Atwasat

الأمراض تفوق الحرب في جنوب السودان

القاهرة - بوابة الوسط الإثنين 22 أبريل 2019, 10:22 صباحا
WTV_Frequency

ليست الحرب وحدها ما يحصد الأرواح في جنوب السودان، فالأمراض أيضًا لها التأثير نفسه وربما أكثر، في هذا البلد الذي يعاني بسبب العنف ونقص الخدمات.

عند وصوله إلى العيادة البعيدة التي نقل إليها في شمال شرق جنوب السودان، كان نياشوات البالغ عامين يعاني تشنجات ناتجة عن الملاريا، وفق «فرانس برس».

وبعد تلقيه الدواء، غلبه النعاس سريعًا فيما كان عاريًا ومحمومًا، وتبدو والدته الجالسة على سرير مجاور لسريره قلقة على صحة ابنها. إنقاذ نياشوات ممكن إلا أن الكثير غيره لا يحظون بهذه الفرصة.

فجنوب السودان يعاني من نقص في الخدمات الصحية. وتفيد اللجنة الدولية للصليب الأحمر التي تدعم العيادة الصغيرة حيث يتعافى نياشوات في قرية أودير النائية، ان 70 % من الوفيات الناجمة عن الأمراض سببها وباء الملاريا الذي يسهل معالجته والإسهال الحاد والتهابات في الجهاز التنفسي.

وقالت والدة نياشوات بوك غادر البالغة من العمر 22 عامًا، إنه في حال الإصابة بمرض أكثر خطورة «لا مكان» للذهاب إليه.

وأظهرت دراسة أجرتها كلية لندن للصحة والطب الاستوائي العام الماضي، أن 400 ألف شخص لقوا حتفهم نتيجة حرب جنوب السودان المستمرة منذ ست سنوات تقريبًا.

وأتى نصف هذه الوفيات نتيجة أعمال العنف ونصفها الآخر بسبب ارتفاع نسبة الأمراض وانخفاض إمكانية الحصول على الرعاية الصحية نتيجة النزاع.

وقالت المسؤولة في المجال الصحي في اللجنة الدولية للصليب الأحمر إيرين أوينيا، إن أكثر منطقة متأثرة هي منطقة أعالي النيل، موضحة: «كانت هناك منظمات توفر للمنطقة الرعاية الصحية الأولية ولكن بعد الحرب أجليت كل تلك المنظمات وخرجت من البلاد».

وأودير هي قرية صغيرة تضم مهبطًا رمليًا للطائرات الذي يتحول إلى ملعب لكرة القدم، عندما لا تستخدمه اللجنة الدولية للصليب الأحمر في رحلاتها التي تحمل الأدوية والإمدادات مرتين أسبوعيًا.

يشكل هذا المدرج أيضًا طريقًا مختصرًا يسلكه الأشخاص، الذين يأتون مشيا من أماكن نائية إلى السوق لبيع المنتجات أو شرائها.

وفي السوق الصغيرة، يوجد القليل من المواد الغذائية الطازجة. فيمكن للقرويين شراء البصل الأحمر أو الجلوس لتناول قهوة سودانية بالزنجبيل، بينما في فصل الجفاف تبيع نساء بدويات بفساتين فضفاضة حليب مواشيهن.

وفي القرى المحيطة، تعمل النساء بجد في ترميم أكواخهن وإعادة تطيين السقف تحسبا للأمطار المقبلة.

وعندما يحل موسم الأمطار، يرتفع منسوب المياه وتتضخم المستنقعات والأنهار وتصبح الطرق غير سالكة. وقالت أوينيا: «يصبح من الصعب على الأطفال السباحة وعلى النساء والرجال حمل المرضى للوصول إلى هنا».

وعانى جنوب السودان التهميش لعقود قبل الاستقلال عن السودان في العام 2011 ليقع في حرب أهلية منذ العام 2013. ولم يشهد سوى القليل من التطور والإنماء. ويعد قطاع الرعاية الصحية أحد القطاعات التي تدعمها منظمات الإغاثة الدولية.

إلا أن هذه الدولة تعتبر الأخطر على العاملين في المجال الإنساني مع نحو 100 قتيل، على مدى السنوات الخمس الماضية وفقًا لأرقام الأمم المتحدة.

وأجبرت العشرات من المنظمات على الانسحاب من المناطق التي قدمت لها الإعانات بسبب النزاع.

أعالي النيل
أصبحت منطقة أعالي النيل حيث تقع أودير قرب الحدود السودانية - الإثيوبية جزءا من النزاع في العام 2017 عندما شنت القوات الحكومية هجومًا كبيرًا على مدينة باغاك التي تسيطر عليها المعارضة.

فاضطر الصليب الأحمر لإجلاء المرضى والموظفين من المستشفى والمركز الصحي التابع لها في قرية مايووت الذي نهب ولم تترك «حتى إبرة على الأرض» وفق أوينيا، وقد أتى عدد كبير منهم إلى أودير التي سلمت من القتال.

وبعد ذلك بسنة أي في العام 2018، نهب المتظاهرون الغاضبون حوالى 10 مجمعات تابعة للمنظمة الإنسانية في بلدة مابان الواقعة على مسافة 72 كيلومترا إلى الشمال من أودير.

وقال رئيس بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر في جنوب السودان جيمس رينولدز إن اتفاق السلام الذي وقع في سبتمبر 2018 «حسن الأمن والتنقل وسهّل وصول العاملين في المجال الإنساني».

في أودير التي تسيطر عليها المعارضة، توفر هذه العيادة دعما أساسيا للرعاية الصحية في المنطقة حيث ترتفع نسبة وفيات النساء والأطفال، حسب «فرانس برس».

وقالت أوينيا إن التحدي الكبير يتمثل في أن النساء اللواتي يقمن بالأعمال الشاقة ورعاية ما يصل إلى 10 أطفال، قد يتأخرن في المجيء إلى المركز في الوقت المناسب. وهذا الأمر قد يتسبب في وفاتهن.

وفي بعض الأحيان، يأتي الأطفال بمفردهم. فتاة تبلغ من العمر تسع سنوات تخبر أوينيا بأنها تعاني من الإسهال الحاد نتيجة الملاريا، كما تظن. ولا وجود لأي من والديها في المكان.

وللحالات الأكثر خطورة مثل مضاعفات الحمل ونقل الدم والعمليات الجراحية، فيقع أقرب مستشفى في مابان التي تسيطر عليها الحكومة على مسافة خمس ساعات بالسيارة أو ثلاثة أيام سيرًا على الأقدام.

وهناك خيار آخر وهو السير لمدة ثلاثة أيام إلى غامبيلا في إثيوبيا. وقالت أوينيا «قد يصلون إلى هناك أحياء وقد يصلون أمواتًا».

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
تجارب في أجاكسيو الفرنسية على «كرسي حاضن» يهدئ قلق ذوي الطيف التوحدي
تجارب في أجاكسيو الفرنسية على «كرسي حاضن» يهدئ قلق ذوي الطيف ...
علاج جديد يعيد الأمل في شفاء مرضى السل في آسيا
علاج جديد يعيد الأمل في شفاء مرضى السل في آسيا
البرلمان البريطاني يناقش مشروع قانون لجعل المملكة المتحدة خالية من التبغ
البرلمان البريطاني يناقش مشروع قانون لجعل المملكة المتحدة خالية ...
آثار جانبية حادة لاستخدام الأدوية المضادة للذهان في تهدئة أعراض الخرف (دراسة)
آثار جانبية حادة لاستخدام الأدوية المضادة للذهان في تهدئة أعراض ...
دراسة: قوة قبضة اليد قد تحمي من الأمراض والموت المبكر
دراسة: قوة قبضة اليد قد تحمي من الأمراض والموت المبكر
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم