قال رئيس المؤسسة الوطنية للنفط، المهندس مصطفى صنع الله، إن الوضع في الحقول والموانئ النفطية ما زال على ما هو عليه، وإن قرار رفع الحصار عن النفط الليبي «يبدو أنه سيأتي من الخارج، ومن دول إقليمية مستفيدة من الوضع الحالي»، مضيفا: «لا يمكن رفع حالة القوة القاهرة عن الموانئ والحقول، إلى حين إصدار أمر من جانب من أغلقها.. والأمر الذي قد لا يدركه البعض هو دور الدول الإقليمية المستفيدة من الوضع في عرقلة إيجاد حل سريع، بالخصوص».
ونفى صنع الله في مقابلة مع «بوابة الوسط» اليوم الجمعة، ما تناقلته بعض وسائل الإعلام بشأن آلية جديدة لتوزيع إيرادات النفط، عبر ثلاثة مصارف في شرق وغرب وجنوب البلاد، وقال: «نحن ننفي ذلك تماما، وأن هناك فكرة، وهي أن تقوم المؤسسة باستئناف عمليات البيع والإنتاج وأن يتم تجميد الأموال في حساب المؤسسة لفترة محددة يتم خلالها إجراء مفاوضات في مسارين متوازيين الأول هو الشفافية المالية عبر مراقبة الإنفاق، من قبل كل الجهات شرقا وغربا، ليعلم المواطن الليبي أين وكيف تنفق ثروته الوطنية، ويتعلق المسار الثاني بإعادة هيكلة الترتيبات الأمنية لحماية جميع المنشآت النفطية، لضمان عدم اعتبارها أهدافا عسكرية وعدم استخدامها للمساومات السياسية».
وأكد المهندس مصطفى صنع الله أن خسائر الإقفال القسري للنفط بعد 167 يوما من الإقفال بلغت 6.4 مليار دولار، فيما تتعرض البنية التحتية لمزيد من الخراب بشكل يومي وضرر بالغ للبيئة سواء التربة أو المياه، مشيرا إلى التسرب الذي حدث في ميناء راس لانوف، وتسبب في وصول بقعة زيت إلى أكثر من 30 كيلومترا شرق الميناء، كدليل على هذه الأضرار... وإلى نص المقابلة:
قمنا بالتحضيرات اللازمة.. وناقلة نفط تبحر حاليا باتجاه ميناء السدرة
◼ ◼ الوسط: فيما أحدث الإعلان عن إعادة فتح موانئ وحقول النفط ارتياحا لدى الرأي العام الليبي، عدتم وأعلنتم أن حالة القوة القاهرة ما زالت مفروضة على هذه الموانئ والحقول، فما الذي حدث؟
◻ مصطفى صنع الله: ما أكدناه منذ بداية الأزمة، قام كل من رئيس جهاز حرس المنشآت النفطية بالمنطقة الشرقية اللواء ناجي المغربي والعقيد علي الجيلاني من غرفة عمليات سرت الكبرى، يوم 17 يناير 2020، بإصدار تعليمات إلى الشركات التابعة للمؤسسة الوطنية للنفط بمنعها من التصدير، ولا يمكننا رفع حالة القوة القاهرة إلى حين إصدار أمر من جانب من أغلق للسماح للمرافئ بمزاولة عملها.
من ناحيتنا، قمنا بالتحضيرات اللازمة وقمنا بإصدار تعليماتنا منذ 20 يونيو 2020 لجميع الشركات المشغلة لاستدعاء الموظفين لمواقع العمل والبدء بالتجهيز لعمليات إعادة الإنتاج والصيانة والتشغيل التدريجي للحقول، كما أن هناك ناقلة نفط حاليا تبحر باتجاه ميناء السدرة للبدء في تحميل الخام الموجود في خزانات الميناء.
ولكن يبدو لنا وبشكل واضح أن قرار رفع الحصار سيأتي من دول إقليمية، تستفيد بشكل مباشر من غياب النفط الليبي عن الأسواق العالمية.
معرفة خسائر وتكاليف الصيانة مع بدء عمليات الإنتاج
◼ ◼ المؤسسة الوطنية للنفط تقدر خسائر إقفال النفط في إيرادات كانت من المفترض أن تدخل خزينة الدولة الليبية بنحو 6.27 مليار دولار، ماذا عن تقديرات خسائر وقف التشغيل منذ 18 يناير الماضي، على صعيد الأنابيب والبنية التحتية للإنتاج والتصدير طوال نحو 165 يوما؟
◻ تخطت الخسائر منذ بداية الحصار بعد 167 يوما من الإقفال 6.4 مليار دولار، كما تتعرض البنية التحتية لمزيد من الخراب بشكل يومي وضرر بالغ للبيئة سواء التربة أو المياه، ولعل التسرب الذي حدث في خراطيم الشحن بميناء راس لانوف ووصول بقعة الزيت إلى أكثر من 30 كيلومترا شرق الميناء خير دليل على الآثار المدمرة لهذا الإقفال القسري للنفط، ولكن قمنا بالتعامل مع الموقف بسرعة لحماية البيئة ووقف التسرب ومعالجة الآثار، وفي حين لا يمكننا معرفة الخسائر وتكاليف الصيانة بشكل دقيق حتى نبدأ بعمليات الإنتاج، ولكن من المؤكد أنها ستكلف مئات الملايين من الدولارات.
عن الشفافية المالية وحماية المنشآت النفطية نقترح مسارين
◼ ◼ أعلنت المؤسسة الوطنية للنفط عن مفاوضات دامت أسابيع مع حكومة الوفاق والأمم المتحدة ودول إقليمية لاستئناف إنتاج النفط، حدثنا عن مزيد من التفاصيل حول هذه المفاوضات، كيف جرت؟ ومن هم أطرافها؟ وما المقترحات التي جرى بحثها؟
◻ بداية، ما حدث في أحد خزانات حقل الشرارة قبل أربعة أسابيع هو حدث خطير أنذر بتهالك البنى التحتية، وجعل المؤسسة تضغط بقوة من أجل إعادة تشغيل الحقول والموانئ، في حين لم نسمع من أحد حاول منع الإقفال غير القانوني، ولم نسمع إدانة قوية لهذا الإقفال، ولم نسمع شجبا لآثار الإقفال المدمرة على الاقتصاد الوطني، بالرغم من الظروف المعيشية الصعبة التي يمر بها الشعب الليبي والأزمات المتعددة التي يعاني منها، وكانت الفكرة هي أن تستأنف المؤسسة باستئناف عمليات البيع والإنتاج، وأن يتم تجميد الأموال في حساب المؤسسة لفترة محددة يتم خلالها إجراء مفاوضات في مسارين متوازيين؛ الأول: هو الشفافية المالية التي سيتم من خلالها مراقبة كيف يتم إنفاق الأموال من قبل كل الجهات شرقا وغربا، ليعلم المواطن الليبي أين وكيف تنفق ثروته الوطنية، في حين سيتعلق المسار الثاني بإعادة هيكلة الترتيبات الأمنية لحماية جميع المنشآت النفطية، لضمان عدم اعتبارها أهدافا عسكرية ولعدم استخدامها مجددا للمساومات السياسية.
لا أعرف من يدعي الوطنية ولا يرى أن هذا الحل الموقت سيصب في مصلحة الجميع، ولكن للأسف القرار يبدو أنه سيأتي من الخارج ومن دول مستفيدة من الوضع الحالي.
◼ ◼ هل هناك اتفاق فعلي؟ وما تفاصيله؟
◻ هناك محاولات جدية لإيجاد اتفاق، ولكن للأسف وجدنا أن الطرف المغلق يقوم بالمماطلة وتغيير الشروط وكسب مزيد من الوقت، بشكل مريب، وكما ذكرت فإن القرار سيأتي من دول إقليمية. لا ندري لماذا تقوم هذه الجهات بالمماطلة، ولكننا ندرك أنهم سعيدون بغياب النفط الليبي عن الأسواق العالمية، رغم أن المؤسسة لن تتمكن من استعادة معدلات الإنتاج نفسها السابقة على الإقفال بسبب كارثة الإغلاق القسري، كما أن ليبيا، وهي إحدى دول منظمة أوبك، ستفعل ما بوسعها لعدم تأثر الأسواق.
لا شأن لمؤسسة النفط بآلية التوزيع
◼ ◼ بالنسبة لما تسرب عبر الصحافة الأجنبية من أن هناك آلية لتوزيع عائدات النفط، بما يضمن الشفافية وعدالة التوزيع، «ذا غارديان» قالت إنها لن تذهب مباشرة إلى «المركزي» في طرابلس، بل سيتم تقسيمها على ثلاثة بنوك؛ هل هذا صحيح؟ وإذا كان ذلك كذلك، فما هي هذه البنوك الثلاثة؟ وعلى أي أسس سيتم نسب تقسيم العائدات بين الأقاليم الثلاثة؟ وكيف سيتم التحقق من أنها لن تستخدم للأغراض العسكرية؟
◻ لا، نحن ننفي ذلك تماما. ما جاء في بعض التقارير عن آلية التوزيع صادر من قبل أشخاص لا علاقة لهم بهذه المفاوضات وليسوا أصحاب قرار فيها، وتعبر عن أفكارهم الشخصية فقط لا أكثر، ويسعون من خلفها لتحقيق بعض الدعايات السياسية، كما أن هناك محاولات عديدة عبر أخبار غير دقيقة أو كاذبة من أطراف مختلفة، الهدف منها عرقلة مساعي الحوار لإعادة الإنتاج. أدعو جميع الليبيين للانتباه وعدم الانجرار خلف هذه الأخبار المضللة.
وأريد أن أؤكد أن المؤسسة لا شأن لها بآلية التوزيع، وستقوم بما ينص عليه القانون الليبي والاتفاقات الدولية. موقفنا هو العمل من أجل إعادة الإنتاج حفاظا على ثروة الشعب الليبي وخدمة لمصالحه وتجنيبا للحرب بالمواقع النفطية، ونحن متمسكون بوحدة ليبيا، ونحن ضد كل ما من شأنه المساس بوحدتها وسيادتها ولن نكون جزءا من أي عمل ضد ذلك.
مؤسسة النفط ستفعل كل ما في وسعها لوقف أي محاولة لتقسيم ليبيا
◼ ◼ «حراك المدن والقبائل» أعلن عن فتح منشآت وموانئ النفط في الهلال النفطي، وتفويض القيادة العامة لإدارتها، ما تعليقكم على هذه الخطوة؟ وكيف تنظرون لهذا التفويض في ضوء البيان الذي أعلنته القيادة العامة؟
◻ أمر إغلاق الموانئ تم من قبل حرس المنشآت النفطية، وعلى لسان رئيس الجهاز بالمنطقة الشرقية اللواء ناجي المغربي والعقيد علي الجيلاني من غرفة عمليات سرت الكبرى، يوم 17 يناير 2020. بالنسبة لنا لم يتغير شيء، فالأمر واضح لجميع المراقبين من قام بإغلاق الموانئ والحقول في حوضي سرت ومرزق. الأمر الذي قد لا يدركه البعض هو دور الدول الإقليمية المستفيدة من الوضع في عرقلة إيجاد حل سريع.
◼ ◼ هل تعتقدون أن النفط يمكن أن يكون سببا يدفع البلاد نحو التقسيم؟
◻ على الرغم من جميع الانقسامات في البلاد والضغوط الهائلة على المؤسسة الوطنية النفط، تمكنا بفضل الله وبفضل موظفينا ومستخدمينا الأوفياء من الحفاظ على وحدة المؤسسة، هؤلاء قدوة يجب على الجميع الاقتداء بهم، فعلى الرغم من اختلاف مناطقهم وتوجهاتهم السياسية يضع الجميع مصلحة ليبيا ووحدتها فوق كل اعتبار، والمؤسسة ستقوم بكل ما في وسعها لإيقاف أي محاولة لتقسيم ليبيا.
◼ ◼ قبل إغلاق الموانئ وحقول النفط، كان إنتاج ليبيا مليونا و200 ألف برميل يوميا، مقابل مليون و600 ألف برميل يوميا في العام 2011، متى تتوقعون بلوغ نسبة الإنتاج والتصدير التي كانت قبل 18 يناير الماضي، ونحو 1.7 مليون برميل حصة ليبيا المقررة في أوبك؟
◻ رغم المأساة التي تعيشها ليبيا إلا أنني ما زلت متفائلا، بالتأكيد لن يكون وفق الجدول الزمني المعد من المختصين بالمؤسسة، وسيعتمد على تقييم الضرر الذي أصاب البنية التحتية وتوفير الميزانيات لإجراء عمليات الصيانة، وكل يوم تأخير سيزيد من هذه المشاكل ومن كلفة صيانتها.
تعليقات