معاناة في كل صيف تقلق منام عدد كبير من سكان جنوب ليبيا، والسبب لدغات العقارب، التي باتت الشكوى، منها طقس سنوي دون استجابة حكومية، إذ تتزايد إصابات المواطنين بهذه اللدغات، خصوصا في مناطق أوباري، القطرون، أدري، وقطه، بل تسببت فى وفاة عدد من الأطفال وسط نقص المصل.

تزايد الإصابات والوفيات
ومع معاناة المواطنين، فإن أعداد الإصابات تتزايد في أشهر يونيو ويوليو وأغسطس وسبتمبر، ويستحوذ شهر أغسطس على نصيب الأسد، إذ تقول خديجة عنديدي، مديرة مركز النور، وهي مسعفة ومعالجة للدغات العقرب فى مدينة أوباري «نستقبل بين 20 و35 حالة في الأسبوع».
وفي ظل شح المصل المضاد لهذه اللدغة السامة، توفر بعض الصيدليات المصل المضاد بسعر 80 دينارا، لكن عنديدي تقول: «لا نعرف.. هل هي مطابقه للمواصفات.. وهل مجدية لنوعية السم؟».

جهاز الإمداد الطبي يعاني
ويعاني جهاز الإمداد الطبي في فزان نقصا شديدا فى مصل العقرب هذا العام، إذ تسلم نحو 100 جرعة فقط وجرى توزيعها على المرافق الصحية فى الجنوب بأعداد بسيطة جدا»، حسب مدير الجهاز عبدالله عبدالنبي، في تصريحات أدلى بها إلى «الوسط».
وأمام هذا النقص يقول عبدالنبي في المقابل، «جرت مخاطبة الإدارة العامة وإدارة المخازن بخصوص النقص وتوفير مصل العقرب في 20 فبراير2021 ولم يحدث شيء».
يكمل عبدالنبي: «لم تكن تلك هي المخاطبة الأولى، ففي الأول من مارس و6 أبريل، وفي 3 يونيو تمت مخاطبات أخرى بالخصوص، وبعدها تم التواصل مع الإدارة العامة وتشكيل لجنة من وزارة الصحة بخصوص المصل، وقررت اللجنة في أول اجتماع توفير المصل حفاظا على حياة الناس».
وبعد قرار اللجنة، تواصل جهاز الإمداد الطبي في العاصمة طرابلس مع الشركة الموردة لتوريد المصل، لتحال معاملة التوريد إلى المصرف المركزي لتسييل المبلغ إلى الشركة الموردة في 9 يونيو الجاري، حسب عبدالنبي، وأبلغت الشركة الموردة جهاز الإمداد الطبي بتوفير مصل العقرب والأفاعي خلال أيام.
وإذا كانت الوقاية خيرا من العلاج، فإن مدير جهاز الإمداد الطبي في فزان يقول: «يفترض مكافحة العقارب فى بداية انتشارها فى شهري مارس وأبريل من قيام الأجهزة المختصة في البلديات برش الأماكن الموبوءة بالعقارب، إلى جانب برامج التوعية التي توصي بابتعاد الأطفال عن اللعب فى المناطق غير اللائقة والتي من المحتمل وجود العقارب فيها.

للاطلاع على العدد 291 من جريدة «الوسط» اضغط هنا

وانتظارا لتوافر المصل، يجد أهل الجنوب في الإسعافات الأولية ملاذا من خطر الموت بسموم العقرب، وتوضح مديرة مركز النور أن الخطوة الأولى في تلك الإسعافات هي ربط جزء من الجسد بعيدا عن مكان اللدغة، ثم فتح المكان بأدوات جراحة، واستخراج الدم المصاحب لسم العقرب. تضيف: «بعد إتمام هذه الطريقة من الإسعاف نلاحظ تحسن الحالة وأيضا توقف جريان السم في الجسم، وبدل من أن ينتشر أو يسري في الجسد، فإن السم ينزل مع الدم من مكان اللدغة».
عنديدي تشير إلى «المعاناة البالغة من انتشار القمامة في الجنوب، وعدم مجابهة آفة العقارب، والاستعداد للرش ومكافحة لدغات العقرب».
ورغم خطورتها الكبيرة فإن بعض الدول تستثمر في سم العقارب التي يصل سعر اللتر الواحد منها إلى أكثر من عشرة ملايين دولار، الأمر الذي جعل البعض يطلق على هذا السم لقب أغلى سائل في العالم، إذ إنه يستخدم في صناعة الأدوية التي تعالج أمراضا مختلفة منها السرطان.
ويتردد أن سم العقرب يحتوي على بروتين فريد يستخدم في علاج التهاب المفاصل وأمراض الأمعاء ومرض التصلب المتعدد؛ وهو ما جعل دولا عربية، مثل مصر والمغرب تتجه إلى الاستثمار في هذا السم وتصديره، بهدف جلب عملة صعبة للبلاد.

مآسي وادي الآجال
وفي الفترة ما بين منتصف أبريل حتى يونيو الحالي، سجلت المراكز الصحية بمناطق وبلديات وادي الآجال الثلاث أكثر من 393 حالة إصابة بلدغات العقارب، فارقت منها 14 حالة الحياة، بسبب نقص الأمصال المضادة.

للاطلاع على العدد 291 من جريدة «الوسط» اضغط هنا

الطفل أحمد إدريس أبوصلاح الذي لم يتجاوز العشر سنوات وافته المنية إثر لدغة عقرب بفراش نومه داخل منزل أسرته الكائن في محلة ابريك التابعة لبلدية الغريفة، وذلك بسبب تأخر حصوله على المصل المضاد، ولا يزال والده وأسرته يحاولون التعايش مع صدمة فراقه، وهو الطفل المجتهد الذي كان متفوقا في دراسته بين أقرانه.
ويناشد مواطنو ومسؤولو وادي الآجال، وزارة الصحة وجهاز الإمداد الطبي الإسراع في تزويد المراكز ووحدات الرعاية الصحية بمناطق ومحلات الوادي بالأمصال المضادة للدغات العقارب والأفاعي لتفادي وقوع كارثة إنسانية بالوادى مع دخول فصل الصيف، وبالتالي ازدياد حالات الإصابة رغم الجهود المحلية التطوعية البسيطة، للتخلص من هذه الحشرة القاتلة التي لا ترى ضحاياها.