قال مركز كارنيغي للشرق الأوسط إن الدافع وراء الاعتداء على التراث الصوفي الليبي من مساجد وأضرحة، ليس وراءه الإطار العقائدي فقط، بل إن هناك غالبًا دوافع سياسية واجتماعية - اقتصادية أعمق.
ونشر المركز دراسة عبر موقعه الإلكتروني، دلل من خلالها على وجهة نظره، قائلاً إنه «بناء على دراسة بعض الحالات في العالم الإسلامي، تبين أن معاداة الصوفية تكون أحيانًا تعبيرًا عن توترات طبقية، أو هي تنبع من الارتباط المتصوّر للصوفيين بأنظمة مُطاح بها، أو بقوى أجنبية».
وأشار إلى أن تلك الاعتداءات «تبرز مدى الفوضى المتواصلة وعجز -وأحيانًا عدم استعداد- السلطات الحكومية لحماية المقامات الصوفية»، مؤكدًا أن «دعم الصوفيين في بعض الأحايين للقوى الأجنبية المحتلة، سواء أكانوا العثمانيين أو الإيطاليين أو البريطانيين، جعلهم أكباش فداء سهلة لخصومهم».
وأكد أن «هناك صدعًا عقيديًا مُتجذّرًا بين السلفيين والصوفيين حول الإيمان والشعائر وقواعد السلوك، كما أن هناك سخطًا اجتماعيًا واقتصاديًا متبادلاً ازداد بين الصوفيين والسلفيين، ربما جزئيًا بسبب الطريقة التي كان يتعامل بها الحكام الليبيون مع الصوفيين إما كأكباش محرقة أو كرموز».
واختتم المركز الدراسة بقوله: «الهجمات السلفية على المواقع الصوفية لاتعبّر وحسب عن اشتباك إيديولوجي، بل هي أيضاً أحد أعراض التوترات المجتمعية طويلة الأمد والناشئة بسبب الفوارق الاقتصادية في ليبيا، والتي تفاقمت بسبب الصراع السياسي المتواصل، فضلاً عن الأزمة النقدية في البلاد. وبالتالي، فإن حل معاداة الصوفية لايتعلّق أساساً بمصالحة عقيدتين، أو إضفاء نوع من الاعتدال على السلفية، أو مدّ جسور الحوار بين الطائفتين؛ إذ على الرغم من أن هذه المبادرات قد تكون قيّمة، إلا أن الأمر سيتطلّب معالجة أوجه العجز الأوسع التي تعانيه ليبيا منذ وقت طويل، وتتمثّل في إصلاح الاقتصاد، وتطوير مؤسسات شاملة، ولاسيما إرساء سيادة القانون. وفي حين أن الضرورة الأخيرة لطالما كانت مهمة، إلا أنها باتت الآن تتمتّع بأهمية أكبر، نظراً إلى هيمنة السلفيين على قطاع الأمن، والهجمات على الصوفيين».
تعليقات