Atwasat

درس اغتيال السادات.. لم يتعلمه بشار فلعب بـ«عفريت داعش»

القاهرة - بوابة الوسط: صبري سراج الخميس 21 مايو 2015, 02:33 مساء
WTV_Frequency

دروس التاريخ هي أفضل مُعلِّم لبني البشر، خاصة إذا كانت دروسًا كتبها المنتصرون في معارك تركت أثرًا بالغًا في الحياة.

وفي المنطقة العربية، هناك درس اغتيال الرئيس المصري السابق أنور السادات على يد «العفريت» الذي حضَّره، وفشل في أن يصرفه فدفع حياته ثمنًا لذلك.

ففي لعبة سياسية، أخرج السادات أعضاء الجماعات المتشدِّدة من السجون وعقد معهم اتفاقًا كي يصبحوا ضمن المشهد الديمقراطي الذي أراد تصديره إبان حكمه وحتى يكونوا ظهيرًا له في مواجهاته المستمرة مع معارضيه من الناصريين واليساريين، لكن السحر انقلب على الساحر، وغادر المتشددون السجون ليقتلوا مَن منحهم الحرية أثناء احتفاله بالنصر الأكبر في 6 أكتوبر 1981.

وهذا الدرس من الماضي القريب لم يلتفت إليه أو يفهمه الرئيس السوري بشار الأسد الذي قرَّر أن يلعب لعبة «تحضير العفريت» لأغراض في نفسه. وللمرة الثانية حضَّر «العفريت» وهو يحمل هذه المرة اسم تنظيم «داعش».

«بشار الأسد، الرئيس السوري حارق سورية، لماذا يعتبر مؤهلاً لمنصب رجل إطفاء؟»

ولا شك أنَّ ظهور «داعش» أعطى الفرصة للرئيس السوري ونظامه للظهور في ثوب المدافع عن الدولة السورية، ولو رجعنا بعجلة الزمن عامًا واحدًا ونظرنا إلى المشهد لوجدنا إشارات على تعاون غير معلن بين نظام الأسد والتنظيم الذي يعيد رسم الحدود مرة أخرى في قلب المنطقة العربية.

مجرد نشاط وعمل عناصر «داعش» يعزِّز شرعية نظام بشار ويجعله يظهر في ثوب المحارب ضد جماعة إرهابية، والضحية هو الشعب السوري الذي انسحق بين سندان بشار ومطرقة «داعش»، وأصبح اللاجئون السوريون في المرتبة الثانية في قائمة اللاجئين بالعالم.

وكان قطع رأس الصحفي الأميركي جيمس فولي دليلاً على كون تنظيم «داعش» حليفًا لنظام بشار الأسد، فقد كان فولي في حوزة النظام في مايو 2013 وبعد ذلك تم تسليمه لـ «داعش».

براغماتية بشار مع التنظيم المتطرف
في فبراير الماضي نشرت مجلة «تايم» الأميركية قول رجل أعمال سوري قريب من نظام بشار، إن الأسد اتبع منذ فترة طويلة نهجًا عمليًّا (براغماتيًّا) في التعامل مع «داعش»، وأكد أنَّ النظام منذ البداية كان يشتري الوقود من المنشآت النفطية التي يسيطر عليها التنظيم، وأنَّه حافظ على تلك العلاقة طوال فترة الصراع.

واستشهد رجل الأعمال بخدمة الهاتف المحمول في الرقة كمثال على أن هناك تجارة بين النظام والشركات السورية وبين «داعش»، فلا تزال شبكتا الهاتف المحمول الرئيستان في البلاد تعملان في الرقة، كما يتم إرسال المهندسين إلى المناطق التي يسيطر عليها «داعش» لإصلاح الأضرار في أبراج الهواتف المحمولة، وبالإضافة إلى ذلك، هناك شحنات منتظمة من المواد الغذائية تصل إلى الرقة.

وأكد رجل الأعمال «إن النظام يخشى الجيش السوري الحر وجبهة النصرة، وليس داعش. هدفهم (أي الجيش السوري الحر وجبهة النصرة) هو إسقاط الرئيس. ولكن داعش لا يطالب بذلك، كما أنه لم يهدد دمشق مباشرة أبدًا»، كما أشار الرجل إلى أن الضربات على أهداف «داعش» تكاد تكون معدومة، فقال: «إذا كان النظام جادًّا في التخلص من داعش، لكان قصف الرقة الآن، ولكنه بدلاً عن ذلك قام بقصف المدن الأخرى، حيث معاقل الجيش الحر القوية».

أصواتٌ ذات تأثير في الغرب اقترحت العام الماضي على الولايات المتحدة أن تسعى إلى التعاون مع الأسد لهزيمة «داعش»، ومن هؤلاء رئيس لجنة الاستخبارات والأمن في البرلمان البريطاني، السير مالكولم ريفكند، الذي اقترح التحدُّث إلى إيران والعمل مع الأسد، وهناك عددٌ من الصحفيين والشخصيات العامة من اللورد دانات إلى السير كريستوفر ماير اقترحوا تحالفات مماثلة، والسؤال: كيف يمكن التحالف مع رئيس باعتراف العالم قَتَلَ مئات الآلاف من شعبه واستخدم الغازات السامة ثماني مرات على الأقل منذ أبريل 2014؟!

في صحيفة «ديلي تلغراف» البريطانية بتاريخ 25 أغسطس 2014، كتب ديفيد بلير: «بشار الأسد، الرئيس السوري حارق سورية، لماذا يعتبر مؤهلاً لمنصب رجل إطفاء؟»

هل انقلب السحر؟
أراد الأسد أن يجبر العالم على أن يكون جزءًا من الحل، فحضَّر عفريت «داعش» أو تحالف مع العفريت الموجود بالفعل، ولم يستطع أن يصرفه.

بعد معارك وعمليات كر وفر استمرت أيام قليلة، سيطر تنظيم «داعش» بشكل كامل على مدينة تدمر الأثرية، وبات التنظيم يسيطر على أكثر من نصف مساحة سورية الجغرافية تقريبًا، كذلك بات يسيطر على «الغالبية الساحقة من حقول النفط والغاز في سورية»، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان.

هذه السيطرة تفتح الطريق للتنظيم المسلح وتجعل البادية السورية الممتدة من محافظة حمص (وسط)، حيث تدمر حتى الحدود العراقية شرقًا ممهدة أمامه.

براغماتية بشار أو تحالفه في السابق مع «داعش» كان «العفريت» الذي أراد به أن يكتسب القوة في مواجهة معارضيه، فانقلب عليه وحاصره بأخذ نصف مساحة الأرض التي يحكمها، فأصبح بشار اليوم رئيس نصف سورية فقط ومهدَّدًا بفقد النصف الآخر قريبًا.

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
حريق في منشآت روسية للطاقة إثر هجمات بمسيرات
حريق في منشآت روسية للطاقة إثر هجمات بمسيرات
توقيف 7 أشخاص بسيدني متورطين في طعن كاهن
توقيف 7 أشخاص بسيدني متورطين في طعن كاهن
تقرير أممي: 282 مليون شخص يعانون انعدام الأمن الغذائي الحاد في 2023
تقرير أممي: 282 مليون شخص يعانون انعدام الأمن الغذائي الحاد في ...
بلينكن يصل شنغهاي في ثاني زيارة للصين خلال أقل من عام
بلينكن يصل شنغهاي في ثاني زيارة للصين خلال أقل من عام
الصين: الدعم العسكري الأميركي لتايوان يزيد من خطر حدوث نزاع
الصين: الدعم العسكري الأميركي لتايوان يزيد من خطر حدوث نزاع
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم