Atwasat

حراك دبلوماسي لمنع صدام إقليمي على الأرض الليبية

الجزائر - بوابة الوسط: عبدالرحمن أميني الجمعة 31 يناير 2020, 09:18 صباحا
WTV_Frequency

ضاعفت الجزائر من نشاطها الدبلوماسي بهدف «تحييد» التدخل الخارجي الذي يكون أبطاله، تركيا من جهة ودول عربية من جهة أخرى، والتوصل إلى تحقيق توافق إقليمي حول الملف الليبي قبل العودة إلى طاولة المفاوضات السياسية التي عرضت استضافتها.

الفكرة التي تدافع عنها الجزائر، هي تجنب أي صدام أو اتصال مباشر بين القوات التركية والقوات الأخرى المقاتلة براً أو بحراً أو جواً، حسب مبادرة وساطة سرية بين أنقرة ودول خليجية تقودها الجزائر التي تراهن على جمع طرفي الصراع على طاولة الحوار، وتجنب المزيد من تأزيم الوضع.

ويبقى هاجس الجزائر، تطور التوترات الناجمة عن الدعم العسكري الذي قدمته أنقرة لصالح حكومة الوفاق إلى مواجهة بين قوات تركية وقوات أخرى تحارب على الأرض وتدعم الطرف الآخر من حرب العاصمة. وفي تلميح للتدخل التركي، أعربت السلطات الجزائرية عن رفضها التدخل العسكري الأجنبي في ليبيا في مطلع يناير، معتبرة أنه قد يؤدي إلى تعقيد الوضع المأساوي.

اضغط هنا للإطلاع على العدد 219 من جريدة «الوسط»

وأعلن الرئيس رجب طيب إردوغان، خلال مؤتمر صحفي عقب لقائه الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، أن «الجزائر عنصر مهم من عناصر الاستقرار والسلام في المنطقة وفي مواجهة التطورات في ليبيا، التي لها تأثير مباشر على هذا البلد المجاور».

وأكد أنه «من المستحيل تحقيق تقدم في حل الأزمة الليبية بحلول عسكرية». وأشار إردوغان إلى «اتصالات مكثفة مع دول المنطقة والجهات الفاعلة الدولية من أجل وقف دائم لإطلاق النار واستئناف الحوار السياسي».

مساران تعتمد عليهما الجزائر
وحسب مصادر جزائرية، جرى التوصل إلى اتفاق بين الجزائر وأنقرة من أجل «المتابعة المشتركة واليومية للوضع الليبي على الأرض». وتعمل الدبلوماسية الجزائرية عبر مستويين هما تحييد التدخل الأجنبي (التركي والأجنبي) من جهة، وفي الوقت نفسه تسريع الحل الداخلي السياسي والشامل في ليبيا، حسب مصدر دبلوماسي .

والمسار الأكثر ترجيحًا، الذي يبدو أن الجزائر تعتمد عليه، هو السماح بقدرات تدخل أكبر للاتحاد الأفريقي ولماذا لا يتم إرسال قوات عسكرية أفريقية تحت رعاية الأمم المتحدة «لضمان احترام وقف إطلاق النار الساري في ليبيا، وبالتالي الحفاظ على حياة المدنيين، وأداء مؤسسات البلاد». يضيف المصدر لـ«الوسط».

واستعرض مسؤولون جزائريون اقتراحاً على وزير الخارجية الإماراتي عبدالله بن زايد وإردوغان، ويقضي بإرسال قوة أفريقية إلى ليبيا بإشراف أممي لتحصين انهيار الهدنة مع طرح آليات لتفعيل تعاون الإمارات وتركيا مع دول الجوار على نحو يرسم وقف إطلاق النار.

وسيزور الرئيس تبون قريباً كلاً من مصر وتركيا والإمارات العربية المتحدة بدعوة من قادة هذه الدول الثلاث، ما قد يعزز من فرص تقدم جهود الوساطة الجزائرية غير المعلنة. وتتطابق أجزاء من المبادرة مع مسودة قرار تقدمت بها بريطانيا إلى مجلس الأمن الدولي يدعو إلى وقف دائم لإطلاق النار في ليبيا.

وتنص على وجوب فصل القوات المتحاربة وإرساء تدابير لبناء الثقة بين المعسكرين، وتطلب من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس تقديم اقتراحات بشأن الآليات الممكن اعتمادها لمراقبة وقف إطلاق النار بما في ذلك «مساهمات من منظمات إقليمية»، في إشارة ضمنية إلى الاتحادين الأوروبي والأفريقي اللذين يمكن أن يرسلا طواقم لمراقبة الهدنة.

ومن المرتقب أن يكون مقترح «إرسال قوات أفريقية» ضمن مناقشات اجتماع برازافيل يوم 30 يناير بالكونغو الذي يأتي بعد أيام قليلة من مؤتمر برلين، واجتماع دول وزراء خارجية الجوار الليبي بالجزائر، الذي يهدف «إلى إسماع صوت أفريقيا في حل الأزمة المستمرة بليبيا، وبحث سبل التسوية بهذا البلد وفقاً لمخرجات مؤتمر برلين».

اضغط هنا للإطلاع على العدد 219 من جريدة «الوسط»

وتسارعت جهود الوساطة منذ بداية العام في الجزائر العاصمة، حيث استضافت اجتماعاً موسعاً لوزراء خارجية دول الجوار وهي تونس ومصر والسودان ومالي وتشاد والنيجر، وبحضور الوزير الألماني هايكو ماس الذي جاء لإبلاغ المشاركين بنتائج القمة الدولية في برلين في 19 يناير، وهو اللقاء الذي جاء عقب شكاوى عديد البلدان الأفريقية إبعادها عن عملية برلين، حيث تم تقديم تعهدات باحترام حظر الأسلحة وعدم التدخل في الشؤون الليبية.
وفي السياق نفسه، أعلن وزير الخارجية الجزائري صبري بوقادوم، الاتفاق في اجتماع دول الجوار على ضرورة مواصلة العمل مع البلدان المجاورة لليبيا وبتنسيق مع الاتحاد الأفريقي لإنجاح المبادرة السياسية ودعم الحل السياسي في ليبيا.

الإستراتيجية التركية في ليبيا
وبالنسبة لتركيا المتداخلة بعدة أشكال في الملف الليبي، فإن الجانب العسكري ليس سوى جانب واحد من جوانب الإستراتيجية التركية في البلاد فيعتمد إردوغان على ثلاث ركائز سياسية وعسكرية واقتصادية، إذ يبقى الخيار العسكري في متناول اليد مع تفضيل الخيار السياسي، بينما هدف تركيا وجميع القوى المشاركة في الصراع الليبي هو الاستفادة من موارد الطاقة.

وإدراكاً منه لحاجة الجزائر إلى دولة ليبيا مستقرة على حدودها، طرح الرئيس التركي خلال زيارته لها طموحاته بزيادة حجم التبادل التجاري إلى أكثر من خمسة مليارات دولار، وتجديد عقد توريد الغاز الطبيعي المسال حتى العام 2024 وإنشاء منطقة تجارة حرة.

تطورات دبلوماسية تأتي مع ما كشفت عنه مصادر إعلامية بإنزال تركيا جنودها، فجر الأربعاء، لدعم حكومة الوفاق والذين جاؤوا على متن بارجتين حربيتين تحملان اسمي «غازي عنتاب» و«قيديز» قامتا بالرسو في ميناء طرابلس.

من جانبه أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، الأسبوع الماضي، بزيادة عدد المرتزقة السوريين الذين نقلوا إلى طرابلس، حيث بلغ عددهم 3660 مقاتلاً في ارتفاع جديد جاء في أعقاب عقد أنقرة مذكرتي تفاهم إحداهما عسكرية والأخرى لتقاسم الحدود البحرية وقعتهما مع حكومة السراج أواخر نوفمبر.

وأقر البرلمان التركي، بداية الشهر الجاري، اتفاقية التعاون الأمني والعسكري ما سيزيد من تدهور الأوضاع وفتح البلاد على مزيد التدخلات الأجنبية.

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
فرنسا تأمل استئناف عمل لجنة «5+5» قريبًا
فرنسا تأمل استئناف عمل لجنة «5+5» قريبًا
نص الإحاطة الأخيرة لباتيلي إلى مجلس الأمن حول ليبيا (16 أبريل 2024)
نص الإحاطة الأخيرة لباتيلي إلى مجلس الأمن حول ليبيا (16 أبريل ...
في تقرير إحصائي: غوتيريس يطالب بتحقيق في انتهاكات ضد المهاجرين في ليبيا
في تقرير إحصائي: غوتيريس يطالب بتحقيق في انتهاكات ضد المهاجرين في...
باتيلي عقب الاستقالة: عاملان وراء تدهور الوضع في ليبيا.. ولا مجال للحل في المستقبل
باتيلي عقب الاستقالة: عاملان وراء تدهور الوضع في ليبيا.. ولا مجال...
«تغطية خاصة» في نقاش مفتوح: هل باتيلي أكثر مبعوث أممي لليبيا إخفاقًا؟
«تغطية خاصة» في نقاش مفتوح: هل باتيلي أكثر مبعوث أممي لليبيا ...
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم