لا تزال «منظمة الدول المصدرة النفط» (أوبك) متمسكة بسياسة «الأيدي المرتعشة» أمام تدهور أسعار النفط العالمية، الذي وصل في 21 من شهر يناير الماضي إلى ما يقارب 27 دولارًا أميركيًا، وأقفل في نهايته على أكثر من 33 دولارًا اميركيًا.

وتدرك «أوبك» جيدًا أن أي تحرك جدي لخفض إنتاج النفط سيصطدم برفض روسيا والمملكة العربية السعودية. ووفقًا لمحللين فإن أي جهد لتنسيق تقليص الإنتاج سيتعارض مع هدف السعودية المتمثل في الدفاع عن مبيعاتها، وعدم قدرة روسيا على تقليص الإنتاج في أشهر الشتاء.

كما أن الخوف من استفادة منتجي النفط الصخري الأميركي من أي زيادة في الأسعار إذا حدث تقليص محتمل للإنتاج، أحد العوامل التي ستحول دون موافقة السعودية وروسيا على تقليص الإنتاج.

مخاوف
ورغم ذلك تحاول الرياض اللعب على عنصر الوقت، من خلال إطلاق تصريحات إيجابية تبدي فيها الاستعداد للتعاون في إدارة أسواق النفط، لكنها تضع شرط «تعاون الجميع» من الأعضاء في المنظمة والدول المنتجة خارجها.

ويرى مراقبون أن عنصر الوقت الذي تراهن عليه المملكة، هو مهلة ترقب لحجم النفط الذي ستضخه إيران إلى الأسواق بعد رفع العقوبات عنها، إذ لن يتحدد تمامًا قبل شهرين على الأقل من الآن.

محللون: أي جهد لتقليص الإنتاج سيتعارض مع هدف السعودية في الدفاع عن مبيعاتها، وعدم قدرة روسيا على ذلك في أشهر الشتاء.

وكانت قناة «العربية» نقلت عن مصدر سعودي لم تسمه أن الرياض تريد التعاون مع باقي الدول المنتجة من أجل دعم السوق.  وقال المصدر: «إن السعودية ليست مصدر اقتراح خفض الإنتاج إلى 5% الذي تدرسه روسيا».

في المقابل، أجرى وزير النفط الفنزويلي، إيلوخيو دل بينو، جولة شملت روسيا وقطر وإيران والسعودية لحض هذه الدول المنتجة للنفط على اعتماد استراتيجية تهدف إلى لجم تدهور الأسعار.

ومنذ أكثر من سنة، تحاول فنزويلا حض «أوبك» على لجم أسعار النفط، واقترحت على الكارتل النفطي الأسبوع الماضي عقد اجتماع استثنائي في شهر فبراير، وتوسعت هذه الحملة لتشمل روسيا التي لا تنتمي إلى «أوبك».

نتائج إيجابية
واعتبر دل بينو أن مبادرات بلاده «بدأت تتمخض عن نتائج إيجابية بشأن أسعار المحروقات» التي تحسنت في الأيام الأخيرة لتتجاوز عتبة الثلاثين دولارًا للبرميل.

ورغم نغمة التفاؤل في فنزويلا، التي عبر عنها الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو بالقول إن الدول الأعضاء في «أوبك» باتت «قريبة» من التوصل إلى اتفاق مع الدول المصدرة للنفط غير الأعضاء في المنظمة، لكنه استدرك بالقول: «أن نكون قريبين لا يعني أننا وصلنا».

وفي هذا السياق، يمكن فهم السبب في تأخر انعقاد اجتماع «أوبك» إذ قال مصدر مسؤول بالمنظمة: «ما زال من المبكر الحديث عن عقد اجتماع طارئ». واعتبر جيمس جريفين، المستشار الإعلامي لـ«أوبك» أن المنظمة ما زالت تراقب وتتابع السوق جيدًا وترحب بأي جهود للتنسيق والتعاون مع كل المنتجين سواء الأعضاء في المنظمة أو المستقلين.

الرياض تلعب على عنصر الوقت بتصريحات إيجابية عن الاستعداد للتعاون في إدارة أسواق النفط.. لكنها تضع شرط «تعاون الجميع».

ونفى جريفين أن يكون قد تم الاتفاق على عقد اجتماع للمنتجين في «أوبك» وخارجها الشهر المقبل، مشيرًا إلى أن الأمر موضع بحث وتشاور، كما لم يتحدد مستوى الاجتماع هل هو المستوى الوزاري أو مستوى المختصين الفنيين.

دعم استقرار السوق
ورغم ذلك، توقع رينيه تسوانبول مدير شركة «طاقة» الإماراتية في هولندا مشاورات مكثفة بين المنتجين في الفترة المقبلة في محاولة للوصول لعمل مشترك يسهم في دعم استقرار السوق واستعادة توازنه، مشيراً إلى أن هذا التحرك أسهم في رفع الأسعار نتيجة استشعار السوق وجود خطوات جادة لمواجهة فائض المعروض النفطي في الأسواق.

ويلقي بعض المتفائلين بآمال على ارتفاع في أسعار النفط، في ظل مرحلة جديدة من التباطؤ وربما الركود العالمي، ما يهدد بإطاحة الآمال المعقودة على تماسك الانتعاش الاقتصادي حول العالم بما يعزز الطلب العالمي على النفط ويساعد بالتالي على رفع أسعار. ويعود السبب، وفق وكالة «بلومبرغ»، إلى بلوغ ديون الشركات 29 تريليون دولار.