مع تكرار الاشتباكات المسلحة في العاصمة طرابلس وانتهاك وقف إطلاق النار الذي وقعت عليه المجموعات المسلحة بالزاوية تحت رعاية أممية في 4 سبتمبر الجاري، يتجدد السؤال حول أسباب غياب التدابير الدولية ضد الجماعات التي تنتهك الهدنة.
ومع أن «اتفاق الزاوية» لم يمض عليه غير 18 يومًا، إلا أن أيام الاشتباكات غطت على أيام الهدنة، وما زالت القذائف تسقط على أحياء العاصمة، ووصلت حصيلة الضحايا 110 قتلى و550 جريحًا، وفق المستشفى الميداني، مما دفع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس إلى إصدار بيان في وقت سابق اليوم السبت، طالب فيه «جميع أطراف النزاع في طرابلس باحترام الاتفاق والامتناع عن أي أعمال من شأنها أن تزيد من معاناة السكان المدنيين».
وفي أحدث حصيلة للاشتباكات العنيفة أمس الجمعة بين قوات «الأمن المركزي أبو سليم» وما يسمى بـ«لواء الصمود»، لقي 15 شخصًا مصرعهم وأصيب العشرات، في طريق المطار ومحيط معسكر اليرموك، وفق ما أعلنته وزارة الصحة. وعلى الصعيد الإنساني، قامت جمعية الهلال الأحمر - فرع طرابلس، بالتعاون مع جهاز الإسعاف الطوارئ بإجلاء 23 عائلة عالقة، فضلاً عن إجلاء 15 عائلة عالقة بمحيط معسكر اليرموك، حسب المستشفى الميداني.
دبلوماسية خجولة
ويرى متابعون للشأن الليبي أن الأمم المتحدة تخلصت مما يعتبره البعض «لغة دبلوماسية خجولة» ارتبطت ببيانات السابقة، حين أوردت اسم قيادتي مجموعتين من أطراف الاقتتال، وهما عبدالغني الككلي المعروف بـ«غنيوة» وصلاح بادي، في معرض بيان تحذيري صادر عن البعثة الأممية لمخترقي وقف إطلاق النار، وهو ما يعد خطوة مهمة يحسب في هذا الملف.
لكنهم تساءلوا عن أسباب استمرار غياب آليات وقواعد «المحاسبة» التي واكبت التحذير لأي طرف يخرق وقف إطلاق النار، وهو التساؤل نفسه الذي عبر عنه رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، في بيانه أمس الجمعة، عندما طالب المجتمع الدولي والبعثة الأممية باتخاذ إجراءات عملية «أكثر حزمًا وفاعلية لوقف الحرب وحماية المدنيين».
تلميحات سلامة
يذكر أن المبعوث الأممي غسان سلامة ألمح في تصريحات سابقة إلى تعرّض كل من يثبت تورطه في خرق الاتفاق إلى «المحاسبة» قائلًا:««لقد تجاوزنا زمن الإفلات من العقاب ولن نسمح بتكرار ما حدث في 2014».
سلامة كان قد قال «لدينا كل المعلومات حول من قام بخرق وقف إطلاق النار ويهدد حياة المدنيين في طرابلس، وأن صدور العقوبات لن يتأخر، فمن طلب عقوبات على تجار البشر تحصل عليها بعد ستة أشهر، ومن طلب عقوبات ضد الجضران تحصل عليها بعد ثلاثة أشهر»، وفي السياق نفسه جاءت البيانات التي صدرت عن الرباعي الغربي (الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا) ومعها الاتحاد الأوروبي.
ويبقى الحسم رهنًا بدور فعّال للأمم المتحدة والمجتمع الدولي، لوقف سيناريو العبث بأمن العاصمة، فيما بات السؤال: متى تبدأ الأطراف الليبية في استيعاب الدرس؟
تعليقات