Atwasat

السياح الأجانب يتوافدون إلى العراق بعد عقود من العزلة

القاهرة - بوابة الوسط الأحد 27 مارس 2022, 02:57 مساء
WTV_Frequency

رغم الوضع الأمني المتدهور والأزمة السياسية بالعراق، وقفت الأميركية إليانا أوفاييه في يوم ربيعي من مارس لالتقاط صورة أمام بوابة عشتار في موقع بابل الأثري العريق في وسط العراق، مع 14 سائحًا أجنبيًا من بين كثيرين بدؤوا بالتوافد إلى بلد فتح للتوّ أبوابه أمام العالم، قبل عام، باتت تأشيرة الدخول تُمنح عند الوصول إلى بغداد لعديد الجنسيات الأجنبية، بعد عزلة عقود فرضتها الحروب، أنست العالم مواقعه الأثرية المهمة المدرج بعضها على قائمة الـللتراث العالمي، التي تنافس دولًا مثل مصر وسورية والأردن، وفقًا لوكالة «فرانس برس».

سياح صانعو محتوى على «يوتيوب»
يأتي بعض السياح بشكل فردي بينهم صانعو محتوى يستكشفون البلاد وينشرون على «يوتيوب» فيديوهات عن الطعام والسكان والآثار لعشرات الآلاف من متابعيهم. فيما يأتي آخرون ضمن مجموعات سياحية مع شركات محلية خاصة تنظم جولات من بغداد إلى البصرة جنوبًا، ثم الموصل شمالًا، عدا السياحة الدينية التي تعاني من المشاكل نفسها، القطاع جديد نسبيًا على البلاد ولا يزال يفتقر للتنظيم والتمويل والبنى التحتية اللازمة واهتمام الحكومة، كما يقول أصحاب شركات خاصة يجهدون بشكل ذاتي لجذب السياح.

تروي إليانا المقيمة في كاليفورنيا والتي تجول العراق مع شركة «بالعطلة» لتنظيم جولات سياحية، أنها تحلم بزيارة العراق منذ أن تلقّت عنه دروسًا في تاريخ الفنون قبل 20 عامًا، وتقول لـ«فرانس برس»: «حين علمت أنه بإمكاننا الحصول على تأشيرة الدخول عند الوصول، جئت حالما استطعت أنا متحمسة لأرى كل ما يرتبط بمهد الحضارات»، وتضيف: «أول ما لاحظته هو دفء وكرم وطيبة الشعب العراقي، يرحبون بك بابتسامة وهم مهذبون جدًا وفخورون جدًا ببلدهم». 
رغم حماسها وشغفها بتاريخ العراق، لاحظت إليانا البالغة 50 عامًا وتعمل بشركة «غوغل»، تهالك البنى التحتية، ولا تزال بابل التي تحولت إلى قاعدة عسكرية للتحالف الدولي إبان الغزو الأميركي، تحمل ندوب الماضي، وكأنها لم تعتد على الزوار. يبدو الموقع مهجورًا. الأعشاب تتصاعد من بعض التفسخات في الأرض والمقاعد المتهالكة المخصصة لجلوس الزوار.

في الجهة الأخرى من الموقع، أعمال بناء وصيانة، عمال بخوذ صفراء وسترات فوسفورية، يحضّرون قطعًا حديدية وإسمنتية. النفايات تتراكم في الأرجاء، الأعشاب البرية والأشواك عرّشت على بعض جدران المدينة الأثرية، يتحدث الأميركي جاستن غونزاليس (35 عامًا) بابتسامة عن تجربته في العراق. ويقول: «على موقع حكومتي يوجد تحذير من الذهاب إلى العراق بسبب خطر الخطف والعنف، لكنني لم أرَ أياً من ذلك». 

زمن العزلة والحصار والعقوبات الدولية
في تسعينات القرن الماضي في زمن الحصار والعقوبات الدولية، أصبح العراقيون في عزلة تامة عن العالم، ولم تنكسر هذه العزلة بعد العام 2003 عقب الغزو الأميركي وإسقاط نظام صدام حسين، فقد تلتها سلسلة من الحروب، جعلت صورة العراق في العالم تقتصر على مشاهد الدمار.

لا تزال عديد الحكومات الغربية رسميًا تحذر رعاياها من السفر إلى العراق، مثل الولايات المتحدة وفرنسا التي يشير موقع وزارة خارجيتها إلى «الخطر الإرهابي» و«خطر الخطف»، مع ذلك، تسعى بغداد إلى الإقلاع بقطاعها السياحي رغم تحدي النقص في البنى التحتية، يقول علي المخزومي صاحب «بالعطلة» التي تنظم منذ 8 أشهر جولات للأجانب «لكي تتطور البنى التحتية لا بد من استثمار للقطاع الخاص في الفنادق ووسائل الراحة والحافلات» تستقبل شركته 30 إلى 40 سائح شهريًا يجولون البلاد لمدة تناهز العشرة أيام.   

دخول أكثر من 107 آلاف سائح العراق
في عام 2021، دخل أكثر من 107 آلاف سائح العراق، بينهم أكثر من 300 من فرنسا والنرويج وبريطانيا وأستراليا والولايات المتحدة وتركيا غيرها، مقابل نحو 30 ألفًا في 2020، بحسب أرقام زوّدت بها هيئة السياحة الحكومية «فرانس برس»، ويعمل العراق تدريجيًا على ترميم مواقعه الأثرية. أعيد تجديد شارع المتنبي في بغداد بمبادرة مصارف خاصة. أما الشارع الموازي له، شارع الرشيد الذي يحمل الأهمية التاريخية نفسها في قلب المدينة القديمة، فهو عبارة عن ركام ونفايات.

بيوت بغداد القديمة المشيدة بالطوب العراقي الأصفر متهالكة في معظمها ومعرّضة للانهيار. فتح المتحف الوطني في بغداد أبوابه أيضًا في مارس بعدما كان مغلقًا لثلاث سنوات، فيما ينوي العراق افتتاح أكثر من متحف جديد، ومدينة أور الأثرية الواقعة في جنوب العراق حيث صلى البابا فرنسيس العام الماضي، طالتها حملة الترميم لمناسبة الزيارة فقط. في نينوى ومركزها الموصل، دمر تنظيم الدولة الاسلامية العديد من المواقع الاثرية الهامة. 

مع ذلك، تسعى هيئة السياحة إلى «تأهيل المواقع الأثرية سياحيًا»، كإنشاء محطات استراحة، من ضمن أهداف أخرى، رغم ذلك، يبقى غياب البنى التحتية والخدمات والتنظيم عائقًا بالنسبة لآية صالح وزوجها أحمد اللذين أطلقا شركتهما «سفراتي» قبل نحو عام. تقول آية «قاموا بفتح تأشيرات الدخول عند الوصول لكنهم أبقوا كل شيء آخر معقدا»، وتضيف: «نصف رحلة السائح تنقضي في الطريق وعلى نقاط التفتيش. رغم أننا نحمل الموافقات اللازمة، لكن لا فرق، التعب نفسه والانتظار نفسه ولا توجد جهة نشتكي إليها».

وعلى «يوتيوب»، تتنوع العناوين: «أفضل بيتزا في العراق»، «شاب أمريكي يلتقي بفتاة عراقية»، «اكتشاف بغداد، كم هي خطيرة؟»، «إيما في حديقة الزوراء»، إيما الاسكتلندية، واحدة من العديد من صانعي المحتوى الذين بات العراق وجهتهم المفضلة، مع أكثر من 73 ألف متابع على «يوتيوب». زارت العراق مرتين وقضت في زيارتها الأخيرة شهرين متواصلين في البلاد، من بغداد إلى الفلوجة والرمادي والبصرة، وتتحدث بشغف عن تجربتها «تعتقد أنهم بعد كل ما مروا به، بعد عقود من العزلة والحروب، سيكونون شعبًا تعيسًا...لكنهم طيبون وكرماء مع الغرباء».

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
«صندوق النقد» يرجح ارتفاع عجز الميزانية الأميركية مع منحنى ديون حاد
«صندوق النقد» يرجح ارتفاع عجز الميزانية الأميركية مع منحنى ديون ...
مقترح روسي لتسهيل تبادل الحبوب بين دول الـ«بريكس»
مقترح روسي لتسهيل تبادل الحبوب بين دول الـ«بريكس»
أسعار النفط تتراجع بعد تلاشي مخاطر التصعيد بين «إسرائيل» وإيران
أسعار النفط تتراجع بعد تلاشي مخاطر التصعيد بين «إسرائيل» وإيران
إردوغان في بغداد اليوم لبحث ملفات المياه والنفط والأمن الإقليمي
إردوغان في بغداد اليوم لبحث ملفات المياه والنفط والأمن الإقليمي
2.44 تريليون دولار الإنفاق العسكري عالميا في 2023 .. والشرق الأوسط الأعلى كنسبة من الناتج المحلي
2.44 تريليون دولار الإنفاق العسكري عالميا في 2023 .. والشرق ...
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم