عادت حافلات النقل العام الغائبة عن شوارع طرابلس لمدة 30 عامًا إلى الظهور من جديد ضمن مشروع «باص المدينة»، الذي يفترض أن يقدم خدمات لأكثر من مليوني شخص.
وحسب تقرير لوكالة «فرانس برس» فقد اصطف أكثر من 30 حافلة حديثة في شوارع طرابلس، طُليت باللونين الأبيض والأزرق في انتظار موعد تشغيلها لتقديم خدماتها لأكثر من مليوني شخص سيستفيدون من النقل العام، الخدمة الغائبة عن العاصمة منذ عقود،
وقال التقرير إنه رغم الظروف الأمنية جراء المعارك الدائرة جنوب طرابلس، تسعى شركة «السهم» للنقل العام الليبية إلى إحياء ثقافة النقل العام داخل العاصمة، بهدف تقليل الازدحام وتخفيف أعباء الحكومة في دعم الوقود الذي يستهلك المليارات سنويًّا.
مكيفة ومجهزة بالإنترنت
ونقلت «فرانس برس» عن مدير عام شركة «السهم» للنقل العام أبوبكر قرمان تأكيده على أهمية «استعادة خدمة النقل العمومي في طرابلس، لتخفيف الأعباء الناتجة عن غيابها»، مشيرا إلى أن المشروع سيبدأ العمل به خلال الأسبوع الجاري، وستكون الحافلات المشاركة فيه مجهزة بالإنترنت والتكييف.
ويقول قرمان: «إن باص المدينة موجه إلى الطبقة العاملة الأكثر استخدامًا للمواصلات، وسيساهم في خفض الازدحام المزمن في فترة الذروة. كما لا ننسى التوسع الأفقي لطرابلس الذي يدفعنا للتنقل بين مسافات بعيدة، ما يزيد من معدلات استخدام السيارات الخاصة بشكل هائل».
ويتوقع أن يساهم المشروع بشكل ملحوظ في التخفيف على الحكومة في عملية دعم المحروقات التي تكلف الخزانة العامة المليارات كل عام، حسب مدير عام شركة «السهم» الذي ينوه إلى أنه تم اختيار طرابلس لتنفيذ المرحلة الأولى من المشروع كونها تضم أكثر من ثلث سكان ليبيا.
وأوضح أن «البنية التحتية للطرق الرئيسية في طرابلس لا تعاني مشاكل كبيرة جدًّا... نحن بحاجة فقط إلى تطبيق قانون المرور وبناء مواقف سيارات خاصة لمنع الازدحام نتيجة الركن الفوضوي».
مخطط المرحلة أولى
وأضاف التقرير أن المشروع سيدخل حيز التنفيذ خلال الأيام المقبلة بعشرين مسارًا و35 حافلة كمرحلة أولى، وتغطي المسارات المساحة بين مدينة جنزور 15 كلم غربًا، وتاجوراء 10 كلم شرقًا، إلى طريق المطار 25 كلم جنوبًا.
وتعاقدت شركة «السهم» للنقل العام مع شركة «كينغ لونغ» الصينية الرائدة في صناعة حافلات النقل بعد مفاوضات استمرت أشهرًا، لاستيراد 145 حافلة على مدى عامين، بتكلفة تصل إلى 13 مليون دولار، وفقًا لمدير الشركة. وفور تقييم نجاح المشروع في العاصمة، سيتم إطلاق مشروع «النقل السريع» بين المدن.
ومن خطوط النقل السريع، واحد بين طرابلس ومصراتة، ويهدف إلى التخفيف على المسافرين الذين يقصدون مطار مصراتة الدولي، في ظل استمرار إقفال مطار معيتيقة بالعاصمة.
وداعًا للسيارات المتهالكة
وتحدث صاحب متجر للملابس في طرابلس يدعى حمد البوزيدي،مع «فرانس برس» قائلا: إن مشروع النقل العام «سيقدم إضافة لكل سكان المدينة، خاصة أننا لم نحظَ بمواصلات عامة توفر علينا الوقت واستهلاك الوقود في العاصمة منذ عقود».
وأضاف: «أتنقل يوميًّا من جنزور إلى طرابلس وأقطع ذهابًا وعودة مسافة تتجاوز 30 كلم عبر سيارات الأجرة المتهالكة، وتوفير حافلات حديثة ومجهزة تنقلني لمتجري بسرعة، ما يجعلني متشوقًا لتجربته فور بدء تشغيله»، مشيرًا إلى مخاوفه من فشل المشروع بسبب الأوضاع الأمنية والطرق غير المجهزة.
وتابع قائلا إن «الوضع في ضواحي طرابلس لا سيما الجنوب غير آمن، والقذائف العشوائية تتساقط فجأة، وبالتالي قد يتسبب تعرض حافلة تقل أكثر من 40 شخصًا للقصف بكارثة»، مؤكدًا أن الطرق العامة مزدحمة ولا يمكن ضمان وصول الراكب إلى وجهته في الوقت المحدد، ما قد يؤدي إلى العزوف عن استخدامها.
سائقو التاكسي غير سعداء
وهناك من يخشى من تأثير الحافلات العامة على رزقه، إذ يقول سائق التاكسي عبد المهيمن مخلوف: «هذه الحافلات ستؤثر على استخدام الناس للتاكسي، وبالتالي أعتقد أن كثيرين سيتأثرون بسببها». وأضاف لـ«فرانس برس» أنها في الوقت ذاته ستقلل من الازدحام جراء استخدام السيارات الخاصة داخل العاصمة طرابلس، وبالتالي سيوفر التنقل بالتاكسي وقتًا كبيرًا.
ويتخطى عدد المركبات الآلية المسجلة في ليبيا 4.5 مليون سيارة، ويتخطى نصيب العاصمة وحدها الثلاثة ملايين، بحسب إحصاءات حكومية حتى نهاية مارس الماضي، فيما تحتل ليبيا المرتبة الأولى عالميا على مستوى حوادث المرور، مقارنة بعدد السكان البالغ أكثر من 6 ملايين نسمة.
وبلغ عدد الحوادث خلال العام الماضي 4115، والضحايا 5668 ألفا، توفي منهم 2500 شخص، فيما وصلت الخسائر المالية إلى 29 مليون دينار (21 مليون دولار)، وفقا لأرقام الإدارة العامة للمرور والتراخيص الليبية.
تعليقات