Atwasat

رسائل وداعية تكشف مصير ضحايا «الإرهاب الأبيض»

القاهرة - بوابة الوسط الإثنين 02 مايو 2016, 08:43 مساء
WTV_Frequency

نشأت «هسومي» في تايوان في ظل الأحكام العرفية، ولم تكن تعرف شيئًا عن والدها، إلا أنه كان مدانًا بجرائم فكرية أدت إلى إعدامه.

كانت هسومي في الخامسة من عمرها حين اقتيد والدها، الطبيب هسوشيانغ، من منزله بتهمة التجسس، في زمن كانت تايوان تعيش فيه ما يعرف بالإرهاب الأبيض، في ظل الأحكام العرفية بين العامين 1949 و1987، وفقًا لوكالة الأنباء الفرنسية.

وبعد عقود اكتشفت هسومي ظروف موت والدها بفضل رسالة اعتراف كتبها قبيل إعدامه،وهسومي واحدة من أقارب كثيرين لأشخاص قضوا في زمن «الإرهاب الأبيض»، ظلت قصصهم منسية إلى أن أتاح الكشف عن وثائق المحفوظات الوطنية إلقاء الضوء عليها.

في العام 1949 فر الصينيون الوطنيون من الصين بعد هزيمتهم أمام قوات الزعيم الشيوعي ماوتسي تونغ، وأسسوا دولة في جزيرة تايوان برئاسة شيانغ كاي شك وابنه.

وفي تلك الحقبة تعرض آلاف الأشخاص للتعذيب والقتل لاتهامهم بمعاداة الحكومة التايوانية التي كانت تواجه الصين.

وتقول هسومي البالغة اليوم 71 عامًا «لم تخبرني أمي تفاصيل عن والدي، كانت تكتفي بالقول إنه ارتكب جرائم فكرية».

إلا أن الرسالة التي كتبها والدها تلقي الضوء قليلاً على الأسباب التي جعلته يدفع حياته ثمنًا لأفكاره ولانتسابه إلى منظمة شيوعية.

ومما جاء في الرسالة «أنه أمر يبعث على الإحباط أن نرى هذا القمع لشعب تايوان، وهذا الفساد والتقصير من جانب السلطات»، وكتب أيضًا «المستشفيات الكبرى تعتني بالأثرياء، أما المواطنون العاديون فلا يمكنهم أن يجدوا طبيبًا».

أدركت هسومي أن حلم والدها الأكبر كان إرسال نظام عادل وتحسين حياة الناس عن طريق الأبحاث الطبية، وتقول «بكل بساطة كان هدفه العدل».

تشير الوثاثق الرسمية إلى أن 140 ألف شخص حوكموا في محاكم عسكرية في ذلك الزمن، وأُعدم منهم ما بين ثلاثة آلاف إلى ثمانية آلاف.

إلا أن بعض الخبراء يعتقدون أن هذه الأرقام أقل بكثير من الواقع، لكن تايوان سارت بعد تلك الحقبة، واعتبارًا من الثمانيات، على طريق الديمقراطية.

في العام 2001 أنشئت دائرة المحفوظات الوطنية التي أتاحت للعائلات والجمهور والمؤرخين الاطلاع على الوثائق الشاهدة على ما جرى في زمن الاستبداد.

تشير الوثاثق الرسمية إلى أن 140 ألف شخص حوكموا في محاكم عسكرية، وأُعدم منهم ما بين ثلاثة آلاف إلى ثمانية آلاف

ويقول المسؤولون في هذه الدائرة إنهم عثروا على 800 صفحة من رسائل كتبها 179 ضحية، وإنهم اتصلوا بعائلاتهم، وحتى الآن أرسلت 106 رسائل إلى عائلات لضحايا زمن الأحكام العرفية.

إلا أن البعض ما زال يدعو الحكومة إلى مزيد من الشفافية، وإلى سن قوانين للبحث عن هذه الوثائق وجمعها وتحليلها، في إطار تحقيق شامل عما جرى في عهد الاستبداد.

ويقول هوانغ شنغ يي الذي يرأس جمعية تعنى بكشف الحقائق والمصالحة ومساعدة عائلات الضحايا على العثور على الرسائل «ينبغي أن تتوصل تايوان إلى خلاصة حول مسؤوليات شيانغ كاي شك والطريقة التي يجب أن يوصف بها».

فما زال كثيرون ينظرون إلى هذا الرجل على أنه بطل قومي في مقارعة الشيوعية، فيما يصفه البعض الآخر بأنه حاكم مستبد.

كانت غيو سو جين في الثالثة من عمرها فقط حين اعتقل والدها من منزله، وهو كان مديرًا لمدرسة ابتدائية، ولم تكن عائلته تعرف شيئًا عن علاقته بالحركة الشيوعية في تايوان، وبعد موته أحرقت العائلة كل مقتنياته خوفًا على سلامتها.

وما زالت غيو البالغة من العمر اليوم 69 عامًا ترغب في معرفة والدها كما يجب، وتقول «لم أقتنع أن والدي كان شريرًا».

تمكنت هذه السيدة من العثور على وثائق كتبها والدها قبيل إعدامه، وكتب في إحداها مخاطبًا زوجته «لا تحزني، أتمنى أن تتزوجي مجددًا إن أمكن».

وتقول غيو «حين اطلعت على هذه الرسائل أدركت أن والدي كان يحبنا، كان ينبغي أن تعود هذه الرسائل إلينا في حينها».

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
فنانون أيرلنديون يطالبون بمقاطعة «يوروفيجن»
فنانون أيرلنديون يطالبون بمقاطعة «يوروفيجن»
لأول مرة.. ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب في 2024
لأول مرة.. ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب في 2024
ذكرى الوحدة الوطنية تحت مجهر القبة الفلكية
ذكرى الوحدة الوطنية تحت مجهر القبة الفلكية
أولمبياد باريس: متحف اللوفر يقدم جلسات رياضية أولمبية
أولمبياد باريس: متحف اللوفر يقدم جلسات رياضية أولمبية
باكورة إصدارات «غسوف»: رواية ورياضة وتراث
باكورة إصدارات «غسوف»: رواية ورياضة وتراث
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم