رحَّبت الأمم المتحدة باتفاق وقف إطلاق النار بين الإسرائيليين والفلسطينيين الذي أنهى حوالي 50 يومًا من القتال بين الجانبين. إلا أن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون حذَّر من أن «أي جهود سلام لا تتعامل مع جذور الأزمة، لن تؤدي أكثر من تهيئة المسرح لجولة جديدة من العنف».

ونشر موقع «بي بي سي» بيانًا للأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، قال فيها أن أية انتهاكات لوقف إطلاق النار ستكون غير مسؤولة على الإطلاق. وأضاف في البيان الذي أصدره أمس الثلاثاء أن غزة «يجب أن تعود تحت حكم حكومة فلسطينية شرعية وأن الحصار على غزة يجب أن يتوقف، ومشاغل إسرائيل الأمنية يجب أن تُراعى».

من ناحية أخرى، رحَّبت الولايات المتحدة بالاتفاق وطالبت الخارجية الأميركية الطرفين بالالتزام الكامل ببنوده.

وجاء الاتفاق لينهي سبعة أسابيع من القصف الإسرائيلي لقطاع غزة وقصف الحركات الفلسطينية المسلحة مدنًا وبلدات إسرائيلية بالصواريخ.

بيان القاهرة

أما الجانب المصري، فقد أصدر بيانًا، حول الاتفاقية التي تمت تحت رعاية مصرية والتي نصت على وقف إطلاق النار في غزة حفاظًا على أرواح الأبرياء وحقنًا للدماء واستنادًا إلى المبادرة المصرية 2014 وتفاهمات القاهرة 2012، حيث دعت مصر الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني إلى وقف إطلاق النار الشامل والمتبادل بالتزامن مع فتح المعابر بين قطاع غزة وإسرائيل بما يُحقق سرعة إدخال المساعدات الإنسانية والإغاثية ومستلزمات إعادة الإعمار والصيد البحري انطلاقًا من ستة أميال بحرية، واستمرار المفاوضات غير المباشرة بين الطرفين بشأن الموضوعات الأخرى خلال شهر من بدء تثبيت وقف إطلاق النار.

وفي ضوء قبول الطرفين (الفلسطيني والإسرائيلي) ما ورد بالدعوة المصرية، فقد تحددت الساعة 1900 (بتوقيت القاهرة يوم 26/8/2014 لبدء سريان وقف إطلاق النار).

وتؤكد مصر مُجددًا التزامها الثابت بدورها الذي تمليه حقائق التاريخ والجغرافيا وبمسؤولياتها الوطنية والعربية والإقليمية، وبما ينبثق عن ذلك من العمل على تحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني ودعم قيادته، والحرص على تعزيز السلام والاستقرار في المنطقة من خلال إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة لتحقيق السلام والأمن في المنطقة وبما يُسهم في ازدهار ورخاء كافة دولها وشعوبها.
وتُثمن مصر الجهود التي تبذلها الولايات المتحدة الأميركية والدور الذي تضطلع به في هذا السياق.

غزة تحتفل

ودخل اتفاق وقف إطلاق النار حيز التفعيل بدءًا من الساعة السابعة مساءً بالتوقيت المحلي لغزة، حيث شهدت غزة وبقية مدن القطاع احتفالات شعبية بالهدنة و«النصر» ونزل آلاف الفلسطينيين إلى الشوارع للاحتفال، مرددين عبارات النصر والاحتفال.

ورددت المساجد في غزة تكبيرات النصر عبر مكبرات الصوت، ووجَّه الرئيس الفلسطيني محمود عباس خطابًا للشعب الفلسطيني، معلنًا بدء سريان وقف إطلاق النار، ودعا إلى سرعة إدخال المساعدات قطاع غزة، وعبَّر عن شكره لجهود القيادة المصرية.

أبو مرزوق: نصر للمقاومة

وقال موسى أبو مرزوق نائب رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، إن الاتفاق يلبي مطالب الفلسطينيين ويمثل نصرًا للمقاومة.

وكتب أبو مرزوق على صفحته على «فيسبوك» «انتهت المفاوضات وصولاً للتفاهمات التي تُـتوِّج صمود شعبنا ونصر مقاومتنا، في انتظار البيان المُحدِّد لنقطة الصفر، ووقف العدوان».

كما قال الناطق باسم حركة حماس سامي أبو زهري: «إن الاتفاق يعتبر انتصارًا للفصائل الفلسطينية المقاتلة وانتصارًا لغزة وتحقيقًا لمعظم المطالب الفلسطينية الآنية وتقريبًا للمطالب المستقبلية».

ويتضمن الاتفاق وقفًا لإطلاق النار وفتح المعابر والسماح بإدخال المساعدات بما يحقق متطلبات إعادة الإعمار والاتفاق على زيادة مساحة الصيد على سواحل القطاع إلى ستة أميال بحرية.

ويتضمن الاتفاق عودة الطرفين إلى طاولة التفاوض بعد شهر من تاريخه لمناقشة القضايا المعقدة الأخرى، مثل مطلب الفلسطينيين ببناء مطار وميناء بحري في غزة. في الوقت نفسه حصلت مصر وإسرائيل على ضمانات بعدم إدخال أسلحة إلى القطاع.

انتقادات لنتانياهو

وفي إسرائيل واجه رئيس الوزراء بعض الانتقادات من السياسيين المتشددين ومن السكان الذين يقطنون بالقرب من قطاع غزة، حيث قال هؤلاء إن الاتفاق فشل في نزع التهديدات التي يشكِّلها المسلحون في غزة.

يذكر أن «حماس» والفصائل الفلسطينية الأخرى أطلقت نحو أربعة آلاف صاروخ على الأراضي الإسرائيلية منذ الثامن من يوليو الماضي، مما أدى إلى إخلاء عشرات الآلاف من السكان الإسرائيليين منازلهم بالقرب من أراضي القطاع.

لحظات ما قبل الهدنة

وفي آخر لحظات قبيل بدء الهدنة قصفت الفصائل الفلسطينية بلدة أشكول برشقات من قذائف الهاون، ما أدى إلى مقتل إسرائيلي وإصابة ستة آخرين، وأُصيب 20 إسرائيليًّا بسبب صاروخ أصاب منطقة سكنية في بلدة عسقلان الجنوبية، بحسب ما ذكرته الشرطة.

واعترض صاروخ آخر في منطقة تل أبيب في الشمال. الحرب أدت إلى تشريد مئة ألف فلسطيني في القطاع بعد تدمير منازلهم.

وكانت الطائرات الحربية الإسرائيلية قد قصفت برجين في غزة صباح الثلاثاء، ودُمِّر برج الباشا، الذي يحوي شققًا سكنية ومكاتب، كما تضرر بشدة المجمع الإيطالي، بما يضمه من منازل ومتاجر ومكاتب.

ولم ترد أنباء عن مقتل أحد، إذ تمكَّن السكان من الهروب من المبنيين عقب تحذير إسرائيلي لهم بالمغادرة، غير أن 20 شخصًا أُصيبوا بجروح في الهجوم على المجمع الإيطالي، وقُتل شخصان آخران في غارات إسرائيلية على أماكن أخرى، بحسب ما قالته مصادر طبية .

وكانت إسرائيل ومصر فرضتا حصارًا على غزة في 2007، عقب صراع مسلح بين حماس والسلطة الفلسطينية سيطرت بعده الحركة الإسلامية على السلطة في غزة.

أُصيب عددٌ من الإسرائيليين في المستوطنات بجروح بسبب إطلاق الصواريخ من غزة. وفي ظل تلك القيود لم يستطع السكان في القطاع، البالغ عددهم 1.8 مليون نسمة التجارة ولا السفر.

وقد قُتل في الهجوم الإسرائيلي الذي بدأ في 8 يوليو نحو 2138 فلسطينيًّا غالبيتهم من المدنيين، وأُصيب بجروح أكثر من 11000 شخص آخر، بحسب تقديرات وزارة الصحة الفلسطينية، والأمم المتحدة، كما استهدفت إسرائيل بعض قيادات كتائب القسام، وهي الجناح العسكري لحركة «حماس»، وقتلت منهم ثلاثة الأسبوع الماضي.

وتُقدِّر الأمم المتحدة عدد المنازل التي دُمِّرت بأكثر من 17000 منزل، مما أدى إلى ترك مئة ألف فلسطيني بلا مأوى.

وعلى الجانب الإسرائيلي، قُتل 64 جنديًّا، وأربعة مدنيين حسب الأرقام الرسمية الإسرائيلية.