Atwasat

كرازة.. سيرة القرية والكاميرا والصحافة

طرابلس - بوابة الوسط: عبد السلام الفقهي الجمعة 20 مايو 2022, 11:41 صباحا
WTV_Frequency

تحت عنوان «حكاية صورة.. سيرة وطن»، تحدث المصور محمد كرازة عن تجربته مع التصوير والصحافة، في محاضرة نظمها المعهد العالي لتقنيات الفنون، السبت..

وأدارت الإعلامية أمل بن ساسي الأمسية معرفة بالمحاضر ابن مدينة ككلة الجبلية، حيث أبصر النور بمدينة يفرن 1944، وانتقل في سن الرابعة صحبة أسرته إلى جادو حيث تولى والده إدارة محطتي الكهرباء والمياه بها.

وأشارت إلى معاصرته أكثر من عهد سياسي، وكان شاهداً على الكثير من تحولاتها ومنعطفاتها، موثقاً ذلك بذاكرته وبرفيقته الكاميرا.

وتضمنت المحاضرة تقريراً مرئيًا من إعداد نوري عبدالدائم، وقراءة عزالدين عبدالكريم، وتولى جانب الموسيقى التصويرية عبدالله السباعي، تحت إشراف إبراهيم المزوغي وإخراج الطاهر الديب.

كرازة والسعداوي
تناول التقرير جانباً من حياة المصور في منابت طفولته «جادو» وكيف رأى الكاميرا للمرة الأولى وانبهاره بسحرها، متسائلاً عن معنى أن تكون مصوراً، حتى قادته الأحلام إلى طرابلس، حيث كانت إجابة السؤال تنتظره على أعتاب السرايا.

وأضاف أن دهشة كرازة الأولى أثناء مشاهدته لشريط «نيجاتيف» ضل طريقها من أحد المصورين بجادو لتصبح تلك اللحظة شرارة تفجر هوس التصوير لديه، تساندها أو يرادفها زيارة الزعيم بشير السعداوي لقريته وهو لم يتجاوز العاشرة من عمره مطلع خمسينيات القرن الماضي، حيث رأى الكاميرا للمرة الأولى وجهاً لوجه تتقدم مراسم استقبال السعداوي يحملها المصور خليفة قدح.

وربما أيضاً زيارته لبيت عمه علي بوشاح تمثل إحدى اطلالاته المبكرة على شغفه اللاحق بالكاميرا وهو يتحسس شكلها ويطالع تفاصيلها مرة بعد أخرة.

وقد استحوذت الأخيرة على خيال الشاب محمد كرازة ومنحها عمره الذي كان شاهداً على مراحل تطورها من «البوكس» وحتى «الديجيتل».

أولى التجارب
ذكرت المادة الوثائقية معمله البسيط الذي جهزه بإحدى غرف المنزل بمعدات متواضعة، كشاهد على أولى تجاربه للتعرف على أسرار هذه المهنة، وتركيبات الأحماض والمراحل التي تمر بها الصورة الفوتوغرافية صحبة أستاذ العلوم بمعهد المعلمين.

في رحلته الأولى إلى طرابلس قادته قدماه إلى المركز الثقافي الإنجليزي الذي أتاح له استعارة آلة عرض سينمائي للمعهد قبل أن يتم افتتاحه، ثم زودها بلاقط صوت لتقوم بمهمة الإذاعة المدرسية، وكان على معرفة بطريقة تشغيل آلة العرض التي قدم من خلالها بعض المواد التوعوية والتثقيفية وكذا أفلام عن الحرب العالمية الثانية.

جذبته عروس البحر كلؤلؤة متوسطية ساحرة بشوارعها الواسعة وجمال أبنيتها وتعدد الخيارات التي لم يستطع مقاومتها، بين انضمامه للبوليس الاتحادي أو شرطي جمارك أو مصور أو دراسة الموسيقى، أم السرايا رحلة أخرى وعالم آخر.

فرصة ذهبية
ساقته المعرفة في المدينة كما دفعته الحاجة للبحث عن عمل، حيث تردد على قسم الموسيقى بشارع الزاوية وهناك استقبله الراحلان أحمد الحريري وخالد سعيد، إضافة إلى الفنان بشير افحيمة الذي يسر له الانضمام لدورة «الصولفيج»؛ لكنه لم يوفق، فيما كان الحظ حاضراً في محل «فوتو فلم» الذي يديره أحد رواد التصوير بليبيا الفنان علي الرياني، الذي تدرب على يديه وتشرب أصول المهنة من طباعة وتحميض ومثل له فرصة ذهبية للاستقرار بالمدينة للدخول إلى عالم الصحافة.

وبذا ينتقل الفلم لرصد رحلة كرازة في فضاء صاحبة الجلالة، انطلاقاً من جريدة «طرابلس الغرب»، التي يرأس تحريرها آنذاك محمد فخر الدين، بمساعدة محمد الشاوش اللذين كان لهما الفضل في تنمية موهبته في مجال التصوير الصحفي، وتجاوزت علاقته بمطبوعته إلى الجرائد المحلية الخاصة فكان تعامله مع الصحفي عبدالهادي الفيتوري في مجلة المعرفة وجيل ورسالة إلى صحف «البلاغ، الحرية، الميدان، الرائد».

المصور والجهمي
وأشارت المادة التوثيقية إلى أنه مع النصف الثاني من ستينيات القرن الماضي شكل ثنائياً مع الفنان الراحل أحمد الحريري، الذي اقترح عليه زاوية مصورة أسماها لحظات طريفة، واستمرت بأسماء متعددة مثل «عدسة كرازة، جولة الكاميرا» وتكررت في جرائد «طرابلس الغرب، العلم، الثورة».

وتولى في وقت لاحق قسم التصوير بإدارة المطبوعات والنشر، ففتح مجال التدريب للعناصر النسائية اللاتي كن من دعائم مجلة «المرأة» برئاسة تحرير الصحفية الرائدة خديجة الجهمي، وكان أحد أعضاء الفريق المؤسس للمجلة حيث شكل العمل مع خديجة الجهمي منعطفاً آخر.

احداث مهمة
ومن بين الشخصيات التي مثل قدومها حدثاً لافتاً ليس لليبيا فقط، وإنما للمصور الشاب زيارة سيدة الغناء العربي أم كلثوم نهاية الستينيات، حيث رافقها في جولتها داخل طرابلس، وأهداها أفضل لقطاته قدم فيها خلاصة موهبته الفنية.

كما وثق بكاميرته لحظات عبور خط برليف سنة 1973، إضافة إلى تغطية مراسم جنازة الرئيس الفرنسي جورج لومبيدو في أبريل 1974.

رحلة الموت
تحدث كرازة عن رحلته إلى إريتريا كمصور لصالح جريدة الثورة التي يرأس تحريرها عبدالرزاق المناع وهي أول جريدة بعد تغير نظام الحكم 1969، واستغرقت المسافة قرابة 400 كيلو متر من الجنوب إلى الشمال، حيث عقد مؤتمر توحيد الفصائل الإريترية سنة 1970بمنطقة «سدوحة إيلا» بقيادة عثمان صالح سيبي مؤسس جبهة التحرير الإريترية.

ورافقه في الرحلة فاتح الشهاوي ومحمد السوكني حيث اضطرتهم الظروف لاستخدام وسائل متنوعة للتنقل من مركبات وقوارب صيد وجمال ومشي على الأقدام حتى وصولهم إلى مكان الحدث، محفوفين بمخاطر القتل والجوع والعطش لمدة 24 يوماً.

النيهوم والفجر الجديد
وبالرجوع لتجربته في جريدة طرابلس الغرب يذكر اسماء صحفيين ومشرفي الصفحات مثل عبدالسلام المسلاتي وإبراهيم الطوير وأحمد سليم مامي كذلك الشيخ الطاهر النعاس ومحمود الناكوع، ومن جيل الشباب آنذاك أحمد الحريري ومحمد السوكني المذكوران أعلاه، واستمرت الغرب في الصدور حتى توقفت لتصدر بعدها جريدة العلم ثم جريدة الثورة العام 1969 برئاسة تحرير عبدالرازق المناع كما سبقت الإشارة.

تحدث أيضاً عن خلفيات توقف الجريدة، بسبب مقالات رئيس تحريرها ووجهة نظره في تصرفات مجلس الثورة وكان مقاله «مالكم وما عليكم» القشة التي قسمت ظهر البعير بعد مشادة عنيفة مع وزير الإعلام آنذاك. ليترك توقفها فراغاً صحفياً في البلاد، حتى وصلت تعليمات من رئيس مجلس قيادة الثورة بإصدار جريدة حكومية، تولى الكاتب الصادق النيهوم التحضير لانطلاقها، واقتصرت اللقاءات الأولية استعداداً لذلك على مجموعة قليلة، منهم أحمد الحريري ومحمد كرازة ومحمد الزواوي والنيهوم الذي ظل حلقة الوصل مع رئيس مجلس الثورة حتى اعتمد «الفجر الجديد» اسماً للجريدة الجديدة وكلف عمر الحامدي برئاسة تحريرها.

فرقة الكواكب
مع نهاية السبعينيات أسس فرقة «الكواكب» الموسيقية صحبة الأخوين البدري وناصر الكلباش، التي أحيت عديد الحفلات بين ليبيا وتونس، كما كان له صالون ثقافي استضاف فيه نخبة من المبدعين العرب أمثال بليغ حمدي وطلال المداح ومحمد عبدو والشاعرين محمد الفيتوري ومظفر النواب، وكذلك الفنانتين ميادة الحناوي وسامية كنعان وكذا الكتاب والصحفيين الليبيين والعرب.

نقلا عن العدد الأسبوعي من جريدة «الوسط»

الفنان بشير الغريب أثناء كلمة استهلالية (يمين) والفنان المصور محمد كرازة (بوابة الوسط)
الفنان بشير الغريب أثناء كلمة استهلالية (يمين) والفنان المصور محمد كرازة (بوابة الوسط)
جانب من الحضور (بوابة الوسط)
جانب من الحضور (بوابة الوسط)
الاعلامية أمل بن ساسي أثناء إدارتها المحاضرة (بوابة الوسط)
الاعلامية أمل بن ساسي أثناء إدارتها المحاضرة (بوابة الوسط)

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
أحجار قرميدية كهروضوئية تضيء فيلا أثرية في موقع بومبي الإيطالي
أحجار قرميدية كهروضوئية تضيء فيلا أثرية في موقع بومبي الإيطالي
اعتماد مجموعة طوابع تذكارية لمواقع ليبية
اعتماد مجموعة طوابع تذكارية لمواقع ليبية
كتّاب ليبيا يشاركون فى معرض تونس الدولي للكتاب
كتّاب ليبيا يشاركون فى معرض تونس الدولي للكتاب
بيت إسكندر يحتفي بالذكرى الخامسة لتأسيسه
بيت إسكندر يحتفي بالذكرى الخامسة لتأسيسه
نقابة الممثلين المصرية تمنع الإعلام من عزاء «السعدني».. وتعتذر للصحفيين
نقابة الممثلين المصرية تمنع الإعلام من عزاء «السعدني».. وتعتذر ...
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم