Atwasat

جريدة الوسط: ما بعد ترهونة «كلمة سر».. وتفاهمات غامضة بين واشنطن وأنقرة وموسكو

القاهرة - بوابة الوسط الجمعة 12 يونيو 2020, 12:35 مساء
WTV_Frequency

فيما كشف المشهد الميداني محليا بإشارات واضحة لتقدم القوات التابعة لحكومة الوفاق عن نيتها الزحف نحو مدينة سرت، بعد أن تمكنت من السيطرة على مدينة ترهونة، قدمت تحركات واشنطن في الملف الليبي دوليا إشارات غامضة تراوحت بين ترحيب بمبادرة القاهرة ورفض النفوذ الروسي المتزايد، ومع تركيز أنقرة ومن ورائها حكومة الوفاق على إمالة كفة المعركة في عملية سرت قبل العودة إلى محادثات سياسية بدت تركيا المستفيد الأكبر من إحجام الأميركيين عن قيادة أي مبادرات لوقف المواجهات العسكرية.

ويوحي حض وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو الأطراف المتنازعة على إبقاء النفوذ الروسي بعيدا عن ليبيا أن أنقرة تلقت ضوءا أخضر للمضي قدما في دعم حكومة الوفاق، خصوصا أن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان تحدث عن وجود توافقات جديدة بين بلاده والولايات المتحدة في الشأن الليبي. وأكد في مقابلة مع قناة «تي آر تي» الرسمية وجود مساع للسيطرة على مدينة سرت بالكامل، وقاعدة الجفرة «600 كيلو متر جنوب العاصمة طرابلس» والتقدم على الشريط الساحلي واستعادة السيطرة على حقول النفط في الجنوب وآبار الغاز على الشريط الساحلي ولا سيما حول مدينة سرت.

واستدرك أردوغان، بأنّ «هذه التطورات تزعج روسيا، التي يستمد (حفتر) كل قوته منها» وفق تعبيره. زاعما أنّ ترامب وصف وضع تركيا في ليبيا بـ«الناجح».
وألمح إلى «خطوة محتملة» يمكن للبلدين اتخاذها معا ، لكنه لم يقدم أي تفاصيل.

وأفاد البيت الأبيض في بيان له أن ترامب وإردوغان ناقشا الحرب في ليبيا ، وكذلك سورية ومنطقة شرق البحر الأبيض المتوسط لكنه لم يذكر تفاصيل.

وفي سياق الزخم الدبلوماسي، بحث رجب طيب إردوغان ونظيره الروسي فلاديمير بوتين هاتفيا الأربعاء الأزمة الليبية.

اضغط هنا للاطلاع على العدد رقم 238 من جريدة «الوسط»

وقالت الرئاسة الروسية إن الرئيسين عبرا عن قلقهما الشديد من الاشتباكات الجارية في ليبيا. وأضاف البيان: «أشار الرئيس الروسي إلى أهمية وقف إطلاق النار في ليبيا واستئناف الحوار بين الليبيين في أسرع وقت، اعتمادًا على قرارات مؤتمر برلين الدولي الـ19 من يناير 2020، التي وافق عليها مجلس الأمن الدولي بقراره رقم 2510، والمبادرات الدولية الأخرى التي تهدف إلى التوصل لتسوية سياسية دبلوماسية للنزاع الليبي».

وبينما تسارعت ردود الفعل على مبادرة القاهرة لحل الازمة أعلنت كل من روسيا والولايات المتحدة الأمريكية دعمها لها مقابل رفض تركي ومن جانب حكومة الوفاق.

ولا يبدو أن الأطراف الثلاثة يمتلكون الرؤية نفسها للسلام في ليبيا ما يجعل إصرار قوات الوفاق السيطرة على مدينة سرت والجفرة مقابل التحذير الروسي «كلمة السر» في أي تفاهمات خلال الأيام القادمة وسط مخاوف من مواجهة مباشرة، لا سيما أن إردوغان أقر بأن الخطوات المشتركة القادمة في ليبيا ستحددها المشاورات مع بوتين لدى إثارته موضوع وجود جنود روس و19 طائرة حربية على الأراضي الليبية.

وتبعث حالة التشنج بين أنقرة وموسكو على استبعاد التخلي عن الطموح العسكري الحاسم عكس تعهدات وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو ونظيره الروسي سيرغي لافروف قبل أيام بالعمل على تهيئة الظروف لإرساء السلام في ليبيا.

وأمام زحف قوات الوفاق الوطني ببطء تجاه مدينة سرت، حيث ينتظر أن يظهر الموقف الروسي والفرنسي على الأرض، بالنظر إلى موقع المدينة الذي يمهد الطريق إلى منطقة الهلال النفطي في شرق البلاد وأيضا الجفرة التي تمكن من السيطرة على الأجواء الليبية، تكمن تفاصيل دخول واشنطن على الخط الدبلوماسي في الملف الليبي على وقع المعارك العسكرية.

اضغط هنا للإطلاع على العدد رقم 238 من جريدة «الوسط»

وقال وزير الداخلية بحكومة الوفاق الوطني، فتحي باشاغا، إن الحكومة لن تكون منفتحة على الدخول في محادثات سياسية مع المشير خليفة حفتر «قائد الجيش الوطني الليبي» إلا بعد استعادة مدينة سرت وقاعدة الجفرة. وأكد في مقابلة مع وكالة «بلومبرغ» للأنباء أن العمليات العسكرية التي تقوم بها قوات حكومة الوفاق، ومقرها طرابلس، ستستمر حتى استعادة المنطقتين، و«منع روسيا من إقامة قاعدة في البلاد».

وأضاف باشاغا، في المقابلة، أن مدينة سرت، الواقعة على الطرف الغربي من منطقة الهلال النفطي التي يسيطر عليها الجيش الوطني الليبي، لها قيمة رمزية لدى حكومة الوفاق لأن تحالفا بقيادة الولايات المتحدة أسهم في هزيمة تنظيم «داعش» هناك العام 2016. وأوضح: «ستكون هناك مفاوضات سياسية مع الشرق، لكن يتعين استعادة سرت والجفرة... إننا بحاجة إلى منع روسيا من إقامة قواعد في سرت والجفرة».

وتقع مدينة سرت على بعد نحو 450 كلم من العاصمة طرابلس و600 كلم من بنغازي ما يجعلها مدينة إستراتيجية لكل الأطراف فيما تطل على اتجاه منطقة الهلال النفطي.

وعلى ضوء التطورات المتسارعة أثارت أوساط أميركية تساؤلات غاية في القلق: «هل يمكن حماية ليبيا من التقسيم؟» وحسب ما نقلت جريدة «واشنطن بوست»، الأربعاء، عن إيماليانو أليساندرو من معهد الشرق الأوسط فإن عملية سرت تشير إلى أن المواجهة لم تنته بعد ولن يتم العودة إلى محادثات ذات معنى إلا عندما يتم استنزاف المكاسب العسكرية.

ويقول التقرير الأميركي بالنسبة للاعبين الإقليميين تظل ليبيا المكان الذي يحققون من خلالها أجندتهم. فالخلافات الحادة بين دول الخليج تم نقلها إلى التناحرات بين الميليشيات الليبية المسلحة، أما نشر روسيا وأنقرة قواتهما فقد حول الدول الأوروبية إلى مراقب لا حول له ولا قوة. ورغم محاولة المسؤولين الأتراك استحضار التاريخ العثماني وعلاقته بليبيا لتبرير انخراطهم في النزاع، إلا أن المنفعة الحقيقية لتركيا منه جاءت على شكل اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع حكومة السراج، التي منحتها حقوقا في التنقيب عن النفط والغاز في مياه البحر.

بدورها تبنت روسيا موقفا مزدوجا، فمن جهة دعت إلى وقف إطلاق النار والعودة إلى المحادثات، ولكنها أرسلت طائراتها العسكرية لدعم قوات حفتر.

وحذر الباحث بالمجلس الأطلنطي كريم ميزران من تحول الانقسام الفعلي الحالي إلى واقع إذا لم يقم المجتمع الدولي بجهود ذات معنى. وهذا سيناريو ليس جيدا، كما يقول تيد غالين كاربنتر من معهد كاتو في واشنطن: «من المحتمل أن يكون مثل الانفصال الفوضوي للإقليم الجنوبي في السودان، وخلق جنوب السودان»، وأضاف أن الخلاف بين منطقة الشرق الغنية بالنفط ودولة الغرب ستكون كافية بحد ذاتها لاستمرار التوتر.

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
نص الإحاطة الأخيرة لباتيلي إلى مجلس الأمن حول ليبيا (16 أبريل 2024)
نص الإحاطة الأخيرة لباتيلي إلى مجلس الأمن حول ليبيا (16 أبريل ...
في تقرير إحصائي: غوتيريس يطالب بتحقيق في انتهاكات ضد المهاجرين في ليبيا
في تقرير إحصائي: غوتيريس يطالب بتحقيق في انتهاكات ضد المهاجرين في...
باتيلي عقب الاستقالة: عاملان وراء تدهور الوضع في ليبيا.. ولا مجال للحل في المستقبل
باتيلي عقب الاستقالة: عاملان وراء تدهور الوضع في ليبيا.. ولا مجال...
«تغطية خاصة» في نقاش مفتوح: هل باتيلي أكثر مبعوث أممي لليبيا إخفاقًا؟
«تغطية خاصة» في نقاش مفتوح: هل باتيلي أكثر مبعوث أممي لليبيا ...
خلال إعلان استقالته.. باتيلي: لو امتلك الليبيون حرية التجمع السلمي لتمكنوا من الحل
خلال إعلان استقالته.. باتيلي: لو امتلك الليبيون حرية التجمع ...
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم