نظمت الجمعية الليبية للآداب والفنون، السبت، بمقرها بدار الفنون والتراث بميزران، ندوة فكرية أدارها الكاتب نوري البوسيفي، حول سيرة الكاتب والروائي أحمد ابراهيم الفقيه، في مجالي النص السردي والمقالة، وكذا خطوط تفاعله مع محيطه الثقافي المحلي والعربي، وتناول الأبعاد النفسية والاجتماعية التي شكلت الخطاب السردي في أعماله.

وأشار الكاتب بشير زعبية، رئيس تحرير صحيفة وبوابة «الوسط»، في ورقة له إلى المحطات التي قادته للفقيه، وهو قراءة كل القصص التي كتبها قبل التقائه به شخصيا منتصف السبعينات، ملمحا بأن انجذابه لكتاباته القصصية له ارتباط بروح القصة التي كان يكتبها أحد روادها الأديب المصري يوسف إدريس.

سيرة الماء
وأوضح زعبية ان سر اهتمامه بما يسرده الأديب الراحل هو الحضور الدائم للماء في نتاجه الذي يربطه بعنوان أول تجربة قصصية له «لو تمطر السماء»، مضيفا أن الماء كان حاضرا بقوة في عناوين أعمال الفقيه مثل «البحر لا ماء فيه» و«بيت له شرفة على البحر»، «أبناء الماء وابناء النار».

وتطرق الكاتب إلى نشاط الفقيه النقابي عبر دوره في انشاء اتحاد للأدباء والكتاب الليبيين، وكان مقررا للجنة التأسيسية ثم أمينا عاما له، كما أن إبداعه لم ينحصر في كتابة الرواية والقصة فقط بل كان أول من أسس للمسرح الغنائي في ليبيا بكتابة أوبريت «هند ومنصور» عدا إسهاماته في مجال الإذاعة والتليفزيون.

وألمح زعبية إلى كتابات الراحل في مجال الصحافة متجاوزا شؤون الوطن الصغير إلى قضايا الأمة والعالم، عبر صحف «الشرق الأوسط» و«الأهرام»، ووجد في تلك الكتابات مكانا للفصل بين الشأن الإبداعي والتعبير عن همومه كمواطن عربي يتطلع للحرية والبناء.

شرق وغرب
وتحدث الناقد السينمائي رمضان سليم عن البعد الصحفي في كتابات الفقيه، إذ جعل تمكنه من فن المقالة يقاربه من روح النص الأدبي من حيث اللغة وعنصر الجاذبية فيه ووصل إلى مستوى المقالة الاحترافية.

وشخص رمضان سليم نقلات الفقيه الإبداعية في أبعاد تمثل مفاصل أو مرتكزات يقوم عليها نصه السردي متمثلة في عناصر الخيال، وانشغاله الدائم بالبحث عن الإضافة والتفاعل مع المحيط، والسمة المتمثلة في خطه السردي أيضا هو رسم العلاقة بين الشرق والغرب.

وتناول الكاتب عبدالله الماي بدايات القصة القصيرة لدى الروائي الفقيه والتي ترجع بواكيرها معه لعمر السبعة عشر عاما، ثم كتب سنة 1960 أول قصة له بصحيفة فزان حملت عنوان «هارب إلى المدينة» استطاع فيها الجمع بين الكم والكيف، ليتوج جهوده فيما بعد بطباعة مجموعته القصصية «البحر لا ماء فيه» 1965؛ ليكون الكتاب الليبي العاشر على الصعيد الأدبي، وحازت الجائزة الأولى التي نظمتها اللجنة العليا لرعاية الفنون والآداب العام 1967.

البحث عن تقنيات
وأوضح الماي إلى تأثر الفقيه بمنابته الأولى وبيئته الأم «مزدة» والتي استمد منها مواد أغلب قصصه ومسرحياته ثم جل رواياته فيما بعد، والمقصود بتأثره هو البحث عن تقنيات الكتابة وكيفية تطويرها بعيدا عن التقليد الأعمى والأسلوب التقريري في الأفكار؛ حيث تتحول القصة لديه إلى ما يشبه الشعر القصصي، وشكلت له مجموعاته القصصية «اختفت النجوم فأين أنت» سنة 1984، و«امرأة من ضوء» سنة 1985 نقلة أخرى على صعيد الأفكار والأسلوب وطريقة الطرح، ويمكن اعتبارها فاتحة ولوجه لعالم سردي كبير وهو الرواية بعد أن أثبت مقدرته اللغوية والدلالية.

وتوقف الفنان التشكيلي أحمد الغماري في ورقة له تحت عنوان «رواية خالتي غزالة.. تحولا ناضجا في العلاقة مع الآخر» ما أسماه بمميزات الإنتاج الأدبي لأحمد الفقيه المتمثلة في العلاقة المعقدة مع الآخر، أي العلاقة التي تنشأ مع الأجنبي، وظهر ذلك جليا في مسرحية الغزالات التي تدور أحداثها في الصحراء الليبية، ونراها ماثلة في الثلاثية يجسدها تنقل بطلها خليل الإمام بين عاصمة وأخرى وشعوره بالاغتراب، كذلك رحلة «عثمان الحبشي» في روايته خرائط الروح.

وخلص الغماري إلى رواية «خالتي غزالة» لها ذات الدلالة إلا أنها تحاول وضع تصور آخر يقوم على الشراكة والفهم، مستمدة من الماضي ومن التاريخ وبعده الحضاري سندا قويا يخدم الحاضر والمستقبل في علاقة سامية ذات مصالح عليا تتنزه عما هو مؤقت ومشبوه، أرادها الراوي أن تكون صورة أكبر تنسخ الصورة النمطية التي تجسدت في فشل العلاقة الحسية.

بشير زعبية (بوابة الوسط)

عبدالله الماي (بوابة الوسط)

رمضان سليم (بوابة الوسط)

نوري البوسيفي (بوابة الوسط)

أحمد الغماري (بوابة الوسط)