Atwasat

الفنان التشكيلي محمود الحاسي

القاهرة - بوابة الوسط: محمد عقيلة العمامي الثلاثاء 18 مايو 2021, 08:57 صباحا
WTV_Frequency

هذه تكملة الحلقة الأولى http://alwasat.ly/news/art-culture/320090لحلقة الاولى التي نشرت الاسبوع الماضي، إن المتابع لمسيرة هذا الفنان، الذي لا يشترط أن يكون ناقدا فنيا للرسم والتشكيل، وإنما مجرد متذوق مأخوذا بالألوان وفنون التشكيل، بمقدوره أن ينتبه، وبيسر بالغ، قدرة محمود الحاسي الفائقة على تطوير أدواته، وتوظيفه إلى جماليات تراثية بسيطة، نراها ونعرفها نحن جيل الخمسينات والستينات؛ لأننا عاصرنا، "سحارية" جداتنا، ونعي أهميتها، وحرصهن الشديد على المحافظة عليها وإقفالها، بذلك القفل ذي الأجراس التي ترن عند إقفالها أو فتحها! إنها مجرد صندوق أخضر اللون باعتباره لون "المرابطين"، لكن هذا الصندوق، تفنن الصناع في تزين واجهته، بأشكال من صفائح، وقطع من زجاج ملونة، أو بمرآة عاكسة، ويصل البيت كجزء مهم من أثاث العروس، التي تظل تحتفظ فيه بكل ما هو غال لديها، بل يصبح كنزها الثمين بما يحوي من حرائر وأقمشة وعقود وأقراط قد تكون من ذهب أو فضة! غير أن هذا الصندوق ومنذ طفرة البترول أخذ هذا الصندوق في الانقراض.

أذكر أن محمود الحاسي وجد بقايا مهترئة من واجهة "سحارية" تابعت عمله المضنى منها للغاية حتى جعل منها "كولاجا" بديعا، وهو ما أشرت إليه ضمن أعماله، ولم يتوقف عند ذلك العمل، بل أظهر مثيله في العديد من رسوماته، إلى أن أخذ ينتج سحريات فنية جميلة مشابهة، واستقاها من تلك المنتجات القديمة. قال الأديب محمد الأصفر في معرض حديثه عن الحاسي:

"الحاسي يمنحنا إجابة مباشرة عن ألغاز الفن التشكيلي..".

لكنما التشكيل، مثلما استطرد الاديب محمد الأصفر : "ما زال الإنسان يحاول أن يكتب لغته ويستنطقه أو ينطقه بلسان ملون أو مزخرف أو مظلل أو مضيء أو مظلم.. وسنجد الكثير من النقاد الذين يتكلمون عن الفن التشكيلي لكن معظم كلامهم يتوقف عند المادة الأدبية" وهذه حقيقة، فمن بمقدوره يكتب حجم الدهشة التي تتملكنا عندما نشاهد عمل فني مبهر متكامل، خصوصا عندما يكون متجذرا في بيئة الفنان غير متأثر بغيره، من فنون المجتمعات الأخرى، التي قد تكون جميلة، لكن تنقصها جماليات معايشتنا لها وذكرياتنا، تلك مقدرة الفنان وموهبة المبدع، في التقاط هذه المعايشة وتقديمها في شكل أخاذ بهيج.

لقد تناول كثيرون إبداع الفنان محمود الحاسي، وبالتالي قد يتعذر أن يضاف شيئا أكثر يؤكد جماليات أعماله، غير أن ثمة جانبا إنسانيا آخر قلما ننتبه إليه عندما تسيطر على الناقد، أو المتابع دهشة الإبداع. لقد زادت علاقتي بالفنان الإنسان محمود الحاسي على ثلاثين عاما، وحق له أن أدلي بشهادة شخصية عن جانب إنساني عميق متمثل، في إخلاصه لأصدقائه؛ فلقد ظل الحاسي مهتما جدا بصديقه حسين ديهوم، خلال أزمته التي ما انفكت حتى رحيله، ولم ينقطع ابدا عن السؤال والاهتمام به، ولعله من الفنانين القلائل الذين ما زالوا يتذكرون حسين ديهوم، ولا يتوانى بتقديم ما قد يوثق مسيرته، في حياته وبعد رحيله. وما زلت أذكر ذلك الإهداء الرائع للوحته "مقاربه 57" إليه، وذلك المعرض الذي أقامه بالديوان من أجله، وما زلت أذكر ما قام به من عمل دؤوب، قام به عند تأسيس الديوان، بمجرد أن عرف أن فكرته أساسها أن نقطة تجمع للأدباء والكتاب والفنانين، فقام بجهد خارق في تنسيق لوحاته الفنية، وأيضا صور الفنانين، الراحلين منهم والأحياء، ولم يغب عني أبدا اهتمامه الكبير، ووقوفه مع أسرة المرحوم خليفة الفاخري، فلقد منحه الله موهبة العمل اليدوي، فكان دائما سباقا لكل ما يطلب منه، بلا كلل ولا ملل. إن اهتمامه ومشاركته الفعالة في معظم المعارض التي أقيمت داخل ليبيا يعرفها الجميع، وجميعنا نعلم أن سبعة معارض فردية جهزها بنفسه، ناهيك عن عدد من المعارض الجماعية.

شارك في معارض دولية عديدة، ولعل آخرها معرض ما بعد الكورونا الذي أقيم بالقاهرة، الذي انتهي باختيار اللجنة لعشرة أعمال من حوالي 200، كان محمود أحد العشرة، الذين تسابقوا على جوائزه. بقى أن نعرف أنه من مواليد سنة 1962، وأب لستة أطفال، وله ابن مفقود منذ اندلاع ثورة فبراير، ولم يسمع أحد تذمره أو شكواه؛ محمود جبريل الحاسي مجموعة رجال، أحدهما فنان موهوب في حياته وسيرته، وكفاحه، وأيضا في شهامته وعزة نفسه. فخور أنا بصداقته.

اللوحة التي شارك بها مؤخرا بمعرض ما بعد الكورونا في القاهرة
اللوحة التي شارك بها مؤخرا بمعرض ما بعد الكورونا في القاهرة
تطوير للسحارية التراثية
تطوير للسحارية التراثية
الفنان التشكيلي محمود الحاسي
الفنان التشكيلي محمود الحاسي
الفنان التشكيلي محمود الحاسي
الفنان التشكيلي محمود الحاسي
الفنان التشكيلي محمود الحاسي
عندما يتملك جيلنا الاحساسبانه شاهد مثل هذه الاشياء في طفولته
عندما يتملك جيلنا الاحساسبانه شاهد مثل هذه الاشياء في طفولته
الفنان التشكيلي محمود الحاسي
الفنان التشكيلي محمود الحاسي
ضوءالألوان التراثية
ضوءالألوان التراثية
الفنان التشكيلي محمود الحاسي
الفنان التشكيلي محمود الحاسي
زهاء التشكيل
زهاء التشكيل
الفنان التشكيلي محمود الحاسي
لوحته لغلاف رواية عرس الجمل
لوحته لغلاف رواية عرس الجمل
الفنان التشكيلي محمود الحاسي
الفنان التشكيلي محمود الحاسي
الفنان التشكيلي محمود الحاسي
الفنان التشكيلي محمود الحاسي
ألوان مرحلة جديدة
ألوان مرحلة جديدة
الفنان التشكيلي محمود الحاسي
الفنان التشكيلي محمود الحاسي
مرحلة الديجيتل
مرحلة الديجيتل
الفنان التشكيلي محمود الحاسي
التشكيلي المتأمل الصامت محمود الحاسي
التشكيلي المتأمل الصامت محمود الحاسي
كل منا قد يشاهد جماليات مختلفة في المشاهدة
كل منا قد يشاهد جماليات مختلفة في المشاهدة
بداية سطوة اللون الازرق
بداية سطوة اللون الازرق
الفنان التشكيلي محمود الحاسي

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
«مئة عام من العزلة» لغارسيا ماركيز على منصة «نتفليكس» قريبا
«مئة عام من العزلة» لغارسيا ماركيز على منصة «نتفليكس» قريبا
جائزة «غونكور» في بلاد أورهان باموك تعكس استمرارية الفرنكوفونية في تركيا
جائزة «غونكور» في بلاد أورهان باموك تعكس استمرارية الفرنكوفونية ...
عميل سابق في الموساد كتب رواية مطابقة لهجوم حماس على إسرائيل قبل سنوات قلِق على المستقبل
عميل سابق في الموساد كتب رواية مطابقة لهجوم حماس على إسرائيل قبل ...
وفاة الفنان المصري القدير صلاح السعدني عن 81 عاما
وفاة الفنان المصري القدير صلاح السعدني عن 81 عاما
إطلاق طوابع بريدية خاصة بالمواقع التاريخية الليبية في قائمة «إيسيسكو»
إطلاق طوابع بريدية خاصة بالمواقع التاريخية الليبية في قائمة ...
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم