ألقى تقرير صادر عن مجموعة «غلوبال ويتنس» الضوء على مسار أموال  الاعتمادات المستندية من ليبيا إلى لندن وقال إن العدد الضخم في إصدار تلك الإعتمادات  يشير إلى جریمة مالیة سارية تكلف الخزينة العامة الليبية الكثير.

وجاء في التقرير الصادر هذا الشهر، أنه في أغسطس 2018 «شنت ملیشیات الكانیات ھجوما مفاجئا على جنوب طرابلس من معقلھا في ترھونة وانتقدت ھذه المجموعة المسلحة في بیانھا جرائم منافستھا في العاصمة اللیبیة؛ لكن في الحقیقة أنھا رأت فرصا للثروة والنفوذ وأرادت نصیبھا منھا». وأضاف «كان جزء كبیر من القتال ھو التنافس على الموارد وخصوصا السیطرة على إیرادات الدولة والنفوذ على السلطات العمومیة التي صرفت ھذه الإیرادات داخل لیبیا وخارجھا».

وتابع أنه «في أغسطس 2020 تم التوصل إلى ھدنة موقتة لكن كان الصراع والخلل الوظیفي المؤسساتي قد تركا الخدمات الأساسیة في حالة من الفراغ مما جعل الحیاة معاناة یومیة للأسر والشركات التجاریة الصغیرة في ربوع البلاد . فبعد أیام من إعلان وقف إطلاق النار، خرج المواطنون من كلا خطي الصراع إلى الشارع احتجاجا على إنقطاعات التیار الكھربائي والمیاه وسوء الوضع المعیشي وفوق ذلك كله الفساد المتفشي في جمیع أنحاء البلاد. فقمعت المظاھرات بشكل عنیف من طرف الجماعات المسلحة ذاتھا التي خاضت الحرب والتي اتھمت بالاستفادة من الإضطراب».

وعالج الجزء الأول من التقریر الأدلة على الاحتیال الساري في إصدار الإعتمادات المستندیة للقطاع الخاص، والإنتھاكات التي تعرضت لھا منظومة الإعتمادات المستندیة من العام  2015 إلى 2018 التي وثقت من قبل فریق خبراء الأمم المتحدة، ودیوان المحاسبة اللیبي ومعلقین آخرین بما في ذلك الجماعات المسلحة اللیبیة.

- «غلوبال وايتنس» تكشف كيف خسرت ليبيا ملايين الدولارات سنويا بالاحتيال عبر منظومة الاعتمادات المستندية

وتابع تقرير «غلوبال ويتنس» أنه «في غضون الأشھر التي تلت ذلك، تسارعت التطورات في الأوضاع السیاسیة. ففي شھر دیسمبر 2020، عقد مجلس إدارة مصرف لیبیا المركزي بالكامل إجتماعه الأول منذ 2014، وقرر خفض قیمة الدینار اللیبي من 1.4 إلى 4.48 دینار مقابل الدولار الواحد.

«وفي شھر يناير 2021، ألغت الحكومة اللیبیة رسم الصرف الأجنبي على الشركات والذي كان معمولا به منذ 2018 وأدت ھذه التدابیر إلى وضع سعر صرف موحد للقطاعین العام والخاص وبدت في وقت كتابة  التقریر أنھا ضیقت الفجوة مع أسعار السوق الموازیة غیر الرسمیة وكبحت فرص التربح».

وقال «یبقى أن نرى ما إذا سیعاد إقرار إحتكار مصرف لیبیا المركزي على الإعتمادات المستندیة وتوزیعات FX الأخرى، وما هي ضمانات الشفافية ومكافحة الفساد التي ستترسخ في أي إصلاحات مؤسساتیة في مرحلة ما بعد الصراع، وكیف سیؤثر خفض قیمة الدینار على الأوضاع المالیة المزریة للأسر في كل أنحاء لیبیا التي تعاني من الجائحة والحرب». 

وسلط التقریر الضوء على الحاجة الماسة لمعاییر أكثر صرامة حول العنایة الواجبة لمكافحة غسيل الأموال وتمویل الإرھاب لدى المصارف المراسلة، وخصوصا حول من یمتلكھا وما نوع علاقتھم بالكیانات التي تبعث وتستقبل الأموال، إذ وضع «هذه المسؤولية على عاتق المملكة المتحدة، والإتحاد الأوروبي وغیرھما من المنافذ إلى النظام المالي الدولي الذي برزت فيه المصارف المراسلة كنقطة الضعف الرئیسیة»، داعيا إلى «التصدي لھذا الضعف المنھجي إذا كانت المملكة المتحدة جادة في غلق حدودھا المالیة أمام عائدات الجرائم المنظمة».

وطالب بأن «یقترن دور المصارف المركزیة المتزاید عالمیا في الصرف المباشر للأموال بزیادة المساءلة والرقابة على إدارتھا للمال العام»، وشدد على الحاجة الماسة إلى معايير أكثر صرامة حول العنایة الواجبة لمكافحة غسيل الأموال وتمویل الإرھاب لدى المصارف المراسلة.

وعلى الصعيد المحلي طالب التقرير بضرورة أن تضع السلطات العمومیة  الشفافیة المالیة في قلب حوارات السلام، وبدءا من منظومة صرف العملات الأجنبیة مثل الاعتمادات المستندیة. وھذا أمر أساسي یساعد على بناء الثقة في المؤسسات العمومیة في ھذه اللحظة المحوریة للبلاد.