سجل الاقتصاد الهندي تراجعا قياسيا بلغت نسبته 23,9% بين أبريل ويونيو، بحسب أرقام نشرت الإثنين، في وقت تعرض قطاعا التصنيع والإنتاج لضربة جراء تدابير الإغلاق الصارمة للحد من فيروس كورونا المستجد.
وهذا أكبر تراجع للنمو منذ أن بدأت نيودلهي نشر إحصاءات فصلية في 1996. وتأتي الأرقام الأخيرة في وقت تجاوزت حصيلة الإصابات بالوباء عتبة 3,6 مليون إصابة على مستوى البلاد، وفق «فرانس برس».
الهند تعزل 125 مليون شخص و«كورونا» يواصل انتشاره في العالم
عدد قياسي عالمي من الإصابات بفيروس «كورونا» في الهند
ويعكس هذا التراجع الكبير لثالث أكبر اقتصاد في آسيا، تداعيات الإغلاق المستمر منذ أشهر، والذي توقفت بسببه غالبية الأنشطة الصناعية والإنتاجية.
ضربة قاصمة
وسددت إجراءات الحد من الفيروس، ضربة قاصمة لاقتصاد كان يعاني أساسا تباطؤا في العام 2019، بسبب تراجع طلب المستهلك وارتفاع معدلات البطالة.
وجاء التراجع أسوأ مما توقعه خبراء اقتصاد استطلعتهم وكالة بلومبرغ في وقت سابق وتوقعوا انخفاضا بنسبة 18%. وحذرت الحكومة الإثنين من أن الأرقام يمكن أن تعاد مراجعتها، لأن الوباء أثر أيضا على قدرات جمع بيانات دقيقة حول النشاط الاقتصادي.
وقال خبير الاقتصاد اشوتوش داتار ومقره بومباي لوكالة إن «الأشهر الثلاثة تلك مضت خلال إجراءات الإغلاق، وشكلت انتكاسة تامة للاقتصاد الهندي». وأضاف أن الآفاق المظلمة من غير المرجح أن تتبدد «خلال الفترات الفصلية القليلة القادمة».
وتابع «بدأنا بنشر أرقام النمو الفصلية اعتبارا من 1996 فقط، وهذا أسوأ أداء فصلي مسجل على الإطلاق».
وتسبب الإغلاق المفاجئ بدءا بأواخر مارس بنزوح كبير لملايين العمال المهاجرين الذين غادروا المدن متوجهين إلى قراهم، بسبب نقص المواد الغذائية والمال. ورغم تخفيف الإجراءات فإن أعدادا كبيرة منهم لم يعودوا إلى عملهم، ما وضع المصانع أمام أزمة نقص في اليد العاملة.
آفاق كئيبة
يرى كبير الخبراء الاقتصاديين في بنك برودا الحكومي سمير نارنغ أن «هذه أزمة صحية تحولت أزمة اقتصادية». وقال إن قطاعات «الإنتاج والتجارة والبناء والنقل والاتصال جميعها تضررت».
وكان رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي أعلن خطة بقيمة 266 مليار دولار، أي ما يمثل 10 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، لإنعاش الاقتصاد المتعثر فيما خفض البنك المركزي الهندي معدلات الفائدة وقام بتحويل مليارات الروبيات من الأرباح السنوية إلى الحكومة.
غير أن التدابير لم تحدث بعد أثرا اقتصاديا إيجابيا كما لم تحفز الطلب، فيما ارتفع التضخم لأكثر من 6%، أي أعلى بكثير من هدف البنك المحدد بـ4%. وسدد التضخم والبطالة ضربة للطلب، وفق محللين، ما يؤكد ضرورة تحرك الحكومة بسرعة لإطلاق عجلة الاقتصاد.
الحوافز المالية العاجلة
وقال خبير الاقتصاد لدى مؤسسة أناند راثي سوجان هجرا «لدينا ما يكفي من الأسباب للتشاؤم بشأن الطلب، كما أن هناك ... خسارة كبيرة للوظائف والمداخيل، لذا فإن الطلب لن (يعود) بسرعة». وأضاف «على حكومة مودي أن تأتي بنوع من الحوافز المالية العاجلة للمساعدة في انعاش الاقتصاد».
في موازاة ذلك سجل عدد الإصابات بفيروس كورونا المستجد في الهند ارتفاعا قياسيا. وسجلت الهند نحو 65 ألف وفاة بالفيروس لتصبح ثالث أكبر الدول المتضررة من حيث عدد الوفيات، بعد الولايات المتحدة والبرازيل.
والدولة البالغ عدد سكانها 1,3 مليار نسمة، سجلت ثالث أكبر عدد إصابات على مستوى العالم. وأخفقت إجراءات الإغلاق في احتواء انتشار الفيروس الذي تفشى من مدن مكتظة إلى قرى نائية حيث لا يزال تلقي الرعاية الصحية مشكلة كبيرة.
تعليقات