Atwasat

مجموعة الأزمات الدولية تحذر من «شخصنة» الصراع في ليبيا

بروكسل - بوابة الوسط: على أوحيدة الخميس 10 مايو 2018, 08:22 مساء
WTV_Frequency

حذرت مجموعة الأزمات الدولية، وهي مؤسسة بحثية مقرها بروكسل معنية بالعلاقات الدولية، في تقرير صدر أول أمس الثلاثاء من مغبة «شخصنة» الصراع الجاري في ليبيا وجعله في قلب مواجهة بين بعض الأفراد. فيما لاتزال البلاد تشهد بعد الإطاحة بالعقيد الراحل معمر القذافي في انتفاضة شعبية منذ سبع سنوات حالة إضطراب مستمرة.

وقالت المجموعة في تقريرها إن «تطورات مفاجئة» شهدتها البلاد الشهر الماضي «أثارت السياسة الليبية من جديد» معتبرة أنها «مؤشرات توضح كيف أنه من الخطأ الاعتماد كليًا على الأفراد لحل النزاع المستمر منذ عام 2014»، وأن «التركيز المفرط على الشخصيات، في الواقع، يمكن أن يعيق جهود السلام بدلاً من تعزيزها»، مشيرة إلى انتخاب خالد المشري رئيسًا للمجلس الأعلى للدولة خلفًا لعبدالرحمن السويحلي ومرض المشير خليفة حفتر.

التطورات المفاجئة
وأوضح التقرير أن انتخاب عضو حزب العدالة والبناء الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين الليبية خالد المشري في 8 أبريل الماضي رئيسًا للمجلس الأعلى للدولة في طرابلس «من المرجح أن يثير انتماءه شكوك الليبيين في الشرق الذين لا يتعاطفون مع الإسلاميين» لافتًا إلى أن «احتكاكًا يمكن أن يفسد أويؤخر تنفيذ أوتعديل اتفاقية 2015، الأمر الذي يتطلب التوصل إلى اتفاق بين مجلس الدولة ومنافسه السياسي، مجلس النواب في طبرق. حيث لم يعترف المشرّعون في طبرق رسمياً بشرعية الاتفاق».

وأضاف أن مرض المشير حفتر الذي نقل التقرير عن «مصادر مستقلة» أنه «أصيب بجلطة دماغية، كما يعاني من مرض مزمن» رأى أنه أثار سؤالًا مفتوحًا حول «ما إذا كانت حالته الصحية السيئة ستسمح له بمواصلة قيادة رجاله أوإجباره على التنحي» لكنه بيّن أن القائد العام للجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر «يسيطر على معظم شرق ليبيا» و«يخضع من الناحية الاِسمية إلى مجلس النواب، لكنه يمتلك قاعدته الخاصة في السلطة، وهو جهة فاعلة رئيسية في المفاوضات لإعادة توحيد ليبيا. وقد بدا جيدًا بما فيه الكفاية عند عودته إلى بنغازي في 26 أبريل، وتوقف ليخاطب أنصاره».

الإطاحة بالسويحلي ومرض حفتر يجب أن يكونا بمثابة تذكير بأن اتفاقًا لسلام دائم لا يمكن أن يستند إلى تقسيم الكعكة بين عدد قليل من الأفراد

ونبهت مجموعة الأزمات الدولية في تقريرها إلى أن «الإطاحة بالسويحلي ومرض حفتر يجب أن يكونا بمثابة تذكير بأن اتفاقًا لسلام دائم لا يمكن أن يستند إلى تقسيم الكعكة بين عدد قليل من الأفراد». وأضاف أنه «حتى هذه الأحداث غير المتوقعة، كان حفتر والسويحلي شخصين من أربع شخصيات لا غنى عنها لمشروع إعادة توحيد ليبيا. والاثنان الآخران هما رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج، ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح».

وبيّن التقرير أن معظم الجهود الدولية لتنفيذ الاتفاق السياسي الليبي «ركزت على تأمين تفاهم بين هؤلاء الرجال الأربعة، وقد أثبت كل منهم أنه يمكن أن يكون مخربًا»، ونبّه إلى أنه «طالما يحصد شخص واحد أوفصيل واحد كل فوائد السلطة، فإن الآخرين يحشدون ضده». موضحًا أن «هذه الديناميكية كانت سمة ثابتة للسياسة الليبية منذ عام 2014. فهي تعزز دورة من الروايات المضادة والهجمات الانتقامية التي تقوِّض فرص سد الفجوات في البلاد».

شمولية المؤسسات السياسية القائمة
وشدد التقرير على أنه «ينبغي أن تهدف جهود التوفيق بين الليبيين بدلاً من ذلك إلى ضمان شمولية المؤسسات السياسية القائمة وتمثيلها، ومراعاة احتياجات ناخبيهم، وتحسين قدرتهم على تقديم الخدمات»، مشيرًا إلى أنه «في الوضع الحالي، تخدم هذه المؤسسات بشكل أساسي مصالح حفنة من الرجال الذين يقودونها».

انتخاب المشري وأزمة حفتر الصحية ومناورات عقيلة صالح «هي علامات تدل على أن ليبيا لم تجد بعد طريقة لاستبدال الحكم القائم على الشخصية بحوكمة مؤسسية»

ورأت مجموعة الأزمات الدولية أن انتخاب المشري وأزمة حفتر الصحية ومناورات عقيلة صالح «هي علامات تدل على أن ليبيا لم تجد بعد طريقة لاستبدال الحكم القائم على الشخصية بحوكمة مؤسسية»، مطالبة الجهات الفاعلة الليبية وحلفاءَها الإقليميين والدول الأخرى المنخرطة في دفع الحل التفاوضي بأن «تتجنب الترويج لأجندات شخصية تخدم مصالح ضيقة». كما رأت أنه في الأسابيع المقبلة «سيكون من المهم الابتعاد عن صيغة التفاوض التي تعتمد حصريًا على رؤساء مجلس الدولة ومجلس النواب وإلى واحد أكثر تمثيلاً على نطاق واسع لمؤسساتهم. وينطبق الشيء نفسه على اتخاذ القرار بشأن خليفة حفتر إذا لم يعد قادراً على قيادة الجيش».

وقالت «إن على الشرق الليبي أن يدرك أن غصن الزيتون الذي رفعه المشري وأيده حزبه، والتزامه بمواصلة المفاوضات بين مجلس النواب ومجلس الدولة لمراجعة الاتفاق السياسي الليبي والتوصل إلى توافق في الآراء بشأن تعيين كبار المسؤولين، هو جهد تدعمه الأمم المتحدة.. بعد كل شيء، كانوا في الماضي يعتبرون السويحلي عدوًا قبل الانخراط معه. الآن يجب أن ينتهزوا تعهد المشري بمواصلة هذا النهج. لكن يجب على كل من المشري وصالح والدوائر الموالية لكل منهما الالتزام بالعمل معاً من أجل أجندة بناءة ينبغي أن تهدف إلى وضع حدّ للانقسامات الموهنة، بما في ذلك داخل المؤسسات الاقتصادية والمالية، والاتفاق على تشريع لخطوات سياسية مثل الاستفتاء على الدستور والبرلمان والرئاسة ولا ينبغي أن يكون التقارب بينهما - كما يخشى الكثيرون من أن يحدث - مجرد تقديم مصالح شخصية وحزبية».

فرصة لتخفيف حدة التوتر
ودعت مجموعة الأزمات الدولية في تقريرها الجهات الفاعلة الإقليمية المعارضة للإخوان المسلمين «وبشكل رئيسي مصر والإمارات العربية المتحدة، الذين دعموا قوات الجيش جزئيًا أن يمتنعوا عن تعميق الاستقطاب». و«أن يسعوا إلى إقناع حلفائهم ودوائرهم الانتخابية الشرقية الأوسع ممن لديهم نفوذ لهم لبناء جسور مع القيادة الجديدة لمجلس الدولة» كما دعت بالمثل، القوى الإقليمية مثل قطر وتركيا الأقرب إلى الفصائل في غرب ليبيا، بما في ذلك جماعة الإخوان المسلمين، إلى «أن تدعو حلفاءها إلى التوقف عن نشر المعلومات المضللة والتحريض ضد الشرق الليبي».

وقالت «في الوقت الحاضر، يشكّل مثل هذا التقليل من المخاطر تشجيعًا لفصائل مناهضة لحفتر في غرب ليبيا على شنِّ هجوم لعكس الوضع الراهن في بنغازي، الأمر الذي من شأنه أن يقوض الجهود الرامية إلى استقرار وتهدئة البلاد». ورأت أنه «يمكن أن تقدم صحة حفتر فرصة لتخفيف حدة التوتر في الشرق وبناء الجسور بين الشرق والغرب. لكن لا يجب أن يكون ذلك هو سبب الخلاف الذي يخشاه الكثيرون».

وأضافت أنه «إذا ساءت حالة حفتر، فإن فراغ السلطة في الشرق سيشكل تحديًا أكبر» من شأنه أن «يؤدي إلى نزاع عنيف حول القيادة، والذي بدوره يمكن أن يحرك القوى الخارجية» كما أن «من شأن أي قتال من هذا القبيل أن يؤجل مشروع سد الفجوات الوطنية».

ورأى التقرير أنه «بالنظر إلى نفوذها الضخم، فإن مصر في وضع جيد لتفادي هذا السيناريو». لافتًا إلى أن مصر «لطالما سعت إلى الحصول على شريك موثوق في ليبيا يمكنه تأمين الحدود الصحراوية الطويلة بين البلدين. الآن لديها مصلحة ملحة في وقف ظهور فراغ السلطة على الجانب الشرقي للحدود». مضيفًا أنه «ينبغي لمصر جنباً إلى جنب مع الداعمين الدوليين الآخرين للجيش الوطني الليبي، أن تشجع شركاءَها على معالجة خلافة حفتر من خلال المشاورات الممكنة الأكثر شمولاً وتفادي التعيين من أعلى إلى أسفل الذي قد يؤدي إلى حدوث الخلافات إلى السطح». معتبرًا أن «صحة حفتر يمكن أن توفر فرصة لتخفيف حدة التوتر في الشرق وبناء الجسور بين الشرق والغرب».

الإغراء الذي يشعر به أعداء حفتر لإثارة المشاكل في بنغازي وأماكن أخرى هو بمثابة تذكير بأن المدينة تحمل العديد من الجروح المفتوحة.

الحوار مع العائلات النازحة من بنغازي
واعتبر التقرير أن «الإغراء الذي يشعر به أعداء حفتر لإثارة المشاكل في بنغازي وأماكن أخرى هو بمثابة تذكير بأن المدينة تحمل العديد من الجروح المفتوحة. وبعضها، مثل الدمار الشامل الذي أحدثته ثلاث سنوات من القتال من شارع إلى شارع، يظهر على الفور». مشيرًا إلى نزوح «أكثر من 100 ألف من سكان بنغازي إلى طرابلس ومصراتة والمدن الغربية الأخرى. وهم يريدون العودة، حتى لو كانت منازلهم ركامًا».

ورجّح التقرير أن «يميل البعض إلى استخدام لحظة عدم اليقين هذه ليعود إلى الشرق». لكنه نبه إلى أن «مثل هذا الهجوم لن يؤدي إلا إلى إشعال الصراع الذي اندلع في بنغازي»، والذي «من المرجح أن يجعل الأمور أسوأ بكثير للمقيمين في المدينة الذين يعانون من صدمة نفسية».

ونبهت مجموعة الأزمات الدولية إلى ضرورة «الاعتراف بمحنة المشردين في بنغازي على أنها تظلم مشروع وتناولها بشكل عاجل من خلال تشجيع عودتهم من خلال المصالحة بين العائلات النازحة (التي تميل إلى أن تكون معادية للجيش) والسكان الحاليين في بنغازي (ومعظمهم من أنصار الجيش)» لأن «هذه الخطوة ضرورية لنجاح عملية المصالحة الوطنية، نظراً إلى الأهمية الرمزية لبنغازي، ثاني أكبر مدينة في ليبيا، باعتبارها مهد انتفاضة عام 2011 ضد القذافي». وضرورة «أن تكون قيادة الجيش الوطني الليبي وحلفاؤه القبليون وداعموه الدوليون منفتحين على مثل هذه العملية».

تخطي المفاوضات الضيقة
ورأت مجموعة الأزمات الدولية أن هذه التطورات تشير على نطاق أوسع «إلى أن الوقت قد حان لكي يتخطى مجلس النواب ومجلس الدولة الأعلى المفاوضات الضيقة القائمة على أساس إرضاء شخصيات فردية والتركيز بدلاً من ذلك على تعزيز القدرة الإدارية لمؤسسات الدولة وقدرتها على معالجة الوضع الاقتصادي لليبيين»، وضرورة أن تبقى هاتان المؤسستان «بغض النظر عمن يرأسهما.. مفتاحين لوضع خريطة طريق لحكومة موحدة وسلام دائم، كما ينص الاتفاق السياسي الليبي».

وقالت «إن تحقيق التوافق في الآراء من أسفل إلى أعلى، والذي تسعى إليه الأمم المتحدة من خلال عملية المؤتمر الوطني، هو أمر ضروري أيضاً. ويجب على الليبيين والمجتمع الدولي العمل لضمان أن تصبح مؤسسات الدولة هذه أكثر فعالية وأن تكون عملية صنع القرار فيها أكثر تمثيلاً. كما يجب أن تتضمن أي مفاوضات مستقبلية بين هذه المؤسسات قسماً من أعضائها»؛ كما «ينبغي على الأمم المتحدة وأصحاب المصلحة الدوليين الآخرين تقديم المزيد من المشورة المستهدفة بشأن الخطوات اللازمة لتحديد أولويات تقديم الخدمات. ويجب أن يكون التركيز في محادثات السلام التي تقودها الأمم المتحدة أقل اعتمادًا على حفنة من الأشخاص الذين سيخرجون إلى القمة وأكثر على بناء إطار دائم للسلام يتم فيه دعم المفاوضات السياسية الشاملة من خلال إدارة اقتصادية أفضل (على سبيل المثال، عن طريق تنفيذ إصلاحات على مستوى الاقتصاد الكلي) و(تحسين تقديم الخدمات)».

ضمان فعالية المؤسسات
وأوصت مجموعة الأزمات الدولية في ختام تقريرها بضرورة أن تظهر الأحداث التي جرت خلال أبريل في السياسة الليبية «بشكل قاطع أن الصفقات التي تهدف إلى تأمين المصالح الفردية أو الحزبية تخاطر بكونها قصيرة العمر»، وأن «الشخصيات التي تعتبر ضرورية للسلام يمكن أن تخرج من المشهد فجأة، مما يدمر أشهر من دبلوماسية مكوك مضنية».

السماح لشخص أو فصيل واحد بالاستمتاع بثمار القوة يدفع أيضاً أولئك الذين على الهامش إلى التعبئة ضد الوضع الراهن

ولفتت إلى أن «السماح لشخص أو فصيل واحد بالاستمتاع بثمار القوة يدفع أيضاً أولئك الذين على الهامش إلى التعبئة ضد الوضع الراهن. وفي كل حين، مع استمرار الانقسامات المؤسسية واستمرار الصراع الليبي منخفض الكثافة، فإن الليبيين العاديين هم الأكثر تعرضًا للمعاناة..»

وقالت «في المرحلة الحالية، مع تصاعد التوترات بين الدوائر الممثلة في مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة، سيكون من المهم أن يزيل رئيسا هاتين المؤسستين المخاوف من أنهما يسعيان إلى تحقيق أهداف ذاتية. وبدلاً من ذلك، ينبغي أن يركز هؤلاء، هم وداعموهم الدوليون على ضمان أن تعمل المؤسسات التي يمثلونها لتحسين الإدارة وتحديد أولويات تقديم الخدمات لجميع المواطنين. ويتحمل قادة الجيش مسؤولية منع حشد الجماعات المناهضة للجيش والشظايا التي كانت متحالفة في السابق مع الجيش الذي يرغب في الاستفادة من مرض حفتر لعكس الوضع الراهن في الشرق».

وبينت أنه «يمكنهم فعل ذلك بالموافقة على فتح محادثات مع عائلات بنغازي المشردين، على الأقل مع أولئك الذين لم يشاركوا مباشرة في القتال ولكنهم عانوا من عواقبه» كما «يمكن التخفيف من حدة التوترات من خلال تناول قضية خلافة حفتر بشكل علني كقائد عام للجيش، من خلال تشاور واسع النطاق بين كبار الضباط، والابتعاد عن عبادة الشخصية التي لا تحظى بقبول عام».

وأكدت مجموعة الأزمات الدولية أنه «سيكون من الأفضل خدمة الليبيين بتحسين الحكم والمساءلة في مؤسساتهم الحاكمة عن طريق المناورة لوضع عدد من الرجال الأقوياء».

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
غانيون تبحث مع الباعور التوزيع الشفاف والعادل للموارد
غانيون تبحث مع الباعور التوزيع الشفاف والعادل للموارد
ليبيا تطالب الصندوق العربي للإنماء بإلغاء فوائد «قروض الكهرباء»
ليبيا تطالب الصندوق العربي للإنماء بإلغاء فوائد «قروض الكهرباء»
ضبط مدمن يعتدي على المارة بسلاح ناري في بنغازي
ضبط مدمن يعتدي على المارة بسلاح ناري في بنغازي
اللافي يبحث مع سفير إيطاليا تطورات ما بعد استقالة باتيلي
اللافي يبحث مع سفير إيطاليا تطورات ما بعد استقالة باتيلي
إعادة الكهرباء إلى مناطق في درنة
إعادة الكهرباء إلى مناطق في درنة
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم