Atwasat

القصة كاملة.. كيف أسهمت «البودكاست» في إطلاق عدنان السيد؟

القاهرة - بوابة الوسط الجمعة 30 سبتمبر 2022, 01:00 مساء
WTV_Frequency

يحيي المجتمع الأميركي، خلال هذه الأيام، الجدل القائم في شأن «هوس» الأميركيين بالمدونات الصوتية (بودكاست)، التي تتناول أخبار الجرائم.

ويعود تجدد الجدل إلى إطلاق سراح المتهم، الذي تطرق البرنامج الإذاعي «سيريال» إلى قضيته، وفق «فرانس برس».

وعندما أُطلق سراح عدنان السيد من إحدى محاكم بالتيمور، بعد 22 سنة من إصدار حكم في حقه بالسجن المؤبد بتهمة قتل حبيبته السابقة، وهو ما كان ينفي اقترافه باستمرار، لاقى ترحيبا وهتافات من حشد من مؤيديه.

- «سبوتيفاي» تخوض مجال المدونات الصوتية المدفوعة من دون عمولة

ومن بين هؤلاء الصحفية سارة كونيغ، التي أصبحت معروفة لملايين المستمعين سنة 2014 بفضل بودكاست «سيريال».

وأثار التحقيق الذي أطلقته تزامنا مع التحقيق الرسمي الجاري شكوك كثيرين في شأن مجرى سير القضية، من دون أن تستنتج الصحفية ما إذا كان عدنان السيد مذنبا أم بريئا.

وتعتبر الباحثة في مجال التواصل لدى جامعة ألاباما في الشمال الأميركي، ليندسي شيريل، التي كتبت مقالات عدة عن هذه القضية أن برنامج «سيريال» الذي جرى تنزيله ملايين المرات «حقق نجاحا كبيرا على مستوى الثقافة الشعبية».

اهتمام بالجرائم
وتلاحظ أن «الناس يبدون منذ القِدَم اهتماما بمواضيع الجرائم، وكانوا يحضرون خلال العصور الوسطى تنفيذ عمليات إعدام». ولكن مع «سيريال» أصبح «ما كان يُنظر إليه على انه متعة يشوبها شعور بالذنب ونوع من التلصص أمرا عاديا».

وفي أعقاب «سيريال»، حققت المدونات الصوتية التي تتطرق إلى «جرائم حقيقية» ازدهارا كبيرا، فكانت تتناول مثلا قضايا جرائم لم تُحل، وأخطاء على المستوى القضائي، وحوادث اختفاء أشخاص بصورة غامضة. وفي حين أحصت شيريل ما لا يقل عن خمسة آلاف مسألة مماثلة جرى التطرق إليها، تؤكد أن هذه المواضيع تختلف بطبيعتها ونوعها.

جريمة مقتل الأربعة 
وتعتبر الباحثة أن معظم هذه المدونات الصوتية التي كان يعدها أشخاص شغوفون بهذا العمل لا محترفون، «لم تكن توفر معلومات أكثر من تلك الموجودة عبر صفحات ويكيبيديا»، لكن البرامج التي كان ينتجها صحفيون محترفون أو أشخاص متضلعون من القانون أو محققون مختصون أحدثت تأثيرا فعليا».

ومن أفضل الأمثلة على ذلك، بحسب قولها، الموسم الثاني من «إن ذي دارك»، وهو برنامج من إنتاج إذاعة «ايه بي ام» الرسمية أثار قضية «كورتيس فلاورز» في ولاية ميسيسيبي التي حوكم فيها رجل أسود ست مرات لقتله أربعة أشخاص، وهي تهمة كان يؤكد باستمرار أنه بريء منها.

التحقيق الصحفي
وساعد التحقيق الصحفي الذي أُطلق في البودكاست وأشار إلى أخطاء ارتكبها المدعي العام المسؤول عن القضية، وكلاء الدفاع عن الرجل الأسود على اللجوء للمحكمة العليا الأميركية وساهم في إطلاق سراحه بعد إمضائه أكثر من 20 عاما في السجن.

إلا أن تأثير بودكاست «سيريال» على قضية عدنان السيد لم يكن مباشرا بهذا الحد، لأن المدعين العامين أعادوا فتح قضيته عقب طلب رُفع لتخفيف عقوبته، مع احتفاظهم باحتمال إعادة محاكمته. لكن في الولايات المتحدة، يُعتبر المدعون العامون مسؤولين منتخبين يتأثرون بالرأي العام...

وفي بعض الأحيان، يمكن لبودكاست أعده هواة أن يفضي إلى تداعيات ملموسة. فبودكاست «تروث اند دجاستس» الذي يحض المستمعين على تزويده خيوطا عن الجرائم ، سهل سنة 2018 إطلاق سراح إد أتيس الذي سُجن 20 عاما بتهمة قتل جارته، وهو ما كان ينفيه باستمرار.

أسباب نجاح المدونات الصوتية
وتعتبر الأستاذة في علم الجريمة لدى جامعة ساوث فلوريدا داون سيسيل، أن هذا المنحى «التشاركي» هو أحد أسباب نجاح هذه المدونات الصوتية، إلى جانب سلاستها وتطرقها إلى تفاصيل شخصية.

وتضيف «يمكن للناس أن يصبحوا تحريين الكترونيين، ويمولوا عمليات تحقيق، وينضموا إلى مجموعات عبر مواقع التواصل لمناقشة هذه القضايا...»، لكن «ذلك قد يتسبب أيضا بمشاكل عدة، كاعتبار بعض الأشخاص عن خطأ مشتبها بهم، والتدخل في التحقيق الرسمي الجاري...».

وإذا نُظِر إلى الموضوع من زاوية أوسع، فعلى الرغم من أن هذه البرامج تحمل طابعا تثقيفيا و«تنبه إلى احتمال وجود ظلم»، فإنها «تميل إلى تشويه آراء الناس في شأن الجرائم وتحمل رسائل خاطئة عن الجرائم الأكثر شيوعا ومرتكبيها وضحاياها...»، بحسب سيسيل وهي أيضا مؤلفة كتاب «فير، دجاستس، أند مودرن ترو كرايم» (2020).

تقدم.. ولكن
وبغض النظر عن التقدم المُحرز في الآونة الأخيرة، إلا أن عددا كبيرا من البودكاست يعيد فتح قضايا مرتبطة بقتل أو اختفاء نساء بيض غالبا ما يكن شابات وأحيانا ملكات جمال سابقات (كما في مدونة «أب أند فانيشد» الصوتية).

وقد يكون لهذه البرامج أيضا «تأثير سلبي على الضحايا، وخصوصا عندما يرفضن التطرق إلى قصصهن علنا»، على ما تؤكد سيسيل.

وأكدت عائلة هاي مين لي، صديقة عدنان السيد السابقة التي قُتلت عام 1999، باستمرار عدم قدرتها على طي صفحة القضية. وأظهر شقيق الضحية في المحكمة ألمه لإعادة إثارة القضية، قائلا «بالنسبة إلي، هذا ليس مدونة صوتية (...) بل كابوس يقتلنا».

إطلاق عدنان السيد من إحدى محاكم بالتيمور، بعد 22 سنة من إصدار حكم في حقه بالسجن المؤبد بتهمة قتل حبيبته السابقة (الإنترنت)
إطلاق عدنان السيد من إحدى محاكم بالتيمور، بعد 22 سنة من إصدار حكم في حقه بالسجن المؤبد بتهمة قتل حبيبته السابقة (الإنترنت)

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
جائزة «غونكور» في بلاد أورهان باموك تعكس استمرارية الفرنكوفونية في تركيا
جائزة «غونكور» في بلاد أورهان باموك تعكس استمرارية الفرنكوفونية ...
عميل سابق في الموساد كتب رواية مطابقة لهجوم حماس على إسرائيل قبل سنوات قلِق على المستقبل
عميل سابق في الموساد كتب رواية مطابقة لهجوم حماس على إسرائيل قبل ...
وفاة الفنان المصري القدير صلاح السعدني عن 81 عاما
وفاة الفنان المصري القدير صلاح السعدني عن 81 عاما
إطلاق طوابع بريدية خاصة بالمواقع التاريخية الليبية في قائمة «إيسيسكو»
إطلاق طوابع بريدية خاصة بالمواقع التاريخية الليبية في قائمة ...
كتاب وأدباء ومثقفون: هكذا تأثرنا بحرب الإبادة الجماعية في غزة
كتاب وأدباء ومثقفون: هكذا تأثرنا بحرب الإبادة الجماعية في غزة
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم