Atwasat

عبر بوابة تونس والجزائر.. «تكتيك فرنسي» لتعزيز النفوذ في ليبيا

الجزائر - بوابة الوسط: عبدالرحمن أميني السبت 19 يونيو 2021, 03:32 مساء
WTV_Frequency

في وقت تتناوب فيه الرعاية المغاربية لمراحل المصالحة بين الليبيين، تسعى فرنسا إلى وضع لمساتها الأخيرة على تصور جديد في ليبيا ودول منطقة الساحل، بالتعاون مع تونس والجزائر المجاورتين سواء في الكواليس أو بشكل معلن، خاصة في ظل نفوذ روسيا وتركيا الذي توسع خلال الأشهر الأخيرة.

عدة مؤشرات كشفت ملامح التوجه الفرنسي في كيفية إدارة الصراع الليبي بما يخدم مصالحها بعيدة المدى بالاستفادة من علاقاتها التقليدية مع تونس والجزائر، لولا رفض أعضاء مجلس النواب، الذي يرأسه راشد الغنوشي، لقانون خاص بين حكومة البلاد وباريس معنية به ليبيا لظل الأمر طي الكتمان، فيما تبدو المحادثات الفرنسية مع الجزائر متواصلة لتعزيز الفهم الجديد لإدارة الوضع الدقيق بمنطقة الساحل وأيضا المسألة الليبية.

جدل تونسي
وقرر مجلس النواب التونسي، مساء الثلاثاء، تأجيل النظر في القانون 53/2019 الخاص بالموافقة على اتفاق بين الحكومة التونسية ونظيرتها الفرنسية بشأن إنشاء مكتب للوكالة الفرنسية للخبرة الفنية الدولية في تونس، بعدما أثار ردود فعل شديدة بين البرلمانيين الذين رأوا فيه «اعتداء على السيادة الوطنية واستعمارا فرنسيا جديدا لتونس» متسائلين، إن كانت تونس بحاجة إلى فرنسا لدخول ليبيا؟

وبنوع من التساؤل قالت النائبة منيرة العياري، في مداخلة لها بالجلسة العامة، إن «مصر ستوظف ثلاثة ملايين مصري في إعادة إعمار ليبيا، ولماذا ننتظر خبراء فرنسا لتوظيف تونسيين في ليبيا»، متسائلة عن دور الدبلوماسية التونسية في المساهمة في إعادة إعمار ليبيا.

للاطلاع على العدد 291 من جريدة «الوسط».. اضغط هنا 

واستنكرت النائبة ليلى حداد «اتفاقية بالغة الخطورة تتعلق بالأمن القومي بمعناه الاقتصادي والتجاري والأمني، وهو اعتداء على السيادة الوطنية»، على حد تعبيرها. واعتبرت هذه الاتفاقية «استعمارا جديدا لتونس ومحاولة من فرنسا أن يكون لها فناء خلفي للوصول إلى أفريقيا عبر تونس».

التفاوض من أجل مصلحة تونس؟
ولم يخلُ النقاش من الدعوة إلى ضرورة حماية السيادة الوطنية في تونس وفرض التعامل الندِّي مع الجانب الفرنسي، حيث شددوا على مزيد التفاوض من أجل ضمان مصلحة الدولة التونسية من هذا الاتفاق، إلى جانب السعي لفتح أفق علاقات جديدة مع دول أخرى وإعادة إرساء علاقة جديدة مع ليبيا دون الحاجة إلى وساطة أجنبية. وواجه وزير الدولة التونسي المكلف الشؤون الخارجية، محمد علي النفطي، سيلا من الانتقادات، بالتأكيد على أن وزارته «لا تسمح بانتهاك سيادة تونس أو أن تتأثر مصالحها».

وأكد أن «العلاقات بين تونس وليبيا وصلت إلى مرحلة متقدمة في جميع الأوقات، لكن ليس من المانع إقامة علاقات ثلاثية تونس-فرنسا-ليبيا». وأوضح الوزير أن دخول تونس وفرنسا إلى ليبيا يشكل تعزيزا وإثراء وتطويرا لجهود تونس لبناء وتنمية ليبيا.

المسؤول التونسي أدخل هذه الاتفاقية ضمن «الإصلاحات الاقتصادية التي بادرت بها تونس، التي تقوم على مقاربة تنموية شاملة، ونرغب في توطيد علاقات تونس مع محيطها الإقليمي والدولي والاستفادة من فرص الاستثمار القائمة».

وفي الجارة الجزائر التي كثفت جهودها الدبلوماسية لإنقاذ المسار السياسي الذي رسمه مؤتمر برلين الأول على غرار فرنسا وتركيا وروسيا، سلطت الأضواء على مساعي باريس لوضع مقاربة مشتركة وجديدة مع الجزائر تمنع نشوء فراغ أمني في منطقة الساحل التي تتغذى من التوترات في ليبيا.

ورغم تكذيب وزارة الدفاع الجزائرية ما ذكرته مجلة جون أفريك الفرنسية، مساء الثلاثاء، حول زيارة أجراها قائد الجيش الجزائري الفريق سعيد شنقريحة للعاصمة الفرنسية باريس في مهمة سرية، بعد إعلان انتهاء عملية «برخان» في الساحل، فإن ما هو ثابت عدم تفويت السلطات الجزائرية أي فرصة لتمرير رسالة مفادها محاولة استعادة دورها في جوارها الإقليمي.

في مقابلة للرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون خص بها قناة «الجزيرة» القطرية، وأثارت ضجة كبيرة، أشار إلى التحذير الذي وجهه بنفسه في يناير 2020 في ذروة معركة طرابلس (أبريل 2019–يونيو 2020) عندما كانت العاصمة الليبية محاصرة، حيث تحدث حينها عن «خط أحمر» لا ينبغي تجاوزه.

ويرى مراقبون أن استحضار تبون نفسه لهذه الحلقة ليس بالأمر التافه بل إنه يعكس رغبة الجزائر في إعادة صوتها إلى المشهد الإقليمي، بعد أن كرس انتهاء ولاية الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة كسوفا للنفوذ الجزائري في المنطقة.

وعقب 18 شهرا، أكد الرئيس الجزائري أن تحذيره لم يكن خطابيا فقط، موضحا: «لا نقبل أن تكون عاصمة دولة مغاربية وأفريقية محتلة من قبل المرتزقة. لن نجلس مكتوفي الأيدي. وقد وصلت الرسالة إلى المعنيين».

تبون لم يحدد هوية أولئك المرتزقة الذين كانوا في الواقع مقاتلين من شركة «فاغنر» الأمنية الروسية، وتم صد الهجوم ضد طرابلس في نهاية المطاف بفضل الدعم العسكري التركي. واعتبرت جريدة «لوموند» الفرنسية، في تقرير لها، أن الوضع الإقليمي يغذي الكثير من التكهنات حول احتمال تدخل الجزائر في محيطها القريب في حال تدهور الوضع الأمني هناك لدرجة تهديد مصالح الجزائر الإستراتيجية، حيث من المتوقع أن يصبح الجدل أكثر حدة مع إعلان انتهاء عملية «برخان» العسكرية الفرنسية في منطقة الساحل من قبل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. ومنذ تولي تبون السلطة اتفق مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون على تكثيف التنسيق في مواقفهما حول عدد من القضايا الإقليمية، أبرزها الأوضاع الأمنية والسياسية في ليبيا ومالي ومنطقة الساحل.

ومع ذلك، فإن المواقف الجزائرية من التواجد العسكري الفرنسي على مشارف حدودها كانت صريحة حين انتقد تبون في تصريحات إعلامية سابقة ما سماه «التساهل في تهريب الأسلحة والإرهابيين بالمنطقة». وكشف، في تصريح إلى جريدة فرنسية، عن رصد الأقمار الصناعية قوافل محملة بالأسلحة الثقيلة والخفيفة متجهة إلى منطقة الساحل، ولم يتم منعها وإيقافها. وعدلت الجزائر قبل أشهر دستورها بما يسمح لجيشها بالتدخل خارج حدود البلاد، بعد أن كان ذلك ممنوعا دستوريا، وحال دون التدخل في عدة بلدان رغم الضغوط الغربية.

الهدنة 
ويعتبر هذا التعديل مهما على الأقل بالنسبة للأوروبيين الذين لم يبدوا تحمسا كبيرا لقرار مجلس الأمن إرسال قوات أممية تحت مظلة حفظ السلام لمراقبة احترام الهدنة في ليبيا والالتزام بخطوط التماس، فيما لن يمانعوا في لعب قوات من دول الجوار أو قوات أفريقية هذا الدور الأمني.

للاطلاع على العدد 291 من جريدة «الوسط».. اضغط هنا 

وبالموازاة يشوب الحراك الإقليمي للعب دور محوري في مستقبل ليبيا تنافس ظاهر بين المغرب والجزائر، فقد استقبلت الأخيرة رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة الذي طلب من رئيسها عبدالمجيد تبون، إتمام المصالحة بين الليبيين في بلاده. وبعدها بأيام قليلة زار الجزائر نائبا رئيس المجلس الرئاسي موسى الكوني وعبدالله اللافي، وطلبا من الجزائر لعب دور أكبر في مؤتمر «برلين2» حول ليبيا والتشاور حول الأمن و الاستقرار. وأوضح اللافي أن معالجة الجزائر لملف المصالحة الوطنية ونجاحها في هذا المجال، يجعل التجربة الجزائرية أقرب إلى ليبيا لإنجاح المصالحة وفق تعبيره.

أما المغرب فقد سعى إلى جمع رئيس مجلس النواب مع رئيس المجلس الأعلى للدولة، لاستكمال تفاهمات بوزنيقة حول توزيع المناصب السيادية، لكن الرجلين لم يجتمعا وجها لوجه في الرباط، مما يعكس عمق الخلافات بين الطرفين.

ليبيا طالبت أيضا وبشكل رسمي، على لسان وزيرة خارجيتها نجلاء المنقوش، بالدعم الأمني والعسكري المغربي لتأسيس جهازي الشرطة والقوات المسلحة الليبيين الموحدين، وذلك في ندوة صحفية جمعتها بنظيرها المغربي ناصر بوريطة في الرباط.، وتابعت الوزيرة الليبية أن بلادها «تطمح لدعم المغرب لأجندة حكومة الوحدة الوطنية في مؤتمر برلين الثاني، لتحقيق أهداف خارطة الطريق، والتمهيد للمرحلة المقبلة وتنسيق الجهود العربية والدولية لضمان استقرار ليبيا».

كلمات مفتاحية

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
حادث سيارة بالعاصمة طرابلس دون إصابات
حادث سيارة بالعاصمة طرابلس دون إصابات
وصول قطع غيار لصيانة الوحدة الرابعة في محطة كهرباء الرويس
وصول قطع غيار لصيانة الوحدة الرابعة في محطة كهرباء الرويس
بالصور: مائدة رحمن ليبية في أوغندا
بالصور: مائدة رحمن ليبية في أوغندا
خلال جولة.. حماد يأمر بضبط أشخاص ينفذون أعمال ردم غير شرعية في وادي بالبيضاء
خلال جولة.. حماد يأمر بضبط أشخاص ينفذون أعمال ردم غير شرعية في ...
لجنة برلمانية تناقش تأثير ضريبة الدولار على السوق الليبية
لجنة برلمانية تناقش تأثير ضريبة الدولار على السوق الليبية
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم