Atwasat

موقف مغاربي «مشتت» بعد مؤتمر برلين

الجزائر - بوابة الوسط: عبدالرحمن أميني الأحد 26 يناير 2020, 11:10 صباحا
WTV_Frequency

لم تشفع المواقف المتقاربة للدول المغاربية من التدخل الأجنبي في ليبيا في فرض صوت موحد لهم في المبادرات الدولية لحل الأزمة، ما جعلها رهينة للاستقطاب الفرنسي والإيطالي مجددا، في غياب اتحاد إقليمي تجتمع تحت لوائه، ما دفع في المقابل كل بلد إلى إطلاق مبادرات انفرادية بدعوى إقامة حوار بين أطراف الصراع.

ويعترف الأمين العام للاتحاد المغاربي، الطيب البكوش بعجز الاتحاد المغاربي عن المساعدة في نزع فتيل الحرب وإيجاد حل سياسي «ليبي - ليبي»، وهو «الأمر الذي فتح الباب أمام التدخلات التي تعددت وتناقضت»، حسبما أكد في تصريحات له لوسائل إعلام مغربية.

إلا أن البكوش يصف تشابه مواقف الدول المغاربية من الأزمة بالأمر الإيجابي، ويمكن أن يمهد الظروف لموقف جماعي موحد، مؤكدا أن رفض التدخلات الأجنبية والعسكرية الرامية إلى تحويل ليبيا إلى ساحة للحرب بالوكالة يعتبر «خطوة إيجابية نحو تفعيل الدور المغاربي لاحتواء الأزمة الليبية»، وشدد على «ضرورة تغليب الحوار والحلول السياسية لتسوية الأزمة داخل الفضاء المغاربي»، منوها بأن «الحل في ليبيا يكون سياسيا ومغاربيا وإفريقيا بدعم أممي».

هل تنعقد قمة مغاربية على مستوى الرؤساء؟
لكن مثل هذه الخطوة تقتضي أن يجتمع وزراء الخارجية، أو أن تجتمع قمة مغاربية على مستوى الرؤساء حتى يكون لها صدى في المحافل الدولية، «والظاهر أن القوى الكبرى التي أقصت تونس والمغرب وحتى السودان والنيجر وتشاد من أي انخراط حقيقي في إيجاد حل سياسي في ليبيا، انتهزت حالة التشرذم الإقليمي الحاصل لتوجيه دعوة للجزائر الدولة المغاربية الوحيدة في مؤتمر برلين المنعقد أخيرا بشأن ليبيا»، حسب البكوش.

واحتجت المغرب على إقصائها من مؤتمر برلين، وعبرت وزارة الخارجية عن «تعجبها العميق»، رغم أن المغرب «اضطلع بدور حاسم في إبرام اتفاقات الصخيرات، التي تشكل الإطار السياسي الوحيد الذي يحظى بدعم مجلس الأمن وقبول جميع الفرقاء الليبيين، من أجل تسوية الأزمة في هذا البلد المغاربي الشقيق».

ورغم مواقفهما المتقاربة بشأن دعم حكومة الوفاق، يرجع مراقبون في المغرب أن استياء الرباط يعود إلى مشاركة الجزائر مقابل إقصائها، وهي التي احتضنت «اتفاق الصخيرات».

للاطلاع على العدد 218 من جريدة الوسط اضغط هنا

ومكن حضور الجزائر قمة برلين من تقديم نفسها طرفا إقليميا مهما في معادلة الحل الليبي، بعدما عبرت عن استعدادها لاستضافة «حوار» بين الأطراف الليبية لإيجاد حل للأزمة، وقال رئيسها عبدالمجيد تبون: «نحن مطالبون بوضع خارطة طريق واضحة المعالم وملزمة للطرفين، تشمل تثبيت الهدنة والكف عن تزويد الأطراف الليبية بالسلاح لإبعاد شبح الحرب عن كل المنطقة».

تغير الموقف الألماني
وبالعودة إلى خلفيات إبعاد دول الجوار، فإن مصادر إعلامية أوروبية أشارت إلى تدارك ألمانيا موقفها بتوجيه الدعوة إلى الجزائر، بعدما كانت تقصيها من العملية، إذ خضعت الدعوات للتصور المستقبلي لحل النزاع، أي استدعاء الدول القادرة على الالتزام بالتوصيات وتنفيذها، مثل الدعم المالي أو القوات المتعددة الجنسية، لا سيما بعدما أبدت برلين استعدادها إرسال قوات عسكرية للمساهمة في إرساء السلام.

التغيير في الموقف الألماني جاء بضغط من إيطاليا لدعوة الجزائر وتونس، إلا أن الرئيس التونسي قيس سعيد رفض الدعوة الموجهة إليه، ما جعله محل انتقادات الطبقة السياسية، التي اعتبرت الحدث «فرصة للخروج من العزلة الحالية»، خصوصا أن سعيد أعلن مبادرة وساطة لتسوية الأزمة الليبية.

وقال رئيس حزب قلب تونس نبيل القروي، إنه يشعر بـ«حرقة وألم وحيرة وأسف لغياب بلاده كدبلوماسية عن هذا المؤتمر»، وفق تعبيره. وأضاف القروي أن الدبلوماسية التونسية تعيش في أزمة وعزلة إقليمية ودولية، وهذا لن يخدم حتى الاستحقاقات الداخلية في إشارة إلى تعثر تشكيل الحكومة إلى حد الآن.

موقف رئيس حركة مشروع تونس محسن مرزوق، لم يكن مختلفا باستثناء اعتبار «إعلان عدم قبول الدعوة المتأخرة مشروعا يعبر عن كبرياء وغضب مكتوم من الناحية النظرية».ومع ذلك يعتقد في تدوينة له عبر «فيسبوك» أنه كان يجب على تونس قبول الدعوة رغم تأخرها وعدم تفويت فرصة الحضور في هذا الحدث الدولي المهم لعدة أسباب، كونه سيمكن الرئيس التونسي من التركيز على الأقل مباشرة على مطلب أو اثنين مثل المسألة الإنسانية والمسألة الأمنية والمطالبة بحفظ مصالح تونس فيهما.

باريس.. توظيف سياسي للأزمة
ووظفت باريس المسألة لصالحها عقب اعتذار تونس عن حضور مؤتمر برلين حول ليبيا، وإقصاء المغرب عن أشغالها، إذ أبدت تمسكها بمشاركة دول الجوار خصوصا البلدين في جهود الحل في ليبيا.كما أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ونظيره التونسي قيس سعيد ضرورة مشاركة تونس في أي مبادرة مقبلة، بشأن جهود التسوية للأزمة في ليبيا فيما يرتقب أن تبادر ألمانيا إلى محاولة إرضاء الرئاسة التونسية، ولو متأخرة، وشدد الملك محمد السادس وماكرون على «الدور المهم الذي تضطلع به المملكة المغربية لحل الأزمة».

وأرسل ماكرون وزير خارجيته إلى الجزائر، التي شددت على ضرورة التنسيق مع فرنسا في ما يخص كبرى القضايا الدولية، على غرار القضية الليبية، وفق ما يندرج مع تعليمات الوزير الأول عبدالعزيز جراد والرئيس تبون، وأكد وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، أن بلاده ستتعاون مع الجزائر من أجل تثبيت وقف إطلاق النار في ليبيا.

وعلى ضوء التطورات ينتظر أن تتجه تونس إلى تعميق المشاورات مع الجزائر، إذ اقترح تبون استضافة الأطراف الليبية لمساعدتها على التوصل إلى تسوية، ومن الوارد أن تكون هناك مشاورات مع المغرب في هذا المجال.

ويبدو أن التقارب الواضح بين الجزائر وإيطاليا من جهة، وفرنسا والجزائر والدول المغاربية بشأن الأزمة الليبية، يأتي في سياق توتر العلاقات بين باريس وروما جراء اختلاف الرؤى.

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
«وسط الخبر» يبحث عن إجابة: من المتسبب في الغلاء ونقص السيولة؟
«وسط الخبر» يبحث عن إجابة: من المتسبب في الغلاء ونقص السيولة؟
توصية من «داخلية الدبيبة» لرفع عقوبات دولية عن «الشرطة»
توصية من «داخلية الدبيبة» لرفع عقوبات دولية عن «الشرطة»
«هذا المساء» يناقش: هل تأتي حلول الاقتصاد الليبي من واشنطن؟
«هذا المساء» يناقش: هل تأتي حلول الاقتصاد الليبي من واشنطن؟
أول لقاء «معلن» بين ستيفاني خوري ومسؤول ليبي
أول لقاء «معلن» بين ستيفاني خوري ومسؤول ليبي
غانيون تبحث مع الباعور التوزيع الشفاف والعادل للموارد
غانيون تبحث مع الباعور التوزيع الشفاف والعادل للموارد
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم