Atwasat

القصر المسكون.. خُرافة من الموروث الشعبي

القاهرة - بوابة الوسط: أسماء بن سعيد السبت 14 فبراير 2015, 03:06 مساء
WTV_Frequency

الخُرافة في الموروث الشعبي الليبي هي مزيجٌ بين الأسطورة وتطوُّرها ونقلها عبر الوقت، مع إضافة أو إلغاء بعض المواقف لتتماشى مع العصر.

وارتبطت في الغالبية بالعجائز وكبار السنِّ من الأجداد والجدات، إذ كانت تجلس العائلة قبل وقت النوم وتطلب من الجد أو الجدة أنْ يحكي (تحكي) حكاية وبالمحلية «إيخرفلهم خُرافة»، وفي العادة كانت هذه الحكايات تنتهي بالنهايات السعيدة وتحمل عدة دلالات وعِبر، وهي رسائل تربوية للطفل وإنْ كانت غير مباشرة، وهكذا يتناقلها الأبناء جيلاً بعد جيل.

الحكاية أو «الخُرافة» التي سنسلط الضوء عليها اليوم تحمل كثيرًا من الرسائل مثل الشجاعة والإخلاص والغدر وأهم شيء التسامح وقدرة الإنسان على البدء من جديد .

الرحلة إلى المدينة
يحكى أنَّ رجلاً قرَّر ولصعوبة الحياة وعدم وجود قوت يكفيه هو وأسرته المكوَّنة من زوجته و11 طفلاً أنْ يتركَ قريته التي لا يعرف غيرها ويشدَّ رحاله إلى المدينة، لتوافر فرص العمل فيها. بعد أنْ وصل هو وعائلته أول ما لفت انتباهه عدم وجود خيام للسكن، وحين سأل أحد المارة أين يمكن أنْ ينصب خيمته أخبره بأنَّ هذا ممنوعٌ وعليه أنْ يبحث لنفسه عن بيت يؤويه هو وأسرته ويستأجره من صاحبه.

وكلما سأل عن أسعار إيجار المنازل وجدها أكثر بكثير من الدراهم التي يخبئها في كيس وسط ملابسه، وقبل غروب الشمس بلحظات، كان هناك صاحب دكان يجلس ويراقب البدوي الحائر أين يقضي ليلته هو وأطفاله، فقام التاجر بالنداء على البدوي واقترح عليه موضوعًا.

أثناء حوارهما كانت الزوجة تراقب ملامح زوجها وهو يتحدَّث مع التاجر، فكانت في كل مرة تلاحظ أنَّ وجهه زوجها يكفهر، وترتسم الحيرة والإحباط أكثر على ملامحه، وحين رجع الزوج سألته ما الذي حدث، فأخبرها بأنَّ التاجر اقترح عليه السكن في قصر كبير بغرف كثيرة وحديقة ومن دون أي مقابل مالي.

لكن هناك مشكلة فالقصر مسكونٌ، ودون أي تفكير أخبرته المرأة بأنْ يأخذها هي وأولادها إلى هذا القصر والعيش فيه، ولم تفلح كل محاولات الزوج لعدولها عن قرارها.
ما أنْ وصلوا إلى المكان قاموا بجولة فيه فأُعجِبت الزوجة بكِبر المكان واتساعه وتعدُّد غرفه وحدائقه الغناء، ولأنَّ الليل قد حلَّ منذ بعض الوقت قرَّرت العائلة النوم على وجه السرعة .

في ضيافة الغولة
بعد منتصف الليل بقليل، استيقظت الزوجة على صوت نواحٍ وعويلٍ لا تعرف مصدره، فقرَّرت تتبع الصوت ومعرفة مصدره، لتجد نفسها واقفة في الحديقة، التي ينيرها ضوء القمر، وهي تشاهد جثة دون رأس ولا قدمين ولا يدين، تجلس على طرف البئر ويصدر منها صوتُ نواحٍ وهي تندب حظها، فما كان من المرأة إلا مشاركتها عويلها ونواحها، وتردِّد معها ما كانت تقوله «الغولة» .

الغولة: كان إيحبني.
المرأة: كان إيحبك.
الغولة: كان إمدلعني.
المرأة: كان إمدلعك.

وهكذا إلى أنْ تعبت الغولة من البكاء والعويل وسكتت، فسألتها المرأة عن قصتها، فأخبرتها بأنَّها كانت ابنة وحيدة لشهبندر التجار فأحبت أحد خدم والدها وأصرَّت على الزواج به، فوافق والدها بعد أنْ جعل منه قيمًا على كل ثروته وثروة ابنته من بعده، حتى أصبح من عِليةِ القومِ وأهم التجار في كل المنطقة.

وكان يحبها ويحسن معاملتها ويدللها، وكل طلباتها كانت أوامر بالنسبة له، إلى أنْ توفي والدها، فتغيَّرت معاملة الزوج لها، وفي إحدى الأيام استيقظت من نومها لتجده يخونها مع  جارية من جواريها ، وعندما بدأت بالصراخ، قام بقتلها وتقطيع رأسها وأوصالها ورمى بها في البئر الموجودة في الحديقة، وفي الصباح أشاع بين الناس أنَّها أحبت إحدى خدمها، كما حدث معه منذ زمن وفرَّت معه إلى مكان مجهول.

ولهذا قرَّرت أنْ تخرج في كل ليلة اكتمال القمر لترثي حظها العاثر، هنا استغرب السيدة من حكاية الغولة، وكيف أنَّها لا تتذكر من معاملة الزوج إلا الجانب الطيب والحَسَن، وكيف كان يحبها ويدللها حين كان والدها حيًّا يرزق، وقالت لها جملة واحدة وهي «اتفكري سياته تنسيه»، بمعنى تَذَكَّري الجانب السيئ فقط وحينها ستنسيه، ويقال إنَّ هذه آخر مرة ظهرت فيها الغولة وعاشت السيدة وعائلتها  سعيدة في القصر حتى أولاد أولادها.

القصر المسكون.. خُرافة من الموروث الشعبي
القصر المسكون.. خُرافة من الموروث الشعبي

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
نجاح المسلسل يعزز مبيعات سلسلة ألعاب «فولاوت»
نجاح المسلسل يعزز مبيعات سلسلة ألعاب «فولاوت»
إحياء الذكرى الخمسين لوفاة الأديب الفرنسي مارسيل بانيول
إحياء الذكرى الخمسين لوفاة الأديب الفرنسي مارسيل بانيول
شاهد: «الدراما الرمضانية.. تحدي التجديد، فهل من جديد؟»
شاهد: «الدراما الرمضانية.. تحدي التجديد، فهل من جديد؟»
تحضيرات مكثفة للدورة الثالثة لمعرض بنغازي الدولي للكتاب
تحضيرات مكثفة للدورة الثالثة لمعرض بنغازي الدولي للكتاب
بوشناف: الفن مرآة المجتمع
بوشناف: الفن مرآة المجتمع
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم