Atwasat

«بزنس» أباطرة السلاح في ليبيا

القاهرة - بوابة الوسط الجمعة 30 أغسطس 2019, 10:11 صباحا
WTV_Frequency

لا يزال ملف تجارة الأسلحة في ليبيا خارج السيطرة، وتكشف الأحداث بين الحين والآخر عن إمبراطور جديد من أباطرة السلاح، فيوم الإثنين الماضي، حكمت المحكمة الفيدرالية في لوس أنغلوس، بالسجن 30 عامًا على تاجر أسلحة أردني يحمل الجنسية الأميركية، لإدانته بالتواطؤ في بيع صواريخ أرض- جو إلى مجموعات مسلحة في ليبيا، رغم الحظر الذي فرضته الأمم المتحدة، إلا أن الأسلحة مازالت تتدفق على المعسكرين المتناحرين في ليبيا.

عملية التهريب التي أقر فيها بالإدانة الأردني الذي يحمل الجنسبة الأميركية رامي نجم أسعد-غانم (53 عامًا)، وصفها القاضي جيمس أوتيرو بأنها «مرعبة»، واتهمته السلطات بالتفاوض لبيع منظومات صاروخية روسية الصنع، لمجموعة ليبية مسلحة في 2015، وقال المدعون إن «غانم فاوض على دفع أجور ونظم سفر مرتزقة عرض عليهم الحصول على 50 ألف دولار حال تمكنوا من إسقاط طائرات تابعة للحكومة الليبية المعترف بها من الأمم المتحدة»، فيما اتصل عملاء سريون من عناصر الأمن الداخلي بغانم في أثينا واتفقوا على بيعه أسلحة تتجاوز قيمتها 200 ألف دولار من بينها بنادق قنص ومعدات للرؤية الليلية، وفق «فرانس برس».

ففي الوقت الذي تتواصل فيه المعارك حول العاصمة الليبية طرابلس وعلى أطرافها، بين قوات القيادة العامة بقيادة المشير خليفة حفتر، والقوات المنضوية تحت حكومة الوفاق، تتنازع مئات المجموعات المسلحة ذات الولاءات المتقلبة على النفوذ في ليبيا، بعضها متصل بالسلطات السياسية المتخاصمة فيما يشكل البعض الآخر أنشطة إجرامية، وعجزت أي سلطة ليبية منذ 2011 عن ضبط المجموعات المسلحة أو دمج مقاتليها في قوة وطنية، وهو ما حول ليبيا إلى سوق رائجة لتجارة السلاح، من خلال شبكات حقيقية في غاية التعقيد، يعمل بها وينتفع منها ملايين الأشخاص.

غنائم نظام القذافي
منذ الإطاحة بنظام معمر القذافي في عام 2011، تواجه ليبيا عدة تحديات إلا أن انتشار أسواق السلاح يعتبر من أهم المعوقات أمام الجهات الأمنية في البلاد لإعادة الاستقرار، ومع ظهور الجماعات المسلحة المختلفة تنامت الظاهرة التي مثلت مصدرا للخطر على حياة المدنيين الليبيين.. ففي الجنوب ازدهرت تجارة السلاح بشكل علني، قبل دخول الجيش الليبي إليها، ونشطت عمليات تهريب السلاح من ليبيا وإليها، وفي سبها (عاصمة الجنوب)، إلى وقتٍ قريب، كان يُباع السلاح علنا، بحسب تاجر السلاح «ن.م» (32 سنةً)، الذي قال إن غالبية السلاح المتداول في السوق من الغنائم التي استحوذ عليها الناس من مخازن السلاح التي افتتحت أثناء سقوط نظام القذافي.

اقتناء الأسلحة الثقيلة
وفي حوار لصحيفة «الوسط» كشف تاجر السلاح «س ن ل» في سبها، أسرار عالمه الغامض، وأكد أن جهات دولية وراء انتعاش سوق السلاح في الجنوب الليبي، وقال إن ثمن البندقية قبل الثورة كان 1500 دينار والآن تباع بـ 150 دينارا، وسعرالرشاش ومضادات الطائرات يصل إلى 3000 دينار، وأن رواج سوق الأسلحة الثقيلة بسبب تكوين الكتائب المسلحة والصراع في المدن، فضلاً عن سهولة حصول الجماعات المسلحة والمهربين على السلاح، وأكد أن المواطنين بدأوا بعد سقوط نظام القذافي في اقتناء الأسلحة الخفيفة لكن بعد الانقسام السياسي وانتشار الجماعات المسلحة في 2014 بدأ الجميع السعي لاقتناء الأسلحة الثقيلة. وأشار «س ن ل» إلى أن دعم الجهات الخارجية لبعض الجماعات المسلحة أسهم في توفر الأسلحة والذخائر.

الانقسام السياسي في 2014، جعل السلاح مطلوبًا بشدة، من أي نوع، وأصبحت بعض القبائل تشتري الأسلحة الثقيلة وكذلك سكان المدن وتكونت كتائب مسلحة، وبالطبع استخدمت في تلك الصراعات. وبدأ سعرها يرتفع ووصل ثمن صاروخ الراجمة إلى 800 دينار وكان التركيز على الأسلحة التي تتوفر ذخائرها بسهولة في ليبيا.

للاطلاع على العدد (197) من جريدة «الوسط» اضغط هنا

السجن 10 سنوات بحق مهرب جزائري
في فبراير 2018 قضت محكمة جزائرية بالسجن عشر سنوات على مهرب أسلحة جزائري، تورط في تهريب 16 قطعة سلاح تركية الصنع من ليبيا، ودانت محكمة الجنايات بمجلس قضاء الجزائر العاصمة، مهربًا للأسلحة ينحدر من ولاية خنشلة الواقعة شرق البلاد بـ10 سنوات حبسًا نافذًا، بحسب راديو «موزاييك إف إم». وفي شهر نوفمبر 2017 أعلنت وزارة الدفاع الجزائرية، مقتل مهرب أسلحة في منطقة «طارات»، في عين إمناس بمحافظة إيليزي الواقعة على الحدود مع ليبيا.

ليبيا تسلم مهربًا للأسلحة إلى السلطات الإيطالية
سلمت السلطات الليبية، في أبريل الماضي، تاجر السلاح فرانكو جيورجي المتهم بعمليات تهريب أسلحة من أوروبا إلى ليبيا والمحتجز في طرابلس منذ عامين، إلى السلطات الإيطالية، وصادر بحقه مذكرة اعتقال في عام 2016 لتورطه في العمل وسيط لبيع كميات كبيرة من الأسلحة والذخيرة لأطراف ليبية. ونقل فرانكو جيورجي لبلدة أسكولي بطائرة خاصة من طرابلس إلى روما، ليتم حبسه في سجن ريجينا كويلي.

ضبط «الثعلب»
في منتصف أغسطس الجاري، ألقت السلطات البرتغالية القبض على البلجيكي جاك مسيو الملقب بـ«الثعلب» أو «المارشال» أحد أشهر تجار السلاح بشكل غير شرعي بالعالم والمتهم بنقل معدات عسكرية إلى بلدان في حالة حرب بما في ذلك ليبيا، ونقلت صحيفة الشرق الأوسط اللندنية عن وسائل إعلام بلجيكية أن مسيو واحداً من أشهر أباطرة تجارة السلاح إلى مناطق الصراعات في إفريقيا والشرق الأوسط وآسيا، ونوّهت إلى أن صحيفة «لاتست نيوز» البلجيكية علقت على صفقات «الثعلب» وقالت إنه تلقى طلبات لتوريد 100 ألف بندقية و13 مليون رصاصة و25 طائرة هليكوبتر وإنه تسلم في مقابل ذلك 88 مليون يورو وكلها جرت بطرق غير شرعية.

ووفقاً لتقارير إعلامية يتمتع مسيو بتاريخ طويل في تجارة الأسلحة غير القانونية ومعروف لدى السلطات في جميع أنحاء العالم وفي يونيو عام2017 حُكم عليه بالسجن 3 سنوات وغرامة قدرها 300 ألف يورو بسبب بيعه أسلحة أوتوماتيكية وذخيرة وطائرات هليكوبتر ودبابات وغيرها من المعدات العسكرية إلى بلدان في حالة حرب بما في ذلك ليبيا.

60 مليون قطعة سلاح
دعا مفوض السلم والأمن بالاتحاد الإفريقي، إسماعيل شرقي، المجتمع الدولي إلى منع إغراق ليبيا بأسلحة إضافية، حيث تنتشر بالفعل أكثر من 60 مليون قطعة سلاح، واعتبر شرقي في مقابلة مع «إذاعة فرنسا الدولية» أن ما يحدث منذ 4 أبريل يدفع إلى إعادة النظر في الوضع الليبي المتجه نحو حرب حقيقية، محذرًا من «حرب طويلة ومكلفة في الأرواح البشرية تزعزع استقرار المنطقة بأسرها».

كما أعرب عن قلقه من انتهاك حظر الأسلحة الذي أصدرته الأمم المتحدة، قائلاً: «إن مجلس الأمن يواجه اليوم تحديًا كبيرًا، وسيكون من الضروري للغاية إيقاف تدفق الأسلحة الذي سيزيد من حدة الأزمة، ويطيلها في المستقبل»، ودعا إلى «التواصل مع الطرفين للتأكيد أن لا حل عسكريًّا للأزمة الليبية»، مضيفًا «من الضروري أن يستأنف الحوار ليس فقط بين حفتر والسراج، ولكن بصفة تشمل كافة الأطراف».

سلامة: 23 مليون قطعة سلاح منتشرة في ليبيا
قال مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا، غسان سلامة، إن هناك نحو 23 مليون قطعة سلاح في ليبيا لا تستطيع البلاد جمعها أو ضبطها، داعيًا إلى ضرورة التعاون مع دول الجوار التي وصف دورهم بـالـ«الخاص والهام»، وتحدث في مائدة مستديرة نظَّمها مع عدد من الباحثين والصحفيين المصريين في القاهرة، عن دور دول جوار ليبيا واللجنة الرباعية التي تضم في عضويتها الجامعة العربية والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي في تسوية الأزمة الليبية.

وأبدى المبعوث الأممي اهتمامًا خاصًا بدول جوار ليبيا (مصر وتونس والجزائر والنيجر وتشاد)، لافتًا إلى أن دور الجامعة العربية «لا يمكن الاستغناء عنه»، لكن دول جوار ليبيا لهم «موقع خاص» لأن «الخطر عليهم داهم ولديهم مصالح حقيقية» و«مخاوف حقيقية وشرعية».

للاطلاع على العدد (197) من جريدة «الوسط» اضغط هنا

عملاء فرنسيون تعقبوا أسلحة مهربة إلى ليبيا
وفي نوفمبر 2018 كشفت صحيفة «مالطا توداي» المالطية، في تقرير، هوية العملاء الفرنسيين الذين ينفذون عملية سرية من مالطا لتعقب شحنات من أسلحة فرنسية الصنع أرسلت إلى ليبيا، وقالت إن العملاء كانوا يعملون لصالح جهاز الاستخبارات الفرنسي (دي جي إس آي) ونفذوا مهمات استطلاع في ليبيا. وتعود الواقعة إلى العام 2016 عندما تحطمت طائرة «فيرتشايلد ميرلين» بعد دقائق من إقلاعها من مطار لوقا، القريب من العاصمة المالطية فاليتا، ما أسفر عن موت خمسة من ركابها التسعة.

وذكرت الصحيفة أن التحقيقات أفادت بأن الأفراد الذين كانوا على متن الطائرة هم عناصر تابعون للعمليات الخاصة الفرنسية، كانوا ينفذون مهام مراقبة لتعقب أسلحة فرنسية مهربة إلى ليبيا من منزل في مقاطعة بلزان المالطية. ولم تفصح وزارة الدفاع الفرنسية إبان تحطم الطائرة سوى عن اسم قائدها فابيان بيرت، الذي كان يقود الطائرة بمعاونة مارسيل بوريت، وكلاهما يعمل لدى شركة «سي إيه إي» في لوكسمبورغ المتخصصة في المراقبة الجوية، وكانا يعملان لصالح الوحدة المعنية بالنقل في المخابرات الفرنسية، موضحة أن الأشخاص الثلاثة الآخرين كانوا أعضاءً في جهاز الاستخبارات الفرنسي.

وقال المصدر المقرب من التحقيقات إن الشهادات التي جمعتها السلطات المالطية في القضية رسمت صورة للحياة داخل المنزل في مقاطعة بلزان كفيلم كلاسيكي عن التجسس، وأضاف أن «الطائرة لم تكن تراقب طرق تهريب البشر والمخدرات، بل كانت تتأكد من أن الأسلحة الفرنسية ستسلم للأشخاص الملائمين في ليبيا».

رئيس النيجر: 23 مليون قطعة سلاح منهوبة من ليبيا
وفي يوليو الماضي قال رئيس النيجر محمدو إيسوفو إن المجتمع الدولي عليه إدراك الحاجة الملحة لاستعادة الدولة في ليبيا التي يمكنها تحقيق الأمن، واعتبر في مقابلة مع إذاعة فرنسا الدولية وقناة «فرانس 24» أن «الوضع المتأزم في ليبيا هو الذي زاد من حدة التهديدات التي تواجه دول الساحل، لذلك لابد من حل سريع للأزمة في ليبيا لأن المشكلة هي غياب الدولة»، وكشف عن «نهب 23 مليون قطعة سلاح من ليبيا وهي الترسانة التي يتم الاتجار بها عبر بلدان الساحل، والتي تقع في أيدي الإرهابيين، وتقع أيضًا في أيدي المواطنين العاديين».

استمرار تدفق السلاح إلى ليبيا
أكد نائب الحزب الديمقراطي الإيطالي، إيفان سكالفاروتو، أنه رغم حظر توريد السلاح المفروض على ليبيا، فإن القوى الأجنبية التي تدعم المتحاربين تواصل تزويد القوات في الميدان بأسلحة جديدة، وقال أمام لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب، «إن الأسلحة القادمة من أطراف معروفة وللطرفين تتسبب في حدوث انتكاسات على الجبهة وتدفع الفرقاء لاستمرار القتال»، ولفت إلى أن «الكلمات المجيدة للعصر الذي تباهى فيه المسؤولون في روما بأنهم يتحكمون في المسألة الليبية بتفويض مباشر من الحليف الأمريكي تبدو بعيدة جدًا، مثلما تم تنظيم مؤتمر الأطراف الليبية في باليرمو في نوفمبر من العام الماضي». وتابع «سيستمر الوضع على هذا النحو طالما لم يتحرك وزير الخارجية موافيرو وأعطى مؤشرا واضحا وقدم حسابا للبرلمان والرأي العام حول ما لا تفعله الحكومة لوقف الاتجار غير المشروع بالأسلحة الذي يحدث تحت أعينها على الشاطئ المقابل للبحر الأبيض المتوسط».

اعتقال خبير يحقق في عمليات تهريب السلاح إلى ليبيا
اعتقلت السلطات التونسية عضو لجنة خبراء الأمم المتحدة بشأن ليبيا منصف قرطاس، وسط أزمة دبلوماسية متنامية بين المؤسسة الدولية وتونس، وفقًا لنشرة «مغرب كونفيدنوسيال» الفرنسية الخاصة، فإن المحقق التونسي الذي يحمل أيضًا الجنسية الألمانية، هو المسؤول عن تتبع انتهاكات حظر الأسلحة المفروض على ليبيا «بما في ذلك عبر تونس»، وجرى اعتقاله يوم 26 مارس الماضي، في مركز الاحتجاز الوقائي في سن بوشوشة، بقرار من المدعي العام بشير العكرمي الذي يتهمه بالتجسس، وقالت النشرة إن اعتقال منصف قرطاس توصف داخل مقر الأمم المتحدة في نيويورك بأنها عملية «خطف».

مبادرات لجمع السلاح
يذكر أن العديد من الدول المهتمة بالأزمة الليبية وكذلك منظمات المجتمع المدني والشخصيات الاعتبارية الليبية والدولية طرحت مبادرات عدة لجمع السلاح في ليبيا إلا أنها لم تلقَ النجاح المطلوب في المجتمع الليبي القائم على النظام القبلي.

وحظر الأسلحة مفروض عملاً بقرارات مجلس الأمن أرقام 1970 (2011)، و2009 (2011)، و2095 (2013)، و2174 (2014)، «التي تلزم جميع الدول الأعضاء باتخاذ خطوات فورية لضمان التنفيذ الكامل والفعال لحظر الأسلحة»، لكن الواقع في ليبيا يشهد استمرار تدفق السلاح وسط علامات استفهام كبيرة تعجز عن معرفة من يملك الحل.

كلمات مفتاحية

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
«هذا المساء» يناقش نتائج قمة تونس.. مخاوف ثلاثية وهواجس مغاربية؟
«هذا المساء» يناقش نتائج قمة تونس.. مخاوف ثلاثية وهواجس مغاربية؟
منشآت دراسية جديدة بجامعة سرت
منشآت دراسية جديدة بجامعة سرت
إشادة أميركية بدور مفوضية الانتخابات لتعزيز المشاركة الشاملة
إشادة أميركية بدور مفوضية الانتخابات لتعزيز المشاركة الشاملة
اختتام ورشة عمل حول تعزيز قدرات صون التراث الثقافي غير المادي
اختتام ورشة عمل حول تعزيز قدرات صون التراث الثقافي غير المادي
لماذا يرفض عطية الفيتوري سحب الخمسين دينارًا؟
لماذا يرفض عطية الفيتوري سحب الخمسين دينارًا؟
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم