Atwasat

غباره وصل ليبيا.. الجزائر تحيي ذكرى تفجير نووي فرنسي أقوى بأربع مرات من قنبلة هيروشيما

الجزائر - بوابة الوسط: عبدالرحمن أميني الأحد 14 فبراير 2021, 12:08 صباحا
WTV_Frequency

فجرت فرنسا في 13 فبراير 1960 أول قنبلة نووية لها أطلق عليها «الجربوع الأزرق» في رقان جنوب الجزائر، تعادل أربعة أضعاف قنبلة هيروشيما على اليابان، فوصلت سحابتها المشعة حتى ليبيا، وغطت جزءا من أفريقيا.

وأحيت الجزائر، السبت، الذكرى الـ61 للتفجيرات النووية التجريبية التي أجراها الاستعمار الفرنسي في صحرائها، ففي ذلك اليوم احتشد الآلاف من الجنود ليشهدوا واحدة من أكثر التجارب بشاعة ضد الإنسانية، في وقت تواصل باريس رفضها التعاون للتخلص من آثارها وإنهاء مآسي هذه الكارثة.

وفي اليوم التالي لانفجار «الجربوع»، وهي أول قنبلة ذرية تسقط في صحراء رقان بولاية إدرار البعيدة عن العاصمة بـ1500 كيلومتر، وصلت السحابة المشعة إلى ليبيا، وعبرت جزءًا من النيجر لتصل إلى محيط نجامينا عاصمة تشاد، بل أثبتت وثائق رُفعت عنها السرية في 2009، أنها غطت آلاف الكيلومترات وصولا إلى نيجيريا وغانا وكوت ديفوار ومالي.

وبعد تسعة أيام من التفجير غطت السحابة كل جنوب الجزائر وأفريقيا جنوب الصحراء، وبعد 12 يومًا وصل التساقط الإشعاعي إلى الجزائر العاصمة والمغرب، لتعبر بعدها السحابة البحر الأبيض المتوسط، وتقترب من السواحل الإسبانية وصقلية، وذلك وفقًا لوثيقة كشف عنها «مرصد التسلح»، وهو مركز التوثيق والبحوث حول السلام والصراع في فرنسا.

بوقادوم يذكر بالتفجير النووي الفرنسي
ولم يعلن عن الخرائط الحقيقية لانتشار الغبار النووي إلا بعد إخراجها من دائرة أسرار الدفاع العام 2013، حيث تبيَّن أنه طال أرجاء واسعة من أفريقيا حيث حاولت وزارة الدفاع الفرنسية إقناع الجزائريين بخريطة تُحدد مجال التلوث الإشعاعي في حيزٍ ضيق من الصحراء الجزائرية.

وغرّد وزير الخارجية الجزائري صبري بوقادوم، على حسابه بموقع «تويتر»، مذكرًا بإحدى جرائم فرنسا الاستعمارية في بلاده، وقال: «في مثل هذا اليوم العام 1960، قامت فرنسا الاستعمارية بأول تفجير نووي في منطقة رقان بالصحراء الجزائرية».

وأضاف أنّ «العملية سُميت بالجربوع الأزرق بقوة 70 كيلوطن، وهو ما يعادل من ثلاثة إلى أربعة أضعاف قنبلة هيروشيما»، وكشف أن الانفجار «كانت له تداعيات إشعاعية كارثية لا تزال آثارها لحد الآن».

ومن 13 فبراير 1960 إلى 16 فبراير 1966، واصلت فرنسا إجراء 17 تجربة نووية في الجزائر، بما في ذلك 4 تجارب في الغلاف الجوي، والتي تركت على الأرض شظايا سوداء و 13 تحت الأرض.

بنود سرية لاتفاقات «إيفيان» بين فرنسا والجزائر
وفي هذا السياق تطرح تساؤلات حول السبب في ترك الجزائر فرنسا تجري تجاربها رغم استقلالها في 5 يوليو 1962، والإدانات المتكررة للتجارب من قبل الحكومة الجزائرية الموقتة. لكن ما هو ثابت أن اتفاقات «إيفيان» التي وقعت بين الجزائر وفرنسا بعد مفاوضات بين 1960 و1962 تضمنت بنودًا سرية تُتيح لباريس إمكانية الاستمرار في استغلال المواقع النووية لفترات تتراوح بين خمس سنوات في رقان بأدرار وعشرين سنة في قاعدة الصواريخ في كولومب بشار المجاورة لها.

وواصلت فرنسا إجراء تجاربها وبحوثها النووية إلى منتصف 1966، ونقلت بعد ذلك مكونات البرنامج النووي إلى الجزر الفرنسية في الأطلسي والمحيط الهادئ.

ومن الأسرار الخطيرة التي ظلت طي الكتمان حول ما اقترفته فرنسا خلال التجارب النووية على البيئة والإنسان في الجنوب الجزائري، ما كشفته مجلة «الجيش» الصادرة عن وزارة الدفاع الجزائرية العام 2010 أن «150 جزائريًا استُخدموا كفئران تجارب في التفجير الأول، إذ عُلقوا على أعمدة في محيط التجربة لدراسة تأثير الإشعاعات على الإنسان».

أما الباحث الفرنسي المتخصص في التجارب النووية برينو باريلو، فأكد استخدام سلطات الاحتلال الفرنسي 42 ألف جزائري فئران تجارب في تفجيراتها النووية، في حين أكد تقرير فرنسي سري حصلت عليه وكالة «فرانس برس» من مسؤولين عسكريين لم تسمهم ويعود إلى 1998، أن باريس عرّضت جنودها عمدًا لإشعاعات التجارب النووية في الجزائر لمعرفة آثارها على الإنسان.

«الغيث القادم» تندد بـ«آثار سلبية» مازالت مستمرة للتفجير
واستنكرت جمعية «الغيث القادم» بولاية أدْرَارْ، في أقصى صحراء الجزائر، اليوم السبت، بتسبب التجارب الفرنسية إلى يومنا هذا في ارتفاع أعداد سكان الولاية المصابين بداء «السرطان والتشوهات الخلقية للمواليد الجدد والعقم خلال السنوات الأخيرة»، وهو ما اعتبرته أمرا «مقلقا» في نداء استغاثة أطلقته لتدارك الأضرار.

غير أن وضع حد لهذه المعاناة يتوقف على الاطلاع على أماكن دفن القوات الاستعمارية الفرنسية نفاياتها النووية بالمنطقة، وهو ما ترفض باريس الكشف عنه حتى الآن، ولا تبدي أية نية في تسليم الجزائر أرشيف تجاربها النووية في مستعمرتها القديمة.

وأوصى المؤرخ الفرنسي بنجامين ستورا في تقريره المثير للجدل الذي قدمه إلى الرئيس إيمانويل ماكرون، في يناير الماضي عن ذكرى الحرب الجزائرية «بمواصلة العمل المشترك فيما يتعلق بمواقع التجارب النووية في الجزائر ونتائجها وزرع الألغام على الحدود».

وفي أكتوبر الماضي، دعا مدير «مرصد التسلح» بفرنسا باتريس بوفري، سلطات بلاده إلى المبادرة بحل مشكلة نفاياتها النووية في الجزائر التي بقيت إلى اليوم سرًا عسكريًا فرنسيًا. وقال في حديث له بإذاعة فرنسية: «عندما أوقفت فرنسا تجاربها النووية سنة 1966، تركت بكل بساطة في عين المكان مجموع النفايات المرتبطة بالسنوات التي قامت خلالها بـ17 تجربة نووية».

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
من السبعة إلى الغرارات.. استمرار إزالة عقارات لفتح مسار الدائري الثالث (صور)
من السبعة إلى الغرارات.. استمرار إزالة عقارات لفتح مسار الدائري ...
البعثات الأوروبية تعليقا على استقالة باتيلي: يجب تمهيد الطريق لحكومة موحدة وانتخابات
البعثات الأوروبية تعليقا على استقالة باتيلي: يجب تمهيد الطريق ...
«أجوكو» و«إس إل بي» تبحثان تطوير الإنتاج النفطي في ليبيا
«أجوكو» و«إس إل بي» تبحثان تطوير الإنتاج النفطي في ليبيا
مصادر «المركزي» لـ«بوابة الوسط»: سحب ورقة الخمسين دينارا من التداول
مصادر «المركزي» لـ«بوابة الوسط»: سحب ورقة الخمسين دينارا من ...
تنفيذ «ويبلد» الإيطالية لطريق امساعد -المرج يتحدد مايو المقبل
تنفيذ «ويبلد» الإيطالية لطريق امساعد -المرج يتحدد مايو المقبل
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم