Atwasat

المقاتلون الأجانب وتفكيك الميليشيات.. أصعب مهمة في طريق الصفقة السياسية في ليبيا

الجزائر - بوابة الوسط: عبدالرحمن أميني الأحد 30 أغسطس 2020, 04:58 مساء
WTV_Frequency

سيكون إخراج المقاتلين الأجانب من ليبيا أصعب مهمة للمحاورين على طريق التوصل إلى صفقة سياسية تنهي حربا بالوكالة، إذ لا تريد تركيا أو روسيا المتهمتان بتوظيف مرتزقة رؤية نفوذها يتضاءل مستقبلا، بينما أبرز المطبات المقرر أن ينصب التركيز عليها في جولات الحوار «5+5» هي مسألة إعادة بناء قوات الجيش والأمن وتفكيك الميليشيات.

وتمكنت الضغوطات الدولية والأميركية من إجبار طرفي الصراع على إعلان وقف الاقتتال أخيرا والقيام بتنازلات، غير أن بعض المسائل الخلافية ما زالت قائمة، على الرغم من أن رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، ورئيس المجلس الرئاسي، فائز السراج، متفقان على ضرورة خروج المرتزقة من البلاد فإنهما يختلفان في تحديدهم، فالأخير أوضح أن الغاية النهائية من وقف إطلاق النار هي استرجاع السيادة الكاملة على التراب الليبي وخروج القوات الأجنبية والمرتزقة. أما عقيلة صالح فاعتبر أن وقف إطلاق النار يقطع الطريق أمام التدخلات الأجنبية، وينتهي بإخراج المرتزقة وتفكيك الميليشيات، ليتحقق استرجاع السيادة الكاملة.

للاطلاع على العدد 249 من جريدة «الوسط».. اضغط هنا 

ومن هنا يبرز التساؤل حول مصير آلاف المرتزقة المنتشرين بمحيطي سرت والجفرة وبالغرب الليبي، خصوصا أن الإيعاز الخارجي الأميركي من أجل تنفيذ حل نزع السلاح ظاهره إنهاء الحرب وفتح باب المفاوضات، بعدما أدركت الولايات المتحدة أن التقسيم الفعلي لليبيا أصبح احتمالا واقعيا، وهو سيناريو من شأنه أن يخلق حاضنة مثالية للجماعات الإرهابية، أما باطنه فهو التدخل لمجابهة الوجود الروسي الداعم لقوات الجيش بقيادة المشير خليفة حفتر، إذ تشرف واشنطن بدعم أممي على نشر قوات شرطية مشتركة في الجفرة وسرت، لتأمين الحكومة الموحدة، المفترض أن تحتضنها سرت، لا سيما أن المؤشرات تبرز تهيئة الأرضية لدور أميركي مباشر في المنطقة بعد، فيما بدا أنه استعانة رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني بمؤسسة «جونز» الأميركية للاستشارات الأمنية والعسكرية، التي التقى السراج ممثليها برئاسة الجنرال شك والد، يرافقه الجنرال توم والدهاوسر، وعدد من كبار مسؤولي المؤسسة.

وناقش الاجتماع رؤية وتصورا مشتركا لبرامج بناء القدرات، لمواجهة مختلف التحديات والمخاطر، ودحر تنظيمات الإرهاب والتطرف، كما بحث الاجتماع آليات التنسيق بين مؤسسة جونز والمؤسسات الأمنية والدفاعية الليبية.

وعد تركي ببناء جيش ليبي من الصفر
في المقابل فإن التطورات تزامنت مع الوعد التركي الجديد ببناء الجيش الليبي من الصفر، عبر اتفاق وتحويل ميليشياتها إلى جيش نظامي، تم توقيعه مع حكومة الوفاق الوطني «لإنشاء مرافق للتدريب والاستشارات وإرسال مستشارين وأفراد عسكريين إلى ليبيا»، ويعتمد نجاح الخطوة على قدرة تركيا على إيجاد شركاء أقوى، خصوصا ألمانيا والولايات المتحدة، إذ يبدو أن كلتا القوتين قلقة بشأن الاهتمام الروسي المتزايد بليبيا، وعلى عكس سورية لم تتخذ واشنطن ولا برلين موقفا علنيا ضد تصرفات أنقرة في ليبيا.

وأجرى سفير الولايات المتحدة في ليبيا، ريتشارد نورلاند، اتصالات مع شخصيات ومسؤولين سياسيين ليبيين، أشار من خلالها إلى اتفاق على ضرورة أن تركز اللجنة العسكرية المشتركة «لجنة 5+5» التي تستضيفها البعثة الأممية فورا على «طرق وقف إطلاق النار، وكيفية التوصل إلى حل فعال منزوع السلاح في وسط ليبيا، من شأنه أن تبدأ عملية خفض التصعيد، وخروج جميع القوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا».

وبات تنامي نفوذ الميليشيات والمرتزقة الأجانب يثير قلق الشارع الليبي أيضا، الذي رفع خلال المظاهرات السلمية، التي اندلعت شرارتها الأحد الماضي بطرابلس، شعارات تعبر عن غضبه من تردي الأوضاع المعيشية، ومن هؤلاء، مرددين عبارات من قبيل «أموالنا عند المرتزقة، أبناؤنا يموتون في البر والبحر، أعيدوا لنا حقوقنا». ففي الغرب، تحظى أيضا حكومة الوفاق الوطني، التي تحمي العديد من الميليشيات المسلحة التي تحافظ على الأمن في العاصمة، بالاعتراف الدولي، وتضمن الحكومة رواتب دائمة وأمنا وظيفيا للمقاتلين في هذه الجماعات المسلحة، وبالنسبة إلى قادة الميليشيات سيؤدي وقف إطلاق النار إلى فقدانهم جميع الامتيازات التي يتمتعون بها حاليا، حسب تعبير جريدة «الإندبندنت» البريطانية الثلاثاء.

شرط سحب الميليشيات
وفي ظل الشروط المنسوبة إلى القيادة العامة للموافقة على وقف دائم لإطلاق النار، وبينها سحب «الميليشيات» من حدود «سرت والجفرة»، ووضع جدول زمني لسحب المستشارين العسكريين الأتراك من ليبيا، وجدول زمني لتفكيك «الميليشيات» بغرب ليبيا، تبرز تساؤلات حول قدرة السراج وصالح على سلطة إعلان وقف القتال، وهما اللذان لا يستطيعان إجبار مختلف الأطراف عليه، بسبب تورط العديد من القوى الإقليمية والدولية في هذا الصراع.

وتضمن بيانا السراج وعقيلة، اللذان باركتهما الأمم المتحدة والجامعة العربية والاتحاد الأوروبي والمجتمع الدولي، والدول الداعمة لأطراف الصراع، الدعوة إلى استئناف إنتاج النفط وتصديره، وتجميد إيراداته في حساب خاص بالمصرف الليبي الخارجي، بعد اتهامات من حفتر بدعم نشاطات الميليشيات و«المرتزقة» من أموال النفط على حساب جموع الشعب الليبي، ففي هذا السياق أثار الوجود الروسي، من خلال المرتزقة والطائرات المقاتلة وأنظمة الدفاع الجوي الصاروخية في القواعد الجوية الإستراتيجية بالقرب من الهلال النفطي في شرق ليبيا، الكثير من الجدل في الولايات المتحدة وبين القوى الأوروبية الكبرى باعتباره تهديدا وشيكا لـ«ناتو» والأمن في البحر الأبيض المتوسط.

ووفق مراقبين تنظر موسكو إلى وقف إطلاق النار المدعوم أميركيا، الذي يقضي بنزع السلاح من محور سرت-الجفرة الإستراتيجي، على أنه خدعة غربية لإحباط نفوذ روسي عسكري واقتصادي وسياسي دائم في الجارة الجنوبية لأوروبا، لأن نزع السلاح يعني سحب القوات الروسية المتمركزة في المنطقة، في المقام الأول قبل كل شيء.

للاطلاع على العدد 249 من جريدة «الوسط».. اضغط هنا 

وأكدت القيادة العسكرية الأميركية الأفريقية «أفريكوم» في منتصف شهر يوليو أنها تمتلك أدلة واضحة بأن مجموعة فاغنر الروسية، زرعت ألغاما أرضية وأجهزة متفجرة في العاصمة الليبية طرابلس وحولها، وأضافت أن هذا الأمر يشكل انتهاكا للحظر الذي تفرضه الأمم المتحدة على الأسلحة، ويعرض حياة الليبيين الأبرياء للخطر. ويشي تقرير لخبراء أمميين في 24 أبريل، قدم إلى مجلس الأمن، بوجود جنود خاصين في ليبيا يعملون لدى مجموعة فاغنر الروسية، لدعم المشير حفتر.

ووفقا لخبراء الأمم المتحدة فإن أعضاء مجموعة فاغنر «يقدمون الدعم الفني لإصلاح المركبات العسكرية والمشاركة في العمليات القتالية والتأثير». كما أنها تساعد في «المدفعية، ومراقبة الحركة الجوية وتوفر الخبرة في الإجراءات الإلكترونية المضادة وتنشر القناصين». كما يدعي الخبراء أخيرا أن لديهم دليلا على نقل مقاتلين سوريين من دمشق إلى ليبيا، وأكدوا وجود مقاتلين سوريين لمساندة حكومة الوفاق في فبراير الماضي.

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
«وسط الخبر» يستكشف مستقبل الأزمة بعد استقالة باتيلي
«وسط الخبر» يستكشف مستقبل الأزمة بعد استقالة باتيلي
نورلاند يثمن جهود باتيلي ويؤكد ضرورة الانتخابات في ليبيا
نورلاند يثمن جهود باتيلي ويؤكد ضرورة الانتخابات في ليبيا
داخل العدد 439: الحالة الليبية «تستنسخ نفسها».. وأزمة سيولة خانقة
داخل العدد 439: الحالة الليبية «تستنسخ نفسها».. وأزمة سيولة خانقة
«حكومات وولايات وتداعيات».. قناة «الوسط» تبث الحلقة الـ19 من «مئوية ليبيا» الجمعة
«حكومات وولايات وتداعيات».. قناة «الوسط» تبث الحلقة الـ19 من ...
السني: فلسطين استوفت شروط العضوية الكاملة في الأمم المتحدة.. وليبيا لا تسمح بإدانة المقاومة
السني: فلسطين استوفت شروط العضوية الكاملة في الأمم المتحدة.. ...
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم