قررت السعودية رفع نسبة ضريبة القيمة المضافة، وإيقاف بدل غلاء المعيشة، في إطار تدابير تقشفية جديدة فرضتها إجراءات الحد من انتشار تفشّي فيروس كورونا المستجد وتراجع أسعار النفط.

وستوفر الخطوات الجديدة نحو 100 مليار ريال (26,6 مليار دولار) لخزينة الدولة، فيما تكثّف الحكومة خططها الطارئة لخفض الإنفاق واعتماد استراتيجية تقوم على التقشف، حسب وكالة «فرانس برس».

وقد تثير القرارات الأخيرة استياء في المملكة الغنية التي تشهد ارتفاعا في كلفة المعيشة، وتدفع نحو تعليق مشاريع حكومية ضخمة بمليارات الدولارات، بينها شراء نادي كرة القدم الإنجليزي نيوكاسل يونايتد.

وقال وزير المالية محمد الجدعان حسبما نقلته عنه وكالة الأنباء الرسمية إن الإجراءات ضرورية لتعزيز موقف المالية العامة في مواجهة انخفاض حاد في الإيرادات النفطية، مع تراجع الطلب العالمي بشكل غير مسبوق بسبب الوباء. كما أعلن أنّ المملكة قرّرت إلغاء أو تمديد أو تأجيل بعض بنود النفقات التشغيلية والرأسمالية لعدد من الجهات الحكومية.

خفض اعتمادات «رؤية 2020»
وستخفض الرياض كذلك اعتمادات عدد من مبادرات برامج تحقيق الرؤية والمشاريع الكبرى للعام المالي 2020، في إشارة إلى رؤية 2030 التي طرحها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في العام 2016، الهادفة لتنويع الاقتصاد ووقف ارتهانه للنفط.

اقرأ أيضا: احتجاج في السعودية على مشروع مدينة «نيوم» الضخم

وكان الجدعان قال في وقت سابق من الشهر الجاري إن استدامة المالية العامة تتطلب اتخاذ إجراءات صارمة قد تكون مؤلمة لمواجهة التراجع الاقتصادي بسبب تفشي الفيروس وانهيار أسعار النفط.

وأغلقت السعودية، أكبر مصدر للخام في العالم وصاحبة الاقتصاد العربي الأضخم، دور السينما والمطاعم وأوقفت رحلاتها الجوية وتأدية مناسك العمرة على مدار العام في محاولة لاحتواء الفيروس القاتل.

وكانت المملكة إلى جانب دول خليجية أخرى فرضت ضريبة بنسبة 5 في المئة على السلع والخدمات في العام 2018 في محاولة لتحقيق إيرادات إضافية. لكنّ السعودية قدمت في الوقت ذاته مساعدات بمليارات الدولارات للمواطنين، تعرف باسم بدل المعيشة، لتخفيف أثر ارتفاع التكاليف.

ومن غير المرجح أن تساهم تدابير التقشف في سد كامل العجز الهائل في ميزانية المملكة، والذي توقّعت مجموعة «جدوى للاستثمار» السعودية أنّ يرتفع إلى مستوى قياسي قد يبلغ 112 مليار دولار هذا العام.

خسارة نصف إيرادات النفط
سجلت الرياض عجزًا في الميزانية كل عام منذ بداية التراجع الكبير لأسعار النفط العام 2014، إذ توقع صندوق النقد الدولي في أبريل أن ينكمش الاقتصاد السعودي بنسبة 2.3% هذا العام.

وقال الجدعان إنه يتوقع أن تخسر الرياض نصف مدخولها من النفط الذي يساهم بنحو 70% من الإيرادات العامة، بعد انخفاض أسعار النفط بنسبة الثلثين منذ بداية العام، مشيرا إلى أن الرياض ستقترض نحو 60 مليار دولار هذا العام لسد العجز في الميزانية.

وقد تؤدي إجراءات التقشف إلى انتقادات لاستراتيجية الحكومة في السنوات الأخيرة، والتي قامت على استثمار مليارات الدولارات لاستضافة فعاليات فنية ورياضية وسياحية ضخمة في إطار سعيها لتنويع الاقتصاد.