افتتاحية "واشنطن بوست" - كان عجز واشنطن على ما يبدو عن التركيز في أكثر من أزمة دولية في آن واحد نعمةً للديكتاتور السوري بشار الأسد. كما أنها حولت الانتباه عن إفلاس سياسة إدارة أوباما.

وبينما غزت روسيا أوكرانيا، فقد شرع نظام الأسد دون أن يواجه مضايقة ودون أن يلحظه أحد تقريبا في الهجوم بلا رحمة واستخدام "القصف بالبراميل" حيث تُسقط مروحياته حاويات ناسفة مليئة بالمسامير والشظايا القاتلة الأخرى على المباني السكنية والمدارس والمستشفيات في سوريا. وأحدث هدف لهه العمليات هو بلدة يبرود، بالقرب من الحدود اللبنانية. وفي مجالات أخرى، واصل النظام شن حرب التجويع وحصار المدنيين في انتهاك لقرار مجلس الأمن الدولي الذي وافق عليه منذ أكثر من أسبوعين. ووفقا لتقرير جديد صادر عن منظمة العفو الدولية؛ فقد قتل 194 مدنيا على الأقل في مخيم اليرموك، الذي يضم اللاجئين الفلسطينيين، منذ بدء الحصار في يوليو الماضي. وكانت الأسباب الرئيسية للوفاة هي المجاعة، وانعدام الرعاية الطبية وإطلاق النار من قبل القناصة.

ولم يلتزم الأسد بالمواعيد النهائية لتدمير ترسانته من الأسلحة الكيماوية. ومضى موعدان لتسليم مخزوناته من هذه الأسلحة دون تنفيذ، ويقول المفتشون الدوليون ان النظام على الأرجح سينتهك أيضا موعد الخامس عشر من مارس الجاري لتدمير 12 موقعا لإنتاج هذه الأسلحة. كما يجري إعداد انتخابات وهمية لتمديد الرئاسة للأسد لفترة سبع سنوات أخرى. وهذا التطور يأتي عقب رفض النظام مناقشة خطة لتشكيل حكومة انتقالية في مؤتمر السلام في جنيف الشهر الماضي، وهو الرفض الذي تسبب في انهيار المحادثات.

نزع فشل مؤتمر جنيف عن إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما ورقة التين التي ظل يداري بها فشل سياسته في سورية

لقد نزع فشل مؤتمر جنيف عن إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما ورقة التين التي ظل يداري بها فشل سياسته في سورية؛ حيث ظل وزير خارجيته جون كيري ولتسعة أشهر يقول إن بلاده ستستخدم المحادثات (بالتنسيق مع روسيا) لإخراج الرئيس السوري بشار الأسد من السلطة. وعندما كشفت محادثات جنيف عن خطأ هذه التفكير الخيالي، بدأ أوباما يتحدث عن استراتيجية جديدة عندما صرح في 11 فبراير قائلا "لازلنا نواصل البحث في كل الطرق الممكنة لحل هذه المشكلة".

إذا كان هناك تغيير في سياسة الولايات المتحدة منذ ذلك الوقت، فلا بد أن يكون ملموسا. ففقد أعرب الرئيس الديمقراطي والأعضاء الجمهوريون في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ على حد سواء عن حيرتهم خلال جلسة الأسبوع الماضي، مما يبدو أنه خمول في أداء إدارة أوباما. "إنني أسال هل نحن ملتزمون حقا بتغيير معادلة ساحة المعركة أم لا؟"، يقول النائب الديموقراطي عن ولاية نيو جيرسي السناتور روبرت منديز.

وقال وليام بيرنز نائب وزير الخارجية صراحة أن سوريا تمثل الآن "تحديات جسيمة" لمصالح الولايات المتحدة التي "تتطلب استراتيجية أميركية ثابتة وشاملة". وقال ماثيو أولسن، رئيس المركز الوطني لمكافحة الإرهاب بأميركا "أصبحت سوريا أفضل مكان لتمركز جماعات تنظيم القاعدة للقيام بتجنيد وتدريب وتجهيز، عدد متزايد من المتطرفين، والذين يسعى بعضهم للقيام بهجمات خارجية".

سيناتور جمهوري: منذ سمعنا عن دعم المعارضة السورية المعتدلة قبل سنوات لقي مائة ألف سوري حتفهم على ما أظن

ولكن عندما سأل أعضاء مجلس الشيوخ حول رد فعل الولايات المتحدة، لم يستطع بيرنز سوى تقديم عبارات مبهمة حول "سبل دعم المعارضة المعتدلة"، والتنسيق مع داعمي الفصائل المتمردة الأخرى. وقد علق السيناتور بوب كروكر، النائب الجمهوري عن ولاية تينيسي قائلا "لقد سمعنا هذا لسنوات حتى الآن، ومنذ المرة الأولى التي سمعنا فيها ذلك الكلام، أظن ان مائة ألف شخص قد لقوا حتفهم في سورية".

مما لا شك فيه أن إدارة أوباما يتعين عليها الرد على الهجوم الروسي في شبه جزيرة القرم، ولكن هذا لا يقلل من الخطر الداهم لمصالح الولايات المتحدة الأميركية في سوريا، أو يعطي عذرا لسلبية الرئيس (أوباما) المستمرة. لقد حان الوقت لاتخاذ خطوات حاسمة لتحقيق أهداف الولايات المتحدة في الوقوف أمام طموحات تنظيم القاعدة وكبح التقدم العسكري لنظام الأسد.

(خدمة واشنطن بوست)