امتص الموت رحيق حياة الفنان الليبي علي العريبي في مستشفى الهواري ببنغازي بعد وعكة صحية مفاجئة استمرت أسبوعًا، وسط مناشدة من فناني ليبيا لوزارة الثقافة والإعلام لتسريع نقله للعلاج بالخارج.

برز الفنان علي العريبي في فترة الثمانينات من خلال برنامجه الفكاهي صحبة رفيقه رجب إسماعيل (مكتب مفتوح) الذي حظى بمتابعة جماهيرية من كل أنحاء ليبيا؛ حيث اعتبر آنذاك البسمة الوحيدة التي انبثقت في صحراء الحزن الليبية، وما عاشته ليبيا آنذاك من حصار أميركي وإعدامات من قبل النظام الديكتاتوري في الميادين والمدارس والساحات الرياضية وفي المدارس بالإضافة إلى ملاحقته المعارضين بالخارج وتورطه في حرب بتشاد وأوغندا، لا ناقة لليبيين فيها لا جمل.

مقدمة البرنامج حفظها كل الشعب أكثر من النشيد الوطني للدولة آنذاك: «مكتبنا ديمة مفتوح. تلقانا في كل أوقات. ما يبقى بالك مشغول. نحن انحل المشكلات. كان عندك حاجة خسرانة. ثلاجة ولا سخانة. حتى إن كان زوجتك حرجانة. تبي تشكي الجارات ».

تميز صاحب المكتب المفتوح بموهبة كبيرة مكنته من انتقاد الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية بشكل فني جنّبه الملاحقة والسجن، ويعد مدرسة مهمة في فن الكوميديا، بالإضافة لتأثيره الذي امتد في أجيال فنية لاحقة.

وعن مسيرته في مجال الفن يقول الفنان والصحفي المعروف خليل العريبي: كان الفقيد من الفنانين الملتزمين والمبدعين له مسيرة عامرة بالعطاء كاتبًا ومخرجًا وممثلاً، شارك ببطولة الفيلم السينمائي (الشظية) مع الفنانة كريمان جبر والفنان الطاهر القبائلي ومن إخراج الراحل محمد الفرجاني، والذي تحصل من خلاله على جائزة أفضل ممثل في مهرجان سيول بكوريا.

كما شارك الراحل في عدة مسرحيات كاتبًا وممثلاً مثل: الضحك ساعة، وسعيد الفن، وجاكم عنتر، وذيل الديك، وله عدة مسلسلات تلفزيونية لعل أشهرها «مكتب مفتوح» صحبة زميله الفنان رجب إسماعيل (حش) و«أم العلاوي» و«أشجار لا تموت» و«الضباب» (ممثلاً)، وله كثير من المسلسلات الإذاعية البدوية والاجتماعية مثل الربيع، وذوايق الأشلم، وراعي الغزلان وسريب غنيوة وأصحاب السعد وغيرها.

كما تولي رحمه الله رئاسة نقابة الفنانين ببنغازي في ثمانينات القرن الماضي، واعتزل الفن بعد أن شعر بمضايقة النظام السابق له وإحساسه بأنه يريد تسخير موهبته وإبداعه للترويج لأفكاره ونظريته واتجه بعد أن اعتزل إلى الأعمال الحرة.

وقد وري جثمان الفنان علي العريبي الثرى بمقبرة الهواري ببنغازي يوم السبت 23 أغسطس 2014، في حضور حشد كبير من فناني بنغازي وعشاق فنه.

يذكر أن العريبي خاض تجارب فنية مهمة ناجحة منها بطولته فيلم «الشظية» الذي يعد من الأعمال السينمائية الليبية القليلة التي تميزت داخل ليبيا وخارجها ولمسلسل «أم العلاوي» الذي عرض عدة مرات في التلفزيون الليبي.