Atwasat

بريطانيا ترفض إعادة تراث روماني «مسروق» من ليبيا

القاهرة - بوابة الوسط: محمود الغول الأحد 08 مايو 2022, 01:21 مساء
WTV_Frequency

رفضت شركة عقارية ممثلة للملكة إليزابيث الثانية تسليم آثار ليبية تعود للعصر الروماني، مسروقة منذ أكثر من مائتي عام.

وقدم المحامي الليبي، محمد شعبان، المقيم في لندن طلباً رسمياً لاستعادة الآثار القديمة من فسيفساء خشبية في حديقة «وندسور جريت بارك»، التي جلبت إلى هذا المكان العام 1816 وقال ممثلو الملكة: «طلب منا عميلنا إبلاغك بأن الأعمدة لن يتم إرجاعها إلى ليبيا»، حسب التقرير الذي نشره موقع جريدة «ذا ناشيونال نيوز» على الإنترنت، الجمعة.

لكن هذا الرد المقتضب من شركة «كراون» العقارية، حفز المحامي البريطاني-الليبي الذي قاد جهوداً لاستعادة الآثار الرومانية التي يبلغ عمرها 2000 عام، والتي أخذتها المملكة المتحدة من ليبيا.

وساطة اليونسكو
وبعد أن رفض محاولات التعويض الودية مراراً وتكراراً، قال شعبان إنه تحرك للبحث عن وساطة من خلال هيئة التراث التابعة للأمم المتحدة (اليونيسكو).

وقال إنه أرسل رسائل إلى الشركة الممثلة للملكة في أكتوبر 2021 يطلب فيها إعادة الأعمال الحجرية التاريخية، التي أخذها دبلوماسي بريطاني في القرن التاسع عشر من موقع لبدة القديم قرب طرابلس.

وقال المحامي المعتمد من المملكة المتحدة، الذي يمثل دولة ليبيا، إنه أُصيب بخيبة أمل إزاء الردود التي تلقاها من الفريق القانوني الذي يمثل الملكة إليزابيث، التي تقع الأنقاض على أرضها حالياً، في الأشهر الستة التي انقضت منذ اتصاله لأول مرة.

-  معرض في اللوفر لقطع منهوبة من ليبيا وسورية
-
الشيباني يحاضر عن الآثار الليبية المنهوبة
-
بما فيها ليبيا.. ضجة في فرنسا بعد تورط زوجين خبيري آثار في تبييض مئات القطع الأثرية المنهوبة

وتابع: «إلى جانب رسائل البريد الإلكتروني المهذبة التي تقول (سنعود إليك)، لم أتلقَ شيئاً جوهرياً منذ شهور»، موضحاً أنه تولى القضية بعد أن سمع مراراً وتكراراً شكاوى حولها من أفراد في المجتمع، أعتقد أنهم يأملون في تجاوز الأمر. وقال: «وجود جزء من تراثنا في ملكية التاج أغضب الليبيين.. وأخلاقياً، ما من شك في أن هذا التراث قد سرق من الليبيين ويجب إعادته إليهم».

بداية القصة
سميت لبدة الكبرى على اسم المدينة الرومانية الواقعة على شواطئ البحر الأبيض المتوسط من حيث أتوا، وتعد أطلالها أحد مواقع التراث العالمي لـ«يونيسكو».

تحت حكم الإمبراطور سيبتيموس سيفيروس، الذي بدد ثروة لبدة خلال القرن الثاني الميلادي، أصبحت المدينة ثالث أهم مدينة في أفريقيا، لتنافس قرطاج والإسكندرية.

على مر القرون، أصبحت المدينة محجراً للسكان المحليين، وفيما بعد موقعاً للنهب الاستعماري للبريطانيين والفرنسيين، الذين أخذ ملكهم لويس الرابع عشر نحو 600 عمود من لبدة الكبرى لاستخدامها في قصوره في فرساي وباريس.

اضطرابات الساحل  
في العام 1816، قرر القنصل البريطاني العام لطرابلس، هانمر وارينغتون، بعد أن أسرته على ما يبدو مشاهد الآثار الرومانية، نقل بعض الأعمال الحجرية القديمة إلى إنجلترا.

كان هذا أيضاً هو العام الذي تمت فيه إزالة أجزاء من البارثينون في اليونان وشحنها إلى المملكة المتحدة من قبل دبلوماسي بريطاني آخر، توماس بروس، المعروف أيضاً باسم إيرل إلجين السابع.

أقنع وارينغتون الحاكم العثماني المحلي بالسماح له بالاستيلاء على بعض من آثار لبدة الكبرى لصالح التاج البريطاني.

تضمنت الكنوز الحجرية 22 عموداً من الجرانيت، و15 عموداً رخامياً، و10 تيجان، و25 قاعدة، وسبعة بلاطات مفكوكة، و10 قطع من الكورنيش، وخمس بلاطات منقوشة وأجزاء مختلفة من المنحوتات الشكلية والحجر الجيري الرمادي، وفق تقرير «ذا ناشيونال نيوز».

في البداية، تم إيداع الحجارة في المتحف البريطاني، ولكن في العام 1828 نصبها المهندس المعماري للملك جورج الرابع، السير جيفري وياتفيل، في فيرجينيا ووتر في وندسور جريت بارك.

واستبدلت الأعمدة في معبد أغسطس، وهي الآن ملكية مدرجة من الدرجة الثانية في الشركة الممثلة للملكة.

ليبيا ضد الملكة
تدعي شركة «Crown Estate» أن الأحجار التي بحوزتها كانت هدية. ومع ذلك، تقول ليبيا إنه لا يوجد دليل على أن وارينغتون حصل على الآثار بشكل قانوني أثناء مهمته الدبلوماسية في شمال أفريقيا، وأنه ببساطة سرقها.

وقال شعبان: « دعونا وندسور لتقديم دليل على الأصل القانوني للأعمدة ولكن تم تجاهلنا مراراً وتكراراً»، وفق «ذا ناشيونال نيوز». وتابع: «كان ردهم الأخير عبارة عن خطاب مقتضب من سطرين يقولان إنهم لن يعيدوا الأعمدة إلى ليبيا.. إنها إهانة إلى حد ما، ورد غير كافٍ بشكل يائس.»

سرقة تمثال جنائزي
كان المحامي المقيم في لندن مشاركاً في إعادة بعض القطع الأثرية المنهوبة من ليبيا من قبل. فبعد سرقة تمثال جنائزي عمره 2000 عام للإلهة اليونانية بيرسيفوني من مدينة قورينا القديمة في ليبيا في العام 2011 ونقله إلى المملكة المتحدة، مثل شعبان ليبيا خلال القضية القانونية لإعادة القطعة الأثرية.

كما نجح خبير التحكيم في التفاوض على إعادة التمثال الروماني للأميرة دوناتيلا فلافيا إلى ليبيا، الذي سرق أيضاً من ليبيا خلال الحرب الأهلية، والذي تم بيعه عن طريق الخطأ من قبل كريستيز في العام 2011.

يقول شعبان إن ليبيا حزينة من افتقار شركة «كراون» العقارية إلى المشاركة الجادة معه في أعمدة لبدة الكبرى، مؤكداً ن موقفهم أبرز بعض «الغطرسة» و«النفاق».

وقال ناطق باسم شركة «كراون» إن أعمدة لبدة الكبرى «ستظل معروضة للجمهور وهي سمة مهمة وقيمة لمشهد مياه فيرجينيا. ولا يزال الملايين من زوار وندسور جريت بارك يستمتعون بها كل عام».

وأجاب شعبان: «يبدو أنهم يستخدمون ذلك ذريعة لعدم إعادة القطع الأثرية. هذا بالطبع لا معنى له، بل هزلي إلى حد ما وحتى مهين. باستخدام منطقهم، يمكننا أخذ بعض الحجارة من جدار هادريان، وسحقها في بلد آخر ورفض إعادتها لأن «ملايين السياح يستمتعون بها».

وقال شعبان إن المملكة المتحدة من الدول الموقعة على عديد المعاهدات الدولية المتعلقة بحماية الممتلكات الثقافية، على الرغم من توقيعها جميعاً «بعد فترة طويلة من رفع هذه الأعمدة».

ومع ذلك، فهو يأمل أن يؤدي الاعتراف المتزايد بين المؤسسات بدورها في نهب التراث الثقافي في الحقبة الاستعمارية إلى تشجيع الملكة إليزابيث على أن تحذو حذوها.

منهوبات أخرى
ومن بين المستحقات الأخرى المنهوبة: خصلات شعر من الإمبراطور الحبشي تيودروس الثاني خاصة بإثيوبيا من متحف الجيش الوطني، والشعارات الملكية العائدة لميانمار بواسطة متحف فيكتوريا وألبرت.

لكن المتحف البريطاني، أحد أكبر المكتنزين للقطع الأثرية الثقافية من جميع أنحاء العالم، يواصل مقاومة الدعوات لاستعادة الأشياء المنهوبة التي بحوزته، وأشهرها، بارثينون إلجين ماربلز، حسب «ذا ناشيونال نيوز».

وبعد سنوات من الخلاف الحاد، أوصت لجنة اليونسكو أخيراً بأن تعيد حكومة المملكة المتحدة النظر في موقفها بشأن رخام بارثينون والدخول في محادثات مع اليونان.

وبينما كان شعبان يأمل في «اتفاق ودي» لإعادة أعمدة لبدة الكبرى إلى الوطن، فإن تجربته حتى الآن في التعامل مع شركة «كراون» جعلته أقل ثقة في أن تصبح حقيقة واقعة، «أظهرنا احتراماً كبيراً حتى الآن، وربما لم نحظَ بالاحترام الذي نستحقه. بالنسبة لنا، الآن، لا شيء خارج الطاولة».

قطعة أثرية أعادتها إيطاليا إلى ليبيا، تُعرف باسم رأس دوميتيلا، على اليسار، واليمين: تمثال للإلهة بيرسيفوني (الإنترنت)
قطعة أثرية أعادتها إيطاليا إلى ليبيا، تُعرف باسم رأس دوميتيلا، على اليسار، واليمين: تمثال للإلهة بيرسيفوني (الإنترنت)
لبدة الواقعة على الساحل الليبي كانت من بين أجمل مدن الإمبراطورية الرومانية (الإنترنت)
لبدة الواقعة على الساحل الليبي كانت من بين أجمل مدن الإمبراطورية الرومانية (الإنترنت)
معبد أغسطس في فيرجينيا ووتر، ساري، عام 1894 (الإنترنت)
معبد أغسطس في فيرجينيا ووتر، ساري، عام 1894 (الإنترنت)

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
الروك المستقل يهيمن على ثاني أيام «كوتشيلا»
الروك المستقل يهيمن على ثاني أيام «كوتشيلا»
شهادات كتَّاب ومثقفين عرب لـ«يورونيوز» عن حرب غزة
شهادات كتَّاب ومثقفين عرب لـ«يورونيوز» عن حرب غزة
بينها المصري «رفعت عيني للسماء».. 11 فيلماً في «أسبوع النقاد» ضمن مهرجان كان
بينها المصري «رفعت عيني للسماء».. 11 فيلماً في «أسبوع النقاد» ضمن...
سويسرا توفر ملاذاً آمناً لكنوز أثرية من غزة بعيداً من جحيم الحرب
سويسرا توفر ملاذاً آمناً لكنوز أثرية من غزة بعيداً من جحيم الحرب
مغني الراب الفلسطيني الأصل سان لوفان حمل غزة إلى مسرح مهرجان كوتشيلا
مغني الراب الفلسطيني الأصل سان لوفان حمل غزة إلى مسرح مهرجان ...
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم