تعيش مدينة الموصل في حالة حرب منذ مئة يوم تتخللها غارات تستهدف مواقع تنظيم «داعش» في أحد آخر أكبر معاقله في العراق بعد أن فقد السيطرة على معظم المناطق التي استولى عليها في يونيو 2014.
فحالة الحرب المستمرة التي تعيشيها الموصل انعكست على أوضاع إنسانية تتعلق بدفن جثامين الذين لقوا مصرعهم جراء الغارات، قال عبدالرحمن رياض الذي قتل والده ووالدته وشقيقه الأصغر في غارة جوية على الموصل: «دفناهم تحت أشجار البرتقال» في الحديقة بانتظار مواراتهم الثرى في مكان آخر، موضحًا وهو يشير إلى ثلاثة أكوام ترابية مستطيلة: «هنا يرقد والدي وهنا والدتي وهنا أخي الصغير».
قضى أفراد عائلة عبدالرحمن الثلاثة مع أهالي آخرين في الحي الزراعي في شرق الموصل، في غارة جوية في السادس من يناير، أدت إلى تدمير ثلاثة منازل. ويأمل عبدالرحمن في أن يتمكن من نقل رفاتهم إلى مقبرة العائلة في غرب المدينة حيث يرقد جدهم، لكن ربما يتعين عليهم الانتظار طويلاً لأن الأحياء الغربية لا تزال تحت سيطرة «المتطرفين» الذين يتوقع أن يبدوا مقاومة شرسة أمام تقدم القوات العراقية.
وفي مقبرة قوقجلي الواقعة في أحد الأحياء الأولى التي استعادتها القوات العراقية في شرق الموصل، يقول حفار القبور فالح محمد إن الأهالي يحضرون يوميًا نحو عشر جثث «لدفنها مرة ثانية».
مرتان أو حتى ثلاث
ويضيف محمد وهو يواصل عمله أن «البعض منهم توجد مقبرة عائلتهم في الغرب، وهم سينقلون الجثامين مرة أخرى بعد استعادة الأحياء الغربية». ويتابع وهو ينظر إلى شواهد القبور الممتدة في خط طويل: «كانت الأمور سهلة في السابق. عندما يموت أحد يدفن مرة واحدة. الآن، الناس يدفنون مرتين أو حتى ثلاث!».
في غضون ذلك، توقفت شاحنة صغيرة قرب حفرتين، وبحرص شديد حمل ابن جثة والده الملفوفة ببطانية وقماش أبيض عليه بقع من الدم، فيما اختطلت رائحة الموت الحادة برائحة التراب الرطب. القبران هما لشخصين قتلا قبل حوالي ثلاثة أسابيع جراء سقوط قذيفة هاون قرب منزلهما ودفنا في الحديقة.
تعليقات