Atwasat

الميكنة والإنتاج الصيني يهددان حياكة الساري يدويا في فاراناسي الهندية

القاهرة - بوابة الوسط الأحد 22 مايو 2022, 08:53 صباحا
WTV_Frequency

يتمسك الهندي محمد سراج الدين، في مشغله ذي الإضاءة الخافتة، باستخدام التقنيات اليدوية في تصنيع الساري الحريري، وهو تاليًا أحد آخر نساجي مدينة فاراناسي الذين يعتمدون الطريقة الحرفية في إنتاج هذا الزي النسائي التقليدي.

وتشكل جودة الأقمشة المستخدمة ودقة الأنماط المرسومة عليها سبب الشهرة التي اكتسبتها منذ قرون ملابس الساري الحريرية المصنعة في فاراناسي، وهي مدينة في ولاية أوتار براديش (شمال الهند)، تشكل مقصدًا للحجاج للهندوس كونها تقع على ضفاف نهر الغانج المقدس لديهم، وفق وكالة «فرانس برس».

لكن حرفيي المدينة الذين يصرون على حياكة هذه الملابس يدويًا باتوا اليوم عرضة لمنافسة شرسة من الساري الصيني المنخفض الثمن الذي غزا الأسواق، ويشكل استخدام المناسيج الآلية خطرًا يهدد استمراريتهم، فيما لا تزال مبيعاتهم متأثرة سلبًا ببطء التعافي من جائحة «كوفيد-19».

وينتمي محمد سراج الدين إلى قلة من نساجي فاراناسي لا تزال تقاوم المناسيج الكهربائية التي تتميز عن تلك اليدوية بسهولة الاستخدام وسرعة الإنتاج. ويقول الرجل البالغ 65 عامًا لوكالة «فرانس برس» داخل مشغله الذي يقيم فيه: «إذا جلتم في الحي، ستلاحظون أن هذا المنزل هو الوحيد الذي يحوي منسجًا يدويًا، لكن هذا الواقع سيستمر ما دمت على قيد الحياة ليس إلا، إذ ما مِن أحد يخلفني بعد رحيلي».

صعوبة العمل في حياكة الساري

ويشرح سراج الدين أن «الحياكة باستخدام منسج يدوي تتطلب عملًا كثيرًا وتنطوي على صعوبة كبيرة». ويُباع ساري واحد صممه سراج الدين وزينه بخيط «زاري» ذهبي وبأنماط على شكل أزهار، بثلاثين ألف روبية (390 دولارًا)، لكن الربح الذي يبقى له ضئيل جدًا، إذ حُسِمَت من السعر أكلاف التصنيع وعمولات الوسطاء. ويوضح أن «تصنيع لباس ساري واحد يستغرق أيامًا نظرًا إلى المجهود الذي تتطلبه العملية، فيما الربح الناجم عن بيعه لا يُذكر».

وفي المقابل، يبلغ ثمن الساري المصنوع على منسج آلي بين خمسة وعشرة آلاف روبية (130 دولارًا) لكنه يصنع بخيوط حرير أقل جودة. ويشهد لباس الساري الخاص بمدينة فاراناسي طلبًا واسعًا من الهنديات المقبلات على الزواج، وعادة ما تتوارثه نساء العائلة الواحدة جيلًا عن جيل.

وترى مؤلفة كتاب «ووفن تكستايلز أوف فاراناسي» جايا جايتلي أن المكننة وانتشار المنتجات المقلدة الصينية المنشأ في الأسواق انعكسا سلبًا على أزياء الساري المصنوعة تقليديًا في فاراناسي.

خطر النسخ الصينية المقلدة
وتقول جايتلي لوكالة «فرانس برس» إن الصينيين «يصنعون نسخة مقلدة من الساري الهندي الخاص بفاناراسي منذ مدة»، معتبرة أن «الصين تفوقت على فاراناسي وتجارتها وإنتاجها للساري الهندي». وترى أن السلع الصينية ألحقت ضررًا كبيرًا بالتصنيع المحلي للحرير بعد التحرير الاقتصادي الذي اعتمدته الهند في تسعينات القرن الفائت.

وتضيف أن «الخيوط والأقمشة الصينية اجتاحت المنتجات كلها. وأسهمت المكننة ثم المنافسة الصينية وقدرة الصين على إنتاج كميات هائلة من المنتجات بأسعار منخفضة جدًا في القضاء على كل صناعاتنا (الحريرية) التي كانت مزدهرة سابقًا».

وتعتبر جايتلي أن على الحكومة الهندية مسؤولية انتهاج سياسات لصالح صناعة النسيج اليدوية وجعل تزويد النساجين بالمواد الأولية عملية سهلة بتكاليف أرخص. وتقول: «ينبغي دعم صناعة النسيج التقليدية، إذ أن الهند تتمتع بأكبر تنوع من الحياكة اليدوية والتقنيات والمهارات واليد العاملة المؤهلة في العالم»، مضيفة أن تقليد النسج اليدوي «مصدر فخر».

ومع أن ثمة فئة من الذواقة والميسورات لا تزال تقبل على شراء الساري الحرفي المحلي، إلا أن الطلب عليه أصبح نادرًا في السياق الاقتصادي الحالي لفترة ما بعد الجائحة.

ويشير اقتصاديون إلى أن الجائحة أدت إلى ارتفاع في تكاليف المعيشة، وانخفاض في الطلب، وخسارة وظائف، وتضخم، فيما لا تزال التوقعات الاقتصادية سلبية. ويقول محمد شهيد، وهو تاجر يبلغ 33 عامًا من فاراناسي، لوكالة «فرانس برس» إن «النساجين يعانون كثيرًا، إذ لا يحصلون على السعر المناسب لمنتجاتهم، ويأتي الدفع متأخرًا». ورغم ذلك، يأمل شهيد في أن يتمكن قطاع صناعة النسيج اليدوية من التغلب على هذه التحديات الكثيرة.

ويقول: «من يعرف قيمة النسج اليدوي سيواصل شراء الساري الذي ننتجه»، معتبرًا أن «المنسج اليدوي التقليدي سيستخدم بوتيرة أقل لكنه لن يختفي أبدًا».

 

كلمات مفتاحية

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
إيلون ماسك يستعد لزيارة الهند بحثاً عن فرص جديدة
إيلون ماسك يستعد لزيارة الهند بحثاً عن فرص جديدة
ما رهان الاتحاد الأوروبي لوقف تراجعه الاقتصادي؟
ما رهان الاتحاد الأوروبي لوقف تراجعه الاقتصادي؟
مديرة صندوق النقد قلقة من الوضع «المروع» في السودان واليمن
مديرة صندوق النقد قلقة من الوضع «المروع» في السودان واليمن
صندوق النقد: العجز الأميركي يهدد الاقتصاد العالمي
صندوق النقد: العجز الأميركي يهدد الاقتصاد العالمي
تعاون عراقي-أميركي في مجال الكهرباء والطاقة
تعاون عراقي-أميركي في مجال الكهرباء والطاقة
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم