Atwasat

لماذا سجلت الولايات المتحدة تباطؤا في التضخم أقل من المتوقع؟

القاهرة - بوابة الوسط الثلاثاء 13 سبتمبر 2022, 07:31 مساء
WTV_Frequency

تباطأ معدل التضخم بشكل طفيف في أغسطس في الولايات المتحدة، بفضل تراجع أسعار الوقود، لكنّ الإيجارات وحتى أسعار الأغذية تواصل الارتفاع، ما يمثل شوكة في خاصرة الرئيس جو بايدن قبل شهرين من انتخابات منتصف الولاية.

وتراجعت نسبة التضخم إلى 8.3% على أساس سنوي في أغسطس، في مقابل 8.5% في يوليو، بحسب مؤشر أسعار المستهلك الذي نشرته الثلاثاء وزارة العمل. إلا أن التباطؤ كان أقل مما توقع المحللون الذين رجّحوا أن يتراجع معدل التضخم إلى 8%، حسب وكالة «فرانس برس».

وقال الرئيس الأميركي في بيان إن «خفض التضخم يحتاج مزيدًا من الوقت والإرادة». غير أنه أشاد بالتباطؤ المسجّل الذي يُظهر وفق قوله، «تقدمًا إضافيًا في خفض التضخم العالمي في الاقتصاد الأميركي».

يقيم الرئيس الجمهوري بعد ظهر الثلاثاء في البيت الأبيض حفلًا بمناسبة إقرار «قانون خفض التضخم» وهو خطته الاستثمارية الواسعة لمكافحة التغير المناخي ومساعدة الأُسر في مواجهة التضخم على المدى المتوسط، التي نجح في تمريرها في الكونغرس الشهر الفائت.

التضخم مستمر في أميركا بشكل حاد
لكن خلف هذا التباطؤ الطفيف، هناك زيادة مستمرة لكلفة المعيشة في الولايات المتحدة. ورأت كبيرة الاقتصاديين في شركة «أكسفورد إيكونوميكس» كايثي بوستيانشيتش في مذكرة أن «التضخم لا يزال مستمرًا بشكل حاد».

فخلال شهر واحد، ارتفعت الأسعار مجددًا بنسبة 0.1% مقارنة بيوليو، بينما كان يُتوقع تراجعها بشكل طفيف، في مقابل نسبة تضخم معدومة بين يونيو ويوليو. بالمقارنة مع يوليو، سجّلت أسعار الوقود تدنيًا كبيرًا بنسبة 10.1%. وبالطبع هذا أمر مرحّب به في بلد حيث تُعتبر السيارة ضرورية عموما، بعدما كانت أسعار الوقود ارتفعت بشكل حاد منذ بدء الحرب الروسية على أوكرانيا.

وسُجل أيضًا تراجع في أسعار تذاكر السفر جوًا والسيارات المستعملة. لكن ذلك لم يكن كافيًا لتعويض ارتفاع أسعار معظم المنتجات الأخرى: السكن والمواد الغذائية والرعاية الصحية والسيارات الجديدة... وأوضحت وزارة العمل في بيان أن ارتفاع الأسعار كان «معمّمًا». واستمر ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي والكهرباء.

ويشير إيان شبردسون الخبير الاقتصادي في مجموعة بانثيون للاقتصاد الكلي في مذكرة إلى أن «زيادات (الأسعار) أكبر بكثير من المتوقع في مروحة واسعة من الفئات».

وكذلك تتسارع نسبة التضخم الكامنة التي تُحتسب بناءً على كافة الأسعار باستثناء أسعار الأغذية والطاقة. وقد بلغت +6.3% على أساس سنوي (مقابل 5.9% في يوليو) و+0.6% بمعدّل شهري (مقابل +0.3% في يوليو). وسجّلت أسعار المواد الغذائية ارتفاعًا بنسبة 0.8% على أساس شهري، و11.4% على أساس سنوي، ما يمثل أعلى زيادة منذ العام 1979.

منذ العام ونصف العام، تسجّل الأسعار ارتفاعًا حادًا ما يؤدي إلى تآكل قدرة الأُسر الشرائية. وقد بلغ معدّل التضخم في يونيو أعلى مستوياته منذ أكثر من أربعين عامًا، قبل أن يتباطأ في يوليو.

الوقت ينفد
وأثار التضخم المستمرّ مخاوف في بورصة وول ستريت صباح الثلاثاء وافتتحت بورصة نيويورك جلساتها بتراجع كبير. وسجّلت قيمة الدولار قفزة لأن المستثمرين يراجعون توقعاتهم بشأن تباطؤ رفع الاحتياطي الفدرالي أسعار الفائدة.

ويُفترض أن تُقنع أرقام شهر أغسطس المصرف المركزي الأميركي الذي يكافح التضخم، بمواصلة تشديد سياسته النقدية. تدفع زيادة معدلات الفائدة المصارف التجارية إلى تقديم قروض مكلفة أكثر لزبائنها أفرادًا أو شركات، الذين سيكونون أقلّ ميلًا للاستهلاك والاستثمار، ما يُفترض أن يسمح بتخفيف الضغط على الأسعار، وفق «فرانس برس»

وحذّر رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول الخميس من أن «الوقت ينفد». سيؤدي هذا الإبطاء الطوعي للنشاط الاقتصادي إلى زيادة معدل البطالة. لكن الوضع الجيّد لسوق العمل إلى درجة أنها تشهد نقصًا في اليد العاملة، يوفر  هامش تحرك، رغم أن البطالة ارتفعت قليلًا في أغسطس فبلغت 3.7%. وتقول كبيرة خبراء الاقتصاد في شركة «هاي فريكوينسي إكونومكس» روبيلا فاروقي إن «إلى جانب سوق العمل التي لا تزال قوية للغاية، تمهّد هذه البيانات الطريق أمام الاتفاق على رفع جديد وكبير لمعدّلات الفائدة «بنسبة 0.75 نقطة، الأسبوع المقبل» خلال اجتماع الاحتياطي الفيدرالي.

مؤشر أسعار المستهلك هو مرجعي ويُستخدم خصوصًا لاحتساب المعاشات التقاعدية. لكنّ الاحتياطي الفدرالي يفضّل مؤشرًا آخر لقياس التضخم هو مؤشر «أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي» الذي تباطأ أيضًا في يوليو (+6.3% مقابل 6.8% في يونيو بمعدل سنوي).

ويأمل المصرف المركزي في «هبوط سلس» أي خفض هذا المؤشر إلى نحو 2%، وهي النسبة التي تعد ملائمة للعجلة الاقتصادية. إلا أن العضو في مجلس حكّام الاحتياطي الفيدرالي كريستوفر وولر رأى أن ذلك «سيستغرق وقتًا».

في المقابل، يعتبر خبراء الاقتصاد لورنس بال من جامعة جونز هوبكنز ودانيال لي وبراشي ميشرا من صندوق النقد الدولي في ورقة بحثية نشرها معهد بروكينغز الأربعاء الماضي أنه «من غير المرجّح» لكن «ليس من المستحيل» أن يحقق الاحتياطي الفدرالي «الهبوط السلس» الذي يأمله، أي كبح التضخم من خلال زيادة نسبة البطالة بشكل طفيف. ويرى هؤلاء أن المصرف المركزي «سيدفع على الأرجح البطالة إلى أعلى بكثير من توقعاته البالغة 4.1%».

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
العالم يهدر مليار وجبة يوميا بتريليون دولار.. والأمم المتحدة: «مأساة عالمية»
العالم يهدر مليار وجبة يوميا بتريليون دولار.. والأمم المتحدة: ...
مبادرة أميركية لزيادة واردات الأغذية من أفريقيا
مبادرة أميركية لزيادة واردات الأغذية من أفريقيا
«موديز» تستبعد تحقيق فرنسا هدفها خفض العجز بحلول 2027
«موديز» تستبعد تحقيق فرنسا هدفها خفض العجز بحلول 2027
أسعار النفط ترتفع بعد جلستين من التراجع
أسعار النفط ترتفع بعد جلستين من التراجع
ماكرون يدعو إلى اتفاق تجاري جديد بين أوروبا و«ميركوسور»
ماكرون يدعو إلى اتفاق تجاري جديد بين أوروبا و«ميركوسور»
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم