Atwasat

مهاجرون يسترجعون «حياتهم الفنية» في باريس

القاهرة - بوابة الوسط السبت 12 يونيو 2021, 04:43 مساء
WTV_Frequency

بعد خمس سنوات على وصولها إلى فرنسا، تقترب السورية فاتن العلي أخيرا من تحقيق حلمها، باستعادة مسيرتها كفنانة، مثل غيرها من مهاجرين كثر.

وتقول العلي (48 عاما) والمتحدرة من دمشق في محترف باريسي تابع لجمعية «فابريك نوماد»، التي تساعد الفنانين المهاجرين على تفعيل أنشطتهم: «أسترجع حياتي السابقة. العمل ليس فقط من أجل المال، هو شيء حميم. الفن بدمي ولا أرى نفسي أفعل أي شيء آخر»، وفق «فرانس برس».

وعملت هذه الفنانة العصامية، المتخصصة في تشكيل الفسيفساء، لسنوات طويلة في تلوين الزجاجيات وصهر الزجاج والخزف قبل أن تدفعها الحرب السورية إلى مغادرة بلادها سنة 2011. وهي اضطرت للانتظار أربع سنوات في مصر قبل التمكن من الالتحاق بزوجها في باريس.

وتقول: «عانيت كثيرا من أجل استئناف عملي وتعلم اللغة الفرنسية... لكني الآن أتعلم أمورا جديدة وأتعرف على أذواق الفرنسيين. الأمل يعود مجددا». وتستقبل المنظمة نحو اثني عشر مهاجرا من مشارب مختلفة يبحثون، على غرار فاتن، عن رافعة لهم إلى سوق العمل.

وهم يواجهون جميعا العوائق عينها: اللغة وعدم الدراية بسوق العمل ونقص التقدير للخبرة المهنية في البلد الأصلي خصوصا التوجيه إلى قطاعات مثل البناء والمطاعم والفنادق، وفق مؤسسة «فابريك نوماد» إيناس مسمار.

خسارة فادحة
وتوضح مسمار أن المؤسسة تطمح إلى «تسليط الضوء على كفاءاتهم والسماح لهم بالاندماج بفضل معارفهم». وتفاخر «فابريك نوماد» بأنها حققت في خلال خمس سنوات هدفها بالدمج المهني للمنضوين فيها بنسبة 76%، بما يشمل 56% في المهن الفنية.

وتثير هذه الأرقام حماسة خاصة لأن الدمج لا يزال يتطلب «بذل جهود كثيرة»، وفق تقرير برلماني عن الموضوع صدر في سبتمبر الماضي، كما أن الأشغال الحرفية «تواجه حالات نقص كبيرة، مع مهن لم تعد متوارثة في فرنسا»، بحسب إيناس مسمار.

ويأتي التزامها من تجربة شخصية: ففي 2015، في أوج أزمة تدفق المهاجرين إلى أوروبا، اكتشفت مسمار المتخصصة في علم الإثنيات أن والدتها كانت تعمل في التطريز في تونس العاصمة قبل ترك المهنة عقب الهجرة إلى فرنسا.

وتوضح صاحبة المبادرة: «أدركت حجم الخسارة المتأتية من أضرار هؤلاء الأشخاص لتناسي من هم من أجل كسب لقمة عيشهم».

وتحظى المبادرة خصوصا بدعم من عملاق المنتجات الفاخرة «إل في إم إتش». هذه المجموعة العملاقة تدغدغ أحلام هيمانتا كورانغاماجي، الصائغ السريلانكي البالغ خمسين عاما.

وهو حاول المستحيل للعودة إلى الحب الأول منذ وصوله إلى فرنسا في سبتمبر 2016، لكن من دون جدوى. ويقول الصائغ الذي تعلم المهنة من عمه في كولومبو حيث عمل لنحو ربع قرن «كل الشركات كانت تطلب مني شهادة فرنسية». واضطر بسبب ذلك إلى العمل في قطاع الأغذية وتحديدا في تحضير البيتزا لثلاث سنوات.

التكيف مع السوق
ويقول هيمانتا خلال صوغه خاتما: «أحب مهنة الصائغ، وهذا ما أعرف فعله»، مشيرا إلى أن العودة لمزاولة المهنة «ستتيح لي عيش حياة أفضل وكسب أموال أكثر، وهي طريقة للاندماج بصورة أفضل من خلال النظر إليَّ على أني مهني حقيقي».

وهو يقترب من هدفه، بحسب الصائغ في دار «شوميه» العريقة نيكولا تابو الذي يمضي ساعات عدة أسبوعيا لمدة ستة أشهر لمرافقة هيمانتا ومواطنه بيراغاما سامان الذي قضى ثلاثين عاما من سنوات عمره الـ45 في العمل بالمجوهرات.

ويقول تابو: «هما يعرفان المهنة أصلا. أنا أحاول تعريفهما بطرق جديدة لممارستها مع لمسات فرنسية وباريسية لصنع المجوهرات الفاخرة»، بهدف «تكييف تقنياتهما» مع السوق الفرنسية.

ويبدي المدرب الفرنسي قناعة بأن للشركات مصلحة في توظيف هذا النوع من الأشخاص الذين يمكنهم «تقديم تقنياتهم وثقافاتهم الخاصة».

أما لأحمد لي السنغالي (35 عاما) فالمعادلة مختلفة، إذ إن قطاع صناعة النسيج يفتقر لليد العاملة، وحتى قبل الالتحاق بالمبادرة، بدأ الخياط التعامل مع مصممة أزياء باريسية متخصصة في النسيج الأفريقي. ويقول: «أريد تكوين معارف جديدة خصوصا إذا ما كان الناس سعداء بما أقدمه، ربما قد أصنع لنفسي مكانة حقيقية».

كلمات مفتاحية

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
«مئة عام من العزلة» لغارسيا ماركيز على منصة «نتفليكس» قريبا
«مئة عام من العزلة» لغارسيا ماركيز على منصة «نتفليكس» قريبا
جائزة «غونكور» في بلاد أورهان باموك تعكس استمرارية الفرنكوفونية في تركيا
جائزة «غونكور» في بلاد أورهان باموك تعكس استمرارية الفرنكوفونية ...
عميل سابق في الموساد كتب رواية مطابقة لهجوم حماس على إسرائيل قبل سنوات قلِق على المستقبل
عميل سابق في الموساد كتب رواية مطابقة لهجوم حماس على إسرائيل قبل ...
وفاة الفنان المصري القدير صلاح السعدني عن 81 عاما
وفاة الفنان المصري القدير صلاح السعدني عن 81 عاما
إطلاق طوابع بريدية خاصة بالمواقع التاريخية الليبية في قائمة «إيسيسكو»
إطلاق طوابع بريدية خاصة بالمواقع التاريخية الليبية في قائمة ...
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم