أصيب نحو 200 شخص في ليلة جديدة من الصدامات العنيفة في كتالونيا، على ما أعلنت السلطات، بعد ما رشق متظاهرون متشددون مناصرون لاستقلال الإقليم الحجارة والألعاب النارية على عناصر الشرطة، التي ردت بالغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي.

ساحة معركة
وفي برشلونة، التي تحولت إلى ساحة معركة فوضوية، الجمعة، أصيب 152 شخصا، بينما أصيب عشرات آخرون في أرجاء كتالونيا، مما رفع العدد الإجمالي للجرحى إلى 182 شخصا، حسب «فرانس برس».
وجاء تصاعد العنف في اليوم الخامس لاحتجاجات أنصار الاستقلال على إصدار المحكمة العليا أحكاما مشددة بالسجن بحق تسعة قادة، بسبب إجرائهم استفتاء على استقلال الإقليم قبل سنتين، على الرغم من حظره.

وكانت قوات الطوارئ ذكرت أن 500 شخص أصيبوا بالفعل منذ الإثنين حتى قبل حصول الصدامات الأخيرة. وحسب وزارة الداخلية، اعتقلت السلطات 83 شخصا بعد صدامات ليل الجمعة - السبت، إضافة إلى 128 شخصا أعلنت السلطات اعتقالهم قبل مسيرات الجمعة. وصباح السبت، سادت رائحة الاحتراق النافذة شوارع برشلونة، بينما كان عمال البلدية يحاولون تطهير الشوارع من الإطارات المشتعلة والزجاج المكسور والرصاصات المطاطية وإصلاح الأرصفة التي حطمها المحتجون لاستخدام حجارتها في قذف عناصر الأمن.

نصف مليون شخص
وشارك نحو نصف مليون شخص في تجمعات و«مسيرات الحرية» في برشلونة، الجمعة، وهو التجمع الأكبر منذ أحكام الإثنين الصادمة، التي دفعت عشرات الآلاف من أنصار الاستقلال إلى الاحتجاج في شوارع الإقليم في شمال شرق إسبانيا وإعلان الإضراب العام لشل برشلونة. وبينما بدت غالبية المسيرات سلمية، أشعل عدد من الشبان النيران في فيا لايتانا، مما أدى إلى تصاعد دخان كثيف، ودفع قوات الأمن إلى إطلاق الغاز المسيل للدموع.

واندلعت حرائق قرب ميدان «بلازا دي كتالونيا» في نهاية جادة لا رامبلاس الشهيرة، حيث تجمع مئات المحتجين في تحد للشرطة، التي حاول عناصرها تفريق المتظاهرين باستخدام خراطيم المياه. وهتف الشبان: «كتالونيا مناهضة للفاشية» و«الشوارع دائما لنا». وشوهدت عشرات من سيارات الشرطة تجوب الشوارع وقد دوت صافراتها الملونة، بينما حذرت الشرطة الإقليمية السكان في رسالة بالإنجليزية على «تويتر» من «الاقتراب» من وسط المدينة.

لا استسلام
وأعلن الاستقلاليون، الجمعة، يوم «إضراب عام» في كتالونيا، حيث تدفقت «مسيرات للحرية»، انطلقت، الأربعاء، من خمس مدن إقليمية إلى برشلونة، للمشاركة في التظاهرة الكبيرة.
وأعلنت بلدية برشلونة أن الأيام الثلاثة الأولى للاحتجاجات تسببت في خسائر قدرت بـ1,57 مليون يورو (1,75 مليون دولار). وقالت الحكومة الإسبانية، صباح الجمعة، إن الطريق الحدودي بين إسبانيا وفرنسا «قطع في الاتجاهين».

وفي وسط برشلونة، أغلقت العديد من المتاجر والمراكز التجارية الفاخرة أبوابها، الجمعة، بعد تواصل الصدامات الليلية منذ الإثنين. وقال المهندس رامون بارادا، البالغ 23 عاما: «كل هذا رد فعل على ظلم الأحكام ضد السياسيين والقادة المدنيين، الذين تصرفوا بسلمية، لكن تم الحكم عليهم بين 9 و13 سنة في السجن مثل القتلة».

وأفاد المحامي، خوامي انريش، أن الحكم بمثابة «القشة التي قصمت ظهر البعير». وتابع الرجل الذي كان يرتدي شارة كتب عليها «لا استسلام» أن «مدريد تضع وحدة إسبانيا فوق كل شيء بما في ذلك الحقوق الأساسية» للمواطنين. وأغلقت عدد من المواقع السياحية البارزة في برشلونة، مثل كنيسة ساغرادا فاميليا، أبوابها أمام السياح مع احتشاد المحتجين خارجها. وألغت أوبرا ليسيو المشهورة عروضها، مساء الجمعة، بسبب التوتر.

غوارديولا يطالب بوساطة
وعلى وقع التوتر الشديد في الإقليم الانفصالي، تأجلت مباراة الكلاسيكو المنتظرة بين برشلونة وضيفه ريال مدريد، المقررة في 26 أكتوبر الجاري على ملعب الكامب نو ضمن الدوري المحلي. وذكرت تقارير أن الفريقين رفضا لعب المباراة في مدريد. ودخل الإسباني بيب غوارديولا مدرب نادي مانشستر سيتي الإنجليزي المعروف بدفاعه عن حركة الاستقلال على خط الأزمة، مطالبا الاتحاد الأوروبي بالتدخل للحد من تصاعد التوتر. وقال إن «المجتمع الدولي ينبغي عليه المساعدة في حل النزاع بين كتالونيا وإسبانيا»، وتابع: «بعض الوسطاء من الخارج عليهم مساعدتنا في الجلوس معا والتباحث».

وتسببت محاولة انفصال هذه المنطقة الغنية الواقعة شمال شرق إسبانيا في أسوأ أزمة سياسية عرفتها البلاد منذ نهاية حقبة ديكتاتورية فرانكو العام 1975. وقبل أقل من شهر من الانتخابات التشريعية، تطالب المعارضة رئيس الوزراء الإسباني، بيدرو سانشيز، باتخاذ تدابير استثنائية لإعادة إرساء النظام العام.