Atwasat

السوكني.. جدلية الفراغ وكسر المألوف

طرابلس - بوابة الوسط: عبد السلام الفقهي الخميس 10 يونيو 2021, 12:09 مساء
WTV_Frequency

لم تكن لوحة الفنان الحروفي إسكندر السوكني العملاقة التي أنجزها أخيرا على مسطح الكلية العسكرية للبنات (سابقا)، إلا لغة تجريدية أعلى تتويجا لمسيرته مع فن الحروفية، الذي استثمر فيه ذائقته اللونية ونحت عبر مخيلته صياغة لغوية أثيرة، تمتاح من الحبر وتراجم الفرشاة، وهي تنهض على وقع احتراق التجارب وتواصلها وتساندها.

وإذا كانت المعارض الجامعية مثلت له بواكير إطلالته العملية مع اللون، فهي أيضا شكلت بروفة أولى لإشارات الالتقاء مع ذائقة المتلقي حتى دخوله عالم الاحتراف مطلع الثمانينات.

تعتبر تجربة الفنان التونسي نجا الهداوي الملهم الرئيس لقاموسه التشكيلي، بعد فترة من التأمل والنظر والمحاكاة سيأخذ من قالبها الحروفي الطابع أو شيفرة البصمة لاحقا ممثلة لأسلوبه، كما يتداخل مع رؤيته في إرفاد موضوع الهوية كمحور ارتكاز تدور عليها تمظهراته التشكيلية.

فضاء ملتهب
غير أن المهداوي الذي ينشغل في إبراز خصوصية لغة الضاد، عبر جمالية تكثيف الحروف وإبرازها وتعشيقها في حالة تجمع بين الاندماج والفصل، نرى تراجعا لها عند السوكني لصالح الفراغ أو المساحة الصامتة، إثبات يعزز لفكرة غالبا ما تتشابك مع هموم العصر كالتشظي، والوحدة، والفراغ، ومجمل الصراعات النفسية التي يعايشها الكائن البشري على وجه المستديرة في عالم يتعولم، الذي يسوقنا إلى تحديات الهوية العربية والإسلامية داخل هذا الفضاء الملتهب.

تندلق الألوان سائحة في دوائر أو تموجات مشحونة بالحروف ودونها، قد تتجمع الأخيرة في زاوية اللوحة أو وسطها، تتناوب مع الفراغات في تأثيث المساحة، وهي على كل مقدمة لتوزيع آخر يظهر في رذاذ قزحي يتمايز بين قوة سطوعه وهفوته، وكذا كثافته وخفته، ويبقى كل ذلك العجين مشدودا كدقائق البرادة إلى مغناطيس الفكرة يجرها الجسد الحروفي في صورة أعاصير صغيرة، تتوالد في نقطة ثم تمضي إلى مفازة أخرى حاملة معها مدامع تحبير يشاغل ذاكرة المكان وهوية نسجت تفاصيلها من التاريخ والحياة والناس.

كسر المألوف
تتموضع موسيقى أخرى غائرة في عمق التكوين، لا تروم الثبات بل تتعداه إلى ما يشبه تذويب أو كسر الأطر المألوفة لنوتة الحروفية لدى السوكني، تتجلى في تضليعات حادة وتربيعات غير مكتملة أو قد تتمادى المغامرة إلى استفزاز سجادة للزائر وكأنما تحاول مد ذراعها إليه.

تتأسس معادلة السوكني في تجربته على ما يمكن استخلاصه من فلسفة التأويل المفتوح للوحة بتصدير فلسفي للغة، إذ يبدو من المجحف خلق منحى أحادي للنص الحروفي، برغم ارتقائه في سقوفه العليا إلى المعطى الهوياتي، لكن تنجز تحت هذا العنوان مفاهيم روحية، وأنساق نفسية تتقوى هي الأخرى متصاعدة بجدلها باحثة عن ضرورة وجودها ومعنى لنسيجها المتسائل.

من أعمال إسكندر السوكني (بوابة الوسط)
من أعمال إسكندر السوكني (بوابة الوسط)
من أعمال إسكندر السوكني (بوابة الوسط)
من أعمال إسكندر السوكني (بوابة الوسط)
من أعمال إسكندر السوكني (بوابة الوسط)
من أعمال إسكندر السوكني (بوابة الوسط)

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
نقابة الممثلين المصرية تمنع الإعلام من عزاء «السعدني».. وتعتذر للصحفيين
نقابة الممثلين المصرية تمنع الإعلام من عزاء «السعدني».. وتعتذر ...
انطلاق فعاليات الدورة الـ14 لمهرجان مالمو للسينما العربية في السويد
انطلاق فعاليات الدورة الـ14 لمهرجان مالمو للسينما العربية في ...
جلسة وجدانية حول «زياد علي» في مركز المحفوظات الأربعاء
جلسة وجدانية حول «زياد علي» في مركز المحفوظات الأربعاء
«سيفيل وور» يواصل تصدّر شباك التذاكر في الصالات الأميركية
«سيفيل وور» يواصل تصدّر شباك التذاكر في الصالات الأميركية
نقل المغني كينجي جيراك إلى المستشفى بعد إصابته بطلق ناري
نقل المغني كينجي جيراك إلى المستشفى بعد إصابته بطلق ناري
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم