Atwasat

«فرانس برس» توثق «مجازر» في غرب إثيوبيا في ظل الحرب في تيغراي

القاهرة - بوابة الوسط الجمعة 12 فبراير 2021, 03:50 مساء
WTV_Frequency

عشية عيد الميلاد الأرثوذكسي مطلع يناير، ارتدى القس الإثيوبي جيرماي جيتاهون، رداءه الأبيض، وحمل الكتاب المقدس في يده، وسلك طريقًا ترابيًا إلى كنيسته للتحضير لاحتفالات اليوم التالي، قبل أن يضطر للهرب والاختباء في غابة عندما اقتحم مسلحون قريته ليلًا.

هاجم المسلحون القرية الواقعة في منطقة بني شنقول قمز في غرب إثيوبيا نحو منتصف الليل، ما اضطره إلى الااختباء في الغابة ليومين، وعند عودته كانت تنتظره مشاهد رعب. فقد قتل العمال الموسميون الثمانية الذين كان يؤويهم وصاروا حينها آخر ضحايا «سلسلة مجازر غير واضحة» أودت بحياة مئات الأشخاص وشردت عشرات الآلاف من السكان، وفق وكالة «فرانس برس».

بدأت أعمال العنف الإثنية التي تمزق غرب إثيوبيا خصوصًا في منطقة ميتيكيل قبل عملية عسكرية حكومية كبيرة في أوائل نوفمبر ضد السلطات المنشقة في منطقة تيغراي (شمال). وتكثف هذا العنف خلال العملية العسكرية في دليل آخر على الأوضاع المتوترة التي يسقط فيها قتلى، وأدت إلى تصدع ثاني أكبر دولة في أفريقيا في عدد السكان (نحو 110 ملايين نسمة) منذ وصول رئيس الوزراء آبيي أحمد، الحائز جائزة نوبل للسلام للعام 2019، إلى السلطة في 2018.

هجمات متتالية على ميتيكيل الإثيوبية
وفي منتصف نوفمبر، قُتل 34 شخصًا في ميتيكيل في هجوم على حافلة. وفي ديسمبر، وفي اليوم التالي لرحلة آبيي إلى المنطقة، قتل أكثر من مئتي شخص في مجزرة ليلية، ومات بعضهم احتراقا أثناء نومهم. وفي يناير خلفت غارة ثمانين قتيلا. وما زال المراقبون يتساءلون عن الجهات التي تقف وراء هذه الهجمات لكن الخوف من تفاقم العنف واضح.

وكشفت الحكومة أخيرًا خططا لتشكيل ميليشيا مكونة من نازحين فارين من هجمات سابقة للعودة إلى ميتيكل «لحماية» الذين بقوا هناك.

في مخيم للنازحين في بلدة تشاغني شرق ميتيكل، يؤكد القس جيرماي، أنه أحد الذين يدعمون هذه المبادرة، وقال لـ«فرانس برس»: «لا أؤيد تماما فكرة تشكيل ميليشيا لأنها من وجهة نظري كمن يقول: اقتلوا بعضكم بعضًا».

- «فرانس برس»: أزمة تيغراي في إثيوبيا مستمرة بعيدا عن الأنظار

وأضاف: «لكن إذا لم يكن هناك خيار آخر ولم يجردوا (المهاجمون) من أسلحتهم فعلينا تدريب مجندين من هنا لحماية حياتنا».

نظريات مختلفة لتفسير الهجمات
فشل آبيي أحمد في تقديم تفسير لمجزرة ميتيكيل. وقال أمام النواب في أكتوبر إن منفذيها يتلقون تدريبا في السودان المجاور. وفي ديسمبر، أكد أن هذه الهجمات تهدف إلى دفع القوات إلى الانسحاب من العملية في تيغراي، لكنه لم يقدم أي دليل يثبت ذلك، وفق «فرانس برس».

في مخيم تشاغني في منطقة أمهرة المجاورة، تطلق نظريات تتعلق بنزاعات قديمة على الأراضي. وغالبية سكان المخيم البالغ عددهم نحو عشرين ألف نسمة هم من إثنية الأمهرة ثاني أكبر مجموعة عرقية في البلاد، ويتحدث كثيرون منهم عن «إبادة جماعية للأمهرة» جارية في هذا الجزء من البلاد، بأيدي ميليشيات محلية من قمز.

وهم يرون أن الهجمات تهدف إلى طرد المزارعين الأمهرة من الأراضي التي عمل فيها القمز لفترة طويلة. وكرر قادة الأمهرة هذا التفسير للمطالبة بنشر قوات كبيرة من مجموعتهم إلى جانب الجيش الاتحادي لإعادة النظام.

وقال المسؤول الذي ينتمي إلى الأمهرة  أسيماهان أسيريس، في تغريدة على «تويتر» في ديسمبر: «علينا الدفاع عن أنفسنا. لن يسمحوا لنا بالعيش»، داعيًا بشكل لا لبس فيه إلى اتخاذ إجراءات عنيفة ضد المهاجمين.

المستهدفون من الهجمات غرب إثيوبيا
لكن الواقع أكثر تعقيدا لأن الأمهرة ليسوا الضحايا الوحيدين لعمليات القتل. في الهجمات الأخيرة، قتل وشرّد أفراد من الأغاو والشيناسا والأورومو أكبر مجموعة عرقية في إثيوبيا.

وذكرت وسائل إعلام حكومية الأسبوع الماضي، أن نحو 34 ألفًا من القمز فروا من العنف ولجؤوا إلى الغابات خوفًا من العنف.

وعرض تيميسجين جيمشو المحامي الذي ينتمي إلى الأورومو في ميتيكل وقام بتوثيق أعمال العنف، لـ«فرانس برس» لائحة بأسماء 262 من القمز قتلوا في هجمات منذ 2019.

ورأى أن مصيرهم يمر دون أن يلاحظه أحد لأن القمز هم مجموعة صغيرة بلا سلطة سياسية. وقال: «عندما يموت الأورومو يتحدث الجميع عن ذلك. وينطبق ذلك على الأمهرة لكن لا شيء يحدث عندما يموت القمز. من يهتم لهم؟».

أريد أن أترك عملي لحماية شعبي
أثر العنف بشدة على النازحين في تشاغني، حسب طبيب نفسي من وزارة الصحة. وقال ملخصا الوضع: «كل الناس هنا مصدومون بشكل أو بآخر»، موضحًا أن «كثيرين يعانون من اضطراب ما بعد الصدمة وقلق حاد، وهم عدوانيون للغاية لأنهم رأوا أشخاصا يذبحون».

ولا تساعد الظروف المعيشية في المخيم «البائس» كثيرًا، حسب تيلاهون أنبلو، أحد المسؤولين عن الموقع وهو من الأمهرة.

وخلال زيارة قام بها أخيرًا فريق «فرانس برس»، كانت النساء تبيع القهوة خارج الخيام، التي أسقطتها الرياح أرضًا بينما هدد موظف في منظمة الأمم المتحدة للطفولة «يونيسيف» بفرض غرامة على كل نازح يقضي حاجته في العراء حول المخيم بدلًا من المراحيض المثبتة حديثًا.

في مكان غير بعيد يوضح داود كبريت وهو مزارع يبلغ من العمر 38 عامًا أنه انضم إلى الميليشيا الجديدة التي شكلتها الحكومة. وقال: «أريد أن أترك عملي لحماية شعبي». وقد تتحقق أمنيته قريبا. فقد أشار مسؤول أمني في ميتيكيل أخيرا إلى أنه تم اختيار عشرة آلاف متطوع وتدريبهم سيبدأ «قريبًا».

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
بعد استهداف إيران.. باريس تدعو الى وقف التصعيد العسكري
بعد استهداف إيران.. باريس تدعو الى وقف التصعيد العسكري
اختيار هيئة المحلفين في المحاكمة التاريخية لترامب
اختيار هيئة المحلفين في المحاكمة التاريخية لترامب
«سنتكوم»: الولايات المتحدة لم تشن ضربات في العراق
«سنتكوم»: الولايات المتحدة لم تشن ضربات في العراق
«فرانس برس»: أميركا توافق على سحب قواتها من النيجر
«فرانس برس»: أميركا توافق على سحب قواتها من النيجر
تايوان ترصد 21 طائرة عسكرية صينية حولها
تايوان ترصد 21 طائرة عسكرية صينية حولها
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم