Atwasat

بانون لـ«الوسط»: حكومات ليبيا في ملف «المغتصبات» خارج نطاق الخدمة

القاهرة - بوابة الوسط: أسماء بن سعيد الجمعة 09 سبتمبر 2016, 09:37 صباحا
WTV_Frequency

تباينت ردود أفعال الشارع الليبي حول «ملف المغتصبات والمعنفات»، ففي حين احتل هذا الملف طليعة «الملفات الساخنة»، إبان الأيام الأولى لثورة السابع عشر من فبراير، انقسم عليه الرأي العام في ما بين متعاطف ومستهجِن، بينما رفض فريق ثالث إثارة القضية من الأساس، واعتبر أنها كانت دعاية إعلامية لكسب التعاطف الدولي، وتسريع وتيرة التدخل الخارجي، لإنهاء عمر النظام السابق.

جرى تشكيل لجنة باسم «المغتصبات والمعنفات أثناء ثورة 17 فبراير» وأوكلت إليّ مهمة رئاستها باعتباري كنت ناشطة حقوقية قبل التحاقي بالعدل

ورغم مرور نصف عقد على اندلاع الشرارة الأولى للثورة، إلا أن هذا الملف ما برح يفتقر إلى الحسم، وغابت المعلومات التي تحدد مآله، لكن علامات الاستفهام عاودت الحضور بقوة، مما استدعى تحاور «الوسط» حول تلك القضية مع رئيس لجنة المغتصبات والمعنفات أثناء ثورة 17 فبراير، وكيل وزارة العدل لحقوق الإنسان بالحكومة الليبية الموقتة السيدة سحر بانون.

وإلى نص الحوار:
● أنت وكيلة لوزارة العدل في الحكومة الموقتة لشؤون حقوق الإنسان، وتشغلين أيضاً منصب رئيس لجنة المغتصبات والمعنفات أثناء ثورة 17 فبراير، ماذا عن دور هذه اللجنة؟
بما أن اللغط أحاط بإشكالية «المغتصبات والمعنفات» خصوصا من حيث التقارير والأرقام التي لم تكن في مجملها حقيقية، جرى تشكيل لجنة باسم «المغتصبات والمعنفات أثناء ثورة 17 فبراير»، وفعلاً أوكلت إليّ مهمة رئاستها باعتباري كنت ناشطة حقوقية قبل التحاقي بوزارة العدل، وهناك بعض الحالات التي رصدناها وسجلناها. ونظراً لعملي في وزارة العدل، رأينا أن من حق هؤلاء الدخول في منظومة، وأن تحال ملفاتهم إلى النائب العام.من هنا جاءت فكرة تشكيل مكتب تابع لوزارة العدل لحماية حقوق المغتصبين والمعنفين من الجنسين، وتم تقديم مذكرة بهذا الخصوص إلى وزير العدل السابق صلاح المرغني، فقام مشكوراً بالموافقة عليها، وتم عرضها على مجلس الوزراء، وحصلت على الموافقة، ثم جرى تمريرها إلى لجنة التشريعات في المؤتمر الوطني حينئذ، إلا أنه وللأسف لم ينظر رئيس اللجنة في الموضوع، ولم يصلنا منه أي رد على مدار ثمانية أشهر.

وظل الموضوع حبيس الأدراج، الأمر الذي اضطرنا للتوجه مباشرة إلى رئيس مجلس الوزراء في تلك الفترة علي زيدان، الذي وافق مباشرة على الموضوع، وصاغه على شكل قرار مباشر حتى يسهل عملية البدء في عملنا.

نعمل عبر الاستعانة بمنظمات دولية مختصة واجتمعت مع عدة أشخاص من جنسيات مختلفة لهم علاقة مباشرة في التعامل مع «المغتصبات والمعنفات»

● بعد أن كان ملف «المغتصبات» في طليعة الملفات المطروحة ضد النظام السابق في بداية ثورة 17 فبراير، بات غائباً عن المشهد تماماً، فما أسباب ذلك برأيك؟
الملف لم يقفل، والدليل وجود «لجنة المغتصبات والمعنفات أثناء ثورة 17 فبراير» التي أتولى رئاستها، لكن هذا الانطباع أصبح سائداً، في ظل سياسة المماطلة التي يمارسها البعض في التعامل مع هذا الملف الشائك، ونحن كلجنة مستمرون في إماطة اللثام عن ملابسات القضية هذا الملف، ونعمل عبر الاستعانة بمنظمات دولية مختصة في هذا الموضوع، وفعلاً اجتمعت مع عدة أشخاص من جنسيات مختلفة لهم علاقة مباشرة في التعامل مع «المغتصبات والمعنفات»، ومن بينهم ثلاث قاضيات من الجنائية الدولية.

هؤلاء هم من وضعنا معهم الأساسيات للبدء في هذا الملف، من حيث كيفية التسجيل بطريقة تضمن السرية للمتضررين، والتأكد من مصداقية الحالات الموجودة لدينا وطريقة متابعتهم، فكان الاقتراح في البداية تأمينهم مالياً كنوع من الضمان الاجتماعي لهم، عن طريق إنشاء صندوق خاص بهم، وحتى لا يكونوا تحت سيطرة أهواء الساسة، بالإضافة إلى أن كافة الدول التي طلبنا منها المساعدة، عرضت علينا دعم الصندوق بنفس المبلغ الذي ستدعم به دولة ليبيا.

كنا سعداء بهذا الاتفاق، لكن واجهتنا مشكلة، وهي أن كل دعم مالي يحتاج إلى ذمة مالية منفصلة وغطاء خاص، والاعتراف بها كجسم منفصل، وفعلا تم إنشاء هذا الصندوق برئاستي من الناحية الإدارية والمالية والقانونية، بالإضافة إلى رئيس تنفيذي للصندوق، وبهذا انفصلنا تماماً عن وزارة الشؤون الاجتماعية.وكان من المفترض أن يصرف لنا مبلغ تأسيسي بقيمة مائة وتسعون ألف دينار، ونظراً لعدم وجود سيولة مالية لدى وزارة العدل، كما صرح الوزير بذلك، فها نحن لازلنا ننتظر الفرج منذ عام ونصف حتى الآن.

من هنا أود توضيح أن كل الحكومات بدءاً من المجلس الانتقالي وحتى الآن، لم يمدوا لنا يد العون والمساعدة لأي من المتضررين من قضايا الاغتصاب والتعنيف، ولم يساعدوهم حتى بعشرة دينارات، فكل المساعدات التي تقدم لهم عبارة عن مجهودات ذاتية من بعض المتبرعين من أهل الخير، بالإضافة مساعدات بعض المنظمات الحقوقية.

● في العادة يتعرض المتضررون من جرائم الاغتصاب والتعنيف إلى بعض الأمراض النفسية، ولكن هل واجهتم حالات تحتاج إلى رعاية طبية من نوع آخر؟
بالتأكيد لدينا حالات تحتاج إلى علاج طبي دقيق جداً، ومنهم من يحتاج إلى متابعة طبية بشكل دوري وشهري، وللعلم جميعهم يحتاجون إلى العلاج النفسي.

عملنا على ملف المغتصبات والمعنفات من الجنسين منذ العام 2013 وفعلياً لم يتم تفعيله رسمياً على أرض الواقع

● هل تواجهون مشاكل في مسألة الرقابة المالية على الصندوق؟
قمنا بتعيين مراقب مالي للصندوق، وطلب منا فتح حسابين، أحدهما في الداخل وآخر في الخارج، وفعلاً تم فتح الحساب الداخلي، لكن واجهتنا في حقيقة الأمر مشكلة في فتح الحساب الخارجي، لأن قوانين تونس الدولة التي اخترنا فتح الحساب بها، يعتريها بعض التحفظات بالنسبة لفتح الحسابات البنكية لغير المواطنين. المشكلة الحالية بالنسبة لنا ليست في الحساب الخارجي. مع ذلك فمشكلتنا ما زالت مع وزارة العدل، التي لم تقم بتسهيل المبلغ التأسيسي المستحق حتى هذه اللحظة.

● من خلال ما ذكرت، هل نفهم بأن هذا الصندوق مجرد حبر على ورق باعتباره غير مفعل حتى الآن؟
المخجل والمحزن في الموضوع أننا عملنا على ملف المغتصبات والمعنفات من الجنسين منذ العام 2013 وفعلياً لم يتم تفعيله رسمياً على أرض الواقع. لهذا سنقوم خلال الأيام القادمة بتقديم مذكرة لرئيس الحكومة عبدالله الثني لسرعة تقديم المبلغ التأسيسي، وإن لم يتم الاستجابة فلن يكون أمامي إلا تقديم اعتذار لإعفائي من المهمة الموكلة لي بالخصوص. لأني سأفضل وقتها الرجوع لمنظمات المجتمع المدني للعمل من خلالها بمجهودات ذاتية لتوفير احتياجات هذه الشريحة المناطة بنا.● في بداية أحداث ثورة 17 فبراير صرحت السيدة سهام سرقيوة، وهي عضوة في البرلمان الآن بأن هناك ثمانية آلاف مغتصبة من قبل من سمتهم بـ«كتائب القذافي»؟
هذا الرقم لا وجود له على الإطلاق، وعدد المغتصبين والمعنفين من الجنسين لا يتعدى الواحد في المائة مما تم التصريح به، وحتى يتسنى معرفة عدد الحالات وجب أن يكون هناك توثيق من حيث الاسم والسن والمدينة وشخص المعتدي، وإن كان بالتصريح عن ملامحه، وفعلا طالبنا بالمستندات والأوراق التي على ضوئها تم التصريح بالعدد، لكننا لم نجد مستندا واحدا يفيدنا، كما لا يوجد أي توثيق لأي حالة بالخصوص من قبل النائبة سرقيوة حتى الآن.

كل الملفات أرسلنا منها صورة للنائب العام الصديق الصور لحفظ حقوقهم لأي ظرف من الظروف التي قد تكون خارجة عن إرادتنا

● في المقابل هل هناك توثيق لحالات الاغتصاب والتعنيف من قبلكم؟
أريد توضيح نقطة مهمة، وهي أنه لا يوجد شيء اسمه عدد تقديري خاص بهذه الحالات، بل لابد أن يكون توثيقا دقيقا، لهذا قمنا في البداية باستلام حالات كانت موجودة أصلاً لدى منظمة «المرصد حول النوع»، بعدها هناك حالات فور معرفتها بأن نفس مجموعة المرصد هي التي بدأت العمل ضمن وزارة العدل، كان هذا أمر مشجع بالنسبة لهم للتواصل معنا، خاصة أن أحد البنود التأسيسية ينص على «أي حالة تم الاعتداء عليها إبان فترة ثورة فبراير أو قبلها من قبل رموز النظام السابق»، وهناك فعلاً حالات تقدموا لنا بناء على هذا الأساس.

للعلم كل الملفات أرسلنا منها صورة للنائب العام الصديق الصور، لحفظ حقوقهم لأي ظرف من الظروف التي قد تكون خارجة عن إرادتنا. ولعل من المؤسف أن الحالات الموجوة من الذكور، الذين تعرضوا للاعتداء عادوا إلى أسرهم وبالغطاء الاجتماعي الموجود حتى داخل المدن، وبات الموضوع نسياً منسياً، بعكس حالات المعنفات والمغتصبات من النساء، لاسيما أنه تم نبذهم من قبل أسرهم والمجتمع ككل، بل إن بعض العائلات لم تكتف بذلك، حينما أهدرت دمائهن، رغم أن هؤلاء المغتصبات ضحايا ولسن مجرمات، وهذا الموضوع في حد ذاته يحتاج إلى توعية من نوع خاص لكافة المجتمع.
للاطلاع على العدد (42 - 43) من «صحيفة الوسط» اضغط هنا (ملف بصيغة PDF)

بانون لـ«الوسط»: حكومات ليبيا في ملف «المغتصبات» خارج نطاق الخدمة
بانون لـ«الوسط»: حكومات ليبيا في ملف «المغتصبات» خارج نطاق الخدمة
بانون لـ«الوسط»: حكومات ليبيا في ملف «المغتصبات» خارج نطاق الخدمة
بانون لـ«الوسط»: حكومات ليبيا في ملف «المغتصبات» خارج نطاق الخدمة

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
في العدد 436: هدوء سياسي واشتعال صراع النفط
في العدد 436: هدوء سياسي واشتعال صراع النفط
«تنسيقية الأحزاب» تحذر وتحدد 3 اعتبارات «مهمة» بأحداث رأس اجدير
«تنسيقية الأحزاب» تحذر وتحدد 3 اعتبارات «مهمة» بأحداث رأس اجدير
«مرواط - ليبيا» منصة جيومكانية لدعم استدامة الأراضي الزراعية
«مرواط - ليبيا» منصة جيومكانية لدعم استدامة الأراضي الزراعية
«المركزي» يطالب المصارف بتفعيل خدمات شراء الدولار للدراسة والعلاج وتفعيل «ماستر كارد» و«فيزا»
«المركزي» يطالب المصارف بتفعيل خدمات شراء الدولار للدراسة والعلاج...
«استئناف بنغازي» توقف قرار الدبيبة بفتح اعتمادات مالية موقتة
«استئناف بنغازي» توقف قرار الدبيبة بفتح اعتمادات مالية موقتة
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم