Atwasat

الفنان التشكيلي مرعي التليسي

القاهرة - بوابة الوسط: محمد عقيلة العمامي الثلاثاء 09 مارس 2021, 08:15 صباحا
WTV_Frequency

الرسام التشكيلي مرعي التليسي (1957 - 28/5/2020)

ولد الفنان مرعي التليسي في بنغازي سنة 1957 وأمضى بها طفولته وصباه، وما إن تنامت موهبته، منذ شغفه مثلما قال بالفن التشكيلي، وهو تلميذ لم يتجاوز عمره ست سنوات: «عندما رأى معلمه بالمدرسة يخط على السبورة بالطباشير الملون أشكالاً تتحول إلى أعمال فنية عظيمة» فأخذه التشكيل، إلى عالم جميل، ليصبح رسام المدرسة، وعمره تسع سنوات، ولما بلغ من العمر ستة عشر عاما، انتقل إلى طرابلس، واستقر بها ليرحل منها بعد 63 سنة تاركا ألوانا وأزهارا، تماما مثلما يرحل نهر دافق يخلف وراءه خضرة، وبهجة، ورخاء. منذ أن تفتقت موهبته مارس الرسم والنحت، والتصوير والتصميم، لتتطور من بعد التحاقه، بإدارة الفنون التشكيلية، بوزارة الثقافة والإعلام. وسريعا ما شارك وأسس العديد من المعارض الفنية في طرابلس وخارجها.

كان مرسمه الخاص كأنه ناد لرفاقه وأصدقائه من الفنانين والمهتمين بالشأن الثقافي، ليصبح موقعه على شاطئ البحر بالقرب من قوس ماركوس الأثري الشهير، كأنه رمز لتاريخ مدينة طرابلس القديمة، التي قدمت العديد من رجال الفن والتشكيل والطرب والشعر والأدب.

اهتم بالتفاصيل الصغيرة وجعل منها أعمالا كبيرة للمدرسة الواقعية، وإن اتجه سريعا نحو الواقعية السحرية، التي تزامن انتشارها مع تمكنه من أدواته، وألوانه، وتنوع تراث وطنه، الذي عايشه شرقا، وغربا، وجنوبا، فرسمه بإبداع وظف له ريشته وإحساسه بالألوان والأفكار والمواضيع.

ابتعد عن خزعبلات التشكيل، وانطلق نحو عالم فسيح من سحر الواقعية، وصولا إلى الواقعية السحرية، موظفا حسه وريشته مثابرا في إتقان تفاصيل ليبية، سواء في ملامح الليبيين، أو في تراثهم وثقافتهم. لم تغب أعماله الرمزية مبرزا واقعية بيئتها فرمز محاصرة الأنثى، منذ نعومة أظافرها، أبرزه من خلال تلك الطفلة، التي تترقب العالم الخارجي الفسيح من ثقب خيمة، وأيضا، من خلال رمزية طائر السنونو المحاصر في مربع قوس قزح. رسم أطفال ونساء جميلات و«قاربا ورقيا صغيرا يطفو بجانب قارب صيد عملاق»، وسمكة خارج الماء تحاول التنفس؛ وأعمالا كثيرة مفعمة بواقعية الفنان السحرية.

كتب عنه الفنان التشكيلي عدنان بشير معيتيق، مؤكدا أنه لم يكن فنانا مفاهيميا: «لأن الفن المفاهيمي هو فن الفكرة ولا يعتمد في الغالب على المحسنات التشكيلية كالمهارة في الرسم والتي يتقنها التليسي»، وهو وملتزم بها في فنه، لأن فن الفكرة «المفاهيمي» يمكن أن ينفذ بإنشاء في الفراغ أو بعمل فيديو أو بتركيب أشياء جاهزة «ready-made»، منوها بأن «مارسيل دوشامب» أول من كرس هذا النوع من الرسم. ولعل هذه «المفاهيمية» جاءت لأن التليسي أنتج أعماله تشكيلا ورسما، ونفذ منحوتات، وصمم جرافيك، وهو أيضا مصور فوتوغرافي.

لم تغب مساهمات الفنان في الكثير من الجداريات، التي زينت مباني عديدة في مالطا وإيطاليا والنمسا، والعديد من أعماله الفنية مقتناة في عدد من الدول الأوروبية. قال عن نفسه في معرض لقاء مطول عن الفن التشكيلي: «لست بيكاسو، وفني يعبر عن ذاتي..». وقال أيضاً، بحسرة: «جُل ما ينتجه الفنانون الليبيون من أعمال اشتراها أجانب». مضيفاً: «الإنتاج الفني الليبي لا يستهلكه الليبيون». و«هذا يجعل الفن الليبي يضيع في متاحف العالم، إلى أن يمن الله علينا، بمن يعي بأهمية المتاحف، ويتأسس، في وطني متحف للفنون التشكيلية، لقد ضاع الإبداع الليبي، اقتناه أجانب، غير معروفين ومن تمّ يصعب استعادتها مرة أخرى مستقبلاً».

وانتقد أيضا التوثيق للحراك التشكيلي الليبي، قائلاً: «ليس هناك من يكتب عن الحراك في ظل عدم توافر المعلومات والمراجع وفي ظل عدم جود متحف وطني يضم هذه الأعمال». ولعل نجاحه في توصيل مناحي انتقاداته مرجعه إلى ثقافة فنية واسعة نتيجة متابعاته لمسيرة التشكيل الفني ومدارسه، وأيضا رأيه عن فن «الحروفية»، التي لم ينكر أن الأوروبيين انتبهوا إليها، قبل الشرقيين، الذين وجدوا فيما بعد أنها تناسب مع الثقافة الإسلامية التجريدية، منوها بأن التجريدية في الفن هي التي تسيطر على معظم إبداعات التشكيليين الليبيين.

الفنان التشكيلي مرعي التليسي، الذي قال مبكرا: «أنا أعمل لنفسي.. أعمل فقط لإرضاء شغفي»، شيعت جماهير طرابلس جنازته ظهر يوم الجمعة الموافق 28/5/2020، بحزن عميق، فهم يعون جيدا أنه كان «فناناً متميزاً وصديقاً وفياً، يتميز بروح مرحة ودودة، وصاحب نكتة»، وهو بحق، مثلما قال عنه الدكتور جمعة عتيقة: «عصيٌّ على السلوان.. عصيٌّ على النسيان».

بهجة الألوان
بهجة الألوان
الفنان مرعي التليسي
الفنان مرعي التليسي
قيل عن فنة فلسفة الحياة والبقاء
قيل عن فنة فلسفة الحياة والبقاء
الفنان مرعي التليسي المتأمل الباسم
الفنان مرعي التليسي المتأمل الباسم
الفنان الأنيق في مرسمه
الفنان الأنيق في مرسمه
تودد الجارات في المدينه القديمة
تودد الجارات في المدينه القديمة
استراحة الطوارق رجال السحراء
استراحة الطوارق رجال السحراء
المجاهد المتأمل
المجاهد المتأمل
واقعية الألوان السحرية
واقعية الألوان السحرية
الفنان مرعي التشكيلي
الفنان مرعي التشكيلي
استراحة
استراحة
ثورة الحجارة
ثورة الحجارة
بسمة الود
بسمة الود
رمزية طفولة الأنثى
رمزية طفولة الأنثى
الجمال والمرأة والفراشية
الجمال والمرأة والفراشية
البسمة والألوان المبهجة ومرعي التليسي
البسمة والألوان المبهجة ومرعي التليسي
الرمزية السحرية
الرمزية السحرية
رمزية عن الجهاد
رمزية عن الجهاد
يتسع الكون والابتسامة عبر حصار الطفولة
يتسع الكون والابتسامة عبر حصار الطفولة
تفصيلات من رسوم التليسي البهيجة
تفصيلات من رسوم التليسي البهيجة
رمزية عالم الألوان السحرية
رمزية عالم الألوان السحرية
وداع فنان البسمة الودودة والألوان البهيجة
وداع فنان البسمة الودودة والألوان البهيجة

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
لأول مرة.. ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب في 2024
لأول مرة.. ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب في 2024
ذكرى الوحدة الوطنية تحت مجهر القبة الفلكية
ذكرى الوحدة الوطنية تحت مجهر القبة الفلكية
أولمبياد باريس: متحف اللوفر يقدم جلسات رياضية أولمبية
أولمبياد باريس: متحف اللوفر يقدم جلسات رياضية أولمبية
باكورة إصدارات «غسوف»: رواية ورياضة وتراث
باكورة إصدارات «غسوف»: رواية ورياضة وتراث
مصر «ضيف شرف» ومحفوظ «الشخصية المحورية» في معرض أبوظبي للكتاب «33»
مصر «ضيف شرف» ومحفوظ «الشخصية المحورية» في معرض أبوظبي للكتاب ...
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم