Atwasat

حسني بي: حل مشكلة السيولة بإطلاق تداول الدولار

القاهرة - بوابة الوسط السبت 12 مارس 2016, 08:57 صباحا
WTV_Frequency

حذَّر الاقتصادي ورجل الأعمال، حسني بي، من خطورة الوضع المالي والنقدي الحالي، الذي قد يصل إلى مرحلة «الانفجار» و«الانهيار الكامل» في ظل الاستمرار بالسياسات الإجرائية دون النقدية، مشدداً على ضرورة «البحث عن حلول حتى إن كانت مريرة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، واتخاذ قرارات حازمة وجريئة وجذرية لمواجهة الأزمة».

وفي دراسة اقتصادية مهمة اختص بها «الوسط» توقع حسني بي «وصول قيمة الدولار إلى سبعة دينارات كحد أدنى، وإلى 42 دينارًا للدولار كحد أقصى، لا قدر الله، في ظل محاولات الالتفاف على الأزمة بطرح حلول إجرائية تزيد من حدتها، وتفقر الشعب وتثري المجرمين».

واستعرض في دراسته المشاكل النقدية والمالية من واقع الأزمة، طارحًا حلولاً اعتبرها كفيلة بمواجهتها وعلاج عجز الموازنة العامة، مع معادلة نسبية لخلق توازن بميزان المدفوعات «الميزان التجاري».

أسعار الصرف
وأوضح أن «توحيد وزيادة سعر الصرف الرسمي أو فرض رسوم على مبيعات العملة، وفتح باب شراء وبيع العملة للجميع ولكل السلع، سيغري للعودة إلى المصارف وستنتهي مشكلة نقص السيولة»، مقترحًا «حظر فتح اعتمادات لعدد من السلع، واستبدال الدعم السلعي بالنقدي».

سعر الدولار قد يصل إلى 42 دينارًا للدولار في ظل محاولات الالتفاف على الأزمة

وينطلق حسني بي في دراسته الاقتصادية من حقيقة الارتباط شبه الكلي للموازنة العامة للدولة بسعر الصرف وميزان المدفوعات التجاري بالعملة الأجنبية، إذ إن ٩٧% من كل من الموازنة أو الاحتياطي الأجنبي مصدرهما مبيعات النفط.

ويوضح: «قدرت موازنة الدولة لسنة 2015 بنحو 42 مليار دينار، وتمول نسبة 97% من خلال الميزان التجاري، وحاليًا يتم الصرف 1/12 عن كل شهر، ومن ثم يجب بيع عملة أجنبية بقيمة 30 مليار دولار لتغطية الموازنة العامة».

ويلفت الانتباه إلى «اضطرار المصرف المركزي للسحب من الاحتياطي بسبب عدم توافر التغطية المالية الكاملة في ظل بيع الدولة كميات متدنية من النفط وبالأسعار الحالية، ومن ثم حدد (المركزي) سقفًا لا يتجاوزه من حدود السحب حتى لا يستنفد الاحتياطي».

واعتبر أن «القيود الإدارية التي فرضها المصرف المركزي، ومن بينها قيود على الصرف الأجنبي عمومًا، وعلى الاعتمادات خصوصًا، لم تأت بالنتائج المرجوة أو تعالج الأزمة، بل ساهمت في حدتها».

التوازن المطلوب
ويرى ضرورة «تكافؤ سعر الصرف، وخلق توازن بين ميزان المدفوعات التجارية وموازنة الانفاق، لتغطية الموازنة بالمبالغ المتوافرة بالعملة الصعبة، والمقرر أن يبيعها مصرف ليبيا المركزي للحفاظ على الاستقرار النقدي».

ومن ثم يوصي بتعديل سعر الصرف لتحقيق المعادلة بين ميزان المدفوعات بالعملة وموازنة الإنفاق للدولة بالدينار، ويقول: «أصبح خيارنا الوحيد هو تغيير سعر الصرف الرسمي أو أن يفرض المصرف المركزي رسماً على مبيعات العملة، لنضمن توفير وتغطية الموازنة (42 مليار دينار)».

وعن الإجراءات المقترحة في هذا السياق، يوصي حسني بي بزيادة سعر الصرف «إما بالتغيير أو بفرض رسوم على الشراء»، مع «ضرورة توحيده ورفع القيود، والسماح لكل مَن يريد شراء العملة بالشراء، حسب السعر المطروح، ودون أي قيود ولكل مَن يتقدم للشراء».

ويشير إلى مسؤولية المصرف المركزي وحده عن وضع السياسات النقدية للدولة، قائلا: يجب عليه أن يقوم بالتغيير، وذلك حسب المادة رقم (34) من قانون المصرف التي تمنح الحق للسيد المحافظ «في تغيير سعر الصرف إما بشكل مباشر أو بفرض رسوم ثابتة على شراء العملة».

ويؤكد أن «هذا الإجراء يحل المشكلة من جذورها بتغطية الموازنة المطلوبة، ويحد من التضخم والفساد، ويغلق الأبواب أمام أي ضغوط أخرى من أي طرف للاستفادة من فرق السعر في الشراء بالسعر الحالي، والبيع في السوق الموازية»، لكنه يوضح «ما عدا ذلك من حلول مثل ضخ سيولة وفرض إجراءات وغيره من قيود، فإنها تخلق سوقاً موازية وتضخماً وفساداً، ولا تحل المشكلة جذرياً».

ويسلط حسني بي الضوء على أزمة نقص السيولة في المصارف وآثار زيادة مصرف ليبيا المركزي المعروض من العملة المحلية المطبوعة، موضحاً أن السبب الرئيس للأزمة يعود إلى الخلل بين الوارد والصادر من نقد ورقي لدى المصارف التجارية.

حلول: حظر فتح اعتمادات لعدد من السلع.. واستبدال الدعم السلعي بالنقدي

ويضرب مثلاً على ذلك للتبسيط قائلا: «تقتصر مرتبات الدولة على الوزارات والمؤسسات والهيئات والشرطة والجيش بما قيمته (21 مليار دينار) في العام، ولا تشمل شركات القطاعين العام العام والخاص، وفي نهاية كل شهر يتقدم الموظفون للمصارف التجارية لاستلام ما قيمته (١٫٧٥ مليار دينار)».

مكمن العجز
في المقابل يوضح أنه جرى توريد ستة مليارات دولارات لحساب مصرف ليبيا المركزي العام الماضي، هي إجمالي حصيلة عائدات بيع العملة بالدينار الناتجة عن صادرات النفط، ومن ثم قرر «المركزي» عدم تمويل الموازنة بأكثر من 12 مليار دولار من الاحتياطي، للحفاظ على الاستقرار وتوازن النقد الأجنبي، أي أن إجمالي ما هو متوافر لمصرف ليبيا المركزي أصبح ١٨ مليار دولار (25.2 مليار دينار)، لتبلغ قيمة العجز (16.8 مليارد.ر)».

ويستنتج الاقتصادي الليبي حسني بي من هذه التقديرات «عجزًا في تغطية كل من الـ42 مليار دينار للموازنة العامة والسيولة للوفاء ببند مرتبات الدولة، مما ينتج عنهما فقدان السيولة بالمصارف لدفع المرتبات».

ويستعرض مشكلة مخصصات الدعم، إذ يقر بأن «الـ18مليار دولار تساوي 25.2 مليار دينار (بسعر صرف 1.4) وهي أكثر من المرتبات المطلوبة»، لكنه يوضح أن سبعة مليارات دولار من الـ 18 مليار دولار يتم توجيهها لتغطية مخصصات الدعم، التي لا يباع فيها الدولار بسعر 1.4، وإنما بما يعادل 20% من قيمته (بسعر 0.28) ولا تعود بشيء يذكر لخزانة الدولة».

ووفق هذا التقدير، يوضح «واقعيًا، سيكون المتاح هو 17 مليار دينار من بين الـ 18 مليار دولار المتوافرة (بسعر صرف 1.4) وهي لا تكفي حتى لتغطية المرتبات، ما يقود إلى عجز نقدي بقيمة أربعة مليارات سنويًا (نحو 340 مليون عجزًا في مرتبات القطاع عام شهريًا)».

ويحذر حسني بي من مغبة أمرين رئيسيين، الأول هو طباعة مصرف ليبيا المركزي عملة ورقية إضافية وضخها بالسوق بدلاً عن طرح الحلول الجذرية، منوهًا إلى أن ذلك «سبَّب وسيسبب تضخماً»، أما الثاني فهو أن الإجراءات والتعقيدات وعدم توافر فرص الإنفاق والاستثمار أدت إلى عزوف التجار ورؤوس الأموال وعموم المواطنين عن الإيداع بالمصارف، موضحًا أن «كثرة القيود على السحوبات والاعتمادات والحوالات، وغيرها من المعاملات التي يحتاجها التجار والمواطنون، ومن ثم فإن إيداع أموالهم بالمصارف لا يعود عليهم بالفائدة».

روشتة العلاج
ويضع الاقتصادي حسني بي روشتة اقتصادية لمواجهة هذه الأزمة، تبدأ من فرض رسوم على سعر بيع وشراء النقد الأجنبي، على أن تكون متغيرة بقرار من المصرف المركزي، ومتناسبة مع معدلات إنتاج النفط، لخلق التوازن المنشود.

ويؤكد الجدوى المربحة من إقرار رسوم على الدولار بنسبة 150%، وتوحيد هذه النسبة وفتح بيع العملة بسعر ثابت وموحد لكل مَن يريد شراء العملة، إذ يشير إلى أن المصرف المركزي سيجني ما بين 31 و38 مليار دينار من الـ11.9 مليار دولار المتوافرة، وسيتمكن (المركزي) من سحب كل السيولة الموجودة في السوق».

ويشدد على أهمية وضع حل جذري يتغير بموجبه سعر الصرف لكي يغطي الموجود لدى المصرف المركزي بالدولار ما هو المطلوب للموازنة، موضحًا أن «ما عدا ذلك لن يوفر حلولاً جذرية للأزمة».

ويؤكد ضرورة موازنة العملة المتوافرة لدى المصرف المركزي «من إيرادات المبيعات النفطية والمسحوب من الاحتياطي» لتأمين الـ42 مليار دينار اللازمة لتغطية الموازنة العامة، أو ما يحتاجه المركزي من عمله بالنقد المحلي لتمويل الموازنة.

فرض رسوم 150% على الدولار يوفر لـ«المركزي» مابين 31ـ 38 مليار دينار

ويطالب بعدم إقرار أسعار صرف عملة متفاوتة حسب السلع أو الغرض من الشراء، بل ضرورة توحيد السعر لجميع الأغراض. ويوضح : «إن السبب الرئيسي للضغوط على المصارف للحصول على العملة الصعبة، هو محاولة الاستفادة من ازدواجية السعر، وكأن الأمر أصبح كالفريسة والبعض يحاول الانقضاض عليها»، منوهًا إلى الفوائد الأمنية والقومية لتثبيت السعر، وسيتوقف التدافع على المصارف للاستفادة من فرق الــ1.4 الرسمي والـ3.5 بالسوق الموازية».

استبدال الدعم.. لماذا؟
ويؤيد حسني بي استبدال الدعم من «سلعي» إلى «نقدي» تماشيًا مع قانون الموازنة، إذ يرى أن «الاستبدال سيخلق توازنًا وتكافؤًا في الحقوق، ويرشِّد الاستهلاك، ويقلل الإنفاق، ويعود بالفائدة على ميزان المدفوعات التجاري والموازنة العامة للدولة، بدلاً عن تهريب السلع المدعومة والمقدرة قيمتها بـ40% من إجمالي مخصصات الدعم».

وأخيراً يقترح «حظر فتح اعتمادات لعدد من السلع (39 بندًا)، من ضمنها الأسمنت والحديد والأخشاب وغيرها، التي تؤثر بشكل مباشر في الاستثمار العقاري الذي يساهم بما نسبته ٦٥% من إجمالي الناتج المحلي، مما أثر بشكل كبير في نقص السيولة بالمصارف وفتح الباب على مصراعيه لدعم السوق الموازية والتهريب والفساد».

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
تسارع التضخم في إسبانيا إلى 3.2% على أساس سنوي في مارس
تسارع التضخم في إسبانيا إلى 3.2% على أساس سنوي في مارس
توقعات متشائمة للنمو الاقتصادي في ألمانيا بسبب بطء تعافي الاستهلاك
توقعات متشائمة للنمو الاقتصادي في ألمانيا بسبب بطء تعافي ...
العالم يهدر مليار وجبة يوميا بتريليون دولار.. والأمم المتحدة: «مأساة عالمية»
العالم يهدر مليار وجبة يوميا بتريليون دولار.. والأمم المتحدة: ...
مبادرة أميركية لزيادة واردات الأغذية من أفريقيا
مبادرة أميركية لزيادة واردات الأغذية من أفريقيا
«موديز» تستبعد تحقيق فرنسا هدفها خفض العجز بحلول 2027
«موديز» تستبعد تحقيق فرنسا هدفها خفض العجز بحلول 2027
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم