نظم المركز الليبي للدراسات الثقافية، الاثنين، بدار حسن الفقيه، محاضرة ألقاها مديره العام الشاعر صالح قادربوه بعنوان «الهوية الحلمية في توجيه الفن»، كرؤية تشخيصية تخضع علة الفن وإنتاجه لمقاربات التحليل الفلسفي والنفسي.
المحاضرة تمثل حفل إشهار «الليبي للدراسات»، ومفتتحا لأول نشاطاته الثقافية للعام 2021، حيا خلالها مسؤول الأنشطة والبرامج الشاعر عبدالحكيم كشاد الحضور، وتولى أبوبكر الهنشيري عضو المركز ومسؤوله المالي إدارة الأمسية التي استهلت بكلمة للناقد منصور بوشناف، أشار خلالها لأهمية تتبع النتاج الثقافي الذي ظل رغم زخمه وتراكمه مهملا ولزوم تناوله بالنقد والتحليل وفق مشروع مؤسسي، موضحا أنه على الرغم من وجود منجز معرفي من الدراسات البحثية في الجامعات، إلا أنها ظلت معزولة عن الشارع الثقافي، ليبقى الاهتمام في هذا الاتجاه رهين المجهودات الفردية.
وتطرق قادربوه في ورقته عن «الهوية الحلمية» لأهمية إدراك وهم التفوق عبر صورته في الخطاب بالانحياز «مع أو ضد» لا «مع وضد»، ما يجعل الفن نفسه بهذا الفهم داخل علبة هدايا القفزة من أدنى ظني إلى أعلى وثوقي، كما أن حالة فوار صراعها المزعوم لم تعد كافية لوعي هذه الانتقالات الهائلة في الفنون أو تقصي مصادرها، ولا استيعابِ نشاط ذلك الإرث العظيم من الإبداع الذي لم تفلح الأيديولوجيا والنقد الصادر عنها رغم محاولاتهما المتواصلة في تقييده أو استخدامه أو تحريفه أو التشكيك في قيمته التي لا تقدر بثمَّن .
المحاضر لفت النظر إلى توارد أسئلة كثيرة حول: ما الذي يوجه الفن؟ وكيف يتم توجيهه، ما مصدره؟ أفقه، انعطافاته، وخارطة تمدده الدائم في كل مكان وفي أي عصر، مضافا إليها الاستفهام القائل: كيف يمكن لغير هوية ذات سلطة جينومية أن تتيح لفرد واحد صناعة هذا الأثر الباقي؟ وللإجابة المقترحة عن هذا السؤال الكبير تجتهد هذه الورقة –انطلاقاً من منجزات منهجية سابقة– في افتراض سيطرة ما يمكن تسميته «الهوية الحلمية» على نزعة التعبير بالفن، أو الوجود بالفن بالتحديد.
ويصف قادربوه شارحا فلسفة هذا المسار بقوله «إننا هنا نقوم بتنظير ثوري يحتاج إلى تدليل، في مواجهة مسار سيغموند فرويد في التحليل النفسي بحقل نظرية الحلم الخاصة به، ونحن نستعير منجزه في تأويل الأحلام ونناقشه كوننا نؤمن بأن الهوية الحلمية هي قوة الدفع الأولى والأهم نحو حركة الإنسان باتجاه أن يصنع فناً، ولا نرى أنه ليُّ منجز علمي في حقل لنقله إلى حقل آخر».
ما يمكن إلحاقه بهذه الإضاءة أيضا وفق تعبيره أنها ليست نقيضاً لما يدعى الواقع، ولا طبيعة متخصصة في النوم والسكون، بل دافعية كل أفعال الواقع الفنية والأحلام بوصفها سنده، ومفهومنا الضامن هنا هو منزل هاتين الحياتين.
تعليقات