Atwasat

بالكور لـ«الوسط »:الحكومات المتعاقبة حولت غالبية المواطنين إلى «عالة على الدولة»

القاهرة - بوابة الوسط: جيهان الجازوي الأحد 27 ديسمبر 2015, 02:52 مساء
WTV_Frequency

* استعادة الاستقرار بداية حل مشكلة الدينار

* مساران عاجل وآجل لحل مشكلة عجز الموازنة

* على الحكومة الاستفادة من الخبرات الاقتصادية الدولية


رصد عضو مجلس النواب ولجننتي الاقتصاد الدكتورعبد المنعم بالكور معضلات الاقتصاد الليبي، وشخص في حوار مع جريدة «الوسط» مختلف مشاكل الاقتصاد الوطني الحالية، منتقدا الأداء الاقتصادي للحكومات المتعاقبة منذ 40 عاماً.

واعتبر أن أداءها حوَّل المواطن إلى «عالة على الدولة»، منوهًا إلى أسباب متعددة تقف وراء مشكلة انخفاض سعر الدينار، مطالباً بمسارين أحدهما عاجل والآخر آجل للحل.. وإلى نص الحوار:

* نبدأ من حيث انتهت الأحداث، فحكومة الوفاق الوطني ستضع ترتيبات مالية طارئة وفق الاتفاق السياسي المنتظر توقيعه.. ما أهمها في تقديرك؟

- عالجت وثيقة الاتفاق السياسي المشاكل السياسية والأمنية كافة، ومن أهمها محاربة الإرهاب وإعادة بناء مؤسسات الدولة وحل التشكيلات المسلحة وجمع السلاح، وعالجت الوضع الاقتصادي وإعادة النازحين والمهجَّرين، وتحتاج هذه المشاكل إلى موارد مالية، ولعل أهم نتائج هذا الاتفاق إنهاء الانقسام، ومن ثم تقدم الحكومة برامج عملها في ضوء سياسات تهدف إلى الحفاظ على استقرار الاقتصاد الكلي.

ويجب أن يسترشَد بالمبادئ السياسة المالية، وتعاملاتها مع المؤسسات السيادية الأخرى، بما في ذلك مصرف ليبيا المركزي ووزارة المالية ووزارة التخطيط والمؤسسة الوطنية للنفط والمؤسسة الليبية للاستثمار وديوان المحاسبة.
ويمكن للحكومة الاقتداء بالدول الأخرى في الاستفادة من الخبرات الدولية التي توفرها المنظمات الدولية ذات الصلة، بما في ذلك البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومنظمات الأمم المتحدة المختلفة.

* في ضوء خبرتك الأكاديمية ودورك السياسي الحالي.. كيف تقيم مسار الاقتصاد الليبي خلال الفترة الأخيرة؟

واجهت ليبيا خلال العقود الأربعة الأخيرة أزمات سياسية وعسكرية، وتقلبات شديدة في سياسات الحكومات المتعاقبة أدت إلى تشوه الاقتصاد الليبي، فتحول من النظام الرأسمالي في عهد النظام الملكي إلى الاشتراكي في فترة سبعينات القرن الماضي، مما راكم كثيراً من المشاكل الاقتصادية وأصاب النشاط الاقتصادي بالشلل، وانعكس ذلك بأثر كبير على تدني مستويات المعيشة لشريحة كبيرة من أبناء المجتمع ارتبطت بشكل مباشر بتحول غالبية المواطنين إلى عالة على الدولة، من خلال ارتباط مصدر دخلهم بالمرتبات التي تصرف من الخزانة العامة للدولة، أو عن طريق المؤسسات الأخرى التابعة للقطاع العام، التي فشل غالبيتها في تحقيق النجاح وفقاً للمعايير الاقتصادية المعروفة.

ورغم محاولة النظام السابق إجراء إصلاحات اقتصادية كبيرة خلال السنوات العشر الأخيرة، فإنها لم تلب طموحات المواطن الذي يعتقد أنه يعيش في دولة غنية تمتلك موارد طبيعية كبيرة.
وبعد سقوط النظام السابق، تأثر الاقتصاد الليبي بشكل كبير نتيجة الصراعات والانقسامات بين التيارات السياسية في البلاد، إذ أثرت الاحتجاجات والاضطرابات وسيطرة الميليشيات في مؤسسات الدولة وعطلت إنتاج النفط وتصديره، وأثر غياب سيادة القانون بشكل سلبي في الاقتصاد الليبي.

* كيف تقيِّم السياسات الاقتصادية التي اتبعتها الحكومات السابقة؟

- إذا تعاملنا مع السياسة الاقتصادية بمفهومها الضيق، فإنها تعني التدخل المباشر من جانب السلطات في مجرى النظام الاقتصادي بالرقابة المباشرة على المتغيرات الأساسية في الاقتصاد القومي.
على سبيل المثال، المرتبات والصرف الأجنبي والاستثمار، والإنتاج والأسعار والصادرات والواردات... إلخ.

والمتتبع لعمل الحكومات السابقة يلاحظ أن السياسات الاقتصادية كانت متخبطة وغير مدروسة، فكثير من القرارات والقوانين والإجراءات كان لها الأثر السلبي في الاقتصاد القومي، ومنها على سبيل المثال التغيرات المفاجئة في أسعار صرف العملة، وإيقاف التجارة في بداية الثمانينات، إضافة إلى إنشاء ودمج وحل لمؤسسات الدولة، دون مراعاة لدراسات الجدوى الاقتصادية لهذه المشاريع.

* وماذا عن دعم السلع الأساسية؟

- حاولت الحكومات السابقة استبدال الدعم السلعي بـ«النقدي» ليصل إلى المواطن مباشرة، لكن لم يحدث هذا حتى الآن.

وأعتقد أن 25 % من الموازنة مخصصة لدعم السلع الأساسية، وتهرَّب نسبة كبيرة من هذه السلع إلى دول الجوار خاصة الوقود بأنواعه، وأعتقد أن المواطن سيكون المستفيد الأول من رفع الدعم السلعي وتحويله إلى نقدي، وعلى الحكومة تقديم مشروع متكامل لرفعه وتفعيل منظومة الرقم الوطني، لتجنب أية آثار سلبية مترتبة على هذا القرار.

* تعرض الدينار إلى هبوط كبير أمام الدولار وسط موجة قلق عالية.. ما الأسباب وراء ذلك الانخفاض؟

- معروف أن سعر أي سلعة يتأثر بالعرض والطلب، ونتيجة انخفاض إنتاج وأسعار النفط في الفترة الأخيرة، فقد حدث عجز في ميزان المدفوعات، وانخفضت كميات الدولار لدى المصرف المركزي، مما أدى إلى زيادة الطلب عليها.
ومع تدهور الأوضاع الأمنية ونزوح كثير من أبناء الوطن إلى الخارج، تواصل تزايد الطلب على العملات الأجنبية عما كان عليه؛ لتنخفض قيمة العملة المحلية.

* وما المَخرج؟

- الأمر يتطلب توحيد الجهود للعمل لاستعادة الاستقرار الأمني والسياسي والاجتماعي، وعودة مؤسسات الدولة، وعمل الحكومة على تقليص العجز في ميزان المدفوعات، ومن ثم اتخاذ المصرف المركزي إجراءات تؤدي إلى استقرار سعر الصرف.

* واجهت الموازنة العامة للدولة عجزاً كبيراً خلال العامين الأخيرين.. أين تقرأ الخلل؟

- معلوم أن النفط هو المصدر الأساسي في تمويل الموازنة العامة، مما يجعل ليبيا من الدول أحادية المصدر في تمويل اقتصادها، بما يتطلب إعادة النظر في هيكلة الاقتصاد. وأدت الصراعات والاحتجاجات وسيطرة بعض التشكيلات المسلحة على الحقول والموانئ النفطية وإقفالها فترات طويلة إلى انخفاض كمية الصادرات من النفط الليبي. وصاحبه في التوقيت نفسه انخفاض كبير في أسعار النفط الخام، لتتراجع قيمة صادرات الدولة، مما كان له الأثر السلبي في ميزان المدفوعات أيضاً.

* وكيف يمكن إعادة التوازن؟

يتطلب تحقيق التوازن الداخلي، «وضع الموازنة العامة للدولة»، ويتطلب التوازن الخارجي، «وضع ميزان المدفوعات»، نوعين من الإجراءات.

الأول هو إجراءات مستعجلة وقصيرة الأمد ومن أهمها عودة الحقول والموانئ النفطية إلى سلطات الدولة وتوفير الأمن واستئناف تصدير النفط وفق الكميات المستهدفة، والعمل الجاد على تحصيل الإيرادات السيادية التي انخفضت كثيراً في السنوات الأخيرة بسبب غياب سيادة القانون وترهل مؤسسات الدولة، فالضرائب والرسوم الجمركية تمثل مصدرا مهماً في تمويل الإيرادات بالموازنة، لكنها تحتاج إلى مؤسسات قادرة على تحصيل هذه الأموال.

أما النوع الثاني من الإجراءات فهو بعيد المدى، من خلال إعادة هيكلة الاقتصاد، والبحث عن موارد اقتصادية أخرى من قطاعات اقتصادية غير قطاع النفط، فالخدمات والسياحة والإنتاج والتصنيع يمكن أن توفر موارد مالية للدولة، تجنبها الوقوع في دائرة العجز، إذا ما تأثر قطاع النفط سواء من حيث الكميات المنتَجة أو أسعار الخام في الأسواق العالمية.

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
تقرير اقتصادي: نصف العالم يغرق في أسوأ أزمة ديون
تقرير اقتصادي: نصف العالم يغرق في أسوأ أزمة ديون
أسعار النفط ترتفع بعد انخفاض المخزونات الأميركية
أسعار النفط ترتفع بعد انخفاض المخزونات الأميركية
«غوغل» تطرد 50 موظفًا احتجوا على صفقة مع «إسرائيل»
«غوغل» تطرد 50 موظفًا احتجوا على صفقة مع «إسرائيل»
أسعار النفط ترتفع والأسواق تترقب صدور بيانات أميركية غدا
أسعار النفط ترتفع والأسواق تترقب صدور بيانات أميركية غدا
«بوينغ» تحقق خسائر أقل من المتوقع في الربع الأول من 2024
«بوينغ» تحقق خسائر أقل من المتوقع في الربع الأول من 2024
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم