Atwasat

بعد 9 أعوام على حدوثها: حقائق عن أخطر أزمة مالية عالمية منذ الكساد الكبير

القاهرة - بوابة الوسط الأحد 13 أغسطس 2017, 06:16 مساء
WTV_Frequency

يبقى تاريخ 15 سبتمبر 2008 اليوم الذي شهد انهيار مصرف ليمان براذرز الأميركي لينهار على إثره الاقتصاد العالمي، بداية أخطر أزمة مالية منذ الكساد الكبير، غير أن البوادر بدأت تلوح منذ صيف العام السابق لهذا التاريخ.

في 9 أغسطس 2007 قام مصرف «بي إن بي باريبا» الفرنسي بتجميد ثلاثة صناديق تتعامل في السوق العقارية الأميركية، موجهًا بذلك رسالة إلى الأوساط المالية بأن القروض المضمونة برهون عقارية في الولايات المتحدة لم تعد جديرة بالثقة، وأدى ذلك إلى تدهور مؤشر داو جونز لأسهم أكبر ثلاثين شركة صناعية أميركية، بنسبة قاربت 3 %، بحسب «فرانس برس».

ويذكر العميل في سوق الأسهم كيني بولكاري الذي يعمل في وول ستريت منذ 1985 «رأينا الذعر ينتشر بين صناديق التحوط والأفراد الذين يتداولون المنتجات المالية الأقل رضوخًا للضوابط»، ويضيف "كنت قلقًا لكنني لم أكن مذعورًا» في تلك الفترة التي كان يلعب فيها دور الوسيط بين السماسرة في البورصة والمصرفيين ومديري الأصول، لحساب شركة «إيكاب» البريطانية. ويتابع «بدأ الناس يسعون لفهم هذا العالم الافتراضي من المنتجات المتشعبة».

جهل لحقيقة الوضع
وبدا الجهل ذاته لحقيقة الوضع سائدًا في البيت الأبيض أيضًا، حيث أعلن الرئيس جورج بوش في اليوم نفسه، في التاسع من أغسطس بنبرة قاطعة ردًا على سؤال «يبدو في المرحلة الراهنة أننا نتجه إلى تباطؤ في الاقتصاد. هذا ما تعكسه الوقائع».

ومن العوامل التي شجعت الفورة العقارية السياسة التي اعتمدها رئيس الاحتياطي الفدرالي الأميركي آلان غرينسبان، إذ أبقى معدلات فائدة متدنية جدًا وأغرق الأسواق بالدولارات، الأمر الذي شجع الأسر على الاقتراض لشراء منازل. وبرزت القروض كمحرك للاستهلاك.

ويذكر كيني بولكاري «كان بالإمكان حصول شخص عاطل عن العمل على قرض»، وفي وول ستريت سجلت الأرباح والمكافآت المالية ارتفاعًا كبيرًا، لا سيما وأن إدارة الرئيس بيل كلينتون قامت في 1999 بإلغاء قانون «غلاس - ستيغال» الذي كان يفصل بين مصارف الودائع التي تعتمد سياسة حذرة، ومصارف الأعمال التي تقبل على المجازفة.

في 16 مارس 2008 أعاد مصرف «جي بي مورغان تشيس» شراء شركة «بير ستيرنز» للاستثمار لقاء سعر زهيد

وأزاء الطلب الشديد قام الوسطاء باستحداث قروض مضمونة برهون عقارية بنسب فوائد متفاوتة، قامت المصارف لاحقًا بنشر مخاطرها في الأسواق المالية من خلال إعادة بيعها بأجزاء متفرقة على شكل «سندات ديون مضمونة بأصول»، بموافقة وكالات التصنيف الائتماني.

لكن مع قيام الاحتياطي الفدرالي برفع معدلات فائدته اعتبارًا من 2004، تبدل الوضع في السوق العقارية وباتت العائلات التي تعتبر أوضاعها هشة تواجه ضغطًا شديدًا وتجد صعوبة في تسديد قروضها. ويروي كيني بولكاري أن «المصاعب كانت تتفاقم بعيدًا عن الأنظار»، مضيفًا أن «هذه المنتجات المالية المشتقة والمعقدة لم تكن مفهومة كثيرًا، لكن لم يكن أحد يكترث طالما أن السوق في ازدهار والجميع يحقق مكاسب مالية».

منعطف كبير
ثمة مصرف توقع الكارثة هو غولدمان ساكس، إذ دعا مديره المالي ديفيد فينيار في 14 ديسمبر 2006 إلى اجتماع مع مسؤولي المخاطر والعملاء في البورصة، لبحث وضع السوق العقارية الأميركية، وقال مصرفي لوكالة فرانس برس طالبًا عدم كشف اسمه أنه أشير في تلك الفترة إلى تسجيل خسائر أولى في محفظة غولدمان ساكس.

وأمر فينيار عندها بتبديل استراتيجية الاستثمار في ضوء توقعات بانهيار سوق العقارات. وقال للمجتمعين «يجب أن نضع أنفسنا في مأمن». وإن كان هذا التبدل في الاستراتيجية أتاح للمصرف تحقيق أرباح طائلة وتفادي الأسوأ، إلا أنه حمل «هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية» المسؤولة عن ضبط البورصة على ملاحقته وقد اتهمته في 2010 باستحداث منتج معقد في 2007، يحتوي على رهون عقارية عالية المخاطر عرف في حينه باسم «أباكوس»، وقد باعه المصرف إلى زبائن كانوا يعتقدون أن السوق العقارية في ارتفاع في حين كان المصرف يتوقع هبوطها.

وفي 16 مارس 2008 أعاد مصرف «جي بي مورغان تشيس» شراء شركة «بير ستيرنز» للاستثمار لقاء سعر زهيد، فيما كانت على شفير الإفلاس نتيجة إقبالها على رهون عقارية عالية المخاطر. وكانت هذه الشركة التي أنشئت العام 1923 وتوظف 14 ألف شخص من رموز نجاح القطاع المالي الأميركي.

وعلق كيني بولكاري «كان هذا المنعطف الكبير»، مضيفًا «في أعقابه باتت جميع هذه المنتجات المالية المعقدة غير قابلة للبيع. لم يعد هناك زبائن لها. وفجأة عمّ الذعر». وقال كيني بولكاري منتقدًا «كنا في نهاية المسار لكننا دفعنا الثمن غاليًا رغم أننا لم نكن نتعامل إطلاقًا بهذه المنتجات السامة»، ولا يزال يبدي الغضب ذاته بعد مضي نحو عشر سنوات، ويعرب عن نقمته على هيئات ضبط القطاع المالي التي «لم تكن تفهم شيئًا» في ما يجري.

وقامت شركته بتسريح «العديد»، وانتقل هو للعمل في شركة «أونيل سيكيوريتيز» ويدلي حاليًا بمداخلات منتظمة في وسائل الإعلام الأميركية.

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
ما رهان الاتحاد الأوروبي لوقف تراجعه الاقتصادي؟
ما رهان الاتحاد الأوروبي لوقف تراجعه الاقتصادي؟
مديرة صندوق النقد قلقة من الوضع «المروع» في السودان واليمن
مديرة صندوق النقد قلقة من الوضع «المروع» في السودان واليمن
صندوق النقد: العجز الأميركي يهدد الاقتصاد العالمي
صندوق النقد: العجز الأميركي يهدد الاقتصاد العالمي
تعاون عراقي-أميركي في مجال الكهرباء والطاقة
تعاون عراقي-أميركي في مجال الكهرباء والطاقة
خطوط «فلاي دبي» تلغي رحلاتها إلى إيران
خطوط «فلاي دبي» تلغي رحلاتها إلى إيران
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم