Atwasat

بيروت تسعى إلى طي صفحة سوداء من خلال مهرجان أدبي

القاهرة - بوابة الوسط الإثنين 24 أكتوبر 2022, 12:10 مساء
WTV_Frequency

بدت مجموعة أنشطة أدبية تستضيفها منطقتا الجميزة ومار مخايل في بيروت، السبت والأحد، ضمن «مهرجان كتب بيروت» الفرنكوفوني الدولي، أشبه بمحاولة لطي صفحة سوداء في هذين الحّيَّين اللذَين دمرهما انفجار مرفأ بيروت العام 2020.

ووفر هذا الحدث «جرعة أوكسيجين» في ظل الظروف الصعبة التي يشهدها لبنان، بحسب المنظمين، وفق «فرانس برس».

واحتضنت صالات العرض والمقاهي في الحَّيَين اللذين عادا ينبضان بالحركة بعدما كانا بالأمس القريب منكوبين، عددا من المؤلفين الكتّاب الفرنكوفونيين من بين أكثر من 110 متعددي الجنسية مشاركين في المهرجان القائم على لقاءات في نحو 30 موقعا من المدينة، وأنشطة في مناطق أخرى، عوضا عن إقامة معرض للكتاب الفرنكوفوني في موقع واحد ثابت، كما درجت العادة حتى 2018.

ويعود سبب اختيار هذه الصيغة المجانية التي لا يشكّل بيع الكتب عنصرا أساسيا فيها إلى أن شراء المؤلفات المستوردة لم يعد في متناول معظم اللبنانيين، بفعل الضائقة الاقتصادية والمعيشية التي يشهدها بلدهم. حتى أن «المكتبات الفرنكوفونية خسرت 70 في المئة من زبائنها»، على ما كشف الملحق المختص بالكتاب والنقاش الفكري في السفارة الفرنسية ماتيو دييز. ومع أن «من المبكر»، بحسب دييز، تقييم الحدث الذي يستمر إلى 30 أكتوبر الجاري، أعرب الدبلوماسي الفرنسي عن ارتياحه إلى أن «الأمور تسير جيدا».

فالمسار الأدبي الذي يلاقي فيه الكتّاب القرّاء في مواقع عدة في حيَّي الجميزة ومار مخايل «جعل الناس يلمسون نشاطا كبيرا في بيروت (...) بعد أربع سنوات لم يحصل فيها أي نشاط أدبي منذ انتهاء آخر معرض للكتاب الفرنكوفوني».

وكانت الدورة الخامسة والعشرون التي نظمت العام 2018، الأخيرة، إذ ألغي المعرض العام 2019 بسبب التظاهرات الاحتجاجية التي شهدتها بيروت ثم حالت جائحة «كوفيد-19» دون انعقاده، وبعدها حصل انفجار مرفأ بيروت.

ولاحظ دييز أن «صيغة هذا المهرجان الأدبي التي مثّلت تجديدا كبيرا بالنسبة إلى معرض للكتاب يقام في موقع واحد، تثير الحماسة إن لدى الكتّاب أو لدى الجمهور». وأضاف «ما يقوله لنا الكتّاب والجمهور على السواء هو أن جرعة الأوكسيجين التي يوفرها هذا الحدث الثقافي مفيدة للجميع في المرحلة الصعبة التي يمر فيها لبنان».

تغيرت الملامح
ومن هؤلاء مثلا الرسامة وكاتبة القصص المصورة زينة أبي راشد التي شددت على الحاجة إلى «مساحة عامة (...) بعد كل الصدمات التي شهدتها المدينة وخصوصا في هذا الحيّ» المواجه لمنطقة المرفأ. ورأت أن «من الرائع أن يكون الأدب حاضرا على الرصيف».

وفي الطبقة العليا من منزل آل داغر ذي الهندسة اللبنانية التقليدية والذي لا يزال في طور الترميم، توزع أدباء لبنانيون فرنكوفونيون بين السقالات، فيما قالت مالكته ياسمين داغر إن العائلة فتحت هذا البيت الذي يعود إلى القرن التاسع عشر أمام الأنشطة الثقافية «لإظهار أهمية الحفاظ على التراث وترميمه».

- لاتهامهم بدعم الصهيونية.. كتاب فرنسيون يعتذرون عن المشاركة بمهرجان ثقافي لبناني

- ترميم أوانٍ زجاجية أثرية هشمها انفجار مرفأ بيروت

وفي المنزل المجاور، جلست ديمة العبدالله التي تركت لبنان قبل 33 عاما وأمامها كتاباها، ورأت في تصريح لوكالة «فرانس برس» أن هذا المهرجان الذي ينظمه المعهد الفرنسي في لبنان يُظهر أن «لبنان لا يزال مساحة للأدب والشعر والموسيقى والفن، ولا يزال فيه ناس يقرأون ويعبرون عن رأيهم».

وعلى بعد عشرات الأمتار، تقع صالة «أرت ديستريكت»، حيث تشاركت الكاتبتان البلجيكية جنفييف داماس واللبنانية هيام يارد الطاولة نفسها. وأبدت داماس إعجابها بترميم الجدران الحجرية والسقف «وكأن المدينة تطوي صفحة وتمضي إلى الأمام»، على قولها.

ولم يقتصر لقاء الجمهور بالكتاب على صالات العرض، بل شمل كذلك عددا من المقاهي والمطاعم. أما مكتبة سمير العريقة في المنطقة، فتزينت برسوم جدارية لنور حيدر وجويل الاشقر التي صوّرت بريشتها أماكن من الجميزة نابعة من ذكرياتها في هذا الحيّ. وقالت «بعد كوفيد والانفجار، انقطعت علاقتنا بالمدينة إذ مكثنا في منازلنا. في هذه الرسوم أعود الى المدينة وإلى الأماكن التي رسمتها التي لا تزال هنا ولكن تغيرت بعض ملامحها بعد الترميم».

الرهان نجح
ولقيت فكرة إقامة «معارض بهذه الطريقة الجديدة وخصوصا في حيّ مثل الجمّيزة الذي عانى بشدة جرّاء انفجار 4 أغسطس ونرى فيه المنازل المرممة والجو الرائع»، ترحيب السفير الإسباني في بيروت يسوس سانتوس أغوادو الذي تنقّل من صالة عرض إلى أخرى.

وقال السفير وهو يحمل كتبا اشتراها من بينها ترجمات من الإسبانية إلى الفرنسية لدواوين شعرية، إن «التغيير في الأسلوب» من خلال إقامة الأنشطة الثقافية في مواقع عدة فكرة جيدة.

أما الفرنسية كاترين نيكولا التي تزور بيروت وزوجها كمتطوعين لإعادة إحياء اللغة الفرنسية في بعض مدارس المنطقة، فأعجبتها صيغة المهرجان وقالت «تمكنا من زيارة معارض فنية ودخلنا منازل لبنانية تراثية تقليدية والتقينا الكتّاب». وأضافت «هذا المهرجان أشبه برحلة ودية لطيفة».

وفي برنامج المهرجان الغني جدا قراءات على المسرح وحفلة موسيقية وعروض أفلام وورش عمل وحلقات نقاش وسواها من الأنشطة في بيروت والمناطق. ومن أبرز المحطات إعلان أكاديمية «غونكور»، الثلاثاء، من بيروت أسماء المتأهلين الأربعة إلى المرحلة النهائية من السباق للفوز بالجائزة الأدبية المرموقة هذه السنة.

إلاّ أن أربعة من كبار الكتّاب الأعضاء في الأكاديمية هم إريك إيمانويل شميت والطاهر بن جلّون وباسكال بروكنير وبيار أسولين، أعلنوا، الأربعاء، أنهم صرفوا النظر عن المشاركة في المهرجان بعد اتهامات طالتهم بدعم الصهيونية.

وقال دييز مقيّما المهرجان «حتى الآن نجح رهاننا على إقامة حدث ثقافي كبير في بيروت». وإذ شدد على أن المهرجان يهدف إلى أن يعيد لبيروت «مكانتها كعاصمة للكتاب في المنطقة»، أضاف «نريد أن نشجع على البقاء في لبنان بعدما غادره كثر».

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
الشرطة تغلق شكوى قدمها مصور ضد والد تايلور سويفت
الشرطة تغلق شكوى قدمها مصور ضد والد تايلور سويفت
عزالدين الدويلي في تجربة أولى للتأليف والإخراج
عزالدين الدويلي في تجربة أولى للتأليف والإخراج
فيلم عن سيرة بوب ديلان بطولة تيموتيه شالاميه
فيلم عن سيرة بوب ديلان بطولة تيموتيه شالاميه
في الذكرى الـ 90 لرحيله.. محمود مختار «أيقونة» فن النحت المصري
في الذكرى الـ 90 لرحيله.. محمود مختار «أيقونة» فن النحت المصري
«أسوان الدولي لأفلام المرأة» يكرم أستاذة المونتاج منى الصبان
«أسوان الدولي لأفلام المرأة» يكرم أستاذة المونتاج منى الصبان
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم