصمانات إصدار العملة

البعثة الأممية تنشر فقرات من تقرير المراجعة الدولية لحسابات «المركزي»

وبالنسبة للعملة في التداول خلال الفترة من ديسمبر 2015 إلى يونيو 2020، رصد التقرير أن العملة الصادرة عن فرع «المركزي» في البيضاء كانت مؤيدة بسندات خزانة محلية بنسبة 100%، بما يخالف قانون المصارف المحلي؛ إذ ينص القانون على ألا تتجاوز هذه النسبة 20%، غير أن فريق إدارة المصرف في البيضاء رد بأن «تداول هذه العملة جاء بموافقة مجلس الإدارة، وأخذت في الاعتبار أصول الذهب والعملة الأجنبية» التي تدار من قبل المركزي بطرابلس لتغطية العملية.

وعن ودائع العملاء والمصارف، أظهرت المراجعة المالية وجود ودائع بالدينار من المصارف التجارية المحلية بقيمة 46.3 مليار دينار بتاريخ يونيو 2020، وهي الأرصدة التي أكدت أربعة مصارف وجودها؛ إذ يوجد بمصرف الجمهورية ودائع بقيمة 12.9 مليار دينار، والمصرف التجاري والوطني بنحو 8.9 مليار دينار، ومصرف الوحدة 8.9 مليار، ومصرف التجارة والتنمية بحوالي 7.8 مليار، وأخرى بقيمة 7 مليارات و762 مليون دينار، حسب بيانات الملخص التنفيذي لتقرير «ديلويت».